ان كل انسان يحب نفسه و اهل ولايته من اقربائه فى النسب، و احبائه فى العشره، و لذلك فهو يرغب- لها و لهم- كل خير و يكره كل شر، و هذا امر تدفع اليه فطره الانسان الصافيه فى حمايته لوجوده و رغبته فى تهيئه العناصر الحيه لامتداده و قوته، و كراهته لكل الاوضاع التى تدمر حياته و ترهق استمراره و تفسد عليه طمانينته.
و لهذا كانت الاهتمامات الروحيه لديه فى الاولويات المعنويه و الماديه التى تقربه الى الله فى مواقع رضاه، و تبعده عن مواقع سخطه، و تحرك الوجود الانسانى فى ذاته، ليكون مرتبطا بارادته، فيكون فقره منفتحا على غناه، و ضعفه متحركا فى استمداد قوته، و ذله خاضعا لعزته، و وحشته محتاجه لانسه، حتى يعيش الاحساس بالثبات فى وجوده بعيدا عن كل حالات الاهتزاز التى تسقط روحه، و تهز توازنه، و تبتعد به عن الالتزام الدينى.
و هذا الدعاء يشتمل على العناوين المتنوعه التى تجمع فى داخلها كل تطلعات الانسان الى الله فى ما يريده منه لنفسه و لاهل ولايته، من توفيقه لكل الاعمال التى تجعله اثيرا لديه مقبولا عنده، فلا يفتضح امام الله فى سيئاته و جرائمه، عندما يتحرك فى الحياه بدون جرائم و فضائح، و من استغنائه عن الناس فى كل هباتهم
فلايرغب الى احد من خلال عطاء الله، و من الامن من وحشه الناس القاطعين له، فلا يعيش الوحشه من اى انسان فى انسه بالله و صلته له، و من تدبير الله له بما يسهل اموره لدى الناس بدلا من تدبير امور الناس المتصله به ضده، فى ما يسهل اوضاعهم لديه و يعقد اوضاعه عندهم، و من تيسير الغلبه له على الاخرين لا تيسيرها لهم عليه، و من الوقايه من عذابه، و الحفظ برحمته، و الهدايه بهدايته، و من تقريبه اليه باعتبار ان ذلك هو سبيل السلامه و الغنيمه، و من الكفايه من نوائب الزمان فى قسوتها و حدتها، و من مصائد الشيطان فى شروره و مكائده و وساوسه، و من مراره صوله السلطان فى نتائجها على الروح و الجسد.
فالله هو الكافى، بقوته المطلقه، و هو المعطى من ملكه الواسع، و هو الهادى بنوره المشرق، فنحن نتوسل اليه ان يكفينا و يعطينا و يهدينا، لانه يملك ذلك كله، و يملك منا ما لا نملكه من انفسنا.
فهو الكافى ما لا يكفى سواه، و المعطى ما لا يملكه غيره من صنوف العطاء، و هو الهادى الذى يحرك عناصر هدايته فى وجداننا و حياتنا كلها، فلا قيمه لخذلان الخاذلين اذا نصرنا، و لمنع المانعين اذا اعطانا، و لاضلال المضلين اذا هدانا.
و هو المعز الذى يمنح عباده العز بارادته، و الغنى الذى يغنيهم برفده، و المرشد الذى يسلك بهم سبيله بارشاده، و الرب العظيم الكريم الذى يمنح القلوب السلامه اذا انفتحت فى ذكر عظمته، و الابدان الصحه فى شكر نعمته، و الالسن الانطلاق فى وصف مننه.
انه الرب الذى تهفو القلوب اليه و تجثو العقول لديه، فلننطلق، من موقع احساسنا بالعبوديه له، و المسووليه عن الحياه المشرقه امامه، لندعو اليه كل الغافلين عن ذكره، البعيدين عن معرفته، و لندل عليه كل الضائعين عن مواقع هداه، لنكون بذلك من خاصته الذين يرتبطون به و ينفتحون عليه، و يعيشون كل نشاطهم من اجل ان يكون الدين كله لله، و ينطلق الانسان لتكون حياته كلها فى خدمته و فى عبادته.
انه الدعاء الذى يطوف بالانسان فى رحاب الله، و يطل به على آفاق رحمته، و ينفتح به على كل ما يقربه اليه، و ما يبعده عن الشيطان الرجيم...
يا من لا تنقضى عجائب عظمته، صل على محمد و آله، و احجبنا عن الالحاد فى عظمتك، و يا من لا تنتهى مده ملكه، صل على محمد و آله، و اعتق رقابنا من نقمتك، و يا من لا تفنى خزائن رحمته، صل على محمد و آله، و اجعل لنا نصيبا فى رحمتك، و يا من تنقطع دون رويته الابصار، صل على محمد و آله، و ادننا الى قربك، و يا من تصغر عند خطره الاخطار، صل على محمد و آله، و كرمنا عليك، و يا من تظهر عنده بواطن الاخبار، صل على محمد و آله، و لاتفضحنا لديك.
انت العظيم الذى لا حد لعظمته:
يا رب، انت العظيم الذى لا حد لعظمته، و لا منتهى لها فى كل اسرارها و عجائبها التى تتجدد فى مدى قدرتك، فلا تنطلق عجيبه فى ابداع الخلق الا لتتحرك عجيبه اخرى تملا القلوب و الاسماع، و لا ينفتح الانسان على صفه منها الا ليكتشف صفه اخرى فى آفاق العلو و الجلال و الكمال و الشرف و الجمال، انها العظمه فى المطلق الذى يتجاوز الحدود و ينفتح على اللانهايه و اللامحدود، فكيف تنقضى عجائبه بما نتمثله منها، و بما نكتشفه من اسرارها؟!
صل على محمد رسولك و آله الطيبين الذين انتجبتهم من بين خلقك لرسالتك و لنهجك القويم و صراطك المستقيم، و امنعنا عن الانكار لعظمتك من خلال فقدان العمق فى الوعى، و الامتداد فى التفكير، و الوضوح فى الرويا، و اليقظه فى الروح، فان ذلك يبعدنا عن فهم سر الربوبيه و عظمه الالوهيه، و صفاء المعرفه لك، و فى ذلك كله، المشكله كل المشكله لحركه انسانيتنا فى خط عبوديتها الخاضعه لربوبيتك، و الضلال كل الضلال فى متاهات الجهل.
احاديث مرتبط:
در خصوص صلوات بر محمد و آل محمد (ص).
عن اميرالمومنين عليهالسلام انه قال: «اذا كانت لك الى الله حاجه فابدا بمساله الصلاه على النبى صلى الله عليه و آله ثم سل حاجتك، فان الله اكرم من ان يسال حاجتين فيقضى احداهما و يمنع الاخرى».