ترجمه: سپاس خداى را كه ماه خود، ماه رمضان را يكى از اين راهها قرار دهد. ماه روزه، ماه طاعت، و ماه پاكى و ماه آمرزش، و ماه شب زندهدارى است. در اين ماه قرآن رهنماى مردم فرود آمد با دليلهاى روشن كه ميان حق و باطل جدا كند.
شرح:
شهر رمضان سبيل الله:
و اذا كان الله شق للناس سبل الاحسان التى تفتح حياتهم على الخير كله، فان هذه السبل لا تختص بالساحات الممتده فى رحاب المكان، حيث الارض التى تمتد بالانسان لتصل به الى غاياته فى ما يريد ان يصل به الى مواقع اغراضه و حاجاته، بل تشمل ساحات الزمن- ان صح ان يكون للزمن ساحات- حيث ينفتح الانسان على كل ما فى آنائه من ساعاته و ايامه و لياليه و شهوره، لتحتضن حركته فى اجواء الخير كله، فى ما تمتلىء به ساحه الزمن من افعال الانسان و اقواله، لتكون حركه الزمن فى مسووليته طريقه الى الله، كما تكون حركته فى المكان طريقه الى الله فى اجواء المسووليه الشرعيه.
و هكذا كان شهر رمضان سبيل الله الذى اراد للانسان ان يبداء رحلته اليه فى ما اثاره فيه من اجواء، او شرع فيه من شرائع، او حرك فيه من اوضاع، و قد منحه الله شرف الانتماء اليه، ليعيش الناس الشعور بالمضمون الروحى الذى يجعل الزمن الهيا يحمل فى داخله سمو المعنى الالهى فى ما يختزنه من رحمه و عافيه و مغفره و لطف و رضوان، و فى ما يمكن للعباد ان يحصلوا منه على المزيد من ذلك كله...
و ليس معنى ذلك الاختصاص بالانتماء، ان الشهور الاخرى تفقد هذه الصفه فى طبيعتها الزمنيه و فى الالطاف الالهيه المحيطه بها، لان الزمن كله خلق الله الذى جعله مفتوحا على الحياه كلها، و على الانسان كله، من اجل ان ينال فيه رضاه من خلال حركته فى مواقع طاعته فى ما كلفه به من الاعمال التى تصل به الى مواقع القرب منه، لان المسووليه لا تختص بزمن معين، ففى كل لحظه زمنيه، مهما صغرت، تكليف شرعى يتوجه فيه الله للانسان بان يقف فيه عند حدوده، و لكن معنى هذا الاختصاص- فى ما يبدو- هو الانفتاح الكبير لله فيه على عباده بفيوضات رحمته، بما لم يجعله الله لزمن آخر فى ما هى القيمه، و فى ما هو المستوى، فى الكميه و النوعيه... و هذا هو ما تعبر عنه الكلمات الماثوره عن رسولالله محمد (ص) فى ما روى عنه من خطبته التى استقبل بها شهر رمضان، فى آخر جمعه من شعبان، فقد جاء فيها:
«ايها الناس، قد اقبل عليكم شهر الله بالرحمه و البركه و المغفره، شهر هو عند الله افضل الشهور، و ايامه افضل الايام، و لياليه افضل الليالى، و ساعاته افضل الساعات، قد دعيتم فيه الى ضيافه الله، و جعلتم فيه من اهل كرامه الله، انفاسكم فيه تسبيح، و نومكم فيه عباده، و عملكم فيه مقبول، و دعاوكم فيه مستجاب، فاسالوا الله بنيات صادقه و قلوب طاهره، ان يوفقكم لصيامه و تلاوه كتابه، فان الشقى من حرم غفران الله فى هذا الشهر العظيم».
فنحن نلاحظ فى هذه الكلمات احتضان الله للانسان برحمته و بركته و مغفرته فى هذا الشهر، فقد حول فيه نومه الى عباده، و انفاسه الى تسبيح، و تقبل فيه عمله، و استجاب فيه دعاءه بالدرجه التى لم يمنحها له فى اى شهر آخر.
انه الاحساس الانسانى الروحى الحميم بالجو الرمضانى الذى يدخل اليه الانسان ضيفا مكرما يتغذى بالرحمه و البركه و المغفره فى اجواء العطف و اللطف و الحنان بشكل مميز حميم... حيث يعيش الاحساس بانسانيته المنطلقه من روح الله عندما نفخ فيه الروح فاعطاه شيئا من سموها الذى يتصل بالله، و ينفتح عليه فى محبه و احتضان، حتى يحس فى هذا الاندماج الروحى بالعلاقه التى ينسى فيها عبوديته، و هو فى قمه الخشوع فى ممارسته لها...
شهر الصيام:
و العنوان الثانى لشهر رمضان هو «شهر الصيام»، الذى اراد الله فيه للانسان ان يقوم باداء هذه الفريضه، من اجل ان يوكد له انسانيته فى مواقع السمو عن الاجواء الماديه التى تشده الى الاسفل، لان المطلوب فيه ان يرتفع الى الاعلى، بان يكون روحا يحركه الجسد فى روحيته لينال رضى الله، و ليعيش القرب من الله حتى يعيش المعانى الكبيره الصافيه المشرقه من خلاله، لانه كلما اقترب من الله اكثر، فى اجواء شفافيه الروح و طهاره الجسد، اقترب من الانفتاح على المسووليه الكبيره التى تدعوه الى ان يحمل فى وعيه معنى الخلافه عن الله فى اداره شوون الحياه من حوله.
ان قضيه الصيام هى ان تخفف ثقل الضغط الجسدى على مواقع الاراده فى شخصيتك... ان لا تثقل الرغبه حركتك نحو اهدافك... ان لا يسحقك الحرمان الذى تعيشه فى بعض ساحات التحدى لتسقط امامه، لان احساسك بالجوع الغذائى او الجنسى و بالظماء المحرق للحاجه المخزونه فى اعماقك، قد يسقطك امام الاخرين فتفقد طهرك و تبتعد عن استقامتك، و تموت قضاياك، و تنسحق انسانيتك.
ان قضيه الصيام، هى ان تكون انسان الله، بدلا من ان تكون انسان الشيطان... ان تعرف كيف تعيش سكينه الروح و طمانينه القلب، بدلا من ان تحترق بنار الشهوه... و سعار الاطماع.
ان تشفى روحك حتى تطير الى الله، و ان يخف جسدك حتى يحلق فى آفاق المعنى الكبير الذى يتحمل مسووليه الحياه كلها، و لعل هذا هو الذى يفسر الحديث القدسى: «الصوم لى و انا اجزى به»...
شهر الاسلام:
و العنوان الثالث: «شهر الاسلام»، و قد فسر البعض كلمه الاسلام بمعناها اللغوى، اى الطاعه و الانقياد لكثره الطاعات فى هذا الشهر... و لكن هناك تفسيرا آخر، و هو دين الاسلام، لكون افتراض صومه من خصائص هذه الامه، فقد ورد فى الحديث عن الامام جعفر الصادق (ع) قال: «ان شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على احد من الامم قبلنا، و قيل له: فقول الله عز و جل: (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) (البقره: 183). «قال: انما فرض الله صيام شهر رمضان على الانبياء دون الامم، ففضل به هذه الامه و جعل صيامه فرضا على رسولالله (ص) و على امته». و روى عن النبى محمد (ص) انه قال: «رمضان شهر امتى»، و قيل عن التشبيه فى الايه انه بلحاظ مطلق الصوم.
و قد نلاحظ على ذلك ان الظاهر من اضافه الشهر الى الاسلام، ان للشهر علاقه بالاسلام بمجمله، لا بلحاظ فريضه من فرائض الاسلام المفروضه فيه، مما قد يوحى الينا بان ذلك مرتبط بنزول القرآن فيه الذى يمثل الوجه البارز للاسلام فى عقيدته و شريعته، و بالحشد الروحى من الصيام و الصلاه و الدعاء و تلاوه القرآن، الذى اريد له ان يقوم بدور كبير فى اعداد الانسان المسلم فى هذا الشهر للسنه كلها، من خلال ما يمكن ان يحققه البرنامج الرمضانى من تعبئه فكريه و روحيه تترك تاثيراتها على حركه الاسلام فى الحياه كلها فى جميع فصول السنه... الامر الذى يجعل منه شهر الاسلام الذى يتحرك فيه الاسلام بكل ابعاده، و الله العالم.
شهر الطهور:
و العنوان الرابع «شهر الطهور»، و ذلك من خلال وسائل التطهر الروحى الذى يبلغه الانسان فيه، فى نقاء الروح و الفكر و القلب و الحركه العمليه من خلال الاجواء الطاهره التى يعيش فيها الانسان روحيه التقوى و حركتها بين يدى الله، فيتخفف من كل قذارات المعاصى و ارجاس الانحراف، مما يوحى بان للطهاره موقعا كبيرا فى حسابات الاسلام، بحيث يريد للزمن فى حركه الطاعات فيه ان يكون مدخلا للحصول على مثل هذه الطهاره فى حياه الانسان، ليكون الانسان الطاهر هو الهدف فى التخطيط الاسلامى على مستوى التشريع و التطبيق.
شهر التمحيص:
و العنوان الخامس: «شهر التمحيص»، و هو تخليص الشىء مما فيه من عيب، و منه قوله تعالى: (و ليمحص ما فى قلوبكم) (آل عمران: 154). و ربما اريد منه التطهر و التزكيه، و ربما اريد منه الابتلاء و الاختبار، و قد يكون الثانى مقدمه للاول... و فى ضوء هذا يكون الشهر المبارك مدخلا للنفاذ الى داخل الانسان ليقتلع جذور الفساد فيه، ليحصل على خلاصه الروحى من كل ذلك، او يكون حركه فى الفكر و المراقبه و المحاسبه، فى ما يحركه الانسان من كل النوازع الذاتيه التى قد تطوف به فى اجواء متنوعه مما يرهق روحه او يثقل قلبه او ينحرف به فى سبل الضلال، ليعود الانسان خفيفا من تلك الاثقال، متحررا من كل الاغلال، متوازنا فى الخط المستقيم... و ذلك فى تلاوه كتاب الله الذى يجد فيه كل مفردات الحق و الخير، و فى الانفتاح على الدعاء الذى يصله بالله من اقرب الطرق، و فى صلاته التى تعرج فيها روحه الى الله فى رحله الايمان.
و هكذا يوحى هذا العنوان للشهر المبارك بان الله لا يريد للانسان ان يعيش الغفله عن نفسه، فيترك للنوازع الخبيثه ان تسيطر عليها، بل لا بد له ان يلاحقها بالمحاسبه و المجاهده، بكل الوسائل الممكنه التى تصل بالانسان الى اخراج كل المشاعر و الافكار الخبيثه منها.
شهر القيام:
و العنوان السادس هو «شهر القيام»، و المراد به القيام للصلاه فى الليل و للتهجد فيه، فى ما سنه الاسلام فى ليالى شهر رمضان من ذلك كله، حتى ورد استحباب صلاه الف ركعه فى لياليه زياده على النوافل المستحبه، بحيث تتوزع على ليالى الشهر فى ترتيب معين... و هذا هو الذى جعل هذا الشهر مميزا من هذه الجهه بالطريقه التى يتحول فيها القيام الى عنوان له... ليكون له الطابع العبادى التهجدى الذى يمنح التخطيط الروحى لبناء الشخصيه الاسلاميه فيه بعدا واسعا متنوعا فى ما تتمازج فيه العناصر العباديه فى الليل و النهار لتحقق النتائج المطلوبه منه فى اكثر من موقع.
و نلتقى فى نهايه هذا الفصل بالفقره التى تتحدث عن نزول القرآن فيه (الذى انزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان) (البقره: 185) ليكون هذا الحدث العظيم الذى انطلقت من خلاله حركه الاسلام الفكريه فى خط المنهج و الشريعه و المفهوم... التى وضع الوحى القرآنى قواعدها و اصولها، و حدد مفرداتها و اوضاعها، عنوانا للقيمه الاسلاميه لهذا الشهر، فى ما يكتسب الزمن من قيمه كبيره من خلال الاحداث الواقعه فيه... و قد اراد الاسلام ان يوكد ذلك، فدعا الى تلاوه القرآن بشكل واسع فى هذا الشهر، حتى جعل تلاوه كتاب الله فيه مساويه لصيامه، كما جاء فى الخطبه المرويه عن رسولالله فى استقبال شهر رمضان: «فاسالوا الله بنيات صادقه و قلوب طاهره ان يوفقكم لصيامه و تلاوه كتابه».
و اذا كان القرآن قد نزل فى هذا الشهر المبارك، فلا بد للناس من ان ينفتحوا عليه من خلال الهدى الذى تتضمنه آياته، و من خلال البينات التى تثبت للانسان خطوط الهدى التى تدل على مواقع النجاه، و تعرفه كيف يميز بين الحق و الباطل فى ما يتعرف عليه من الفواصل التى تفصل بينهما، فلا بد ان تكون التلاوه فى هذا الاتجاه. و لسنا هنا بصدد البحث فى طبيعه نزول القرآن فى هذا الشهر من حيث نزول بعضه فيه او نزوله جمله فى ما تحدث به الباحثون، فلذلك مجال آخر.
احاديث مرتبط:
سفارش به روزه.
قال رسولالله صلى الله عليه و آله: صوموا تصحوا. (روزه بگيريد تا سالم بمانيد.) جامع الاحاديث، ج 9، ص 100
روزه و ماه مبارك رمضان راه دورى از گناهان.
قال اميرالمؤمنين عليهالسلام: صيام القلب عن الفكر فى الاثام افضل من صيام البطن عن الطعام. (روزهى دل از انديشهى گناهان برتر از روزهى شكم از خوردن و آشاميدن است.) غررالحكم، ص 203
روزه و ماه مبارك رمضان راهى براى نجات از جهنم.
قال رسولالله صلى الله عليه و آله: الصوم جنه من النار. (روزه سپرى است كه روزهدار را از آتش جهنم حفظ مىكند.) وافى، جزء 7، ص 5
ماه رمضان، ماه صبر.
قال رسولالله صلى الله عليه و آله: شهر الصبر، و ان الصبر ثوابه الجنه. (رمضان ماه صبر است، و پاداش صبر بهشت است.) كافى، ج 4، ص 63
علت نسبت دادن رمضان به ماه خدا.
قال رسولالله صلى الله عليه و آله: «ان الصوم لى و انا اجزى عليه».
الكافى، ج 4، ص 63، ح 6 و كنز العمال، ج 8، ص 445، ح 23576
تفاوت «قرآن» و «فرقان».
روى عن ابىعبدالله عليهالسلام انه قال: «القرآن جمله الكتاب و الفرقان المحكم الواجب العمل به».
البرهان فى تفسير القرآن، ج 1، ص 182
آيات مرتبط:
فرمان به روزه:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (اى كسانى كه ايمان آوردهايد، روزه بر شما مقرر شده است، همان گونه كه بر كسانى كه پيش از شما [بودند] مقرّر شده بود، باشد كه پرهيزگارى كنيد.) قرآن كريم، سوره مباركه البقرة (2)، آيه 183.