و از دعاهاى آن حضرت (ع) است چون خبر مرگ كسى مىرسيد يا سخن از مرگ پيش مىآمد
شرح:
دعاوه اذا نعى اليه ميت او ذكر الموت
حقيقه الموت فى الاسلام:
كيف يفكر الانسان اذا نعى اليه ميت او ذكر الموت؟
ربما يستغرق بعض الناس فى الجانب الماساوى فى احساس الذات بالعدم الذى تقبل عليه، حيث تفقد لذه الشعور بالحياه، و حركيتها و فاعليتها و تاثيرها فى النفس، فتعيش- فى الاحساس الحاضر- الحرمان من كل مباهج الحياه و لذاتها.
فاذا نعى اليه ميت، فانه يحس بان الموت يزحف اليه منه، و اذا ذكر الموت خاف
منه على وجوده، و لكن الامام زينالعابدين (ع)- كامام فى خط الرساله- لا ينظر الى الامور من زاويه الذات فى احاسيسها للذاتيه، بل ينظر اليها فى نتائجها المصيريه، ليتحول الموت عنده الى حركه فى الوعى فى خط الرساله، فى مسووليه العمل، فلا يعيش اهتمامات الحرمان من الحياه كهم يتعب نفسه من خلال الشهوات التى يفتقدها، و اللذات التى يحرم منها، بل يعيش اهتمامات ما بعد الموت من نتائج اعماله فى الدنيا فى خطه العملى، و فى نشاطاته العامه و الخاصه، و حركته فى عالم الطاعه و المعصيه، و علاقته بربه، و موقفه من قضايا الحق و الباطل فى الحياه، و من قضايا العدل و الظلم فى الناس، لان الموت فى وعى المومن ليس نهايه الوجود، بل هو نهايه المرحله الاولى من مراحل الحياه فى وجوده، ليكون الموت الجسر الذى يربط بين الحياه الدنيا و الحياه الاخره، ليعبر عليه الانسان الى ما ينتظره من نعيم خالد او جحيم دائم.
و لما كانت الدنيا مزرعه الاخره فلا يحصد الانسان هناك الا ما يزرع هنا، ( فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره و من يعمل مثقال ذره شرايره) (الزلزله: 8 -7)، فلا بد من التفكير فى مواجهه فكره الموت بالطريقه التى تجعل منها حركه فى اغناء الحياه فى تجربتها العمليه.
المفاهيم الاساسيه للدعاء:
و هكذا بداء الفصل الاول فى الدعاء بالحديث عن طول الامل الذى يمتد بالانسان فى متاهات الزمن، ليضيع خطه فى رمال الاحلام التائهه فى الفراغ، و لتكون حركته حركه تاخير للعمل و تسويف للتوبه و نسيان للاخره و اهمال لحركيه الايمان بالله، و هكذا يمتد طول الامل بالانسان فى الاستغراق بالحياه، فينسى الموت، و ينسى ما بعده، و ينسى ذكر ربه، فيستسلم لشيطانه الذى يوسوس فى صدره، و يبتعد به عن ايمانه، و ينقله من خطيئه الى خطيئه، حتى تحيط به الخطيئه من كل مكان، فاذا وصل الى الموت كان وصوله اليه كوصول الغافل الذى اطبقت غفلته على عقله
فامتدت الى عمله، فلا يجد لديه هناك اى سبيل للنجاه.
و هذا ما يتمثل فى حديث اميرالمومنين (ع): «ان اخوف ما اخاف عليكم خلتان: اتباع الهوى و طول الامل، اما اتباع الهوى فيصد عن الحق، و اما طول الامل فينسى الاخره».
و هذا ما انفتح عليه الامام زين العابدين (ع)، فابتهل الى الله ان يكفيه طول الامل فى طبيعته و نتائجه السلبيه، ليمتد فى مواجهته بطريقه عمليه لا بفكره تجريديه، و ذلك بالعمل الصادق الذى يتابع الموقف بشكل دقيق محدد متتابع، فلا يترك فرصه الا لينتهزها، و لا يواجه موقفا للمسووليه الا ليستعجل الوقوف عنده، و لا ينطلق فى ساحه صراع بين الحق و الباطل، الا ليتحرك بسرعه فى الموقع ليقف مع الحق ضد الباطل.
و هذا ما يوكد عليه منهج التربيه الاسلاميه فى الربط بين الخط فى حركيته فى النفس و العمل فى حركته فى الواقع، لان الاستغراق فى الفكر التجريدى و فى المفاهيم الضائعه يدفع بالانسان الى متاهات التسويف و التنظير المجرد.
و اذا كان العمل هو الذى يقصر الامل فى حركه الانسان فى ايحاءاته النفسيه بالاستعداد للموت فى الحياه، فلا بد من ان يفكر بالاشياء بطريقه سريعه فى اطلاله الموت عليها، فيعيش الاحساس بالزمن كما لو كان فى حدود النهايه، فلا يومل استتمام ساعه بعد ساعه، و لا اتصال نفس بنفس و لا لحوق قدم بقدم، لانه يتخوف- بفعل الواقع الذى سبق فى الناس الاخرين- بان ياتيه الموت فى بقايا الزمن و فى حركه الجسد.
و ينطلق الدعاء الى فكره ان يعيش الانسان فى سلامه من غرور طول الامل الذى يوحى اليه بالامتداد فى انحرافاته، من خلال الاغترار باستمرار حياته و عدم انتهائها بالموت، و ان يتحرك بعيدا عن شروره بما يحققه فى تاثيراته من شرور السيئات التى يكتسبها الانسان فى احلامه الطويله فى البقاء و الاخلاد الى الدنيا.
و فى الفصل الثانى، ينفتح الدعاء على الرغبه فى ان نعيش ذكر الموت فى كل هو اجسنا الشعوريه، و فى كل كلماتنا المنفتحه على قضايا الحياه، بحيث يكون الوعى لانتظاره كحقيقه من حقائق معنى الوجود المحدود بشكل دائم، فلا يكون ذكره قليلا لننساه يوما و نذكره يوما آخر.
و فى هذا الاتجاه، فان الذكر المطلوب هو الذكر العملى الذى يدفع الى السرعه فى انتهاز فرصه الحياه للقيام بالعمل الذى يرفع درجاتنا عند الله، بحيث نستعجل الموت لنحصل على نتائجه الايجابيه من رضوان الله و نعيمه، بحيث يكون حرصنا على الموت الذى نلتقى فيه الله فى داره اكثر من حرصنا على استمرار الحياه لدينا، فيكون الموت موضع انسنا، و منطلق اشواقنا، و حركه خصوصيتنا، و هكذا ننفتح على الموت ليكون مدخلا الى السعاده بدلا من ان نتصوره مدخلا الى الشقاء، و منطلقا للفرح بدلا من ان يكون موردا للحزن.
و فى الفصل الثالث تنطلق التمنيات الانسانيه امام الرحمه الالهيه، بان يجعل الموت زائرا سعيدا و قادما مونسا، و لا يكون ضيفا ثقيلا شقيا، و زائرا منفتحا على الخزى و العار الدائم، بل يكون بابا من ابواب المغفره، و مفتاحا من مفاتيح رحمه الله التى ننتظرها فى الاخره، كما عشنا فى ظلالها فى الدنيا.
و فى نهايه المطاف، ان نموت على الهدى بعيدا عن كل ساحات الضلال، و ان نندفع اليه بكل رضى و طمانينه طائعين مستجيبين للنداء من غير استكراه، و ان نقبل عليه من مواقع التوبه لا من موقع المعصيه و الاصرار عليها.
و ان نكون- فى خط لطف الله و كرمه- من المحسنين الذين يضمن لهم الثواب الجزيل، و ان نكون من الذين يتولى اصلاح عملهم اذا كنا من المفسدين بعفوه و مغفرته و رحمته، انه ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد و آله، و اكفنا طول الامل و قصره عنا بصدق العمل، حتى لا نومل استتمام ساعه بعد ساعه، و لا استيفاء يوم بعد يوم، و لا اتصال نفس بنفس، و لا لحوق قدم بقدم، و سلمنا من غروره، و آمنا من شروره.
اللهم اكفنا طول الامل بصدق العمل:
يا رب، ان مشكلتى كمشكله اى انسان تستغرقه الحياه باحلامها و لذاتها و شهواتها و زخارفها و مطامعها و طموحاتها، فيتعلق بها و يغفل عن مداها، و يخلد الى الارض فى عمليه التصاق يعيده الى الاحساس بالتراب المعشو شب الاخضر، فلا يفكر بالنهايات التى تحدد له نهايه حياته، و لا يتذكر الموت الذى يجمد له حركته، و لا يتطلع الى ما وراء هذه الحياه من حياه اخرى، و هكذا تحيط به الحياه الدنيا من جميع جوانبه، و تسجنه فى داخل اقفاصها الذهبيه و الفضيه التى تشغله عن الاختناق اللذيذ، فيمنعه ذلك عن الاحساس بالالم العميق الذى يقتحم عليه قضاياه الكبرى فى النتائج السلبيه التى تنتظرها، فيبتعد بذلك عن القيام بمسوولياته التى كلفته بها فى اوامرك و نواهيك و حدودك التى جعلتها فاصلا بين الحق و الباطل و الخير و الشر و الظلم و العدل، فى عمليه تمرد تاره و لا مبالاه اخرى، و استرخاء عابث ثالثه، و تسويف للعمل و للتوبه فى امتداد الزمن، لانه يفقد احساسه بالنهايه التى تنتهى عندها حركه المسووليه لتقف به عند نتائج المسووليه فى واقع الخطيئه، و يتحرك فى خط الانحراف، و يفقد الاتجاه السليم فى خط الاستقامه بعيدا عن اى خوف من نتائج ذلك، او اى حذر من الخطر القادم الذى ينتظره فى ساحه القيامه، فهو غارق فى الغفله الضبابيه التى تحجب عنه وضوح الرويا للاشياء، فلا يرى امامه الا المزيد من الغموض الوردى الذى تشغله خيالاته عن التفكير فى الحقيقه الصارخه.
انه الامل الطويل الممتد فى متاهات السراب الغارق فى بحار الوهم، المنفتح على آفاق الغرور الذى لا يصغى الى قولك تباركت و تعاليت: (ذرهم ياكلوا و يتمتعوا و يلههم الامل فسوف يعلمون) (الحجر: 3).
يا رب، انك لم توجهنا الى ان نترك الامل بالحياه لنسقط فى وهده الياس، فقد اردتنا ان نعيش الحياه املا يتجدد من خلال الانفتاح على قدرتك الكليه التى لا يحدها شىء، فانت على كل شىء تقدير، و من خلال الثقه بك التى لا يبلغ مداها شىء فى مستوى الثقه باى موجود آخر، لانك وحدك المهيمن على الامر كله.
و قد جعلت الياس مرادفا للكفر فقلت: (و لا تياسوا من روح الله انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون) (يوسف: 87).
و جعلت القنوط مساويا للضلال فقلت: (و من يقنط من رحمه ربه الا الضالون) (الحجر: 56).
لان الياس يعنى ان الباب مسدود على الانسان من جميع النواحى حتى من ناحيه قدرتك، و هذا هو الكفر فى معناه، لان الصعوبه لا معنى لها عندك، و لان الاستحاله- فى عالم الوقوع- لا مكان لها فى ساحه قدرتك.
و لان القنوط يعنى الغفله عن حركه الايمان فى الوجدان التى تتطلع الى آفاقك، فتجد لديك كل الامل الاخضر اليانع فى ساحات الانسان فى الحياه، مما يجعل منه انحرافا فى خط الضلال.
لقد جاء عن رسولك الاعظم (ص) قوله: «الامل رحمه و لو لا الامل ما ارضعت والده ولدها و لا غرس غارس شجرا».
و قد جاء فى الحديث عن وليك اميرالمومنين على (ع): «اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا و اعمل لاخرتك كانك تموت غدا».
انك- يا الهى- اردتنا ان نتابع حياتنا من خلال قدراتنا المستمده منك، و من خلال ارادتنا التى كانت هبه من معنى ارادتك فينا، و من خلال عقولنا التى انطلقت من عمق القوه الواعيه التى اودعتها فينا، و اردتنا ان نطور قدراتنا، و ان ننمى طاقاتنا، و ان نحرك احلامنا فى اتجاه الافاق الرحبه الواسعه التى اردتنا ان نحلق فيها.
لقد خلقتنا و خلقت الحياه من حولنا، و قدرت لنا ان نندفع اليها بكل قوه فى وحى الرساله و وعى الواقع و مسووليه الخلافه، لنصنع من الحياه حياه جديده فى عقلنا الذى ينتج اكثر من عقل بالفكر و التجربه، و فى حركتنا التى تدفع اكثر من حركه فى ساحه التحدى و الجهاد، و فى تطلعاتنا التى تنفتح على اكثر من افق فى اكتشافنا للمجهول الذى وهبتنا القدره على معرفته، و علمت- من خلال علمك بقدرات خلقك- ان الامل هو الذى يحرك ذلك كله، لان الامل يوسع للانسان خطواته، و يعمق له مشاعره، و ينظم له خططه، و قد قيل: «ما اضيق العيش لو لا فسحه الامل».
و لكنك اردت الامل واقعيا من جهه ان على الانسان دراسه خططه فى حجم الواقع الذى يعيشه الانسان مقارنا بالواقع الذى يملك ان يبلغه فى حركته و تطوره، و اردته عقلانيا، كى يدخل الانسان فى الحياه بتطلعات تنسجم مع حسابات الواقع على ان يتمسك بحلمه، و لكن بعد ان يضفى عليه مسحه من الواقعيه، و الهدف ان يمنح الواقع انفتاحا على ما يتجاوز حدوده الضيقه، و وجهتنا الى ان نعرف ان للحياه حدودا لا تتجاوزها حتى لو لم نكن نملك تحديدها بمعرفتنا، و ان الموت هو نهايه هذا الوجود، و ان وراء الموت حسابا قد يلتقى فى نتائجه الايجابيه بالثواب، و فى نتائجه السلبيه بالعقاب، و ان علينا ان نوازن بين احلامنا الممتده و بين واقعنا المحدود فى اتجاه مسووليتنا الحاسمه، لنتطلع الى الطريق الممتد امامنا بعين تحدق فى امكانات امتداداته، و الى النهايات المنتظره بعين تحدق فى الخط المسوول من خلال حساباته.
انه الامل الذى يطرد الياس، و لكن ليس الذى يحلق فى الخيال، و يتحرك فى الفراغ، و يغيب فى الضباب، و يشرد فى السراب، بالطريقه التى تجعل الانسان لا يفكر بموت و لا يعمل على ان يقف عند حدود المسووليه، بل يبقى الامل لديه حيا متحركا، مع الحذر ان لا يكون طويلا فى مستوى الغفله الممتده فى الغيوم الداكنه، بل يكون املا مشرقا بالوعى، محدقا بالله، متحركا فى خط العمل فى مواقع المسووليه.
اللهم قد يطول املنا فلا نفكر بالموت، و لا نقف فى الموقع الذى اردتنا ان نقف عنده، و لا نتحرك فى الطريق الذى كلفتنا ان نسير فيه.
اللهم اننا نسالك الكفايه من طول الامل بالحمايه من نتائجه، فتخلصنا من التقصير فى اعمالنا انتظارا لزمن جديد و فرصه جديده تتحرك فيها الغفله، و نستسلم امامها لنوم عميق، و ذلك بان تقصيره- عندنا- فى ارتباطنا بالجانب العملى الذى ننطلق فيه بصدق و اخلاص، فلا تشغلنا الاحلام الممتده فى الزمن عن السرعه فى القيام بواجباتنا امتثالا لاوامرك و نواهيك و الاجتناب عن التسويف من يوم الى يوم، بل نقوم فى كل يوم بما يحمله من مسووليات خاصه او عامه مما يجب علينا- لك- فيه من دون اهمال او تقصير، حتى نعيش الاحساس باللحظه فى حجم الساعه و اليوم كما لو كانت نهايه الحياه، فلا نومل اتمام ساعه بعد ساعه، و لا استيفاء يوم بعد يوم، فلربما بدات الساعه و كان الموت فى نهايتها، و لربما اقبل اليوم و كانت النهايه فى آخره، و الاحساس بالحركه فى اتصال النفس بالنفس و لحوق القدم بالقدم، فنخشى ان يتوقف النفس امام خروج الروح من الجسد، و تتجمد الخطوه الاولى فلا تلحقها الخطوه الثانيه امام بروده الموت.
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست براي اين فراز در برنامه آيه مرتبطي موجود نيست