بازگشت

عرف


- المعرفه: العلم. و قيل: هي ادراك البسائط و الجزئيات، و العلم: الادراك المركبات و الكليات و من ثم يقال عرفت الله و لا يقال علمته.

و قيل: هي عباره عن ادراك التصوري، و العلم هو الادراك التصديقي. و من ذهب الي هذا القول جعل العرفان اعظم رتبه من العلم، قال لان تصديقنا باستناد هذه المحسوسات الي موجود واجب الوجود امر معلوم بالضروره، و اما تصور حقيقه واجب الوجود فامر فوق الطاقه البشريه لان الشي ء ما لم يعرف لم تطلب ماهيته، فعلي هذا كل عارف عالم من دون عكس و لذلك كان الرجل لا يسمي عارفا الا اذا توغل في مجاري العلوم و ميادينها و ترقي من مطالعها الي مقاطعها، و من مباديها الي غاياتها بحسب الطاقه البشريه.

و بينهما فروق اخر فمن اراد الاطلاع عليها فليراجع فروق اللغات للسيد الجزايري و غيرها.

- يوم عرفه هو اليوم التاسع من ذي الحجه الحرام. و عرفه اسم لموقف الحاج ذلك اليوم و هو علي اثني عشر ميلا من مكه و يسمي عرفات ايضا و هو المذكور في التنزيل قال تعالي (فاذا افضتم من عرفات) (البقره: 198). و قال النيسابوري في تفسيره: عرفات: جمع عرفه و كلاهما علم للموقف كان كل قطعه من تلك الارض عرفه فسمي مجموع تلك القطعه بعرفات.

روي ان جبرئيل عليه السلام عمد بابراهيم عليه السلام الي تلك البقعه فقال له اعرف بها مناسكك و اعترف بذنبك فسميت عرفه و عرفات.

و تشريف هذا اليوم و تكريمه و تعظيمه عباره عن التنويه بشانه و اختصاصه بما اختصه به دون سائر الامم من اجتماع الامم فيه في ذلك الموقف، و جعل الوقوف فيه بشي ء بذلك المكان اعظم اركان الحج حتي قال صلي الله عليه و آله و سلم: الحج عرفه.

و كراهيه الاشتغال فيه بشي ء من امور الدنيا احتراما له و استحباب الاكثار فيه من التكبير و التحميد و التهليل و وجوب الاستغفار و الذكر و الدعاء و استحبابه الي غير ذلك مما يوخذ من موضعه.

روي عن علي الحسين عليهماالسلام صاحب الدعاء: ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال في حجه الوداع لما وقف بعرفه و همت الشمس ان تغيب يا بلال قل للناس فلينصتوا فلما انصتوا قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم و شفع محسنكم في مسيئكم فافيضوا مغفورا لكم.

و عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: انه قال لرجل انصاري: يوم عرفه يوم يباهي الله عز و جل به الملائكه فلو حضرت ذلك اليوم برمل عالج (قال في النهايه: في حديث الدعاء: و ما تحويه عوالج الرمال هي جمع عالج و هو ما تراكم من الرمل و دخل بعضه في بعض. و ياتي في (علج). و قطر السماء و ايام العالم ذنوبا فانه تبت ذلك اليوم.

و في روايه: اذا وقفت بعرفات الي غروب الشمس فان كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج او بعدد نجوم السماء او قطر المطر يغفر الله لك.

- المراد بمعرفته سبحانه: معرفه كونه موجودا قيوما متصفا بالصفات الحسني مقدسا عما لا يليق بجنابه الاسني و اما معرفه كنه ذاته و حقيقه صفاته فامر مستحيل و ليس للعقول اليه سبيل. و لنعم ما قال:

و الله لا موسي و لا عيسي المسيح و لا محمد صلي الله عليه و آله و سلم

علموا و لا جبريل و هو الي محل القدس يصعد كلا و لا النفس البسيطه لا و لا العقل المجرد من كنه ذاتك غير انك واحد الذات سرمد

- العارفه: المعروف و هو اسم ما تبذله و تعطيه.

- المراد بالمعروف هنا: الواجب و المندوب. و بالمنكر: الحرام و المكروه.

و هما واجبان في الواجب و الحرام و مستحبان في المندوب و المكروه.

و دليل الوجوب قوله تعالي: (و لتكن منكم امه يدعون الي الخير و يامرون بالمعروف). (آل عمران: 104).

و قوله صلي الله عليه و آله و سلم لتامرن بالمعروف و لتنهن عن المنكر او ليسلطن الله شراركم علي خياركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم.

و من طرق اهل البيت في هذا المعني ما يقضم الظهور فليقف عليه من اراده في الكافي و غيره.

و هاهنا مسائل:

احدها- اختلف اصحابنا هل الوجوب في هذا الباب عيني او كفائي؟

فشيخ الطائفه و ابن ادريس و جماعه من المتاخرين علي الاول، و علم الهدي و ابوالصلاح و العلامه و بعض من المتاخرين علي الثاني.

و الحق في المسئله انه ان كان المطلع منفردا تعين عليه و ان كانوا جماعه فان شرع احدهم فيه و ظن الباقون تاثير مشاركتهم في الردع وجب عليهم فيكون الوجوب عينيا و الا كان علي الكفايه.

الثانيه- للامر بالمعروف و النهي عن المنكر شروط و المشهور منها اربعه:

احدها- علم الامر و الناهي و تمييزه بين المعروف و المنكر فان الجاهل ربما امر بمنكر و نهي عن معروف.

الثاني- تجويز التاثير فان علم عدمه سقط الوجوب دون الجواز. و هل يكفي ظن العدم؟ قيل: نعم، و قيل لا، لان التجويز قائم مع الظن و هو حسن اذ لا يترتب عليه ضرر فان نجع (نجع اي اثر و نفع). و الا فقدادي فرضه و الغرض انتفاء الضرر.

الثالث- الامن من الضرر علي المباشر او علي بعض المومنين نفسا او مالا او عرضا فبدونه يحرم، و لا يجب في السقوط العلم بالضرر بل يكفي ظنه.

الرابع- اصرار المامور و المنهي علي الذنوب فلو علم منه الاقلاع و الندم سقط الوجوب، بل حرم، و اكتفي الشهيد في الدروس و جماعه في السقوط بظهور اماره الندم و هو في محله.

و زاد بعضهم شرطا خامسا و هو عدم كون الامر و الناهي مرتكبا للمحرمات و اشترط فيه العداله بدليل قوله تعالي: (اتامرون الناس بالبر و تنسون انفسكم ). (البقره: 44).

و الحق انه غير مشترط اذ لا يسقط بترك احد الواجبين الواجب الاخر و الانكار في الايه علي عدم العمل لا علي الامر.

الثالثه للانكار مراتب: اولها بالقلب و هو ان يبغضه عليه و هو البغض في الله المامور به في السنه المطهره و هو مشروط بعلم الامر و الناهي و اصرار المنهي دون الشرطين الاخيرين.

ثم باظهار الكراهه بغير قول و فعل فان ارتدع اكتفي به و الا اعرض عنه و هجره و الا انكره باللسان بالوعظ و الزجر مرتبا الا يسر فالايسر و غيره باليد ككسر الملاهي و اراقه الخمر مثلا مع التهديد و لو لم ينزجر الا بالضرب و شبهه فعل مع القدره و لو افتقر الي الجرح توقف علي امر الحاكم و اذنه الا ان يتعرض لنفسه، او حرمه فيجب الدفاع بما امكن فان قتل كان هدرا و ان قتل كان شهيدا و كذا اذا راي مع امراته رجلا يزني بها فان له قتلهما من غير اثم و لكن في الظاهر عليه القود في الصورتين الا ان ياتي ببينه او يصدقه الولي و له الانكار ظاهرا و الحلف عليه مع التوريه.

و له زجر المطلع علي داره فلو اصر فرماه بما جني عليه كان هدرا الا ان يكون رحما لنسائه.

الرابعه- لا يشترط في المامور به و المنهي ان يكون مكلفا بل اذا علم اصرار غير المكلف منع من ذلك.

و كذا الصبي ينهي عن المحرمات لئلا يتعودها و يومر بالطاعات ليتمرن عليها.

تنبيه

علم مما مر ان في اطلاق الامر و النهي علي كل من مراتب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر سوي بعض افراد الامر و النهي اللساني تجوزا و كذا في اطلاق النهي علي الانكار القلبي، لان الامر و النهي حقيقه: استدعاء الفعل و تركه بالقول، و قال العلامه البهائي و كان ذلك صار حقيقه شرعيه. و الله اعلم.

- الاعتراف: الاقرار.