بازگشت

عبد


- عبد يعبد عباده و عبوديه الله: و حده و خدمه و خضع و ذل و اطاع له- و حق عبادتك- منصوب علي المصدريه و هو في الاصل صفه للمصدر المضاف اليه اي عبادتك الحق فلما اضيف الي موصوفه انتصب علي ما كان ينتصب عليه موصوفه اي ما عبدناك العباده التي تحق لك و تليق بعظمتك.

و انما قالوا (اي الملائكه) ذلك حين نظرهم الي جهنم حال زفيرها لما شاهدوا من شده آثار قهره تعالي فاحتقروا عبادتهم و راوها قاصره عما يجب بجلاله عز و جل.

- العباد: جمع عبد قيل معناه: اجعل لنا نصيبا منهم نستضيي ء بانوارهم و نقتدي باثارهم.

و يحتمل ان يكون علي حذف مضاف اي من ثقات عبادك الذين و صفتهم بقولك (و عباد الرحمن الذين يمشون علي الارض هونا و اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. و الذين يبيتون لربهم سجدا و قياما) (الفرقان: 64 -63). الي آخر ما نعتهم به، او عبادك المتصفين بالعبوديه التي لا مقام اشرف منها اذهي عباره عن صيروره العبد عبدا خالصا مفتقرا محضا لم يبق له جهه انانيه او نظر و التفات الي ما سوي المعبود الحق و ذلك بعد انسلاخات عن نسبه الوجودات الكونيه و عقيب رياضات علميه و عمليه و تجردات عن نشاه الي نشاه و صوره الي صوره حتي يصير عبدا محضا فانيا عن نفسه و عن كل شي ء سوي الحق مستغرقا في عبوديته و فقره الي الله بل فني عن ملاحظه هذا الاستغراق قاصرا نظره علي مطالعه الجلال و مشاهده الجمال و هذا هو غايه ايجاد الخلق.

و رتبه هذه العبوديه المحضه افضل من رتبه الرساله و لهذا قدمت في التشهد علي الرساله فيقال (اشهد ان محمدا عبده و رسوله) و اوثر لفظ العبد في قوله تعالي (سبحان الذي اسري بعبده) (الاسري: 1). دون نبيه او رسوله.

و في نسخه ابن ادريس (حظا من عبادتك) و هو انسب بقوله عليه السلام: و نصيبا من شكرك. و العباده: فعل المكلف علي خلاف هوي نفسه تعظيما لربه.

قال الحكماء: عباده الله تعالي ثلثه انواع:

الاول- ما يجب علي الابدان كالصلوه و الصيام و السعي الي المواقف الشريفه لمناجاته جل ذكره.

الثاني- ما يجب علي النفوس كالاعتقادات الصحيحه من العلم بتوحيد الله تعالي و ما يستحقه من الثناء و التحميد و الفكر فيما افاضه الله سبحانه علي العالم من جوده و حكمته ثم الاتساع في هذه المعارف.

الثالث- ما يجب عند مشاركات الناس في المدن و هي في المعاملات و المزارعات و المناكح و تاديه الامانات و نصح البعض بضروب المعاونات و جهاد الاعداء و الذب عن الحريم و حمايه الحوزه.

- مر ما يتعلق بالعبد و العبوديه آنفا، و جمع في هذه الفقره بين العبوديه و الرساله ليدفع الافراط و التفريط الذي وقع في شان عيسي عليه السلام و في كلام ارباب العرفان انه لا مقام اشرف من العبوديه اذبها ينصرف من الحق الي الخلق و ينعزل عن التصرفات، و بالرساله من الحق الي الخلق و يقبل علي التصرفات و لذا قال (سبحان الذي اسري بعبده) (الاسري: 1). و لم يقل برسوله فلا يكون ترقيا- كما قيل بالترقي من الادني الي الاعلي في تقديم العبد في هذه الفقره-.

و العبد الحقيقي:

من يكون حرا عن الكونين و هو نبينا صلي الله عليه و آله و سلم، اذ يقول امتي امتي و كل نبي يقول نفسي نفسي و لانه هو الذي صحح نسبه العبوديه كما ينبغي فاطلق عليه اسم العبد في القرآن.- و قيل لسائر الانبياء- و هو من قولهم: طريق معبد اي مذلل بكثره الوطي فسمي به لذلته و انقياده.

و انما قرنت هذه الكلمه بكلمه التوحيد لان كلمه التوحيد يعتبر فيها الاخلاص و لا يحصل الاخلاص الا بسلوك مراتبه و درجاته و لن يحصل ذلك الا بمعرفه كيفيه السلوك، و لا تحصل تلك المعرفه الا بالبيان النبوي القائم بتعريف كيفيه السلوك في درجات الاخلاص فكانت الشهاده و الاقرار بصدق المبين اجل كلمه بعد كلمه الاخلاص لانها بمنزله الباب فلا جل ذلك قرنت بها و صارتا كلمتين متقارنتين لا يصح انفكاك احديهما عن الاخري.

- تعبد: تنسك و اجتهد في العباده و تفرد لها. و لما كان التعبد اعم من الصيام عطفه عليه. و (او) يجوز ان تكون بمعني الواو و يجوز ان تكون علي بابها من انها لاحد الشيئين.

و لا ينافي ذلك سئوال مثل اجورهما معا بل هي في ذلك ابلغ لانه لو عطف بالواو جاز ان لا يكون سائلا ايجاب مثل اجر احدهما له فلا يجاب فيه فلما جاء باو، علم ان الراغب في ايجاب مثل اجر احدهما هو في ايجاب مثل اجرهما جميعا ارغب فهو من قبيل دلاله النص.

و في هذه الفقره من الدعاء ايذان بسعه فضل الله و عموم جوده و احسانه الذي تقصر العقول عن ادراك ساحل بحره فانه لو لم يجز ان يعطي سبحانه اجر من عمل له من لم يعمل لما صح الدعاء بذلك و الله ذوا الفضل العظيم.