بازگشت

صلا


- قال الراغب: صلوه الله علي العباد في التحقيق تزكيه لهم اي تنميه بالخيرات و البركات و هي من الملائكه و الناس: الدعاء و الاستغفار.

قال ابن قيم الجوزيه في كتاب جلاء الافهام: ان الصلوه عليه صلي الله عليه ( و آله) من العبد هي دعاء. و دعاء العبد و سئواله من ربه نوعان:

احدهما- سئواله حوائجه و مهماته و ما ينويه في الليل و النهار. فهذا دعاء و سئوال و ايثار لمحبوب العبد و مطلوبه.

و الثاني- سئواله ان يثني علي خليله و حبيبه و يزيد في تشريفه و تكريمه و اثاره ذكره و رفعه. و لا ريب ان الله تعالي يحب ذلك و رسوله يحبه، فالمصلي عليه صلي الله عليه (و آله) قد صرف سئواله و رغبته و طلبه الي محاب الله و رسوله و آثر ذلك علي طلبه حوائجه و محابه هو، بل كان هذا المطلوب من احب الامور اليه و آثر عنده فقد آثر ما يحبه الله و رسوله، فقد آثر الله و محابه علي ما سواه- و الجزاء من جنس العمل- فمن آثر الله علي غيره آثره الله علي غيره.

و اعتبر هذا بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم و روسائهم اذا ارادوا التقرب و المنزله عندهم فانهم يسالون المطاع ان ينعم علي من يعلمونه احب رعيته اليه، و كلما سالوه ان يزيد في حبائه و اكرامه و تشريفه علت منزلتهم عنده و ازداد قربهم منه و حظوابهم لديه لانهم يعلمون منه اراده الانعام و التشريف و التكريم لمحبوبه فاحبهم اليه اشدهم له سئوالا و رغبه ان يتم عليه انعامه و احسانه، هذا امر مشاهد بالحس و لا يكون منزله هولاء و منزله من سال المطاع حوائجه هو و فارغ من سئواله تشريف محبوبه و الانعام عليه واحده فكيف باعظم محب و اجله الاكرم محبوب و احقه بمحبه ربه له؟

و لو لم يكن من فوائد الصلوه عليه (و آله) الا هذا المطلوب وحده لكفي المومن به شرفا.

و هاهنا نكته حسنه: لمن علم امته دينه و ما جاءهم به و دعاهم اليه و حضهم عليه و صبر علي ذلك، و هي ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم له من الاجر الزائد علي اجر عمله مثل اجور من اتبعه، فالداعي الي سنته و دينه و المعلم الخير للامه اذا قصد توفير هذا الحظ علي رسول الله صلي الله عليه (و آله) و صرفه اليه و كان مقصوده بدعاء الخلق الي الله التقرب اليه بارشاد عباده و توفير اجور المطيعين له علي رسول الله صلي الله عليه (و آله) مع توفيهتم اجورهم كامله كان له من الاجر في دعوته و تعليمه بحسب هذه النيه. و ذلك فضل الله يوتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم.

قال السيد العلامه الحاج ميرزا محمود الطباطبائي المعروف بشيخ الاسلام التبريزي في رساله مسائل الدعاء:

لما عرفت ان الله سبحانه يجيب دعوه الداعي لا محاله اما باعطائه ما ساله او باعطائه عوض ما سئله، فهل اجابه دعاء الامه لرفع درجه النبي صلي الله عليه و آله و سلم و الائمه و نحو ذلك بالوجه الاول ام بالثاني و بعباره اخري هل دعائهم لهم عليهم السلام يوجب زياده مراتبهم ام لا، بل ان فائده دعائهم انما تعود الي انفسهم، فنسب الي جماعه من المتكلمين و غيرهم الثاني فقالوا انهم عليهم السلام قد اعطاهم الله من علو الدرجه و قرب المنزله و عظيم الفضل ما لا يوثر فيه دعاء داع و فائده دعاء الامه لهم انما تكون لانفسهم فينالون به الزلفي و يستفيدون حسن الثواب كما جاء عنه صلي الله عليه و آله و سلم (من صلي علي واحده صلي الله عليه عشرا).

و التحقيق وفاقا لغير واحد من المحققين الاول فان مراتب نعم الله غير متناهيه و مدارج تفضلاته غير معدوده و كونهم سلام الله عليهم في غني عن الحاجه الي الازدياد غير متصور و كون دعاء الامه من اسباب الازدياد جايز علي انه لايخفي علي البصير انهم عليهم السلام لو كانوا عن ذلك في الغني لكان تحصيل الامه الثواب و الزلفي بالدعاء لهم في المغني فان الاولي لهم في تحصيلهما حينئذ انما هو دعائهم لانفسهم بان يثبتهم الله في الايمان بهم .

نعم يمكن الخدشه بان زياده مراتبهم سلام الله عليهم في نحو دعاء الصلوه عليهم متاتيه فان مراتب الصلوه و الرحمه و التفضل غير متناهيه، و اما في نحو دعاء اعطاء الله الشفاعه و الوسيله له صلي الله عليه و آله و سلم و هي درجه في الجنه ليس فيها درجه اعلي منها فلا.

اذ قد ثبت ان الله سبحانه قد اعطي امثالهما له صلي الله عليه و آله و سلم بتحمل اعباء الرساله و ختم النبوه لا بدعاء الامه و ان ورد عنه صلي الله عليه و آله و سلم اسئلوا الله ان يوتيني الوسيله علي روس الخلائق فيكون دعاء الامه و طلبهم من الله ان يعطي امثالهما من جهه ان طلبها له اذعان بكونها حقه و كونه احق بها و هذا الاذعان اكمال الايمان و يكون هذا الطلب من باب استعمال صيغه الامر في التصويب و هو باب في العرف معروف كما يقول لك صاحبك: رايت فلانا يشتم اباه فضربته فتقول له اضربه و مقصودك استحسان الضرب و تصويب الضارب و استحقاق المضروب و لذا ربما تقول له احسنت ضربه.

و لك دفع الخدشه بانه ان سلمنا انه لا وجه لدعا، الامه لاعطاء امثال الوسيله و الشفاعه له صلي الله عليه و آله و سلم و اغمضنا عن ان كون طلب اعطائها له للتصويب خلاف الظاهر جدا.

لقلنا ان في الوسيله و الشفاعه تفضلات غير متناهيه و شئوونا متكثره فيكون سئوالهما له صلي الله عليه و آله و سلم راجعا الي سئوال ما فيهما من التفضلات و الشوون فتدبر هذا.

و اما ما في دعاء عصر يوم الجمعه- و انك لم تامر بالصلوه عليه الا بعد ان صليت عليه انت و ملائكتك الي قوله عليه السلام: لا لحاجه الي صلوه احد من المخلوقين بعد صلوتك عليه و لا الي تزكيتهم اياه بعد تزكيتك بل الخلق جميعا هم المحتاجون الي ذلك لانك جعلته بابك الذي لا تقبل لمن اتاك الا منه و جعلت الصلوه عليه قربه منك و وسيله اليك و زلفه عندك و دللت المومنين عليه و امرتهم بالصلوه عليه ليزدادوا بها اثره لديك و كرامه عليك .

فالمستفاد منه عدم حاجته صلي الله عليه و آله و سلم الي صلوه الخلق بعد صلوه الخالق عليه بمعني ان صلوه الله عليه لا تغادر كرامه اعلي الاشملتها، و الحاصل من صلوه الخلق انما هو كرامه دونها و لا حاجه الي الثانيه مع الاولي، و هذا المعني غير كون صلوه الخلق عليه موجبه لكرامه له و ان كان له بصلوه الله عليه ما فوقها.

و بعباره اخري انه صلي الله عليه و آله و سلم في غني عن ان يستحصل درجه من صلوه الخلق عليه و ان كان صلوه الخلق عليه موجبه لحصولها له و بغير العباره انه صلي الله عليه و آله و سلم في غني عن استدعاء الخلق اعطاء الله له و ان كان محتاجا الي اعطاء الله و ان شئت فقس المقام علي مقام الوزير من السلطان فانه لكمال قربه غني عن استدعاء الرعيه تكريم السلطان له مع انه اذا استدعوه اكرمه و هو محتاج الي اكرامه فتدبر. انتهي.

و قال ابن الاثير في النهايه: قولنا اللهم صل علي محمد (و آل محمد) فمعناه: عظمه في الدنيا باعلاء ذكره، و اظهار دعوته، و ابقاء شريعته، و في الاخره بتشفيعه في امته و تضعيف اجره و مثوبته. و قيل: المعني لما امر الله سبحانه بالصلوه عليه و لم نبلغ قدر الواجب من ذلك احلناه علي الله و قلنا: اللهم صل انت علي محمد (و آل محمد) لانك اعلم بما يليق به انتهي.