بازگشت

شبه


- المتشابه: اسم فاعل من تشابه الشيئان: اذا اشبه احدهما الاخر بحيث يعجز الذهن عن التمييز بينهما، ثم قيل لكل ما لا يهتدي الانسان اليه متشابها اطلاقا لاسم السبب علي المسبب، و نظيره: المشكل اي دخل في شكل غيره فلم يتميز و لم يظهر.

(نقل الاقوال في المحكم و المتشابه)

تنبيهات:

الاول- دل القرآن علي ان كله محكم و ذلك قوله تعالي: (احكمت آياته) (هود: 1). و علي انه بتمامه متشابه و هو قوله تعالي: (كتابا متشابها مثاني تقشعر منه، الايه) (الزمر: 23). و علي ان بعضه محكم و بعضه متشابه و ذلك قوله تعالي: (هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب و اخر متشابهات) (آل عمران: 7).

فالمراد بكونه محكما كونه كله كلاما متقنا حقا فصيح الالفاظ صحيح المعاني لا يتطرق اليه نقص و لا اختلاف و كونه بحيث لا يتمكن احد من الاتيان بمثله لوثاقه مبانيه و بلاغه معانيه.

و بكونه كله متشابها: كونه يشبه بعضه بعضا في الحق و الصدق و الحسن و الاعجاز و البرائه من التناقض و يكون بعضه محكما و بعضه متشابها و ان منه محكما و هو ما وضح معناه من غير احتمال و لا اشتباه، و منه متشابها و هو نقيضه علي احد الاقوال.

و قيل: المحكم: ما يومن به و يعمل به، و يعتبر به، و المتشابه: ما يومن به و لا يعمل به عن ابي عبدالله عليه السلام و ابن عباس و عكرمه و قتاده.

و قيل: المحكم: ما عرف المراد منه اما بالظهور و اما بالتاويل.

و المتشابه: ما استاثر الله بعلمه كقيام الساعه و خروج الدجال، و الحروف المقطعه في اوائل السور.

و قيل: المحكم: ما لا يحتمل من التاويل الا وجها واحدا، و المتشابه ما احتمل اوجها.

و قيل: المحكم: ما كان معقول المعني، و المتشابه بخلافه كاعداد الصلوات و اختصاص الصيام برمضان دون شعبان.

و قيل: المحكم: ما تاويله تنزيله و المتشابه ما لا يدري الا بالتاويل.

و قيل: المحكم: ما استقل بنفسه، و المتشابه مالا يستقل بنفسه.

و قيل: المحكم: ما فيه الحلال و الحرام و ما سوي ذلك متشابه يصدق بعضه بعضا.

و قيل: المحكم: هو الناسخ و المتشابه هو المنسوخ و عن ابي جعفر عليه السلام: المنسوخات من المتشابهات و المحكمات من الناسخات.

و قيل: المحكم: ما لم تتكرر الفاظه، و المتشابه ما تكررت الفاظه كقصه موسي عليه السلام و غير ذلك.

و قيل: المحكم: ما لم تشتبه معانيه، و المتشابه ما اشتبهت معانيه نحو (ثم استوي علي العرش) (الاعراف: 54). فان الاستواء عليه يطلق علي الجلوس و علي الاستيلاء و القهر.

و قيل: غير ذلك، و حكي بعضهم في المسئله ثلثين قولا.

(الايات عند اعتبار بعضها ببعض ثلثه اضرب)

و قال الراغب: الايات عند اعتبار بعضها ببعض ثلثه اضرب:

1- محكم علي الاطلاق.

2- و متشابه علي الاطلاق.

3- و محكم من وجه و متشابه من وجه: فالمحكم علي الاطلاق: ما لا يعرض فيه شبهه من حيث اللفظ و لا من حيث المعني، و المتشابه في الجمله ثلثه اضرب.

1- متشابه من جهه اللفظ فقط.

2- و متشابه من جهه المعني فقط.

3- و متشابه من جهتهما.

فالمتشابه من جهه اللفظ ضربان:

الاول- يرجع الي الالفاظ المفرده و ذلك اما من جهه غرابته نحو (الاب) و (يزفون) و اما من جهه مشاركه اللفظ كاليد و العين.

و الثاني- يرجع الي جمله الكلام المركب و ذلك ثلثه اضرب.

1- ضرب لاختصار الكلام نحو (و ان خفتم الا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء) (النساء: 3).

2- و ضرب لبسط الكلام نحو قوله تعالي (ليس كمثله شي ء) (الشوري: 11). لانه لو قيل مثله شي ء كان اظهر للسامع.

3- و ضرب لنظم الكلام نحو قوله تعالي (انزل علي عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا قيما) (الكهف: 2 -1). تقديره: انزل علي عبده الكتاب قيما و لم يجعل له عوجا.

و المتشابه من جهه المعني: اوصاف الله تعالي و اوصاف القيمه فان تلك الصفات لا يتصور لنا اذ كان لا يحصل في نفوسنا صوره ما لم نحسه او لم يكن من جنس ما نحسه.

و المتشابه من جهه اللفظ و المعني خمسه اضرب:

الاول- من جهه الكميه كالعموم و الخصوص نحو قوله تعالي (فاقتلوا المشركين). (التوبه: 5).

الثاني- من جهه الكيفيه كالوجوب و الندب نحو قوله تعالي (فانكحوا ما طاب لكم من النساء). (النساء: 3).

الثالث- من جهه الزمان كالناسخ و المنسوخ نحو قوله سبحانه (اتقوا الله حق تقاته) (آل عمران: 102).

الرابع- من جهه المكان و الامور التي نزلت فيها نحو قوله تعالي (بان تاتوا البيوت من ظهورها) (البقره: 189). و (انما النسي ء زياده في الكفر) (التوبه: 37). فان من لا يعرف عادتهم في الجاهليه يتعذر عليه تفسير هذه الايه.

الخامس- من جهه الشروط التي يصح بها الفعل او يفسد كشروط الصلوه و النكاح و هذه الجمله اذا تصورت علم ان ما ذكره المفسرون لا يخرج عن هذه التقاسيم نحو من قال (الم) من المتشابه و نحو قال قتاده: المحكم: الناسخ، و المتشابه: المنسوخ و قول الاصم: المحكم: ما اجمع علي تاويله و المتشابه ما اختلف فيه.

(ان جميع المتشابهات علي ثلثه اضرب، و قال)

(النظام: الايات ثلثه اقسام)

ثم جميع المتشابهات علي ثلثه اضرب:

1- ضرب لا سبيل علي الوقوف عليه كوقت الساعه و خروج الدابه و كيفيه الدابه و نحو ذلك.

2- و ضرب للانسان سبيل الي معرفته كالفاظ العربيه و الاحكام العقليه.

3- و ضرب متردد بين الامرين يختص بمعرفته بعض الراسخين و يخفي علي من دونهم و هو الضرب المشار اليه بقوله صلي الله عليه و آله و سلم في علي عليه السلام: اللهم فقهه في الدين و علمه التاويل.

فاذا عرفت هذه الجمله عرفت ان الوقوف علي قوله تعالي: و ما يعلم تاويله الا الله (آل عمران: 7). و وصله بقوله: و الراسخون في العلم جائزان و ان لكل و احدمنهما وجها حسب ما دل عليه التفصيل المتقدم انتهي.

و قال النظام النيسابوري: الايات ثلثه اقسام:

احدها- ما يتاكد ظواهرها بالدلائل العقليه فذلك هو المحكم حقا.

و ثانيها- التي قامت الدلائل القطعيه علي امتناع ظواهرها فذلك الذي يحكم فيه بان مراد الله تعالي فيه غير ظاهر.

و ثالثها- الذي لا يوجد مثل هذه الدلائل علي طرفي ثبوته و انتفائه فهو المتشابه بمعني ان الامر اشتبه فيه و لم يتميز احد الجانبين عن الاخر.

لكن ها هنا عقده اخري و هي ان الدليل العقلي مختلف فيه ايضا بحسب ما رتبه كل فريق و تخيله صادقا في ظنه ماده و صوره فكل فريق يدعي بمقتضي فكره قد قام علي ما يوافق مذهبه و تاكد به الظاهر الذي تعلق به فلا خلاص من البين الا بتائيد سماوي و نور الهي و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور. (النور: 40).

(طعن بعض الملاحده في جعل بعض القرآن)

(محكما و بعضه متشابها و ما اجابوه)

الثاتي- (من التنبيهات) طعن بعض الملاحده في جعل بعض القرآن محكما و بعضه متشابها، و قال: كيف يليق بالحكيم ان يجعل كتابه المرجوع اليه في دينه الموضوع الي يوم القيمه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب فمثبت الرويه يتمسك بقوله تعالي: (وجوه يومئذ ناضره الي ربها ناظره) (القيمه: 23 -22). و نافيها يتشبث بقوله (لا تدركه الابصار و هو يدرك الابصار) (الانعام: 103). و مثبت الجهه يحتج بقوله (يخافون ربهم من فوقهم) (النحل: 50). و النافي لها يبرهن بقوله (ليس كمثله شي ء) (الشوري: 11). فكل منهم يسمي الايات الموافقه لمذهبه محكمه و المخالفه له متشابهه، و ربما آل الامر في ترجيح بعضها علي بعض الي وجوه ضعيفه و تراجيح خفيه، و هذا لا يليق بالحكمه مع انه لوجعله كله واضحا جليا ظاهرا خالصا من المتشابه نقيا كان اقرب الي حصول الغرض.

و اجاب الزمخشري بانه لو كان كل القرآن محكما لتعلق الناس به لسهوله ماخذه و لا عرضوا عما يحتاجون فيه الي الفحص و التامل من النظر و الاستدلال و لو فعلوا ذلك لعطلوا الطريق الذي لا يتوصل الي معرفه الله و توحيده الا به، و لما في المتشابه من الابتلاء و التمييز بين الثابت علي الحق و المتزلزل فيه، و لما في تقادح العلماء و اتعابهم القرايح في استخراج معانيه و رده الي المحكم، و من الفوائد الجليه و العلوم الجمه و نيل الدرجات عند الله، و لان المومن المعتقد ان لا مناقضه في كلام الله سبحانه و لا اختلاف اذا ما راي ما يتناقض في ظاهره و اهمه طلب ما يوفق بينه و يجريه علي سنن واحد ففكر و راجع نفسه و غيره ففتح الله عليه و تبين مطابقه المتشابه المحكم ازداد طماء نينته الي معتقده و قوه في ايقانه انتهي.

و قال النيسابوري: و هاهنا سبب اقوي و هو ان القرآن كتاب مشتمل علي دعوه الخواص و العوام و طباع العامه تنبو في الاغلب عن ادراك الحقايق فمن سمع منه في اول الامر اثبات موجود ليس بجسم و لا متغير و لا مشار اليه، ظن ان هذا عدم و نفي و وقع في التعطيل فكان الاصلح ان يخاطبوا بالفاط داله علي بعض ما توهموه و تخيلوه مخلوطا بما يدل علي الحق الصريح، فالاول و هو الذي يخاطب به في اول الامر من باب المتشابهات و الثاني و هو الذي يكشف لهم آخر الحال من قبيل المحكمات انتهي.

و انا اقول: و ها هنا سبب اقوي من ذلك ايضا و هو ان في القرآن المجيد من الاسرار الالهيه و المعارف الربانيه مالا يحتمله كل عقل و لا ينشرح له كل صدر فلو كان القرآن كله محكما ظاهرا لضل كثير من العقول و زاغ كثير من القلوب و لكن جعل بعضه محكما و هو ما تشترك العقول علي تفاوت مراتبها في احتماله و تتفق القلوب علي قبوله، و بعضه متشابها موكولا علمه الي اهله و هم اهل الذكر المامور بسئوالهم في قوله تعالي (فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) (النحل: 43). ليبينوا للناس معناه و يوضحوا لهم مقاصده علي مقادير عقولهم و حسب مقاماتهم و تفاوت مراتبهم فيرشدون الي كل مقام اهله، و يخفون عن غير اهله، اذ كانوا اطباء النفوس و كما ان الطبيب يري ان بعض الادويه ترياق و شفاء و ذلك الدواء بعينه لشخص آخر سم و هلاك كذلك كتاب الله تعالي، و الموضحون لمقاصده من الانبياء و الاوصياء يرون ان بعض الاسرار الالهيه شفاء لبعض الصدور فيلقونها اليهم و ربما كان تلك الاسرار باعيانها لغير اهلها سببا لضلالهم و كفرهم اذا القيت اليهم و لذلك قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم امرت ان اكلم الناس علي قدر عقولهم، و هذا اقوي الاسباب في جعل بعض القرآن محكما و بعضه متشابها و الله اعلم.

(المراد من الراسخين في العلم...)

الثالث- (من التنبيهات) في قوله عليه السلام: و يفزع الي الاقرار بمتشابهه، تلميح الي قوله تعالي: (فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنه و ابتعاء تاويله و ما يعلم تاويله الا الله و الراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا) (آل عمران: 7). فغرضه عليه السلام ان يجعله من الراسخين في العلم الذين يقولون آمنا به اي بمتشابهه و هو معني الاقرار به و تعبيره بالفزع الي الاقرار اي الالتجاء به اشعار بان المتشابه لما كان محتملا لوجوه كثيره بعضها من العلوم الخفيه و بعضها يودي الي الكفر و البدعه او التناقض لم يكن للخلاص من الوقوع في محذور الشبهه سبيل الا الفزع الي الاقرار و الايمان به علي ما اراد من تلك الوجوه او غيرها.

قال بعضهم: الراسخون في العلم هم الذين علموا بالدلائل القطعيه ان الله تعالي عالم بالمعلومات التي لا نهايه لها و علموا ان القرآن كلام الله تعالي و انه لا يتكلم بالباطل و العبث فاذا سمعوا آيه و دلت الدلائل القطعيه علي انه لا يجوز ان يكون ظاهرها مراد الله تعالي بل المراد فيها غير ذلك الظاهر فوضوا تعيين ذلك المراد الي علمه تعالي و قطعوا بان ذلك المعني اي شي ء كان فهو الحق و الصواب و لم يزعزعهم قطعهم بترك الظاهر و لا عدم علمهم بالمراد عن الايمان بالله و الجزم بصحه القرآن و لم يكن ذلك شبهه لهم في الطعن في كلام الله تعالي.

و في خطبه اميرالمومنين عليه السلام المعروفه بخطبه الاشباح: و اعلم ان الراسخين في العلم هم الذين اغناهم عن اقتحام السدد المضروبه دون الغيوب الاقرار بجمله ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما و سمي تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا فاقتصر علي ذلك انتهي. (نهج البلاغه: الرقم 90).

(الاشاره الي مراتب الرسوخ و ان رسول)

(الله صلي الله عليه و آله و سلم افضل الراسخين)

فان قلت: قد ورد في الصحيح عن ابي عبدالله عليه السلام انه قال: نحن الراسخون في العلم و نحن نعلم تاويله.

و في روايه اخري عنه عليه السلام قال: الراسخون في العلم: اميرالمومنين و الائمه عليهم السلام.

و في خبر آخر عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: افضل الراسخين في العلم قد علمه الله جميع ما انزل عليه من التنزيل و التاويل و ما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تاويله و اوصيائه من بعده يعلمونه كله فكيف يكون الراسخون الذين اقروا بجمله ما جهلوا تفسيره و لم يعلموا تاويله.

قلت: الرسوخ ليس مرتبه واحده هي تقليد ظواهر الشريعه و اعتقاد حقيقتها فقط بل تقليدها مرتبه اولي من مراتب الرسوخ و من ورائها مراتب غير متناهيه بحسب مراتب السلوك و قوه السالكين كما نص عليه بعض المحققين من اصحابنا فالراسخون الذين اشار اليهم اميرالمومنين عليه السلام هم الواقفون في المرتبه الاولي و هم الذين اقتصروا علي ما وفقتهم الشريعه عليه علي سبيل الجمله، و الراسخون في قول الصادق عليه السلام (نحن الراسخون في العلم و نحن نعلم تاويله) هم الواصلون الي اقصي مراتب الرسوخ كما دل عليه ما في الخبر الاخر: رسول الله افضل الراسخين. و وقع الانكار علي من ادعي هذه المرتبه في قول اميرالمومنين عليه السلام من خطبه اخري: اين الذين زعموا انهم الراسخون في العلم دوننا كذبا و بغيا. و من هنا يظهر سر جواز الوجهين في تلاوه الايه من الوقوف علي قوله تعالي: و ما يعلم تاويله الا الله، و وصله بقوله و الراسخون في العلم: فان وقفت كان المراد بالراسخين جميع الراسخين علي مراتبهم، و ان وصلت كان المراد بهم العالمين بتاويله فيكون قوله: يقولون علي الاول خبرا و علي الثاني استينافا موضحا لحال الراسخين او حالا منهم يتضمن المدح لهم بالتصديق به مع العلم بتاويله و الله اعلم.

و من اراد التفصيل في المحكم و المتشابه و التاويل اكثر من ذلك فعليه بمراجعه تفسير الشريف: الميزان (ج 3 ص 17).

- الشبهات: جمع شبهه و هي ما يتوهم كونه حقا من الامور الباطله لتصوير الوهم لها في صوره الحق فتشبه الحق توهما و ليست به و لذلك سميت شبهه.

و قيل: هي عباره عما يشبه الحق مما يحتج به و لهذا يسمي المتكلمون ما يحتج به اهل الحق دليلا و ما يحتج به اهل الباطل شبهه.

و في كلام اميرالمومنين عليه السلام: و انما سميت الشبهه شبهه لانها تشبه الحق فاما اولياء الله فضيائهم فيها اليقين و دليلهم سمت الهدي و اما اعداء الله فدعائهم فيها الضلال و دليلهم العمي. (نهج البلاغه: الخطب و الاوامر، الرقم: 38).