بازگشت

حبب


- المحبه: ميل الطبع الي الشي ء الملذ و يقابلها البغض و نفور الطبع من المولم المتعب (مستعملا لمحبتك) اي تستعمله العباد لتحصيل محبتك لهم او محبتهم لك. و قال بعضهم (مستعملا) علي صيغه الفاعل فاللام علي الاول للتعليل و علي الثاني للتعديه و اضافه المحبه الي كاف الخطاب من اضافه المصدر الي المفعول اي لمحبتنا اياك، او الي الفاعل اي لمحبتك ايانا.

(تحقيق معني محبه العباد لله تعالي و محبه الله)

(تعالي لعباده)

قيل: محبه العباد لربهم: محبه طاعته و ابتغاء مرضاته و اجتناب ما يوجب سخطه و عقابه.

و محبه الله تعالي لعباده: اراده اكرامهم و ان يثيبهم احسن الثواب و يرضي عنهم و يصونهم عن المعاصي.

و هذا التفسير لمحبه العباد لربهم مبني علي ما ذهب اليه جمهور المتكلمين من ان المحبه نوع من الاراده و الاراده لا تعلق لها الا بالحوادث فيستحيل تعلق المحبه بذات الله تعالي و صفاته و لانها تستدعي الجنسيه بين المحب و المحبوب.

قال بعض المحققين في المنع عن الاول ان المحبه ليست نوعا من الاراده لتعلقها بالاعيان و تعلق الاراده بالافعال، بل لو عكس لكان صوابا.

و عن الثاني: ان المحبه قد تتعلق بالاعراض و لا جنسيه بين الجوهر و العرض.

و التحقيق: انها من الوجدانيات لا تحتاج الي تعريف حقيقي بل الي شرح مستقيم لتمتاز عن باقي المعاني الوجدانيه بان يقال: هي ادراك الكمال من حيث انه موثر و كلما كان الادراك اتم و المدرك اشد كماليه موثره كانت المحبه اكمل.

و لذلك قال العارفون: نحن نحب الله لذاته لا لغرض و لو كان كل شي ء محبوبا لا جل شي ء آخر دار و تسلسل.

و اذا كنا نحب الرجل العالم لعلمه و الرجل الشجاع لقوته و غلبته و الرجل الزاهد لبرائه ساحته عن المثالب (المثلبه: العيب و الجمع: المثالب) فالله تعالي احق بالمحبه لان كل كمال بالنسبه الي كماله نقص و الكمال مطلوب لذاته محبوب لنفسه و كلما كان الاطلاع علي دقائق حكمه الله و قدرته و صنعه اكثر كان حبه له اتم.

و بحسب الترقي في درجات العرفان تزاد المحبه الي ان يستولي سلطان الحب علي قلب المومن فيشغله عن الالتفات الي غيره و يفني عن حظوظ نفسه فيه يسمع و به يبصر و به ينطق و به يبطش و به يمشي فلا يفعل الا ما احبه و اراده و لا يختار الا ما امره و رضيه و لا يثق الا به و لا يسكن الا اليه و لا يتكلم الا عنه و لا يتفكر الا فيه و لا يتنفس الا معه و هذه احوال تلطف عن العباره و تدق عن الاشاره.

و اما محبته تعالي لعباده: فقال بعض العارفين هي راجعه الي محبته ذاته لانه تعالي ما احب شيئا بالذات غير ذاته المقدسه و ان احب غيره فانما احبه بتبعيه محبه ذاته لانه من توابعها فكل ما هو اقرب اليه كان احب عنده فترجع محبته لما سواه الي محبته لذاته.

كما يدل عليه ما ورد في الحديث: ان الله جميل يحب الجمال، و ما ورد في الاخبار من حبه لعباده فهو ماول بما ذكرناه اذا البرهان قائم علي ان التغير عليه تعالي محال بل لا يزال من نعوت الكمال و الجمال علي ما كان عليه في ازل الازال.

- سئل عليه السلام ان يجعل سبحانه نفسه مستغرقه في طاعته تعالي متوجهه بكليتها عن كل ما يوجب الالتفات عن حضرته المقدسه من الاهتمام بعلائق احوال الدنيا الوارده عليه من خير و شر ليكون هواه و ارادته فيما اراد الله تعالي و قدره و قضاه فلا يحب الا ما احبه الله و لا يسخط الا ما سخط الله و هو مقام الرضا بالقضاء، و وجه كون شغل النفس بالطاعه عن كل وارد عليها عله و سببا للرضا و التسليم: ان النفس اذا كانت مستغرقه في طاعته سبحانه معرضه عن الالتفات الي غيره حصل له الزهد الحقيقي فيقرب عن الحق فتحصل له مرتبه اليقين بالله و بكماله و حسن فعاله، و اليقين يوجب المحبه فيحصل له الرضا لان الرضا لازم للمحبه و تابع لها.

و بالجمله السالك اذا اشتغل بما يعنيه و ترك ما لا يعنيه حقيقه وصل الي مقام المشاهده الذي هو عين اليقين و اذا وصل الي هذا المقام استولت علي قلبه المحبه التامه، و اذا حصلت له المحبه ثبت في مقام الرضا فيرضي بكل ما صدر و يصدر منه تعالي كما هو شان المحب مع محبوبه فلا يحب شيئا مما سخطه و لا يسخط شيئا مما احبه بل يستقبل احكامه بالفرح و لا يكون لنفسه معها مقترح و اهل الرضا يرون من الرضا: ان لا يذم شيئا و لا يعيبه و لا يتسخط ما اراده و فجر مواده و لا يزري علي ما ابدعه و خلقه و صنعه بل يشاهد الصانع في جميع ما صنعه بل لا ينبغي ان يقول العبد: هذا يوم شديد الحر و لا هذا يوم شديد البرد.

- الحبه: واحده الحب- يقال بالفارسيه «دانه».