بازگشت

الفصل الثالث


استشهاد الإمام زين العابدين(عليه السلام)







وتقلّد الوليد أزمّة الملك بعد أبيه عبدالملك بن مروان، وقد وصفه المسعودي بأنّه كان جبّاراً عنيداً ظلوماً غشوماً[1]، حتّي طعن عمر بن عبد العزيز الاُموي في حكومته، فقال فيه: إنّه ممن امتلأت الأرض به جوراً[2].



وفي عهد هذا الطاغية الجبّار استشهد العالم الإسلامي الكبير سعيد بن جبير علي يد الحجّاج بن يوسف الثقفي أعتي عامل اُموي.



وقد كان الوليد من أحقد الناس علي الإمام زين العابدين(عليه السلام) لأنّه كان يري أنّه لا يتمّ له الملك والسلطان مع وجود الإمام زين العابدين(عليه السلام).



فقد كان الإمام(عليه السلام) يتمتّع بشعبية كبيرة، حتّي تحدّث الناس بإعجاب وإكبار عن علمه وفقهه وعبادته، وعجّت الأندية بالتحدّث عن صبره وسائر ملكاته، واحتلّ مكاناً كبيراً في قلوب الناس وعواطفهم، فكان السعيد من يحظي برؤيته، ويتشرّف بمقابلته والاستماع إلي حديثه ، وقد شقّ علي الاُمويين عامّة هذا الموقع المتميّز للإمام(عليه السلام) وأقضّ مضاجعهم، وكان من أعظم الحاقدين عليه الوليد بن عبد الملك[3] الذي كان يحلم بحكومة المسلمين وخلافة الرسول(صلي الله عليه وآله).



وروي الزهري: عن الوليد أنّه قال : لا راحة لي وعليّ بن الحسين موجود في دار الدنيا[4].



فأجمع رأيه علي اغتيال الإمام زين العابدين(عليه السلام) حينما آل اليه الملك، فبعث سمّاً قاتلاً إلي عامله علي يثرب، وأمره أن يدسّه للإمام(عليه السلام)[5] ونفّذ عامله ذلك، فسَمَتْ روح الإمام العظيمة إلي خالقها بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها وعباداتها وجهادها وتجرّدها من الهوي.



وقام الإمام أبو جعفر محمد الباقر(عليه السلام) بتجهيز جثمان أبيه، وبعد تشييع حافل لم تشهد يثرب نظيراً له وجيء بجثمانه الطاهر إلي بقيع الفرقد، فحفروا قبراً بجوار قبر عمّه الزكيّ الإمام الحسن المجتبي(عليه السلام) سيّد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (صلي الله عليه وآله) ـ وأنزل الإمام الباقر(عليه السلام) جثمان أبيه زين العابدين وسيّد الساجدين(عليه السلام) فواراه في مقرّه الأخير.



فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً

پاورقي





[1] مروج الذهب : 3 / 96.



[2] تأريخ الخلفاء : 223.



[3] هناك من المؤرّخين من يري أنّ هشام بن عبد الملك هو الذي دسّ السمّ للإمام (عليه السلام)، راجع بحار الأنوار: 46/153، ويمكن الجمع بين الرأيين فيكون أحدهما آمراً والآخر منفّذاً للجريمة.



[4] راجع : حياة الإمام زين العابدين : 678 .



[5] بحار الأنوار : 46 / 153 عن الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : 194 .