بازگشت

تكتيك بداية المرحلة الثالثة لحركة الإمام (ع)


بالمقدار الذي اطلعت فيه علي حياة الإمام السجاد (ع) والذي مازلت أذكره أنه لا يوجد مواجهة أو تعريض صريح وقاطع ضد الحكم من قبيل ما نشاهده في حياة بعض الأئمة الآخرين، كالإمام الصادق في عصر بني أمية، أو الإمام موسي بن جعفر (ع).



وسببه واضح، لأن مثل هذا التحرك الشديد في بداية حركة الأئمة (ع) في المرحلة الثالثة من المراحل الأربع للإمامة، والتي تبدأ في حياة الإمام السجاد، سوف يعرّض قافلة أهل البيت (ع) التي تحمل أعباء مسؤولية الرسالة للخطر الذي لا يؤدي إلي تحقيق المقصد. ففي ذلك الوقت لم يكن بستان أهل البيت الذي يتعهد الإمام السجاد (ع) بترتيبه وسقايته استحكمت غصونه وأشجاره.



وكما أشرت في بداية هذا البحث، فقد كان عدد المحبين والموالين لأهل البيت (ع) قليلاً جداً، وفي ذلك العصر لم يكن ممكناً علي أولئك الذين سيتحملون مسؤولية التنظيمات الشيعية أن يواجهوا خطر العدو الجائر.



وإذا أردنا أن نمثل، ينبغي أن نشبّه عصر الإمام السجاد (ع) هذا بمرحلة بدء الدعوة الإسلامية في مكة وهي المرحلة السرية. ولعله يمكن تشبيه عصر الإمام الباقر (ع) بالمرحلة الثانية في مكة حين أصبحت الدعوة علنية. ولهذا فإن المواجهة في تلك المرحلة لن تكون سليمة.



ومما لا شك فيه أننا إذا لاحظنا المواجهات الحادة في بعض كلمات الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الثامن (ع) فيما لو صدرت عن الإمام السجاد (ع)، فإن عبد الملك بن مروان الذي كان في أوج قدرته كان يستطيع وبكل سهولة أن يطوي بساط تعاليم أهل البيت (ع) ليبدأ العمل من جديد، وهذا ليس عملاً عقلائياً. لكن علي كل حال، يمكن أن نشاهد في ثنايا كلمات الإمام زين العابدين (ع) والتي ترجع علي وجه الاحتمال إلي أواخر حياته الشريفة، إشارات أو مظاهر لتعرّضه ومواجهته لنظام الحكم.