بازگشت

المواجهات الشديدة مع علماء البلاط


في تتمة بحثنا حول القضايا المرتبطة بسيرة الإمام السجاد (عليه السلام) وأساليبه وخططه لإيجاد الأرضية المساعدة للحركة التي يمكن أن تنتهي إلي إقامة الحكومة العلوية الإسلامية، ذكرنا ما ملخصه أن هذه التحركات كانت تتّجه إلي التبيين والتوضيح عند البعض، وإلي التشكيلات والتنظيم بالنسبة للبعض الآخر، وإلي الهداية والارشاد بالنسبة لآخرين.



وهكذا يُتخيل الإمام السجاد من خلال هذه الصورة ــ التي قدمناها ــ إنساناً صبوراً سعي خلال 30 أو 35 سنة متواصلة إليجعل تلك الأرضية السّيئة جداً في عالم الإسلام، إلي جعلها تتجه نحو الظروف التي يمكن له (ع) أولخلفائه أن يحققوا خلالها المجتمع الإسلامي، والحكومة الإسلامية.



ولو فرضنا أن تلك السنوات الخمس والثلاثين من عمره الشريف لم تكن موجودة لقطعنا بعدم وصول الأمر إلي الإمام الصادق (عليه السلام) بتلك الحال التي تمكن معها من التصرف والتعاطي الصريح والواضح مع الحكم الأموي، والعباسي فيما بعد.



وعليه، فلأجل إقامة وتحقيق المجتمع الإسلامي، لابد من الأرضية الفكرية والذهنية، بل وتعتبر أهم من أي شيء. هذه الأرضية التي تطلب تحقيقها في ذلك العصر ــ من عالم الإسلام ــ سنوات عديدة من العمل المتواصل، ذلك العمل الذي نهض به الإمام السجاد (عليه السلام) متحملاً أعباءه الجسيمة وتكاليفه الباهظة.



إلي جانب هذا، نجد في حياة الإمام السجاد (ع) بعض المساعي الاخري التي تدل في الواقع علي مدي تقدم الإمام في المجال المذكور.



والقسم الأعظم من هذه المساعي سياسي، وأحياناً شديد القساوة، وأحد نماذجه مواجهته، وكيفية تعامله مع العلماء التابعين، والمحدثين الكبار العاملين لصالح النظام الحاكم.



ولعل اكثر الابحاث المتعلقة بحياة الأئمة إثارة هو قضية تعامل الأئمة (عليهم السلام) مع حملة الفكر والثقافة في المجتمع الإسلامي، أي العلماء والشعراء.



فالأئمة كانوا يتحملون مسؤولية هداية الناس في أفكارهم وأذهانهم وأولئك كانوا يوجهون الناس إلي الوضع الذي يريده خلفاء بني أمية وبني العباس، والتسليم لأعمالهم.