بازگشت

ضرورة التشكيلات


نوع آخر من بيانات الإمام السجاد (ع) وهو أهم من البيانين الأولين وفيه يدعو الإمام وبكل وضوح الناس إلي ضرورة إيجاد تشكيلات خاصة، وبالطبع فإن هذه الدعوة موجّهة إلي أولئك الذين يتبعون أهل البيت (ع) وإلا لو كانت إلي غيرهم من عامة الناس لافشيت وأدّت إلي إيذاء الإمام وتعرضه للضغوط الصعبة. وبحمد الله يوجد من هذا النوع من البيانات نموذج في (تحف العقول).



يبدأ الإمام بهذه العبارة:



"إن علامة الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، تركهم كل خليط وخليل ورفضهم كل صاحب لا يريد ما يريدون".



وهذا تصريح بالدعوة إلي إيجاد تشكيلات شيعية. فهو (ع) يعرفهم أنه يجب عليهم الابتعاد عن أولئك الذين يخالفونهم في الدافع ولا يتبعون الحكومة العلوية وحكومة الحق.



وبالتأكيد ليكن هناك مراودة ومعاشرة، ولكن لتكن مثل ما حدث في إيران عندما كان الناس يعلمون أن البقال الفلاني عميل للسافاك أو أن ذلك الشخص يعمل مخبراً للنظام.



وهناك نوع آخر من بيانات الإمام لا يوجد فيها تلك المطالب الكلية التي أشرنا إليها مثل رسالة الحقوق. ففي هذه الرسالة التي كتبها الإمام لأحد الأشخاص يذكر حقوق الأفراد والأخوان علي بعضهم البعض؛ مثل حق الله عليك، وحق أعضائك وجوارحك وحق العين واللسان و.. كما يذكر حق حاكم المجتمع الإسلامي وحقك عليه.



وبدون أن يذكر الإمام اسم الحكومة والمواجهة والنظام، يبيّن خصائص الحكومة الإسلامية التي يمكن أن تتحقق في المستقبل.



ونوع آخر نجده في الصحيفة السجادية، وهذا الأمر يتطلب بحثاً مفصلاً ربما هو عمل أولئك الذين يعملون في هذا المجال.



فالصحيفة السجادية عبارة عن مجموعة من الأدعية في كافة المواضيع التي يلتفت إليها الإنسان الحي والواعي، وأكثرها في الروابط والعلاقات القلبية والمعنوية للإنسان. في هذه الأدعية والمناجات يحيي الإمام الدوافع نحو حياة إسلامية ويوقظ الناس إليها.



إحدي النتائج التي يمكن أن تحصل من الأدعية وقد ذكرناها مراراً هي إحياء الشعور السليم والصحيح في القلوب. فعندما تقولون: "اللهم اجعل عواقب أمورنا خيراً" فإن هذا الدعاء يحيي في قلوبكم ذكر العاقبة ويدفعكم للتفكر في المصير. فقد يغفل الإنسان أحياناً عن عاقبته، يعيش ولا يلتفت إلي مصيره، فإذا تلا هذا الدعاء يستيقظ فجأة إلي ضرورة تحسين عاقبته. أما كيف يتم ذلك فهذا بحث آخر. فقط أردت أن أضرب مثلاً حول الدور الصادق للدعاء. وهذا الكتاب المليء بالدوافع الشريفة للأدعية كافٍ لإيقاظ المجتمع وتوجيهه نحو الصلاح.



وإذا تجاوزنا ذلك، وجدنا روايات قصيرة وعديدة نقلت عن الإمام السجاد (ع)، منها ما ذكر سابقا:



"أوَ لا حرٌّ يدع هذه اللماظة لأهلها". انظروا كم هو مهم هذا الحديث، فالزخارف الدنيوية والزبارج كلها بقية لعاب الكلب لا يتركها إلا الحر. وكل أولئك الذين يدورون في فلك عبد الملك إنما يريدون تلك اللماظة. وأنتم أيها المؤمنون لا تنجذبوا إليها.



ونجد الكثير مثل هذه البيانات الثورية والملفتة للإمام (ع). وسوف نصل إليها فيما بعد إن شاء الله. لقد كان الإمام السجاد (ع) شاعراً، وشعره يحتوي علي معان مهمة سوف نذكرها في المستقبل إن شاء الله.