بازگشت

عاش العقيدة ثورةً


قل للعوائلِ في المدينةِ ميلي نحو العويلِ لفقدِ خيرِ معيلِ



دامي الفؤاد ـ تقطعت أحشاؤهُ فتقطعت اَحشاءُ كلِّ أَصيلِ



وتنكّرت قسماته وأحالها سم وإن السم شرُّ محيل



دمعي سكبت علي مربّي الجيل سحاً عليه فما شفيت غليلي



زين العباد وصفوة الله الذي لم تفصح الدنيا له بمثيل



ومفجِّع قد حلّ بعد مفجِّع شهرَ المحرمِ آهِ أي حلول



ترك الحسين علي الفرات مضرَّجاً ظامي يتوق لورده المعسول



وفجيعة السجّاد بين أحبّة ندبوه بالتكبير والتهليل



وبكوه للدنيا تطيب بظلّه وبكوه للاخري بكل عويل



* * *



ذاك الامام الفذ من فاق الوري بالجَد إنّ الجَد خبرُ رسول



ذاك الامام الفذ من فاق الوري بالاُم انّ الامَّ خير بتول



وبحسبه ان كان حيدر اصلهُ والفرع لا يرقي بغير اصول



وبحسبه ان فاق من وطئ الثري بالفقه والتنزيل والتأويل



وله من التاريخ كل معارف بالفكر دافقة دفيق النيل



وبحسبه قيلُ النبي المصطفي لو ادرك الحكام معني القيل



يوم القيامة سوف يدعي جهرة والخلق ماثلة أشد مثول



أين الفتي زين العباد فيالها اكرومة جلّت عن التمثيل



فكأنني أرنوا الي ولدي مشي بين الصفوف موفّر التبجيل



ذاكم علي بن الحسين وصيتي فيكم وهل أوصي بغير جميل(328)



أولي البرية في البرية كلها بقيادة عليا وبالاكليل



ليس القيادة في سياسة دربه غنماً لكل مخادع وضئيل



كلاّ ولا ملكاً عضوضاً زائغاً ألقي به الضلّيل للضلّيل



انّ القيادة كوكب متوهج في خطهِ الاسمي وشمس أصيل



دين النبي محمد منهاجها ودليلها أكرم بخير دليل



لاتبغي إلاّ الحق ليس يغوله كذب الشعار ولا المقال بِغُول(329)



لا تحكم الارحام في جنباتها ابداً ولا كان الهوي ببديل



* * *



يا ويلهم جعلوا قيادة حكمهم أرثاً وتوكيلاً الي توكيل



بين ابن هند لاعباً متفكّهاً بادي الضلال الي أحطّ سليل



عن ذي الكفاءة والمعارف والهدي عدلوا بها سَفَهاً لغير عدول



لو كان حاكمهم(330) اذن علم الوري نبل الحكومة في زمام نبيل



أو كان قائدهم اذن علم الوري علم المقدَّمِ ليس بالمفضول



انّ النبي محمداً لمّا يزل حياً وان الدين غير كليل



* * *



عاش العقيدة ثورة لا ثروةً ومحطة للكسب والتمويل



واذا المطامع حُكّمت أضحي الهدي ضرباً من التزمير والتطبيل



* * *



ومواقف مشهودة قد جاوزت مدح البليغ ورائعات قؤول



أوَ ليس في نادي الشآم كفاية اذ صار عزّ الملك شر ذليل



لمّا سما زين العباد بمنطق صعب الامور لديه جدّ ذلول



ولربّ نطق لا يقاس بقدره حدّ الحسام ولا فعال فَعول



لو كنت تعقل يا يزيد فجيعة اوقعتها ياويك(331) من مرذولِ



لتركت ألوان الاسرّة طائعاً وثويت في رمل هناك مهيل



وأكلت من نَبذ(332) الرماد مفارقاً رغد الحياة وطيّب المأكول



ودعوتَ بالويلات ممّا قد جنتْ كفّاك بابن المصطفي المأمول



وصرختَ كالثكلي اُصيب وحيدها يا للثبور لقاتل مقتول



* * *



مَن كان يعرفني فذاك ومَن له جهل فإني معلم لجهول



أنا مَن أنا زين العباد وفي الذي قد قلت ما يُغني عن التحصيل



ولقد طلعتُ عليكمُ بمحمد لو تعرفون مكانتي ومقيلي



ولقد طلعت عليكمُ بوصيّهِ خير الانام وملتقي التفضيل



أنا إبن اول من أجاب مسارعاً لله واستسقي هدي التنزيل



أنا إبن يعسوبِ الهداة ونور مَن قد جاهدوا والبِيض ذات فُلول



أنا إبن من قد كان جبريل له عوناً ومنصور(333) بميكائيل



أنا إبن مردي المشركين وقاصم الــ ـقوم الطغاة بسيفه المصقول



أنا إبن سهم من مرامي الله قد أودي البغاة وكرّ غير مَلولِ



قطّاعِ أصلابِ الرجال مفرّق الا حزاب للحرب العوان وَصولِ



سمحِ سخيّ لا يقاس به امرؤ طهر زكيّ صادق بهلولِ



وأشدِّ من شهد الحروب شكيمةً أسد الي الشوس الكماة عَجولِ



ليثِ الحجاز وكبشِ ابطال العرا ق وغيثِ كل جديبة ومحيل



فاذا يزيد يضجّ مما قاله خير الوري ويحيد كالمذهول



تلك السياسةُ بالشجاعة ركّبت فاذا هما كالصارم المسلول(334)



* * *



ويقول منهال بن عمرو كيف قد أمسيت بين إقامة ورحيل



فيقول أمسينا وربّ محمد ومثالنا فيكم بنو اسرائيل



ما بين فرعون اللئيم وحزبه يتخضبون من الدم المطلول



منهال أمسي العُرب قد فخروا علي مَن دونهم فخراً بغير عَذول(335)



وقريش أمسوا بُذّخاً بمحمد فخراً علي فخر هناك أثيل



ولنحن آل محمد وبنوه أو لي منهمُ طرّاً بكل جليلِ



عشنا العذاب ولم نزل مذ فقدهِ اُسراء غمّ ـ لا يطاقُ ـ مهولِ



ما بين مغصوب ومقهور ومقــ تولِ وبين مطرَّد معقولِ



* * *



وأتي المدينة لا يهاب مؤمَّراً أنيّ يهاب الذئبَ ليثُ الغيلِ(336)



أوَ ترهبون الفاسقينَ غشوْكمُ جوراً وبِيض الهندِ ذات صليل



قُتل الحسين فيالها من محنة كبري ورزء كالجبال ثقيل



قُتل الحسين ورأسهُ طافوا به في كل حَزن شامخ وسهول



قُتل الحسين وآلُهُ وَنساؤه اُسروا فمن لخفائر وشبول



من بعد ما قُرعت بأرماح العِدا نزلت بربع ليس بالمأهول



يا أيها الاقوام أيّ منكمُ من بعد قتله يرتوي بنهول



أم أي قلب بعده لم ينصدع أم أي عين لم تُصَب بهمول



يا أيها الاقوامُ شمسُ محمد ما بينكم قد آذنت باُفول



يا أيها الاقوام شرِّدنا بلا جُرم وطرّدنا بكفّ هزيل



والله لو ان النبيّ بقتلنا وبأسرنا أوصي ونيل ذحول(337)



ما زاد أقوام علي ما قد جنوا بحقوقنا وأتوا بكل وبيل



* * *



انظر رجالك يا محمد غودروا ما بين مسموم وبين قتيل



بعض يُشال علي الرماح وبعضهم فوق الكناسة باديَ التنكيلِ



في كربلاء ويوم فخ هاهمُ تجري دماؤهمُ كدفق مسيل



انا قد عهدتك سيدي دامي الحشا فاندبْ بدمع كالسحاب هطولِ



قتلوا علياً ذا الفخار ومثّلوا بحسين يوماً أيّما تمثيل



والمجتبي بالسم يقضي نحبه والعابد السجاد في تكبيل



والباقران معاً وموسي أصبحوا مثلاً لمكويّ الفؤاد عليلِ



وعليّ والفرد الجواد ونجله والعسكري قضوا بكل سبيل



أسروا بناتك آه أيّ مصيبة جلّت عن التمويه والتضليل



تلك المصائب بالجبال عدلتُها فتهافتت ومضوا بغير عديل



* * *



قدْ مُتَّ لكن لا تموت عبادةٌ صدعت فؤاد العاشق المتبول



قد مت لكن لا تموت سياسةُ بهرت عميقَ الفكر والمعقول(338)



* * *



وصحيفة ظلت طليعة ثورة كبري ودرب سياسة وحلول



وصحيفة كانت لال محمد انجيلهم لله من انجيل



وصحيفة ملء الكرامة صاغها ظل النبوة لانتشال الجيل



كالشمس في اعطائها والسيف في ضرباته لملفّق ودخيل



كالروض الا انها قد اورقت حراً وقراً دونما تعطيل(339)



محمود البغدادي







اللهم إن قدّرت لنا العمل بما نعلم فجنبنا العمل لغير وجهك فياويلنا أيكون العلم منك والعمل لغيرك.. فما أضلّ صفقة تاجر رأس ماله لمولاه، وربحه لسواه.



اللهم وان قدرت لنا العمل بما نعلم فجنبنا سوء التطبيق وعثرةالطريق..



فان سوء التطبيق من نكد العلم، وعثرة الطريق من شقاء العالم.



المؤلف

پاورقي

safadf



(328) اذا كان يوم القيامة نادي مناد من بطنان العرش: ليقم زين العابدين، فكاني انظر الي ولدي علي بن الحسين يخطر بين الصفوف. (تاريخ دمشق : مصورة، وكفاية الطالب / ص 448، وحلية الابرار 2 / 8 ومصادرها كثيرة).



(329) بغول: بداهية، بهلاك.



(330) أي لو كان الامام زين العابدين هو الحاكم.



(331) ياويك : ياويلك



(332) النبذ من الشي : القطعة منه.



(333) التقدير : وابنُ منصور.



(334) راجع خطبتهُ(عليه السلام) في موضوع «مع الحسين في الثورة الخالدة».



(335) عذول: لائم.



(336) راجع خطاب الامام زين العابدين(عليه السلام) في مشارف المدينة المنورة في فصل: مع الحسين في الثورة الخالدة ـ 3 ـ .



(337) ذحول: جمع ذحل وهو الثأر.



(338) المعقول: العقل وهو من استعمال اسم المفعول بمعني المصدر.



(339) وافق عدد ابيات القصيدة سنة وفاة الامام زين العابدين(عليه السلام)، وهي 94 للهجرة علي المشهور.