بازگشت

القدح بشخصية الامام


فاذا لم يكن في الترهيب انتصار لعبدالملك، واذا كان الترغيب والاغراء قد باءا بالفشل فان ثم لمحات يبدو للمترصد لها ان يستغلّها ايقاعاً بالطرف المقابل وقدحاً بشخصيته امام اعين الجمهور.. وفعلا كان لعبد الملك بالمدينة المنورة عين يكتب اليه باخبار ما يحدث فيها، وينقل له مجريات الامور. فكتب اليه ان علي بن الحسين اعتق جارية ثم تزوجها.



فكتب عبدالملك الي علي بن الحسين(عليه السلام):



اما بعد، فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت انّه كان في اكفائك من قريش من تمجد به في الصهر، وتستنجبه في الولد.



فلا لنفسك نظرت ولا علي من ولدت ابقيت. والسلام.



فاجابه(عليه السلام):



ليس فوق رسول الله مرتقيً في مجد، ولا مستزاد في كرم. انّما كانت ملك يميني، خرجت مني. اريد الله عزّوجلّ بامر التمست فيه ثوابه، ثم نكحتها علي سنّته. وقد رفع الله بالاسلام الخسيسة وأتمّ به النقيصة فلا لوم علي امرئ مسلم. انّما اللوم لوم الجاهلية.



فلمّا وصل الكتاب لعبدالملك قرأه ثم ناوله ولده سليمان فقرأه ثم قال له: يا امير المؤمنين لشدّما فخر عليك ابن الحسين، فقال: يا بني لا تقل ذلك فانّها ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر، وتغرف من بحر.



وتعليقاً علي ذلك قال عبدالملك لمن حوله: خبّروني عن رجل اذا اتي ما يصنع الناس لم يزده الاّ شرفا. قالوا: ذلك امير المؤمنين. قال: ما هو ذاك. قالوا: ما نعرف الاّ امير المؤمنين. قال: لا والله ما هو بأمير المؤمنين ولكنّه علي بن الحسين.



إذْ إن المعتاد عند المجتمع آنذاك ان الزواج من الاماء يضع المتزوج وينقص قدره.. امّا زين العابدين فقد تزوج امة كما يتزوج كثير من الناس ولكنّهم يتّضعون وهو يرتفع.. ويسمو.. مكانه. وهذا امر غريب يكاد ان يلحق بالمعجزات لان السبب واحد ـ الزواج من الاماء ـ ولكن النتيجة تختلف.. هؤلاء يتّضعون وهذا يرتفع. حتي كأن النتيجة لا تستند إلي مقدمة.



سبحانك يا رب ترفع من تشاء، وتضع من تشاء.



ان زواج زين العابدين(عليه السلام) من امة دليل من الادلة الوافرة علي نبله وتواضعه، وسجاحة خلقه، ونظرته الانسانية الصادقة واقتدائه بالرسول الاعظم(صلي الله عليه وآله وسلم) اذ قد تزوج امته صفية بنت حيي بن اخطب بعد إذ أعتقها، كما تزوج مارية القبطية. وما علي من استنّ بسنّة رسول الانسانية من سبيل. انّما السبيل علي من يستعلون علي طبقة المستضعفين من المجتمع وبها يستخفّون.



وبعد ان حكم عبدالملك في المدة ما بين رجب سنة (65هـ) الي النصف من جماي الاخرة سنة (86هـ) انتقل الي مثواه الاخير