بازگشت

معاوية الثاني


كان هذا علي خلاف سيرة ابيه (يزيد بن معاوية)، فلم يكن له استهانة بدماء الابرياء، ولا حرص علي الدنيا، او بغض لاهل الحق، بل لم يكن في قلبه شيء من ذلك.



ولقد رأي ما منيت به الامّة من قتل واضطهاد، وجور شامل، وما صنع اهل بيته بمكتسبات الامّة وآل الرسول(صلي الله عليه وآله وسلم).



وقد ولي الخلافة بعد ابيه وهو ابن ثماني عشرة سنة او اثنتين وعشرين سنة. ولم يكن طالباً لها بل اتته منقادة (تجرجر اذيالها).



فما ان وليها اربعين يوماً وقيل شهرين وقيل اكثر من ذلك حتي صمّم علي التنازل عنها، فجمع الناس وحمد الله واثني عليه ثم قال: ايها الناس اني نظرت بعدكم فيما صار اليَّ من امركم وقلّدته من ولايتكم فوجدت ذلك لا يسعني فيما بيني وبين ربي ان اتقدم علي قوم فيهم من هو خير مني واحقهم بذلك واقوي علي ما قلدته فاختاروا مني احدي خصلتين اما ان اخرج منها واستخلف عليكم من اراه لكم رضاً ومقنعا، ولكم الله علي ان لا آلوكم نصحا في الدين والدنيا، واما ان تختاروا لانفسكم وتخرجوني منها.



قال فأنف الناس من قوله وابوا من ذلك وخاف بنو امية ان تزول الخلافة منهم فقالوا: ننظر في ذلك يا امير المؤمنين نستخير الله فامهلنا. قال: لكم ذلك عجّلوا عليّ، قال: فلم يلبثوا بعدها حتي طعن، فدخلوا عليه فقالوا له: استخلف علي الناس من تراه لهم رضاً، فقال لهم: عند الموت تريدون ذلك، لا والله لا اتزودها، ما سعدت بحلاوتها فكيف اشقي بمرارتها ثم هلك(رحمه الله) ولم يستخلف احداً(303).



واورد اليعقوبي في تاريخه خطبة مغايرة لهذه بعض الشيء فمما جاء فيها: ثم قلد ابي وكان غير خليق للخير، فركب هواه، واستحسن خطأه... وقد قتل عترة الرسول واباح حرمه، وحرق الكعبة، وما انا المتقلد اموركم ولا المحتمل تبعاتكم فشأنكم امركم(304).



وقيل: انّه كان شيعياً امر الناس بالرجوع الي علي بن الحسين(عليه السلام)، وقال: ان هذا حق له.



وممّا ينسب اليه:



ياليت لي بيزيد حين انتسب اباً سواه وان ازري بي النسب



برئت من فعله والله يشهد لي اني برئت وذا في الله قد يجب

پاورقي





(303) ابن قتيبة الدينوري، الامامة والسياسة.



(304) اليعقوبي احمد بن ابي يعقوب. تاريخ اليعقوبي، دار صادر بيروت ج 2 / ص 254.