بازگشت

سياسة الالفاظ


ان الهيمنة علي سياسة الالفاظ وجعلها اداة طيّعة.. لمن ادلّ الادلّة علي القدرة البيانية المتفوقة، والبراعة السياسية.



البليغ البليغ من امتكلها، واحسن توجيهها. فاذا اراد المعني الواضح، والتعبير السلس ـ لسبب يقتضي ذلك ـ امكنته سياسة اللفظ من ذلك. وإذا اراد الاسلوب الجزل، والتركيب الفخم ـ لسبب يقتضي ذلك ـ امكنته أيضاً ممّا اراد. واذا رغب في تفصيل المطالب، وبسط المقاصد، لم تعصه السياسة المذكورة.



وان ارتأي ايداع المعاني الكثيرة، والمفاهيم الوسيعة، في اوعية صغيرة من الكلمات.. اطاعته السياسة اللفظية كما كانت تطيع الامام زين العابدين(عليه السلام)، تنفيذاً لامره، وإذعاناً لارادته.



لقد كان الامام زين العابدين(عليه السلام) ذا باع طويل... في ايراد قصار الكلمات التي تحظي باهمية خاصّة من حيث الكمية او من حيث الكيفية، كما ان فيها من جودة الحكمة، ودقة الرأي، وواقعية التفكير ورهافة الحس.. ما لا يبلغ شأنها ارباب كثيرون، يشارُ اليهم بالبنان، ويقام لهم و لا يقعد.. كلما ذكرت البلاغة واستعرض الفكر، وتجلّت الواقعية.



وان فيها ما اصبح امثالاً سائرة، ومواعظ مشهورة، وان كان الجهل في نسبتها اليه واضح عند اكثرية من يتمثلون بها، او يذكرونها في كتبهم.



ولقد احتضنها عاشقو الادب، ورجال الفكر والقلم، كما تحتضن الربي الورود، او كما تحتضن الهالة القمر.



ومن معالم السياسة البيانية عند الامام زين العابدين(عليه السلام)انه يأتي بالكلام المجيد، ويحسن القول بما ليس علي حسنه مزيد، سواء كان ذلك في الكلام الطويل، كعدد من رسائله وخطبه، وقسط وافر من ادعيته، او بالكلام القصير كجملة من ادعيته، ورسائله، وكذا كلماته القصار، وافكاره الوجيزة.



ان الاجادة الفائقة في طويل الكلام وفي قصيره، وفي مختلف الاغراض ليس بمقدور احد الاّ قليلاً من ائمة اصحاب البيان.