بازگشت

دفع آليّات الوعي السياسي


لقد ضم عصر الامام زين العابدين(عليه السلام) رجالاً كثيرين من الانتهازيين في كل زاوية من زوايا الخارطة السياسية للعالم الاسلامي.



ولقد قام السيناريو القيادي بالانتفاع من الامية السياسية وشبه الامية المنتشرة في المجتمعات علي اختلافها.



وعلي سبيل المثال نري الحجاج الثقفي وهو يجيد النصيحة والموعظة، وكان بليغا بارعا في الامر بتقوي الله تبارك وتعالي.



وهذا عبدالله بن الزبير يلجأ في حالة ضعفه الي البيت الحرام قائلاً : انا عائذ الله.



ولكنه في حالة القوة يضيّق الخناق علي اولياء الله..



واذا كان الناس علي دين ملوكهم... فسوف نعرف حجم الانتكاسة الروحية والاخلاقية، ومساحة الاستغلال السياسي لشتي العوامل المؤثرة والتي يمكن ان تكون وسيلة لخداع الجمهور. كما ان دراسة مفصلة اجتماعية وادبية للعصر الاموي، تزودنا بارقام مذهلة عن هذا التوجه المقيت.



ومن هذا المنطلق ندرك الاهمية السياسية والروحية البالغة لخطبة زين العابدين الانفة. ومن الخير ان نتساءل ـ من اجل دفع آليات اليقظة الروحية والوعي السياسي ـ هل كانت تعاليم الامام زين العابدين(عليه السلام) في حدود العصر الذي انتشر اريجها فيه؟ ان الجواب بالنفي هو الجواب المتحتم.



وفي خصوص الموضوع الذي نحن فيه لو سألنا الامام زين العابدين(عليه السلام)هل يختلف واقعنا المعاصر جوهريا عن الحقبة التاريخية التي كنت فيها؟



حقا انني احسّ من الاعماق ان الامام زين العابدين(عليه السلام) سوف يطرق برأسه، ويفتح عينيه ليصوّب نظراته السديدة الي الواقع المعاصر. ثم يطبق عينيه، وترتعش الحروف علي شفتيه متمتما :



لتركبنّ سنن من كان قبلكم.



ولعمري ان التاريخ يعيد نفسه.



بيد انه(عليه السلام) لا يكتفي باسداء النظرة التقييمية فحسب، بل يواصل الكلام، و يحدد المسؤولية قائلاً : اذا رايتم الرجل قد حسن سمته وهديه...



فاذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام. فرويدا لا يغرنّكم...



فذا وجدتم عقله متينا، فرويدا لا يغرنّكم...



ولكن الرجل.. كل الرجل.. نعم الرجل..



واخيراً لابد لنا من القول



ان تعاليم الامام زين العابدين(عليه السلام) سوف تظل ناهضة عبر العصور لا تؤثر فيها خناجر السنين.