بازگشت

المبررات السياسية والتاريخية


لقد كان لمخطط الامام زين العابدين(عليه السلام) في تحرير المماليك مبررات ودوافع روحية واخلاقية لا ريب فيها، ولكن بالاضافة الي ذلك فان له مبررات ودوافع سياسية وتاريخية ينبغي الالتفات اليها من خلال الامعان في هذه الوثيقة التاريخية الاتية.



وبالمقارنة بين الوثيقتين من وثائق التاريخ السياسي، الوثيقة التي تستعرض صنيع زين العابدين ومنهجه القويم في التعامل مع الارقّاء وتحريرهم، والوثيقة التي تستعرض استعباد القيادة السياسية للاحرار، يظهر اكثر من فارق جوهري بين مبدئية علي زين العابدين(عليه السلام) وسياسته واخلاقيته المثلي وبين مبدئية القيادة وسياستها واخلاقيتها.



كانت بنو أمية تبيع الرجل في الدَّين يلزمه وتري انه يصير بذلك رقيقاً، كان معن ابو عمير بن معن الكاتب حراً موليً لبني العنبر فبيع في دين عليه، فاشتراه ابو سعيد بن زياد بن عمرو العتكي، وباع الحجاج علي بن بشير بن الماحوز لكونه قتل رسول المهلَّب علي رجل من الازد.



وكانت بنو امية تختم في أعناق المسلمين علامة لاستعبادهم.



وبايع مسلم بن عقبة أهل المدينة كافة وفيها بقايا الصحابة واولادها وصلحاء التابعين علي ان كلاًّ منهم عبد قِنٌّ لامير المؤمنين يزيد بن معاوية، إلاّ علي بن الحسين(عليه السلام) فانه بايعه علي أنه اخوه وابن عمه ونقشوا اكف المسلمين علامة لاسترقاقهم(34).



لقد جاء مخطط الامام زين العابدين في تحرير المماليك في عصر كانت القيادة السياسية فيه تستعبد الاحرار ايَّما استعباد فكأن زين العابدين(عليه السلام) أراد من مخططه السياسي والانساني والرسالي أن يعكس لابناء عصره وللتاريخ معاً ان للانسان بما هو انسان قيمة عليا لا يصح أن يفرَّط فيها سواء كان رقاً أم حُرّا، واراد أن يثبت ـ بشكل قاطع ـ ان قيمة الرقيق في المنهج الاسلامي اسمي وأرفع بمراحل من القيمة التي يتوخاها طواغيت الحكام للاحرار من المسلمين.



(ان في هذا لبلاغاً لقوم عابدين)(35).

پاورقي





(34) المؤرخ والاديب والمتكلم ابن ابي الحديد (ت 656)، شرح نهج البلاغة 15 / 242 ـ ط. دار إحياء الكتب العربية.



(35) سورة الانبياء / الاية / 106.