بازگشت

بطأ


- البطوء بالضم: نقيض السرعه مصدر بطوء كقرب: اذا تاخر مجيئه و اصله تاخير الانبعاث في السير ثم استعمل في مطلق التاخر اي و ان تاخرت الاجابه عني.

- استبطاته: اعتقدته و رايته بطيئا و هو استفعال من البطوء بالضم.

- نستبطي ء اي نعد بطيئا فان من استعد للقاء حبيب او نحوه اذا تاخر عده بطيئا، و هكذا الذي يعمل صالحا بحيث يرجوا الثواب الكثير فانه كلما تاخر موته عده بطيئا لانه منتظر لجزاء عمله شائق الي لقاء اجره بخلاف من لا يعمل صالحا فانه يعد الموت سريعا لانه يخشي مغبه اعماله. (المغبه: عاقبه الشي ء).

- الابطاء: خلاف الاسراع يقال: ابطا الرجل اي تاخر مجيئه، و الامر و النهي هنا اما بمعنييهما المصدريين فيكون معني ابطات عنه و اسرعت اليه: ابطات عن امتثاله و اسرعت الي خلافه، او بمعني مامور به و منهي عنه كالخلق بمعني المخلوق و اللفظ بمعني الملفوظ فيكون المعني: ابطات عن فعله و اسرعت الي ارتكابه.

و مما هو جدير بالبحث هنا:

ان الاماميه رضوان الله عليهم اتفقوا علي عصمه الانبياء و الائمه عليهم السلام و اطبقوا علي انه لا يجوز عليهم شي ء من المعاصي و الذنوب صغيره كانت او كبيره لا قبل النبوه و الامامه و لا بعدهما.

ثم استشكلوا مع ذلك ما تضمنه كثير من الادعيه الماثوره عن الائمه عليهم السلام من الاعتراف بالذنوب و المعاصي و الاستغفار منها كما وقع في هذا الدعاء و غيره.

بل روي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم ما يشعر بذلك و هو: ما رواه ثقه الاسلام في الكافي بسنده عن ابي عبدالله عليه السلام ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان يتوب الي الله عز و جل كل يوم سبعين مره.

و اجابوا عن ذلك بوجوه:

احدها- حمله علي تاديب الناس و تعليمهم كيفيه الاقرار و الاعتراف بالتقصير و الذنوب و الاستغفار و التوبه منها. و هذا الجواب ضعيف جدا لانه من البعيد ان يصرف الامام عليه السلام عمره الشريف في مثله مع امكان التعليم بالقول.

الثاني- حمله علي التواضع و الاعتراف بالعبوديه و ان البشر في مظنه التقصير.

اورد السيد العلامه السيد جعفر آل بحر العلوم قدس سره في اسرار العارفين في شرح دعاء اميرالمومنين عليه السلام و هو الدعاء المروي عنه: المشهور بدعاء كميل ابن زياد هذا الجواب بعباره احسن و ابين من هذا الجواب و هو: ان العبد الممكن المتلوث بشوائب النقص و العجز قابل للتلبس بجميع المعاصي لو لا الالطاف الالهيه و قد اشير الي هذا في قول يوسف عليه السلام (ان النفس الاماره بالسوء الا ما رحم ربي) (يوسف: 53). و قوله تعالي (و لو لا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا) (الاسري: 74). و قوله صلي الله عليه و آله و سلم (اللهم لا تكلني الي نفسي طرفه عين) (ثم قال) لقد عد هذا الوجه مولانا المجلسي رحمه الله عليه من الالهامات الالهيه.

الثالث- ان الاعتراف بالذنوب و الاستغفار منها انما هو علي تقدير وقوعها، و المعني ان صدر مني شيي ء من هذه الامور فاغفره لي لما تقرر من انه لا يلزم من صدق الشرطيه صدق واحد من جزئيها.

الرابع- انهم يتكلمون علي لسان امتهم و رعيتهم فاعترافهم بالذنوب اعتراف بذنوب امتهم و رعيتهم و استغفارهم لاجلهم، لان كل راع مسئول عن رعيته، و انما اضافوا الذنوب الي انفسهم المقدسه للاتصال و السبب و لا سبب او كد مما بين الرسول او الامام عليهماالسلام و بين امته و رعيته الا تري؟ ان رئيس القوم اذا وقع من قومه هفوه او تقصير قام هو في الاعتذار عنهم و نسب ذلك الي نفسه و اذا اريد عتابهم و توبيخهم وجه الكلام اليه دون غيره منهم و ان لم يفعل هو ذلك و لا شهده و هذا وجه في الاستعمال معروف.

الخامس- ما ذكره الشيخ علي بن عيسي الاربلي في كتاب كشف الغمه قال رحمه الله: ان الانبياء و الائمه عليهم السلام تكون اوقاتهم مستغرقه بذكر الله تعالي و قلوبهم مشغوله به و خواطرهم متعلقه بالملاء الاعلي و هم ابدا متوجهون اليه و مقبلون بكليتهم عليه فمتي انحطوا عن تلك المرتبه العاليه و المنزله الرفيعه بالاشتغال بالماكل و المشرب و التفرغ للنكاح و غيره من المباحاه عدوه و اعتقدوه خطيئه فاستغفروا منه الا تري؟ ان بعض عبيد ابناء الدنيا لوقعد ياكل و يشرب و ينكح و هو يعلم انه بمراي ء سيده و مسمع لكان ملوما عند الناس و مقصرا فيما يجب عليه من خدمه سيده و مالكه فما ظنك بسيد السادات و مالك الاملاك؟

و الي هذا اشار صلوات الله عليه و آله بقوله (انه ليغان علي قلبي و اني لاستغفر الله بالنهار سبعين مره) و قوله (حسنات الابرار سيات المقربين) هذا ملحض كلامه و هو احسن ما تضمحل به الشبهه المذكوره.

و قال السيد العلامه السيد جعفر آل بحرالعلوم في اسرار العارفين: ان التكاليف انما هي بازاء النعم فكلما كانت النعمه علي العبد اتم كان تكليفه اشد من غيره و لذا كلفوا عليهم السلام بتكاليف شاقه و لا ريب في انه تعالي قد منحهم من النعم ما لم يمنحه غيرهم فهم يهمون بالشكر الذي هو ثمن النعمه و لم يطيقوه فيعدون انفسهم في مرتبه التقيصر و الذنب فيستغفرون منه.

روي عن عطا انه قال دخلت علي احدي زوجات النبي صلي الله عليه و آله فقلت اخبرني باعجب ما رايت من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فبكت و قالت و اي شانه لم يكن عجبا؟ انه اتاني في ليلتي فدخل معي في فراشي او قالت في لحافي حتي مس جلدي جلده ثم قال ذريني اتعبد لربي فقلت اني احب قربك فاذنت له فقام الي قربه ماء فتوضاء فلم يكثر صب الماء ثم قام يصلي فبكي حتي سالت دموعه علي صدره ثم ركع فبكي ثم سجد فبكي ثم رفع راسه فبكي فلم يزل كذلك حتي جاء بلال فاذنه بالصلوه فقلت يا رسول الله ما يبكيك و قد غفر الله ما تقدم من ذنبك و ما تاخر؟ قال افلا اكون عبدا شكورا؟ و لم لا افعل و قد انزل الله علي (ان في خلق السموات و الارض الايه) (آل عمران: 190).

و هذا يدل علي ان البكاء لا ينقطع منه ابدا.

روي انه مر بعض الانبياء بحجر صغير يخرج منه ماء كثير فتعجب فانطقه الله تعالي فقال منذ سمعت قوله تعالي (وقودها الناس و الحجاره) انا ابكي من خوفه فساله ان يجيره من النار فاجاره ثم راه بعد مده مثل ذلك فقال لم تبكي الان؟ فقال ذاك بكاء الخوف و هذا بكاء الشكر و السرور.

و قال ايضا في هذا السفر الشريف: ان مراتبهم عليهم السلام في معرفه الله تعالي و الاطلاع علي عالم الملكوت متجدده بتجدد الايام و الليالي متزايده آنا فانا فكلما ترقوا من مرتبه الي اخري عدوا تلك المرتبه السابقه ذنبا بالنسبه الي ما هم فيه انتهي.

و يمكن ان يكون جميع هذه الوجوه ملحوظه عند استغفارهم عليهم السلام. و الله اعلم.