بازگشت

الدعاء الملحون


اللحن هو الميل عن جهة الاستقامة و لحن في كلامه اذا مال عن صحيح النطق، و المراد به من لا يلاحظ الاعراب في كلامه، و قد ورد عن الجواد عليه السلام: «ان الدعاء الملحون لا يصعد الي الله عزوجل» [1] ، و يقرب منه قول الصادق عليه السلام: «نحن قوم فصحاء اذا رويتم عنا فأعربوها» [2] .

الظاهر صحة الدعاء و ان كان اللحن مغيرا للمعني، لان الملاك نية الداعي و الجزاء وقع علي النية، و لو وقع علي العمل يوجب الهلاكة، و المراد من الرواية انه لا يصعد الدعاء ملحونا الي الله يشهد عليه الحفظة بما يوجبه اللحن اذا كان مغيرا للمعني و يجازي عليه كذلك، بل يجازيه علي قدر قصده و مراده من دعائه.مع أنا نجد في ادعية اهل البيت عليه السلام الفاظا لا تعرف معانيها و ذلك كثير، فمنه اسماء و اغراض و حاجات، فنسأل عن الله بالاسماء و نطلب منه تلك الاشياء و نحن غير عارفين بالجميع، و لم يقل أحد أن مثل هذا الدعاء اذا لم يكن معربا يكون مردودا.

مع أن فهم العامي لمعاني الالفاظ الملحونة اكثر من فهم النحوي لمعاني دعوات غريبة لم يقف علي تفسيرها و لغاتها بل عرف مجرد اعرابها، بل الله يجازيه علي قدر قصده و يثيبه علي نيته.

و ايضا كثيرا ما نري من اجابة الدعوات غير المعربات، و كثيرا ما نشاهد من اهل الصلاح و الورع و من يرجي اجابة دعائهم لا يعرفون شيئا من النحو، و اذا لم يكن الدعاء مسموعا فلا فائدة فيه فلا يكون مأمورا به لانتفاء فائدته، و لا يتوجه الامر بالدعاء الا الي حذاق النحاة، بل النحوي ايضا ربما يلحن في بعض الادعية لافتقارها الي الاضمار و التقدير و الحذف و اشتغاله حالة الدعاء بالخشوع و التوجه الي الله تعالي عن استحضار أدلة النحو و قوانينه.

نعم ان الدعاء اذا لم يكن ملحونا كان ظاهر الدلالة في معناه، و الالفاظ الظاهرة الدلالة في معانيها أفضل من الالفاظ المتأولة، و ايضا فانه افصح و الفصاحة مرادة في الدعاء و خصوصا اذا كان منقولا عن الائمة عليهم السلام ليدل علي فصاحة المنقول عنه، و فيه اظهار لفضيلة المعصوم.

و يؤيد ما قلنا ما رواه الكليني عن الصادق عليه السلام انه قال: «قال النبي صلي الله عليه و آله: ان الرجل الأعجمي من امتي ليقرأ بعجميته فترفعه الملائكة علي عربيته» [3] .


پاورقي

[1] عدة الداعي: 23، كنز العمال 293:2 الرقم: 4041، عنهما العوالم 162:23.

[2] عدة الداعي: 23.

[3] الكافي 619:2.