بازگشت

اجابة الدعوات


ان الدعاء و السؤال لا ينفكان عن الاستجابة، و ان الله لا يخلف وعده، و ليس من صفاته ذلك، و تأخير عطاء المؤمن في الدعاء اما للمحبة او لموانع، و كذا اجور سائر اعماله في الدنيا و الاخرة، و الدعاء و سائر العبادات مؤثر في التكفير و رفع الذنوب و الموانع، فلابد من تطهير النفس من الذنوب و رفع الموانع، و ربما يكون التأخير للتربية و الاستدامة علي الطاعة، او لمحبة سماع الصوت، او لضرب آخر من المصالح، مضافا الي ما قلنا بأن مقصود اهل الله من الدعاء هو الله، و هم قد حصلوا مقاصدهم بكل حال، بل ذلك هو المقصود الاصيل لله سبحانه و تعالي من الدعاء من العباد.

و أما الكافر فهمه هواه و يستدرج باستغراقه فيه و لا نصيب له من الامور الباقية، و اذا لم يكن المسؤول من المؤمن صلاحا بل كانت فيه مفسدة فيستمع صوته و يؤثر دعاؤه في التكفير و يترتب عليه الاجر و ان لم بعط مسؤوله لما فيه من المفسدة.

ثم ورد في بعض الازمنة و الامكنة و الاحوال و غيرها استجابة الدعاء، فلها دخل في التأثير و الشفاعة في قبول الدعاء، فعلم مما ذكر أن عدم اعطاء ما سئل بلسان المقال او تأخيره لا ينافي الاستجابة، فيمكن الاعطاء و عدمها و العدم و تحققها، فيكون الاستجابة حينئذ بالاجر علي الدعاء و تكفيره للذنوب و غيرهما، و ان تأخر اعطاء المسؤول او تبدل بخير منه، او لم يعط اصلا لكونه فيه مفسدة.قال في عدة الداعي في سبب منع الاجابة:

«سبب منع الاجابة الاخلال بشروطها في طرف السائل، اما بان يكون قد سأل الله عزوجل غير متقيد بآداب الدعاء، و لا جامع لشرائطه - الي ان قال: - و اما ان يكون قد سأل ما لا صلاح فيه و يكون مفسدة له او لغيره، اذ ليس أحد يدعو الله سبحانه و تعالي علي ما توجبه الحكمة فيما فيه صلاحه الا اجابه، و علي الداعي ان يشترط ذلك بلسانه او يكون منويا في قلبه فالله يجيبه البتة ان اقتضت المصلحة اجابتها، او يؤخر له ان اقتضت المصلحة التأخير، قال الله تعالي: «و لو يجعل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي اليهم اجلهم» [1] ، و في دعائهم عليهم السلام: «يا من لا يغير حكمته الوسائل»، و لما كان علم الغيب منطويا عن العبد و ربما تعارض عقله القوي الشهوية و تخالطه الخيالات النفسانية، فيتوهم امرا فيه فساده صلاحا فيطلبه من الله سبحانه و يلح في السؤال عليه، و لو يعجل الله اجابته و يفعله به لهلك البتة، و هذا امر ظاهر العيان غني عن البيان كثير الوقوع، فكم نطلب امرا ثم نستعيذ منه، و كم نستعيذ من امر ثم نطلبه، و علي هذا خرج قول علي عليه السلام: «رب امر حرص الانسان عليه فلما ادركه ود أن لم يكن ادركه» [2] .


پاورقي

[1] يونس: 11.

[2] عدة الداعي: 22-21.