بازگشت

مناجاة السر


حين يغتر الانسان بنفسه.. يظلم، و يتعدي، و يراوغ، و يحسب أنه لم يفعل الا ما ينبغي له.

و مناجاة السر هي السبيل لتهذيبه؛ يختلي بنفسه، يفكر فيها، يحاسبها؛ و خير طريق لهذه المناجاة و المحاسبة أن يواظب علي قراءة أدعية «الصحيفة السجادية» - الأدعية التي تصل بمعانيها الي أعماق النفس - مع التوجه الي الله، و تدبر المعاني، و ملاحظة آداب الدعاء..

.. لتلمس الانسان مواقع الغرور و الاحترام في نفسه، و تعرفه سر العبادة، و لذة مناجاة الله تعالي، و تبعث فيه روح التضحية في سبيل الحق، و تلقنه ما يجب عليه أن يعمله لدنياه و آخرته، و يبعده عن المفاسد و الأهواء.

و كل هذه الأدعية مما أجري الله تعالي علي لسان قائلها - ع - حينما كان يخلو به سبحانه، و يذكره.

و عندما يهتدي الناس بما تثيره هذه الأدعية في معانيها العالية... ستنعدم المفاسد المثقلة بها الأرض؛ فالعيش في جو «الصحيفة السجادية» عند متابعة تلاوة أدعيتها واحدا بعد آخر.. ينقل الانسان من مرحلة جانبية الي مرحلة عالية جدا، و يشده ذاتيا و بفرح، و شعور بمسؤولية.. الي ما يقتضيه أن يسير عليه.

فهي.. مدرسة تربوية، تعد الانسان لاستثمار حياته و سعادة دنياه، و ضمان مستقبله في تلك الرحلة الرهيبة بعد الموت.

و «الصحيفة».. بعد.. كافلة لأنواع ما يحتاج الانسان أن يناجي به ربه، حسب مقتضي الأزمنة و الأحوال.. و راعية لأوقات استجابة الدعاء، و للأفعال التي يستجاب الدعاء بعدها، أو حين الاشتغال بها [1] .


پاورقي

[1] نقل عن ابن الجوزي في «خصائص الأئمة» أنه قال في حق سيد الساجدين ما محصله: ان علي بن الحسين زين العابدين - ع - ما حق التعليم في الاملاء و الانشاء و كيفية المكالمة و المخاطبة و عرض الحوائج الي الله تعالي، فانه لولاه لم يعلم المسلمون كيف يتكلموا معه سبحانه في حوائجهم، فان هذا الامام - ع - علمهم بأنه: متي ما استغفرت.. فقل كذا، و متي ما استسقيت.. قل كذا، و متي ما خفت من عدو.. قل كذا.. الخ.