بازگشت

صفات أخري للامام زين العابدين


كذلك كان عليه السلام بريئا من الرياء و التصنع، يعرف نفسه بنفسه، فلا يدعي ما ليس فيه، يحترم ذاته و يحترم الآخرين، متواضعا عن رفعة، زاهدا عن قدرة، منصفا عن قوة، ذا حكمة و سداد، اذا قال، قال حقا، و اذا وعد، وعد صدقا.

منحه الله تعالي سلامة الفطرة، و صفاء الحس، و نفاذ البصيرة، خلقه كان القرآن و شيمه شيم جده الأعلي محمد عليه و علي آله الصلاة و السلام.

فهو - كسائر فروع الدوحة النبوية الطاهرة - جمع كل مكارم الأخلاق و محاسن الصفات من الايمان القوي بالله، و الثبات علي المبدأ، و الترفع عن الدنايا، و العفو عند المقدرة.

و هذه المزايا كلها هي التي أحلت الامام السجاد عليه السلام المحل الأرفع، فثبت في معترك الحياة، و لم يعتمد علي أحد سوي الله، و وضع نصب عينيه عمل أشرف الخلق، جده رسول الله (ص)، و أصر علي الحق، و ان لم يجد له نصيرا، و آثر علي نفسه و لو كان به خصاصة، و احتقر الظلم، و ان حكم و تسلط، و قاوم الباطل، و ان ساد و تغلب، و حمل الناس علي محض الخير و ان جازوه الشر، و عمل الواجب للواجب و ان لم يكن فيه كبير فائدة، و كان في كل مراحل حياته انسانا، و ان خاصمه كل من حوله.

أما منطقه ففيه حلاوة، و فصاحته عليها طلاوة، و بلاغته أذهلت أرباب النهي، و جوامع كلمه مأثورة، و بدائع حكمه مشهورة، و أما رجاحة عقله، فكانت تتجلي واضحة لكل من يتتبع مواقفه في جميع حالاته، في الرضا و الغضب، في الشدة والرخاء مع الصديق و العدو علي السواء.

اذ كان عليه السلام مجبولا علي الأخلاق الكريمة في أصل خلقته الزكية النقية، لم يحصل له ذلك برياضة نفس بل بعطاء الهي و لهذا فانه ما كادت تشرق أنواع المعارف في قلبه حتي وصل الي الغاية العليا و المقام الأسمي الذي لم يتفوق أحد عليه في عصره.

فحسبه أنه امتاز بالخلق الرفيع و المثل النبيلة طيلة أيام حياته، فقد كان الانسان الذي يفيض صدره بالرحمة و الحنان لكل من جلس اليه أو أسمعه شكواه، و كان الرجل الذي تمثلت فيه كل خلال الرجولة، فلم يتنكب المروءة يوما، و لم يقصر عن نداء النجدة، و كان المؤمن الذي يعلن ثقته بالله و اعتماده علي الله في كل خطب أو مصيبة.