بازگشت

امن


- الامن: عدم الخوف و طمانينه النفس يقال: امنه و امن منه من باب تعب امنا و امانا: اذا سكت نفسه منه و لم يخش ضررا.

و المعني: انا الذي خاف عبادك فلم يعص امامهم و لم يخف منك و عصاك.

- امن يامن امنا: اطمئن. اي يطمئن عدوي من ظلمي و جوري.

- آمن، انما يقال علي وجهين:

احدهما- متعديا بنفسه، يقال: آمنته اي جعلت له الامن، و منه قيل لله مومن.

و الثاني- غير متعد معناه: صار ذا امن. و الواو من قوله (و من يومنني) استينافيه، و في قوله (و انت اخفتني) حاليه و من للاستفهام الانكاري و المعني فيه علي النفي و ما بعده منفي اي لا يومنني منك احد و الحال انك المخيف لي.

- (لا يومن الا غالب علي مغلوب) اي لا ينفذ الا امان الغالب علي المغلوب.

- اي الشيطان يومننا عقابك.

من عداوه الشيطان للانسان انه يعده الامان من عذاب الله و عقابه و ذلك منه علي وجوه:

فمنهم- من يعده انه لا قيامه و لا حساب و لا جزاء و لا عقاب.

و منهم- من يحمله علي اعتقاد ان الوعيد علي السن الرسل من باب مجرد التخويف و لا عقاب في الاخره.

و منهم- من يحمله علي فعل المعاصي و يقول ان الله غفور رحيم فيمنيه المغفره حتي تخرج من الدنيا و لا حسنه له و يسول له ان ذلك من حسن الظن بالله، و كذب لو احسن الظن به لا حسن العمل له، و من عداوته انه يخوف لغير الله.

فمنهم- من يخوفه قهر الاوثان و غضبها في ترك عبادتها و يامرهم بالاخلاص فيها.

و منهم- من يخوفه باس الاعداء فيثبطه عن الجهاد في سبيل الله.

و منهم- من يخوفه الفقر فيمنعه من الصدقات و ايتاء الزكوه الي غير ذلك.

قال بعضهم: ان قيل كيف يومننا و يخوفنا و نحن لا نشاهده و لا نسمع كلامه؟

قلنا: ذلك عباره عن وسوسته بالامان و الخوف كما تقول نفسي تخو فني بكذا و هو ظاهر قوله عليه السلام (في هذا الدعاء): (ان هممنا بفاحشه شجعنا عليها و ان هممنا بعمل صالح ثبطنا عنه) كما ياتي في محله انشاء الله.

- ائتمن فلانا علي كذا: اتخذه امينا عليه، اي لا يزيدون و لا ينقصون فيما يحملون من الوحي.

- الايمان: افعال من الامن الذي هو خلاف الخوف ثم استعمل بمعني التصديق فالهمزه فيه اما للصيروره كان المصدق صار ذا امن من ان يكون مكذبا، او للتعديه كانه جعل المصدق آمنا من التكذيب و المخالفه، و يعدي بالباء لاعتبار معني الاقرار و الاعتراف نحو (يومنون بالغيب) (البقره: 3). و باللام لاعتبار معني الاذعان نحو (ما انت بمومن لنا) (يوسف: 17). هذا معناه اللغوي.

و اما في الشرع: هو التصديق بالله و رسوله و بما جاء به اجمالا و الولايه لاهلها، لدلاله الايات و الاخبار عليه نحو قوله تعالي (اولئك كتب في قلوبهم الايمان) (المجادله 22. قال الشريف الرضي معناه انه ثبته في قلوبهم و قرره في ضمائرهم فصار كالكتابه الباقيه و الرقوم الثابته). (و لما يدخل الايمان في قلوبكم) (الحجرات 14). (و قلبه مطمئن بالايمان) (النحل: 106). دلت علي ان امر قلبي.

و قوله تعالي (و ان طائفتان من المومنين اقتتلوا) (الحجرات: 9). و (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي) (البقره: 178). و (الذين آمنوا و لم يلبسوا ايمانهم بظلم) (الانعام: 82). دل اقتران الايمان بالمعاصي فيها: علي ان العمل غير داخل في حقيقته. و قوله تعالي (و الذين آمنوا و عملوا الصالحات) (البقره: 82). دل علي التغاير فان العمل ليس داخلا فيه لان الشي ء لا يعطف علي نفسه و لا الجزء علي كله.

و قول الرسول صلي الله عليه و آله و سلم: يا معشر من اسلم بلسانه و لم يخلص الايمان الي قلبه لا تذموا المسلمين.

و قول الصادق عليه السلام: الايمان: ما قر في القلوب و الاسلام ما عليه المناكح.

و قوله عليه السلام: يبتلي المومن علي قدر ايمانه و حسن اعماله. دلت علي محليه القلب للايمان و مغايريه للعمل، علي ان كون الايمان عباره عن التصديق المذكور لا يفتقر الي نقله عن معناه اللغوي الذي هو التصديق مطلقا لان التصديق المخصوص فرد منه بخلاف ما اذا كان المراد غيره من المعاني المذكوره فانه يستلزم النقل و هو خلاف الاصل، و لو كان منقولا لتبين للامه نقله بالتوقيف كما تبين نقل الصلوه و الزكوه و نحوهما و الا اشتهر اشتهار نظائره بل هو كان بذلك اولي.

و قوله عليه السلام (بلغ بايمابي اكمل الايمان) الباء من قوله «بايماني» زائده للتاكيد و هي كثيرا ما تزاد في المفعول نحو (و لا تلقوا بايديكم الي التهلكه) (البقره: 195). و (و هزي اليك بجذع النخله) (مريم: 25).

و معني هذه الجمله من الدعاء يحتاج الي البحث في ان الايمان هل يقبل الزياده و النقصان ام لا؟

من اراد الاطلاع علي هذا البحث فعليه بمراجعه رياض السالكين او تلخيص الرياض او غير هما و لكن لا باس بايراد كلام نفيس في الايمان نقله السيد الشارح في رياض السالكين من بعض محققي المفسرين قال ما هذا نصه:

لبعض محققي المفسرين كلام نفيس في الايمان لا باس بايراده هنا لكمال تعلقه بالمقام قال: ان للايمان:

وجودا في الاعيان.

و وجودا في الاذهان.

و وجودا في العباره.

و لا ريب ان الوجود العيني لكل شي ء هو الاصل و باقي الوجودات فرع و تابع فالوجود العيني للايمان هو النور الحاصل للقلب بسبب ارتفاع الحجاب بينه و بين الحق جل ذكره (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور) (البقره: 257).

و هذا النور قابل للقوه و الضعف و الزياده و النقصان كساير الانوار (و اذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا) (الانفال 2).

كلما ارتفع حجاب ازداد نور فيتقوي الايمان و يتكامل الي ان ينبسط نوره فينشرح الصدر و يطلع علي حقايق الاشياء و تتجلي له الغيوب و غيوب الغيوب و يعرف كل شي ء في موضعه فيظهر له صدق الانبياء عليهم السلام و لا سيما محمدا خاتم النبيين صلوات الله عليه و علي آله الطاهرين في جميع ما اخبروا عنه اجمالا او تفصيلا علي حسب نوره و بمقدار انشراح صدره و تنبعث من قلبه داعيه العمل بكل مامور و الاجتناب لكل محظور فينضاف الي نور معرفته الاخلاق الفاضله و الملكات الحميده (نورهم يسعي بين ايديهم و بايمانهم (التحريم: 8). (نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء). (النور: 35).

و اما الوجود الذهني: فملاحظه المومن لهذا النور و مطالعته له و لمواقعه.

و اما الوجود اللفظي فخلاصته ما اصطلح عليه الشارع شهاده ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله و لا يخفي ان مجرد التلفظ بقولنا: لا اله الا الله محمد رسول الله من غير النور المذكور لا يفيد الا كما يفيد العطشان التلفظ بالماء الزلال، الا ان التعبير لما لم يتيسر الا بواسطه النطق المفصح عن كل خفي و المعرب عن كل مشتبه كان للتلفظ بكلمه الشهاده و لعدمه مدخل عظيم في الحكم بايمان المرء و كفره فصح جعل ذلك و ما ينخرط في سلكه من العلامات كعدم لبس الغيار (الغيار بالكسر: شي ء يشبه الزنار). و شد الزنار دليلا عليهما و تفويض امر الباطن الي عالم الخفيات علي السرائر و النيات انتهي.

- الاماني بالتشديد و قد يخفف جمع امنيه و هي اسم من تمني الشي ء: اذا طلب حصوله ممكنا كان او ممتنعا.

و قد يطلق علي حديث النفس بما يكون و ما لا يكون، و المراد باماني الشيطان: الاهواء الباطله التي يلقيها في قلب الانسان فيمنيه طول البقاء و انه ينال من الدنيا مقصوده و يستولي علي اعدائه و يشوش بذلك فكره في استخراج الحيل الدقيقه و الوسائل اللطيفه في تحصيل مطالبه الشهويه و الغضبيه فيصده عن الطاعه و يلقيه في المعصيه و تسويف التوبه.