بازگشت

نهج البلاغة و أدعية الأئمة السابقين


انها مسيرة الطاهرين المطهرين المتحدرين من أهل البيت هم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجسن و طهرهم تطهيرا في محكم كتابه و جعلهم أئمة يهدون بأمره لما صبروا لتتصل مسيرة الامامة بمسيرة النبوة و تكون العترة توءم الكتاب كما في نص حديث الثقلين الذي يوصي فيه الرسول الأمة بهذين الحبلين المتضافرين اللذين تركهما لها لتتمسك بهما فتأمن من مزلات الضلال (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي).

ليحافظ بهما علي الاسلام و لتقدم للبشرية قيادة معصومة تتناغم مع معصومية القرآن و الرسول و تستمر الي يوم القيامة و كما في الحديث نفسه (و ان اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض).

و قد كان لهولاء قصب السبق في جمال ايمانهم و أخلاقهم و أفعالهم و الي جانب ذلك في جمال بيانهم و كما يقول علي عليه السلام (و انا لأمراء الكلام فينا تنشبت عروقه و علينا تهدلت غصونه) و من هنا و سمت كلمات الامام علي عليه السلام و خطبه و رسائله بنهج البلاغة و شهد لها خصوصه فهذا معاوية يقدم عليه أحد أتباعه من الكوفة فيسأله من أين جئت فيقول: جئتك من عند أعيا الناس، فيرد عليه معاوية قائلا: و يحك فوالله ما سن الفصاحة لقريش غيره.

و هذا الكاتب الذي قيل فيه: «بدئت الكتابة بعبد الحميد و ختمت بابن العميد» يقول: (ما بلغت ما بلغت حتي حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلح فغاصت ثم فاضت).

و قد حفظت للامام علي عليه السلام أدعية ذات أفق سام رفيع هي في الذروة من الجمالية الدعائية و منها دعاء كميل الذي علمه تلميذه كميل بن زياد و منه قوله: (يا سيدي يا من عليه معولي يا من اليه شكوت أحوالي يا رب يا رب يا رب. قو علي خدمتك جوارحي و اشدد علي العزيمة جوانحي وهب لي الجد في خشيتك و الدوام في الاتصال بخدمتك حتي أسرح اليك في ميادين السابقين و أسرع اليك في المبادرين و أشتاق اليك في المشتاقين و أدنو منك دنو المخلصين و أخافك مخافة الموقنين وأجتمع في جوارك مع المؤمنين). و المناجاة الشعبانية التي رواها ابن خالويه و قال عنها الامام الخميني (رض) انها مما لا ينهض بتفسيره الا عارف كامل و منها:

(الهي أقمني في أهل ولايتك مقام من رجا الزيادة من محبتك الهي و ألهمني و لها بذكرك الي ذكرك و اجعل همتي في روح نجاح أسمائك و محل قدسك الهي بك عليك الا ألحقتني بنور عزك الأبهج حتي أكون لك عارفا و عن سواك منحرفا).

و منها (الهي هب لي كمال الانقطاع اليك و أنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها اليك حتي تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل الي معدن العظمة و تصير أرواحنا معلقة بعز قدسك).

و دعاء الصباح و منه (يا من دل علي ذاته بذاته و تنزه عن مجانسة مخلوقاته و جل عن ملاءمة كيفياته يا من قرب من خطرات الظنون و بعد عن لمحات العيون و علم ما كان قبل أن يكون).

و للامام الحسين عليه السلام و هو أبو الامام زين العابدين عليه السلام في الدعاء

نفحات ما أجملها منها ما جاء في دعاء عرفة: (الهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني اليك كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدل عليك و متي بعدت حتي كانت الآثار هي التي توصل اليك عميت عين لا تراك عليها رقيبا و خسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا).

و من فقرة من دعاء عرفة للامام زين العابدين عليه السلام في ذكر الأئمة من أهل البيت عليهم السلام: (رب صل علي أطايب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك و جعلتهم خزنة علمك و حفظة دينك و خلفاءك في أرضك و حججك علي عبادك و طهرتهم من الرجس و الدنس تطهيرا بارادتك و جعلتهم الوسيلة اليك و المسلك الي جنتك).

و من فقرة أخري من الدعاء نفسه (اللهم انك أيدت دينك في كل أوان بأمام أقمته علما لعبادك و منارا في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك و جعلته الذريعة الي رضوانك و افترضت طاعته و حذرت معصيته و أمرت بامتثال أوامره و الانتهاء عند نهيه و ألا يتقدمه متقدم و لا يتأخر عنه متأخر فهو عصمة اللائذين و كهف المؤمنين و عروة المتمسكين و بهاء العالمين).