بازگشت

صدقة السر (الضمان الاجتماعي)


جنح بالصدقة الي اتجاه أشد انسانية، أراده صدقة سر لأنها تحفظ، كرامة الفرد، بعيدا عن اذلاله، و تمحو كبرياء المتصدق، فتتلاشي الفوارق الطبقطية في المجتمعات، كثف صدقة السر، فصارت حركة متطورة في تاريخ المجتمعات، انه الضمان الاجتماعي الذي يكفل شريحة معوزة في المجتمع... حشد من الروايات في حشد من المصادر قالت: «أحصي بعد موت زين العابدين عدد من كان يقوتهم سرا، فكانوا نحو مئة بيت» [1] مئة بيت قد تعدل خمس بيوت المدينة يومها ما وجدت قوتها، فضمنها زين العابدين و أعطاها سرا ما يكفلها و يزيح عنها العوز..

ان الصور التي برزت فيها صدقة السر مع الامام متعددة الوجوه، كان يرسمها يوميا بأنامل سخية، ألوانها الفرح، و اطارها عتمة الليل، عرفها الليل، و قليلا ما عرفها النهار فاضح الأسرار، النهار يأكل ألواناه الزاهية: لذلك منعها الامام عنه... و قال: «ان الصدقة في سواد الليل تطفي غضب الرب» [2] . كان أهل المدينة يقولون: «ما فقدنا صدقة السر الا بعد موت زين العابدين»، و قال محمد بن اسحق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معايشهم و مآكلهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ما كانوا يؤتون به ليلا الي منازلهم» [3] لقد أطعمهم، رفع عنهم الفاقة، و العوز، ذهب اليهم، وعف عن الاتيان اليه، أو الي غيره، كفاهم أن يمدوا يدهم، أعطاهم دون أن يجعل يدهم هي السفلي... ألغي الفقر و الجوع و التسول من مجتمع المدينة... منحهم المحبة، و أعطاهم الزغيف، وصان كرامتهم فكان انسانا متفوق الانسانية في كل تصرفاته..


پاورقي

[1] ابن عساكر: 238 / 17.

[2] حليلة الأولياء: 137 / 3.

[3] ابن عساكر: 239 / 17.