بازگشت

الدعاء و العبادة


يقول الله سبحانه في قرآنه الكريم:(و قال ربكم ادعوني أستجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) (غافر / 60) و يقول مولانا السجاد عليه السلام في الصحيفة السجادية في تفسير كلمة (داخرين) مخاطبا الله سبحانه و تعالي: «فسميت الدعاء عبادة، و تركه استكبارا و توعدت علي تركه دخول جهنم داخرين» (الصحيفة السجادية، دعاء / 45)، فالعلة تناسب المعلول، و لابد أن يكون الدعاء عبادة.

و العبادة تصدر عن مناحي ثلاثة و هي: اما خوفا من النار، أو شوقا الي الجنة، أو حبا لله سبحانه و تعالي، فالانسان الكامل جامع لهذه المراتب الثلاث، و الصحيفة السجادية علي مناحي و درجات و طرق و شعب، بعض أدعيتها رهبة من النار، و بعضها الآخر رغبة في الجنة، و بعضها حب لله و شكر له سبحانه و تعالي. و الامام السجاد عليه السلام حيث انه انسان كامل، فالكامل هو الجامع للخوف من النار أولا، و للشوق الي الجنة ثانيا، و للحب و الشكر ثالثا، لأن هذه المراتب طوقية. فمن كان في المرتبة الثالثة فهو واجد للمرتبتين المتقدمين.

و الذي قاله مولانا علي عليه السلام: (ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، و ان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، و ان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار) حكمة رقم 229، من نهج البلاغة.

و الدعاء عبادة كسائر العبادات، و العبادة وسيلة للتقرب الي الله سبحانه و تعالي، و قد أمرنا سبحانه و تعالي بالتوسل و ابتغاء الوسيلة حيث قال جل و علا: (و ابتغوا اليه الوسيلة) (المائدة / 35) كل ما يقربنا الي الله عزوجل هو وسيلة، فالصلاة وسيلة و الصيام وسيلة، صلة الرحم وسيلة، الحج و الجهاد وسيلة، و كل عبادة وسيلة.

فالدعاء اذن وسيلة، لكن الوسيلة ليس لها الا أن تجري و تعبر و تسير علي الصراط، المستقيم، فما هو الصراط المستقيم؟ قد بين لنا الامام السجاد عليه السلام ذلك اذ قال: (الصراط المستقيم هي الحكمة) لأن الله سبحانه و تعالي علي صراط مستقيم كما جاء (ان ربي علي صراط مستقيم) (هود / 56) و الصراط، المستقيم الذي تجري أمور الله سبحانه و تعالي عليه ليس الا الحكمة.

فالدعاء وسيلة، و الوسيلة لابد أن تكون مناسبة للصراط، لا مخالفة له لذا قال مولانا السجاد عليه السلام في الصحيفة السجادية (يا من لا تبدل حكمته الوسائل) (من الدعاء رقم / 12) و الصحيفة السجادية مليئة بالمعرفة و الحكمة و الآداب و تلك هي المعرفة، و الدعاء الذي يخالف الحكمة لا يكون وسيلة و عبادة، و لا يستجاب له.