بازگشت

من هو الموحد


و أما العنصر الثاني و هو (الموحد) فهو الانسان الكامل، و الانسان كما قيل قديما هو الحيوان الناطق، و في القرآن هو الحي المتأله و لذلك بحث خاص و أما الانسان في الصحيفة السجادية فهو الحي الحميد أي الذي تكون حياته ذائبة في أمره سبحانه و تعالي و يعرج الي الله سبحانه و تعالي بحيث يشعر أنه محتاج و أن غيره محتاج و يري أن طلب المحتاج سفه، و لذا فلا يطلب من غير الله سبحانه و تعالي، فاذا طلب الي الله و استجيبت دعوته يحمد الله، فالانسان دائم الحاجة له سبحانه و تعالي. و في الصحيفة أدعية وافرة في ذلك. الدعاء الأول (دعاء التحميد) و لولا أن الله علمنا و هدانا و أدبنا في كيفية الحمد لكنا متصرفين بنعمه من غير أن نكون حامدين و صرنا مشمولين بقوله: (.. ان هم الا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) (الفرقان / 44) فالانسان في الصحيفة السجادية هو الحي الحميد الذي يعلم أن جميع النعم من الله سبحانه و تعالي، و علي المتنعم أن يذكر نعم ربه و يشكرها. و الذي يتصرف بنعمه بالعصيان فليس بانسان، و الذي سيتصرف بنعمه سبحانه و لا يحمده فليس بانسان، والذي يتصرف بنعمه بما يرضاه الله و يرضاه الرسول و يشكر الله سبحانه و تعالي فهو الانسان، و من فرط، بالحمد فقد خرج من حدود الانسانية الي حدود البهيمية و أنتم تعلمون أن الانسان الذي يخرج من الانسانية الي البهيمية فان حجة الله عليه بالغة فله قلب لا يفقه به، و من بداية القرآن و حتي نهايته لا تجدون آية تدل علي أن الانسان لا قلب له علي النحو السلبي و أنتم تفرقون بين ما هو سلبي و ما هو ايجابي، فقد فقول في السلب ليس لديه قلب، و أما في الايجاب فنقول (لزيد قلب لا يعقل) فلا تجدون آية تدل علي سلب العقول، فالله يقول (.. لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم أعين لا يبصرون بها و لهم آذان لا يسمعون بها اولئك كالأنعام بل هم أضل اولئك هم الغافلون) (الأنعام / 179) فهذه هي الحجة البالغة لأن من له يد و رجل ليس عليه حرج، فمن كانت له يد لا يبطش بالعدو بها، و له رجل لا يمشي بها في طريق الخير، فحجة الله عليه بالغة.

و قال السجاد عليه السلام (حجة الله عليهم بالغة) لأن لهم قلوبا لا يفقهون بها و قد غرتهم الحياة الدنيا، و قد قال الله سبحانه و تعالي (و أن استقاموا علي الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا) (الجن / 16) فعلينا أن نستقيم، و قال رسول الله (ص) لأبي ذر: (يا أباذر ان الدعاء ملح الطعام) فاذا كنا نحسن الطعام بقليل من الملح، فعلينا أن نحسن الطاعة و أن نضيف اليها الدعاء.

و نحن مرتكبون للمعاصي و الله منزل الرحمة و في دعاء ختم القرآن في الصحيفة السجادية (اللهم صل علي محمد و آله و هون بالقرآن عند الموت عن أنفسنا كرب السياق، و جهد الأنين... اذا بلغت النفوس التراقي و قيل من راق؟ و تجلي ملك الموت لقبضها من حجب الغيوب... و صارت الأعمال قلائد في الأعناق...) أي أن العمل السي ء يصير غلا علي العباد، فاذا أذنبنا صرنا مدينين و علي المديون أن يرهن و علي الدائن أن يرتهن، و الرهن هو النفس (كل نفس بما كسبت رهينة) (المدثر / 38) (كل امري بما كسب رهين) فالدعاء يفك هذا الرهن.

قال النبي الكريم (ص) عند استقبال شهر الله المبارك (فاعملوا أن ظهوركم ثقيلة بأوازكم فخففوها باستغفاركم و أن أنفسكم رهينة بذنوبكم ففكوها باستغفاركم) فهذه الصحيفة السجادية وصفة الهية لشفاء الأمراض فعلينا أن ندعو بهذه الأدعية و نعد بمضامينها حتي نفك أنفسنا من الرهن.