بازگشت

الحاجة الي الله


و لأن الانسان محتاج و لا يمكن انكار ذلك، فأما الملحد فيلوذ بغير الله سبحانه و تعالي، و أما الموحد فلا يلوذ الا بالله، و أما المشرك فيلوذ بالله تارة و تارة الي غيره، قال سبحانه في سورة يوسف الآية 106: (و ما يؤمن أكثرهم بالله الا و هم مشركون) أي أن أكثر المؤمنين مشركون حيث يقولون لولا فلان لهلكت، و يقولون الله هو الأول و الطبيب هو الثاني. و أما الموحد الخالص و هو الذي أدبه الامام في الصحيفة السجادية يدرك حاجته أولا و يفهم من هو الغني ثانيا و كيف الوصول اليه ثالثا (و رأيت أن طلب المحتاج سفه من رأيه و قلة من عقله) (الصحيفة دعاء / 28) فلو طلب الانسان من الانسان لكان سفيها حيث قال سبحانه: (و من يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه...) (البقرة / 130) فابراهيم الخليل هو الموحد الخالص، و قال تعالي: (و الذي هو يطعمني و يسقين، و اذا مرضت فهو يشفين) (الشعراء / 80 - 97) فالمؤمن يري جميع المآثر و الآثار من صنع الله سبحانه و تعالي.

قال السجاد عليه السلام في بيان الموحد (و اعصمني من أن أظن بذي عدم خساسة و صاحب ثروة فضلا، فان الشريف من شرفته طاعتك و العزيز من أعزته عبادتك (الصحيفة دعاء / 35). لأن صاحب الثروة قبل بالتكاثر و الفضيلة هي الكوثر. فالدعاء فكرة و كلام و أدب مع الله. فلا شرف الا بالطاعة و لا عزة الا بالعبادة، حيث أن هذه المآثر القيمة قبس من القرآن الكريم، فقد قال عليه السلام (اللهم اهدني للتي هي أقوم) حيث قال سبحانه: (ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) (الاسراء / 9) فدعاء السجاد يعني أن يكون الداعي عارفا بالقرآن عاملا بأحكامه.

فاذا كان الداعي مهتديا بالقرآن و معصوما من أن يظن بذي عدم خساسة و بذي صاحب ثروة فضلا، و طلب الي الله طلب المحتاج يصبح ممن يستحق أن يدعو الله بهذا الدعاء و يقول: (وهب لي نورا أمشي به في الناس) (الصحيفة دعاء / 22) حيث أن الله سبحانه و تعالي يقول: (و جعلنا له نورا يمشي به في الناس..) (الأنعام / 122).

فالعلم العامل اذا مشي في بلد أو قرية فانه مصباح متحرك. فالعالم الذي لا يغير رؤيته و لا يؤثر مجلسه و مصاحبته فلا يؤثر لفظه. (فمن لا ينفعك لحظه لا ينفعك لفظه) فالذي يؤثر لحظه و لفظه هو النور الماشي في الناس. و قال مولانا السجاد (وهب لي نورا أمشي به في الناس) و قال (هب لي معالي الأخلاق) و هذا و نحوه مما يرجع الي العنصر المحوري الأول، أي ما هو التوحيد.