بازگشت

اسماعيل ابن الامام الصادق (ت / 133 ه)


و اليه تنسب الفرقة الأسماعيلية.

ذكر الشيخ المفيد (ت / 413 ه) للامام الصادق عليه السلام عدة أولاد، أولهم: اسماعيل، و قال:

«و كان اسماعيل أكبر اخوته، و كان أبوعبدالله عليه السلام شديد المحبة له و البر به و الاشفاق عليه، و كان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه و الخليفة من بعده؛ اذ كان أكبر اخوته سنا، و لميل أبيه اليه و اكرامه له، مات في حياة أبيه عليه السلام بالعريض [1] ، و حمل علي رقاب الرجال الي أبيه بالمدينة حتي دفن بالبقيع.

و روي أن أباعبدالله عليه السلام جزع عليه جزعا شديدا، و حزن عليه حزنا عظيما، و تقدم سريره بلا حذاء و لا رداء، و أمر بوضع سريره علي الأرض قبل دفنه مرارا كثيرة، و كان يكشف عن وجهه و ينظر اليه، يريد بذلك تحقق أمر وفاته عند الظانين خلافته له من بعده، و ازالة الشبهة عنهم في حياته.

و لما مات اسماعيل رضي الله عنه انصرف عن القول بامامته بعد أبيه من كان يظن ذلك فيعتقده من أصحاب أبيه عليه السلام، و أقام علي حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه و لا من الرواة عنه، و كانوا من الأباعد و الأطراف.

فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم الي القول بامامة موسي بن جعفر عليه السلام و افترق الباقون فريقين: فريق منهم رجعوا عن حياة اسماعيل و قالوا بامامة ابنه محمد بن اسماعيل؛ لظنهم ان الامامة كانت في أبيه و أن الابن أحق بمقام الامامة من الأخ، و فريق ثبتوا علي حياة اسماعيل و هم اليوم شذاذ لا يعرف منهم أحد يومي اليه، و هذان الفريقان يسميان بالسماعيلية، و المعروف منهم



[ صفحه 209]



الان من يزعم أن الامامة بعد اسماعيل في ولده و ولد ولده الي آخر الزمان» [2] .

و لم يؤرخ أحد وفاته سوي ابن عنبة (ت / 828 ه) حيث قال:

الحسن بن موسي الكاظم عليه السلام و هذا آخر بني موسي الكاظم عليه السلام.

و أما اسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام، و يكني أبامحمد، و امه فاطمة بنت الحسين الأثرم بن الحسن بن علي أبي طالب عليه السلام، و يعرف باسماعيل الأعرج، و كان أكبر ولد أبيه و أحبهم اليه، كان يحبه شديدا حبا، و توفي في حياة أبيه بالعريض فحمل علي رقاب الرجال الي البقيع فدفن به سنة ثلاث و ثلاثين و مائة، قبل وفاة الصادق عليه السلام بعشرين سنة، كذا قال: أبوالقاسم بن خداع نسابة المصريين» [3] .

قال الخزرجي (المتوفي بعد سنة 923 ه):

«اسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي عليهم السلام الامام، مات و هو صغير و ليس له رواية في الكتب» [4] .

قال الجلالي: يظهر من عدة روايات ان اسماعيل بلغ مبلغ الرجال، و به روي أهل البيت عليهم السلام الروايات، و هم أعرف.

ترجمه الكشي عرضا في ابراهيم بن أبي السمال [5] ، و بسام الصيرفي [6] ، و بدر الدين بن شريك [7] ، و عبدالرحمن بن سيابة [8] ، و المعلي بن خنيس. [9] .

و أرجع الأردبيلي (ت / 1101 ه) الي روايتين له في فقه أهل البيت عليهم السلام [10] ،



[ صفحه 210]



و اليك روايتين مما يكشف عن تحمله الرواية و ان ما ذكره الخزرجي ليس بصائب.

1- أورد ابن أبي الحديد (ت / 665 ه) تحت عنوان: «منافرة بين ولدي علي و طلحة» ما لفظه:

«كان القاسم بن محمد بن يحيي بن طلحة بن عبيدالله التيمي يلقب أبا بعرة، ولي شرطة الكوفة لعيسي بن موسي بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس كلم اسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام بكلام خرجا فيه الي المنافرة، فقال القاسم بن محمد: لم يزل فضلنا و احساننا سابغا عليكم يا بني هاشم و علي بني عبدمناف كافة.

فقال اسماعيل: أي فضل و احسان أسديتموه الي بني عبدمناف؟ أغضب أبوك جدي بقوله: ليموتن محمد و لنجولن بين خلاخيل نسائه كما جال بين خلاخيل نسائنا. فأنزل الله تعالي مراغمة لأبيك: (و ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله و لا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) [11] .

و منع ابن عمك أمي حقها من فدك و غيرها من ميراث أبيها؛ و أجلب أبوك علي عثمان و حصره حتي قتل، و نكث بيعة علي، و شام السيف في وجهه، و أفسد قلوب المسلمين عليه، فان كان لبني عبدمناف قوم غير هؤلاء أسديتم اليهم احسانا، فعرفني من هم، جعلت فداك؟!» [12] .

2- و روي الكليني (ت / 329 ه) عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد، عن اسماعيل بن جعفر، قال:

اختصم رجلان الي داود عليه السلام في بقرة، فجاء هذا ببينة علي أنها له، و جاء هذا ببينة علي أنها له، قال: فدخل داود عليه السلام المحراب فقال:



[ صفحه 211]



يا رب انه قد أعياني أن أحكم بين هذين فكن أنت الذي تحكم، فأوحي الله عزوجل اليه: أخرج فخذ البقرة من الذي في يده فادفعها الي الاخر و اضرب عنقه قال: فضجت بنواسرائيل من ذلك و قالوا: جاء هذا ببينة و جاء ببينة، و كان أحقهم باعطائها الذي هي في يده فأخذها منه و ضرب عنقه و أعطاها هذا؟ قال: فدخل داود المحراب فقال:

يا رب قد ضجت بنواسرائيل مما حكمت به، فأوحي اليه ربه: أن الذي كانت البقرة في يده أباأبا الاخر فقتله و أخذ البقرة منه، فاذا جاءك مثل هذا فاحكم بينهم بما تري و لا تسألني أن أحكم حتي الحساب» [13] .

قال الجلالي: فليس بالامكان القول بأن من يقوم بمثل تلك المنافرة أي المفاخرة في الحسب و النسب - و من يروي حكاية بني اسرائيل الا ان يكون قد بلغ مبلغ الرجال، فما ذكره الخزرجي بعيد عن الصواب.

و اسماعيل هذا هو الذي اعتقدت بامامته طائفة الاسماعيلية بأن الامامة بالوراثة فتكون للولد الأكبر، علي خلاف ما يعتقده الشيعة الامامية من ان الامامة بالكفاءة بالعلم و النص ممن سبق بالامامة و هو أعرف به، و يظهر في كلام المفيد قدس سره أن القول بامامته نشأءت في عصر الصادق عليه السلام.

و قد انشقت الاسماعيلية الي طائفتين تعرفان في عصرنا بالاغا خانية، نسبة الي محمد آغاخان المحلاتي من سلالة نزار الفاطمي، و البهرة، نسبة الي زعيمهم الداعي الفاطمي برهان الدين و اتباع المستعلي بالله الفاطمي، و بينهما خلاف في العقيدة و الشريعة.

و دور اسماعيل بالنسبة الي الصحيفة لم يكن سوي حفظ الصحيفة و انه أتي بها الي الامام الصادق عليه السلام حين أمره بذلك.



[ صفحه 212]




پاورقي

[1] واد بالمدينة فيه بساتين نخل (معجم البلدان 114: 4).

[2] الارشاد 210 - 209: 2.

[3] عمدة الطالب: 233.

[4] خلاصة تهذيب الكمال: 280.

[5] ترجمة الكشي: 245.

[6] اختيار معرفة الرجال: 474.

[7] اختيار معرفة الرجال: 217.

[8] اختيار معرفة الرجال: 390.

[9] اختيار معرفة الرجال: 377.

[10] جامع الرواة 95: 1.

[11] الأحزاب: 53.

[12] شرح نهج البلاغة 324: 9.

[13] الكافي 432: 7.