هذه الصحيفة
يعتبر الشيخ أبوجعفر الطوسي (ت / 460 ه) الوحيد الذي ذكر هذه الصحيفة حيث قال في رجاله ما لفظه:
«علي بن مالك روي عنه ابن همام دعاء الصحيفة» [1] و كل من تأخر عنه نقل كلامه و اقتصر علي مرامه من دون زيادة مفيدة، منهم الاردبيلي (ت / 1101 ه) في جامع الرواة [2] ، و التفريشي (كان حيا 1015 ه) في نقد الرجال [3] ، و القهبائي (ت / 1016 ه) في مجمع الرجال [4] ، و المامقاني (ت / 1351 ه) في تنقيح المقال [5] ، و التستري في قاموس الرجال [6] ، و سيدنا الاستاذ الخوئي قدس سره في معجم رجال الحديث [7] .
و حيث لم يقف احد منهم علي نسخة من الكتاب لم يزد شيخنا علي كلام الشيخ رحمه الله، بل استظهر بعضهم بالظن و التخمين ما لا يعنيه كلامه رحمه الله.
قال شيخنا بحر العلوم: معلقا علي كلام الطوسي رحمه الله ما لفظه:
«يريد بدعاء الصحيفة دعاء الامام علي بن الحسين، من الصحيفة الكاملة في الصلاة علي حملة العرش و كل ملك مقرب» [8] .
قال الجلالي: هذا هو الدعاء الثالث من الرواية المشهورة: و لا أدري كيف خصها رحمه الله دون غيرها من الأدعية بالمراد، و علي أي مستند استند؟ و كلام الطوسي مطلق يشمل كل الأدعية.
كما و علق التستري علي كلام الشيخ الطوسي بقوله:
[ صفحه 159]
«أقول: ليست الصحيفة دعاء واحدا، فكان عليه ان يقول: (كتاب الصحيفة) او (أدعية الصحيفة) أنظر قاموس الرجال [9] .
قال الجلالي: ان كلمه الدعاء اسم للجنس كالقرآن، و لذلك اورد سندا واحدا لكل ما في الصحيفة من الأدعية التي توجد فيها، و ليس الوجود الكتبي للصحيفة الا نوعا واحدا من انواع الوجود، فالصحيفة المقروءة و المحفوظة بالقلب او بادوات خاصة انواع اخر لوجودها، و من الطبيعي ان يكون الدعاء اسما للمقروءة اولا، ثم المكتوبة في الدفاتر ثانيا، او المحفوظة علي الاشرطة، و غيرها مما في الصحيفة من الأدعية، فلها وحدتها.
و مجموع ما بين الدفتين من الصحيفة يعتبر دعاء واحدا مما انشي ء بداع واحد، كما ان كل مقطع من الدعاء أيضا يعتبر دعاء، و باعتبار مواضيعها تعتبر أدعية متعددة، كما أن كلمة القرآن اسم لمجموع ما بين الدفتين فهو قرآن واحدا، و ايضا الايات المختلفة في الموضوع مقاطع متفرقة من القرآن، و لا ينافي ذلك وحدة القرآن.
و بالجملة، فان هذه الاحتمالات ناشئة من عدم الوقوف علي الكتاب و دراسته متنا و اسنادا، و قد جاء في نهاية خطبة الكتاب ما لفظه:
«و دعاء المتوكل في الدفتر و الصحيفة علي تمامها».
و من ذلك يظهر ان الكتاب كان مستنسخا بالطرق المتبعة انذاك، فكان في صورة الدفتر احيانا، و في صورة الصحيفة ايضا.
قال ابن منظور (ت / 711 ه): «الدفتر و التفتر كل ذلك عن اللحياني، حكاه عنه كراع، يعني جماعة الصحف المضمومة» [10] .
و عن الجوهري (ت / 400 ه): «الدفتر واحد الدفاتر، و هي الكراريس» [11] .
و قال الزبيدي (ت / 816 ه): «الدفتر كجعفر، و قد تكسر الدال فيلحق بنظائر
[ صفحه 160]
درهم، و كلاهما من حكاية كراع عن اللحياني، و حكي كسرالدال عن الفراء ايضا، و هو عربي كما في المصباح: جماعة الصحف المضمومة، قال ابن دريد: و لا يعرف له اشتقاق، و بعض العرب تقول: تفتر بالتاء علي البدل. و قيل: الدفتر جريدة الحساب، و في شفاء الغليل: الدفتر عربي و ان لم يعرف اشتقاقه، و جعله الجوهري واحد الدفاتر، و هي الكراريس» [12] .
قال الجلالي: اللحياني هو أبوالحسن علي بن حازم، صاحب النوادر، تلميذ علي بن حمزة الكسائي المتوفي 189 ه.
و كراع المحرر له، ذكرهما الزبيدي في مقدمة تاج العروس. [13] .
و روي الشيخ الطوسي (ت / 460 ه) باسناده دعاء من الصحيفة عن مسعدة بن صدقة، قال: «سألت اباعبدالله جعفر بن محمد ان يعلمني دعاء ادعو به في المهمات، فأخرج الي اوراقا من صحيفة عتيقة فقال: انتسخ ما فيها فهو دعاء جدي علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام للمهمات، فكتب ذلك علي صحيفة» [14] .
و هو الدعاء 49 مع زيادة.
و قال الأفندي في الصحيفة الثالثة: «دعاء الامام عليه السلام في الصلاة علي النبي من نسخة للصحيفة رواية ابن شاذان، و ان ابن شاذان قال فيه ما لفظه: و دعاء المتوكل - يعني ابن هارون - راوي الصحيفة السجادية في الدفتر علي ما نحو ما وجدته في صحيفة زيد و صحيفة الصادق عليه السلام سوي الصلاة علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم» [15] ثم أورد دعاء الصلاة بطوله.
و من ذلك يظهر ان نسخة المتوكل خاصة كانت في الدفتر دون نسخة زيد و الامام الصادق.
[ صفحه 161]
كما يظهر ان الكتاب بكامله كان مكتوبا علي صحف و اوراق متعددة يجعل بعضها علي بعض، و من هنا جاء الاختلاف في ترتيب الأدعية و تسلسلها، و ايضا كان مكتوبا في الدفتر و ذلك بضم تلك الاوراق بعضها ببعض علي شكل كراريس، و ذلك يقتضي ان يكون الدفتر متأخر زمانا عن الصحف في الاستعمال، كل ذلك حفظا للاصل عن التشتت و الضياع، و قد اشرت الي ذلك في الصيانة، فليراجع.
پاورقي
[1] رجال الطوسي: 485.
[2] جامع الرواة 596: 1.
[3] نقد الرجال: 241.
[4] مجمع الرجال 213: 2.
[5] تنقيح المقال 312: 2.
[6] قاموس الرجال 38: 7.
[7] معجم رجال الحديث 127: 12.
[8] رجال الطوسي: 485 (الهامش).
[9] قاموس الرجال 38: 7.
[10] لسان العرب 991: 2.
[11] راجع صحاح اللغة؛ للجوهري.
[12] تاج العروس 311: 3.
[13] نصوص الدراسة: 293 و 296.
[14] امالي الطوسي: ص 9.
[15] الصحيفة الثالثة: 43 و الصحيفة الخامسة: 30.