[1] .

اِلهي هَدَيْتَني فَلَهَوْتُ، وَ وَعَظْتَ فَقَسَوْتُ، وَ اَبْلَيْتَ الْجَميلَ فَعَصَيْتُ، وَ [2] عَرَفْتُ فَاَصْرَرْتُ ثُمَّ عَرَفْتُهُ، [3] فَاسْتَغْفَرْتُ فَاَقَلْتَ، فَعُدْتُ فَسَتَرْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ اِلهي. [4] تَقَحَّمْتُ اَوْدِيَةَ هَلاكٍ، وَ تَحَلَّلْتُ [5] شِعابَ تَلَفٍ، تَعَرَّضْتُ فيها لِسَطَواتِكَ فَاسْتَحْقَقْتُ بِها حُلُولَ [6] عُقُوباتِكَ. وَ وَسيلَتي اِلَيْكَ التَّوْحيدُ، وَ ذَريعَتي اَنّي لَمْ اُشْرِكْ بِكَ شَيًْا، وَ لَمْ اَتَّخِذْ مَعَكَ اِلَهًا، وَ قَدْ فَرَرْتُ اِلَيْكَ مِنْ نَفْسي، [7] وَ اِلَيْكَ مَفَرُّ الْمُسيءِ، وَ مَفْزَعُ الْمُضَيِّعِ حَظَّ [8] نَفْسِه فَلَكَ الْحَمْدُ اِلهي. [9] فَكَمْ مِنْ عَدُوٍّ انْتَضي عَلَيَّ سَيْفَ عَداوَتِه، وَ شَحَذَ لي ظُبَةَ مُدْيَتِه، وَ اَرْهَفَ لي شَبا حَدِّه، وَ دافَ لي قَواتِلَ سَمِّه، [10] وَ سَدَّدَ نَحْوي صَوآئِبَ سِهامِه، وَ لَمْ تَنَمْ عَنّي عَيْنُ حَراسَتِه، وَ اَظْهَرَ [11] اَنْ يَسُومَنِي الْمَكْرُوهَ، وَ يُجَرِّعَني ذُعافَ [12] مَرارَتِه. فَنَظَرْتَ يا اِلهي اِلي ضَعْفي عَنِ احْتِمَالِ الْفَوادِحِ، وَ عَجْزي عَنِ الأِنْتِصارِ مِمَّنْ قَصَدَني بِمُحارَبَتِه، وَ وَحَّدْتَني [13] في كَثيرٍ مِنْ اَمْري عِنْدَ [14] مَنْ ناواني، وَ اَرْصَدَ لِي الْبَلاءَ [15] فيما لَمْ اُعْمِلْ فيهِ فِكْري. فَاَيَّدْتَني بِنُصْرَتِكَ، [16] وَ شَدَدْتَ اَزْري بِقُوَّتِكَ، ثُمَّ فَلَلْتَ لي حَدَّهُ، وَ صَيَّرْتَهُ مِنْ بَعْدِ جَمْعٍ [17] وَحْدَهُ، وَ اَعْلَيْتَ كَعْبي عَلَيْهِ، وَ جَعَلْتَ ما سَدَّدَهُ مَرْدُودًا اِلَيهِ، [18] فَرَدَدْتَهُ يا اِلهي [19] لَمْ يَشْفِ غَليلَهُ، وَ لَمْ يَبْرُدْ حَرارَةُ غُيُوظِه، [20] قَدْ عَضَّ عَلي شَواهُ وَ اَدْبَرَ مُوَلِّيًا قَدْ اَحْفَقَتْ [21] سَراياهُ. وَ كَمْ مِنْ باغٍ بَغاني بِمَكآئِدِه، وَ نَصَبَ لي شَرَكَ مَصآئِدِه، وَ وَكَّلَ بي تَفَقُّدَ رِعايَتِه، وَ اَضْبَئَ اِلَيَّ اِضْبَآءَ السَّبُعِ لِطَريدَتِه اِنْتِظارًا لِانْتِهازِ الْفُرْصَةِ لِفَريسَتِه. [22] وَ كَمْ مِنْ حاسِدٍ شَرِقَ لي بِعُصَّتِه، [23] وَ شَجِيَ مِنّي بِغَيْظِه، وَ سَلَقَني بِحَدِّ لِسانِه، وَ وَحَرَني بِقَرْفِ عُيُوبِه، وَ جَعَلَ عِرْضي غَرَضًا لِمَراميهِ، وَ قَلَّدَني خِلالًا لَمْ تَزَلْ فيهِ. [24] فَنادَيْتُكَ [25] عالِمًا اَنَّهُ لَمْ يُضْطَهَدْ [26] مَنْ اوي [27] اِلي ظِلِّ كِفايَتِكَ، وَ لَمْ يَفْزَعِ الْقَوارِعُ [28] مَنْ لَجَاَ اِلي مَعاقِلِ اِنْتِظارِكَ، [29] فَحَصَّنْتَني مِنْ بَاْسِه بِقُدْرَتِكَ. وَ كَمْ مِنْ سَحآئِبِ مَكْرُوهٍ جَلَّيْتَها، [30] وَ سَحآئِبِ نِعَمٍ اَمْطَرْتَها عَلَيَّ، وَ جَداوِلِ رَحْمَةٍ نَشَرْتَها، وَ عافِيَةٍ اَلْبَسْتَها، [31] وَ غَواشي كُرُباتٍ كَشَفْتَها، وَ اُمُورٍ كارِبَةٍ دَفَعْتَها، وَ اَعْيُنِ اَحْداثٍ طَمَسْتَها، وَ ناشِئَةِ رَحْمَةٍ نَشَرْتَها. اَللَّهُمَّ [32] وَ كَمْ مِنْ ظَنٍّ حَسَنٍ حَقَّقْتَ، وَ مِنْ عَدَمِ اِمْلاقٍ [33] جَبَرْتَ، وَ مِنْ صَرْعَةٍ مُهْلِكَةٍ نَعَشْتَ، وَ مِنْ [34] مَسْكَنَةٍ فادِحَةٍ [35] حَوَّلْتَ. [36] لا تُسْئَلُ عَمَّا تَفْعَلُ. وَ لَقَدْ سُئِلْتَ فَاَعْطَيْتَ، وَ لَمْ تُسْئَلْ فَابْتَدَاْتَ، وَ اسْتُميحَ فَضْلُكَ فَما اَكْدَيْتَ، اَبَيْتَ [37] اِلَّا اِحْسانًا، [38] وَ اَبَيْتُ اِلَّا تَقَحُّمَ حُرُماتِكَ، وَ تَعَدِّيَ حُدُودِكَ، وَ غَفَلْتُ [39] عَنْ وَعيدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ اِلهي مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَ ذي اَناةٍ لا يَعْجَلُ. هذا مَقامُ مَنِ اعْتَرَفَ لَكَ [40] بِالتَّقْصيرِ، وَ شَهِدَ عَلَي نَفْسِه بِالتَّضْييعِ. اَللَّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ [41] بِالْمُحَمَّدِيَّةِ الرَّفيعَةِ، [42] وَ اَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ بِالْعَلَوِيَّةِ الْبَيْضآءِ فَاَعِذْني [43] مِنْ شَرِّ كَذا وَ كَذا، فَاِنَّ ذلِكَ لا يَضيقُ عَلَيْكَ في مَجْدِكَ، وَ لا يُعْجِزُكَ [44] في قُدْرَتِكَ وَ اَنْتَ عَلي كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ. [45] .