[1] .

اَللَّهُمَّ يا مَنْ بِرَحْمَتِه يَسْتَغيثُ الْمُذْنِبُونَ. وَ يا مَنْ اِلي ذِكْرِه [2] يَفْزَعُ الْمُضْطَرُّونَ. وَ يا مَنْ لِخيفَتِه يَنْتَحِبُ الْخاطِئُونَ. يا اَنيسَ [3] كُلِّ مُسْتَوْحِشٍ غَريبٍ، وَ يا فَرَجَ كُلِّ مَكْرُوبٍ حَريبٍ [4] كَئيبٍ، وَ يا عَوْنَ [5] كُلِّ مَخْذُولٍ فَريدٍ، وَ يا عَضُدَ كُلِّ مُحْتاجٍ طَريدٍ: اَنْتَ الَّذي وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْمًا. [6] اَنْتَ الَّذي جَعَلْتَ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ في نِعَمِكَ سَهْمًا. [7] اَنْتَ الَّذي عَفْوُهُ اَعْلي مِنْ عِقابِه. [8] اَنْتَ الَّذي تَسْعي رَحْمَتُهُ اَمامَ غَضَبِه. [9] اَنْتَ الَّذي عَطآؤُهُ اَكْثَرُ مِنْ مَنْعِه. [10] اَنْتَ الَّذِي [11] الْخَلائِقُ كُلُّهُمْ في وُسْعِه. [12] اَنْتَ الَّذي لا يَرْغَبُ في جَزآءِ مَنْ اَعْطاهُ. [13] اَنْتَ الَّذي لا يُفْرِطُ في عِقابِ مَنْ عَصاهُ. [14] اَنَا [15] الَّذي اَمَرْتَهُ بِالدُّعآءِ، فَقالَ: لَبَّيْكَ، [16] ها اَنَذا [17] يا رَبِّ مَطْرُوحٌ بَيْنَ يَدَيْكَ. اَنَا الَّذي اَوْقَرَتِ الْخَطايا ظَهْرَهُ، [18] اَنَا الَّذي اَفْنَتِ الذُّنُوبُ عُمْرَهُ، [19] اَنَا الَّذي بِجَهْلِه عَصاكَ، وَ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ اَهْلاً [20] لِذاكَ. هَلْ اَنْتَ، غافِرٌ لِمَنْ [21] دَعاكَ فَاُبْلِغَ فِي الدُّعآءِ؟ اَمْ اَنْتَ غافِرٌ لِمَنْ بَكا اِلَيْكَ فَاُسْرِفَ [22] فِي الْبُكآءِ؟ اَمْ اَنْتَ مُتَجاوِزٌ عَمَّنْ عَفَّرَ وَجْهَهُ لَكَ تَذْليلاً؟ [23] اَمْ اَنْتَ مُغْنٍ مَنِ اشْتَكي [24] اِلَيْكَ، فَقْرَهُ تَوَكُّلًا؟ يا [25] اِلهي لا تُخَيِّبْ مَنْ لا يَجِدُ مُعْطِيًا غَيْرَكَ، وَ لا تَخْذُلْ مَنْ لا يَسْتَعينُ [26] بِاَحَدٍ دُونَكَ. يا اِلهي لا تُدْبِرْ [27] عَنّي وَ قَدْ اَقْبَلْتُ عَلَيْكَ، وَ لا تُحْرِمْني [28] وَ قَدْ رَغِبْتُ اِلَيْكَ، وَ لا تَجْبَهْني بِالرَّدِّ وَ قَدِ انْتَصَبْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ. اَنْتَ الَّذي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِالرَّحْمَةِ، فَارْحَمْني، [29] وَ اَنْتَ الَّذي نَسَبْتَ [30] نَفْسَكَ اِلَي الْعَفْوِ [31] فَاعْفُ عَنّي. قَدْ تَري يا اِلهي، فَيْضانَ [32] دَمْعي مِنْ خَشْيَتِكَ، [33] وَ وَجيبَ قَلْبي مِنْ خيفَتِكَ، وَ انْتِفاضَ [34] جَوارِحي مِنْ هَيْبَتِكَ. كُلُّ ذلِكَ حَيآءً [35] مِنْكَ لِسُوءِ عَمَلي، وَ لِذلِكَ [36] كَلَّ لِساني عَنْ مُناجاتِكَ، وَ غَمَدَ صَوْتي عَنِ الْجَوابِ اِلَيْكَ. [37] يا اِلهي لَكَ [38] الْحَمْدُ فَكَمْ مِنْ عآئِبَةٍ سَتَرْتَها عَلَيَّ فَلَمْ تَفْضَحْني، وَ كَمْ مِنْ ذَنْبٍ غَطَّيْتَ [39] عَلَيَّ فَلَمْ تَشْهَرْني، وَ كَمْ مِنْ فاحِشَةٍ [40] اَلْمَمْتُ بِها فَلَمْ تَهْتِكْ عَنّي سِتْرَها، وَ لَمْ تُقَلِّدْني مَكْرُوهَ شَنارِها، وَ لَمْ تُبْدِ سَوْءاتِها لِمَنْ يَلْتَمِسُ مَعآئِبي مِنْ جيرَتي، وَ حَسَدَةِ نِعْمَتِكَ عِنْدي. فَلَمْ يُنَهْنِهْني [41] ذلِكَ عَنْ [42] سُوءِ ما عَهِدْتَ مِنّي!! فَمَنْ اَجْهَلُ مِنّي، يا اِلهي، بِرُشْدِه؟ وَ مَنْ اَغْفَلُ مِنّي عَنْ حَظِّه؟ وَ مَنْ اَبْعَدُ مِنّي مِنِ اسْتِصْلاحِ نَفْسِه حينَ اُنْفِقُ ما اَجْرَيْتَ عَلَيْكَ [43] مِنْ رِزْقِكَ فيما نَهَيْتَني عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِكَ؟ وَ مَنْ اَبْعَدُ غَوْرًا فِي الْباطِلِ، وَ اَشَدُّ اِقْدامًا عَلَي السُّوءِ مِنّي حينَ اَقِفُ بَيْنَ دَعْوَتِكَ وَ دَعْوَةِ الشَّيْطانِ فَاَتَّبِعُ دَعْوَتَهُ عَلي غَيْرِ عَمًي مِنْ [44] مَعْرِفَةٍ بِه وَ لا نِسْيانٍ مِنْ حِفْظي لَهُ؟ وَ اَنَا حينَئِذٍ مُوقِنٌ بِاَنَّ مُنْتَهي دَعْوَتِكَ اِلَي الْجَنَّةِ، وَ مُنْتَهي دَعْوَتِه اِلَي النَّارِ. سُبْحانَكَ ما اَعْجَبَ ما اَشْهَدُ بِه عَلَي نَفْسي، وَ اُعَدِّدُهُ مِنْ مَكْتُومِ اَمْري. وَ اَعْجَبُ مِنْ ذلِكَ اَناتُكَ عَنّي، وَ اِبْطآؤُكَ عَنْ مُعاجَلَتي، وَ لَيْسَ ذلِكَ مِنْ كَرَمِكَ بِالْبَديعِ، وَ لا مِنْ حِلْمِكَ بِالْبَدئِ [45] اَنَا يا اِلهي، اَكْثَرُ ذُنُوبًا، وَ اَقْبَحُ اثارًا، وَ اَشْنَعُ اَفْعالًا، وَ اَشَدُّ فِي الْباطِلِ تَهَوُّرًا، وَ اَضْعَفُ لِطاعَتِكَ [46] تَيَقُّظًا، وَ اَقَلُّ لِوَعيدِكَ انْتِباهًا [47] مِنْاَنْاُحْصِيَ لَكَ عُيُوبي، اَوْ اَقْدِرَ عَلي ذِكْرِ ذُنُوبي. وَ اِنَّما اُوَبِّخُ بِهذا نَفْسي طَمَعًا في رَاْفَتِكَ الَّتي بِها صَلاحُ اَمْرِ الْمُذْنِبينَ، وَ رَجآءً لِعِصْمَتِكَ [48] الَّتي بِها فَكاكُ رِقابِ الْخاطِئينَ. اَللَّهُمَّ وَ هذِه رَقَبَتي قَدْ اَرَقَّتْهَا الذُّنُوبُ، فَاَعْتِقْها [49] بِعَفْوِكَ، وَ انْفَلِتْها فَخَفِّفْ عَنْها [50] بِمَنّكَ. يا اِلهي لَوْ بَكَيْتُ اِلَيْكَ حَتّي تَسْقُطَ اَشْفاري، [51] وَ انْتَحَبْتُ حَتّي يَنْقَطِعَ صَوْتي، وَ قُمْتُ لَكَ حَتّي تَيْبَسَ [52] قَدَمايَ، وَ رَكَعْتُ لَكَ حَتّي يَنْخَلِعَ صُلْبي، وَ سَجَدْتُ لَكَ حَتّي تَتَفَقَّيَ [53] حَدَقَتايَ، وَ اَكَلْتُ تُرابَ الْأَرْضِ طُولَ عُمْري، وَ شَرِبْتُ مآءَ الرَّمادِ اخِرَ دَهْري، وَ ذَكَرْتُكَ في خِلالِ ذلِكَ حَتّي يَكِلَّ لِساني، وَ [54] لَمْ اَرْفَعْ طَرْفي اِلي افاقِ السَّماءِ اِسْتِحْيآءً [55] مِنْكَ مَا اسْتَوْجَبْتُ بِذلِكَ مَحْوَ سَيِّئَةٍ واحِدَةٍ مِنْ سَيِّاتي. فَاِنْ [56] كُنْتَ لا تَغْفِرُ لي اِلاَّ [57] حينَ اَسْتَوْجِبُ مَغْفِرَتَكَ، وَ لا تَعْفُو عَنّي اِلاَّ [58] حينَ اَسْتَحِقُّ عَفْوَكَ فَاِنَّ ذلِكَ غَيْرُ واجِبٍ لي بِالأِسْتِحْقاقِ، [59] وَ لا اَنَا اَهْلٌ لَهُ بِالأِسْتيجابِ، [60] اِذْ كانَ جَزآئي مِنْكَ في اَوَّلِ ما عَصَيْتُكَ، اِنْ [61] تُعَذِّبْني وَ اَنْتَ لي غَيْرُ ظالِمٍ. اَللَّهُمَّ [62] فَاِذْ قَدْ تَغَمَّدْتَني بِسِتْرِكَ فَلَمْ تَفْضَحْني، وَ تَاَنَّيْتَ بي عَنْ كَرَمِكَ [63] فَلَمْ تُعاجِلْني، وَ حَلُمْتَ عَنّي بِتَفَضُّلِكَ فَلَمْ تُكَدِّرْ نِعَمَكَ [64] عِنْدي فَارْضَ [65] طُولَ تَضَرُّعي، وَ شِدَّةَ مَسْكَنَتي، وَ سُوءَ مَوْقِفي. اَللَّهُمَّ [66] وَ نَقِّني [67] مِنَ الْمَعاصي، وَ اسْتَعْمِلْني بِالطَّاعَةِ، وَ ارْزُقْني حُسْنَ الْأِنابَةِ، وَ طَهِّرْني بِالتَّوْبَةِ، وَ اَيِّدْني بِالْعِصْمَةِ، وَ اسْتَصْلِحْني بِالْعافِيَةِ، وَ اَذِقْني حَلاوَةَ الْمَغْفِرَةِ، وَ اجْعَلْني طَليقَ عَفْوِكَ، وَ عَتيقَ رَحْمَتِكَ، وَ اكْتُبْ لي اَمانًا مِنْ سُخْطِكَ، وَ بَشِّرْني بِذلِكَ فِي الْعاجِلِ دُونَ الْأجِلِ بُشْري اَعْرِفُها، وَ عَرِّفْني فيهِ عَلامَةً اَتَبَيَّنُها. اِنَّ ذلِكَ لا يَضيقُ عَلَيْكَ في قُدْرَتِكَ، وَ اَنْتَ [68] عَلي كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ.