بازگشت

ماجري بينه و هشام


1. قال المفيد: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد، قال حدثني جدي، قال حدثنا أبو جعفر محمد بن اسمعيل قال: حج علي بن الحسين عليهماالسلام فاستجهر الناس من جماله و تشوفوا له و جعلوا يقولون من هذا من هذا تعظيما و اجلالا لمرتبته و كان الفرزدق هناك فانشأ يقول:



هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



هذا ابن خير عبادالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم



يغضي حياء و يغضي من محابته

فلا يكلم الا حين يبتسم





[ صفحه 134]



أي الخلايق ليست من رقابهم

لأولية هذا اوله نعم



من يعرف الله يعرف أولية ذا

فالدين من بيت هذا ناله الأمم



اذا راته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم [1] .



2. قال الراوندي: انه عليه السلام حج في السنة التي حج فيها هشام بن عبدالملك و هو خليفة فاستجهر الناس منه عليه السلام و قالوا لهشام من هذا فقال هشام لا أعرفه لئلا يرغب فيه فقال الفرزدق و كان حاضرا بل أنا و الله أعرفه:



هذا الذي تعرف البطحاء و طائة

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



أنشد القصيدة الي آخرها فاخذ هشام و حبسه و محا اسمه من الديوان فبعث اليه علي بن الحسين عليهماالسلام بصلة بدنانيز فردها و قال ما قلت ذلك الا ديانة فبعث بها اليه أيضا و قال قد شكر الله لك ذلك فلما طال الحبس عليه و قد توعد بالقتل فشكي الي الامام عليه السلام فدعا له فخلصه الله فجاء اليه و قال يابن رسول الله صلي الله عليه و آله انه محا اسمي من الديوان فقال له كم كان عطاؤك قال كذا فأعطاه لأربعين سنة و قال عليه السلام لو علمت انك تحتاج الي اكثر من هذا لأعطينك فمات الفرزدق و لما انتهت الأربعين سنة [2] .

3. روي ابن شهر آشوب عن الحلية و الاغاني و غير هما حج هشام بن عبدالملك فلم يقدر علي الاستلام من الزحام فنصب له منبر و جلس عليه و أطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك اذ أقبل علي بن الحسين عليهماالسلام و عليه ازار و رداء من أحسن الناس وجها و أطيبهم رايحة بين عينيه سجادة كانها ركبة عنز فجعل بطوف فاذا بلغ موضع الحجر تنحي الناس حتي يستلمه هيبة له فقال شامي من هذا يا أميرالمؤمنين فقال: لا أعرفه لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق و كان



[ صفحه 135]



حاضرا: لكني انا أعرفه فقال الشامي من هو يا ابا فراس فأنشأ قصيدة ذكر بعضها في الأغاني و الحلية [3] .

4. قال الاربلي: لما حج هشام بن عبدالملك قبل أن يلي الخلافة اجتهد أن يستلم الحجر الأسود فلم يمكنه و جاء علي بن الحسين عليهماالسلام فتوقف له الناس و تنحوا حتي استلم، فقال جماعة هشام لهشام: من هذا؟ فقال: لا أعرفه فسمعه الفرزدق فقال: لكني أعرفه هذا علي بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام و أنشد هشاما من الأبيات التي قالها في أبيه الحسين عليهماالسلام:



هذا ابن خير عبادالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم



اذا رأته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم



ان عد أهل التقي كانوا أئمتهم

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم



هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا



و ليس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من انكرت و العجم



أي الخلائق ليست في رقابهم

لاولية هذا أوله نعم



من يعرف الله يعرف أولية ذا

الدين من بيت هذانا له الأمم



فزاد فيه هذه الابيات لمخاطبته هشاما بذلك فحبسه هشام فقال و قد أدخل الحبس:



أيحبسني بين المدينة و التي

اليها قلوب الناس يهوي منيبها



يقلب رأسا لم يكن رأس سيد

و عينا له حولاء باد عيوبها





[ صفحه 136]



فأخرجه من الحبس فوجه اليه علي بن الحسين عليهماالسلام عشرة آلاف درهم و قال: اعذرنا يا با فراس فلو كان عندنا في هذا الوقت اكثر من هذا لوصلناك به فردها الفرزدق و قال: ما قلت ما كان الا لله و لا أزرء عليه شيئا فقال له علي عليه السلام قد رأي الله مكانك فشكرك ولكنا أهل بيت اذا انفذنا شيئا لم نرجع فيه و أقسم عليه فقبلها [4] .

5. قال المفيد: حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن رحمه الله عن حيدر بن محمد ابن نعيم و يعرف بأبي أحمد السمرقندي تلميذ أبي النضر محمد بن مسعود، عن محمد ابن مسعود، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثني ابوالفضل محمد بن احمد بن مجاهد، قال: حدثنا العلاء بن محمد بن زكريا بالبصرة، قال حدثنا عبيدالله بن محمد ابن عائشة قال: حدثني ابي ان هشام بن عبدالملك حج في خلافة عبدالملك او الوليد فطاف بالبيت و أراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام فنصب له منبر فجلس عليه و أطاف به أهل الشام.

فبينا هو كذلك اذ أقبل علي بن الحسين عليهماالسلام و عليه ازار و رداء من أحسن الناس وجها و اطيبهم رائحة، بين عينيه سجادة كانها ركبة عنز فجعل يطوف بالبيت فاذا بلغ الي موضع الحجر تنحي الناس حتي يستلمه هيبة له و اجلالا فغاظ هشاما فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قدها به الناس هذه الهيبة و افرجوا له عن الحجر؟ فقام هشام: لا أعرفه لان لا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق و كان حاضرا لكني أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟ فقال:



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



هذا ابن خير عبادالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم





[ صفحه 137]



هذا علي رسول الله والده

أمسي بنورها هداه تهتدي الظلم



اذا رأته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم



ينمي الي ذروة العز التي قصرت

عن نبلها عرب الاسلام و العجم



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم



يغضي حياء و يغضي من مهابته

فما يكلم الا حين يبتسم



ينشق نورالدجي عن نور غرته

كالشمس تنجاب عن اشراقها الظلم



بكفه خيزران ريحه عبق

من كف أروع في عرنينه شمم



مشتقه من رسول الله نبعته

طابت عناصره و الخيم و الشيم



حمال اثقام أقوام اذا فدحوا

حلو الشمائل تحلو عنده نعم



هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا



هذا ابن فاطمة الغراء نسبته

في جنة الخلد يجري باسمه القلم



الله فضله قدما و شرفه

جري بذاك له في لوحه القلم



من جده دان فضل الانبياء له

و فضل امته دانت لها الامم



عم البرية بالاحسان فانقشعت

عنها الغيابة و الاملاق و الظلم



كلتا يديه غياث عم نفعهما

تستو كفان و لا يعروهما عدم



سهل الخليقة لا تخشي بوادره

يزيد اثنان حسن الخلق و الكرم



لا يخلف الوعد ميمون نقيبته

رحب الفناء أديب حين يعترم



من معشر حبهم دين و بغضهم

كفر و قربهم منجي و معتصم



يستدفع السوء و البلوي بحبهم

و يستزاد به الاحسان و النعم



مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل بدء و مختوم به الكلم



ان عد أهل التقي كانوا أئمتهم

أو قيل: من خير أهل الارض؟ قيل هم



لا يستطيع جواد بعد غايتهم

و لا يدانيهم قوم و ان كرموا





[ صفحه 138]



هم الغيوث اذا ما أزمة أزمت

و الأسد اسد الشري و النار تحتدم



يأبي لهم أن يحل الذم ساحتهم

خيم كريم و أيد بالندي هضم



لا ينقص العسر شيئا من أكفهم

سيان ذلك ان اثروا و ان عدموا



اي الخلائق ليست في رقابهم

لأولية هذا أوله نعم



من يعرف الله يعرف اولية ذا

و الدين من بيت هذا ناله الأمم



قال: فذهب هشام و أمر بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان بين مكة و المدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهماالسلام فبعث اليه باثنتي عشرة ألف درهم، و قال: أعذرنا يا أبا فراس لو كان عندنا اكثر من هذا لوصلناك به، فردها و قال: يا ابن رسول الله ما قلت الا غضبا لله و لرسوله صلي الله عليه و آله و ما كنت لأزرأ عليه شئيا فردها اليه و قال له: بحقي عليك لما قبلتها فقد أنار الله مكانك و علم نيتك فقبلها، فجعل الفرزدق يهجو هشاما و هو في الحبس فكان مما هجاه به قوله:



أتحبسني بين المدينة و التي

اليها قلوب الناس تهوي منيبها



يقلب رأسا لم يكن رأس سيد

و عينا له حولاء باد عيوبها [5] .



6. عنه حدثنا علي بن الحسين بن يوسف عن محمد بن جعفر العلوي، عن الحسين بن محمد بن جمهور العمي قال: حدثني أبو عثمان المازني قال: حدثنا كيسان، عن جويرية ابن أسماء عن هشام بن عبدالأعلي قال: حدثني فرعان و كان من رواة الفرزدق قال: حججت سنة مع [6] عبدالملك بن مروان فنظر الي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام فأراد أن يصغر منه فقال: من هذا؟ فقال الفرزدق: فقلت علي البديهة القصيدة المعروفة:



هذا ابن خير عبادالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم





[ صفحه 139]



حتي اتمها قال: و كان عبدالملك يصله في كل سنة بألف دينار فحرمه تلك السنة فشكي ذلك الي علي بن الحسين عليه السلام و سأله أن يكلمه فقال: أنا أصلك من مالي بمثل الذي كان يصلك به عبدالملك و صني عن كلامه، فقال: و الله يا ابن رسول الله لا رزاتك شيئا و لثواب الله عزوجل في الآجل أحب الي من ثواب الدنيا في العاجل فاتصل ذلك بمعاوية بن عبدالله بن جعفر الطيار، و كان احد سمحاء بني هاشم لفضل عنصره و أحد أدبائها و ظرفائها.

فقال له: يا أبا فراس كم تقدر الذي بقي من عمرك؟ قال: قدر عشرين سنة قال: فهذه عشرون ألف دينار أعطيكها من مالي و اعف أبا محمد أعزه الله عن المسألة في أمرك فقال: لقد لقيت ابا محمد و بذلي لي ماله فأعلمته اني أخرت ثواب ذلك لاجر الآخرة [7] .

7. قال الفتال: روي ان هشام بن عبدالملك حج في خلافة عبدالملك فطاف بالبيت و أراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام فنصب له منبر و أطاف به اهل الشام فبينا هو كذلك اذ أقبل علي بن الحسين عليهماالسلام و عليه ازار و رداء من أحسن الناس وجها و أطيبهم رايحة بين عينيه سجادة كانها ركبة عنز فجعل يطوف بالبيت فاذا بلغ الي الحجر تنحي الناس حتي يستلمه هيبة له و اجلالا فغاظ ذلك هشاما فقال رجل من أهل الشام لهشام من هذا الذي قدما به الناس هذه الهيبة و افرجوا له عن الحجر فقال هشام لا أعرفه لأن لا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق و كان حاضرا لكني أعرفه فقال الشامي من هو يا أبا فراس، فقال



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم [8] .



8. قال السيد المرتضي: أخبر أبو عبيدالله المرزباني قال: حدثنا الحسن بن



[ صفحه 140]



محمد قال حدثني جدي يحيي بن الحسن العلوي، قال حدثنا الحسين بن محمد بن طالب، قال: حدثني غير واحد من أهل الأدب أن علي بن الحسين عليهماالسلام حج فاستجهر الناس جماله و تشوفوا له و جعلوا يقولون: من هذا؟ فقال الفرزدق:



هذا ابن خير عبدالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



اذا رأته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم



يغضي حياء و يغضي من مهابته

فما يكلم الا حين يبتسم



أي القبائل ليست في رقابهم

لأولية هذا أوله نعم



من يعرف الله يعرف اولية ذا

فالدين من بيت هذا ناله الأمم [9] .



9. عنه في رواية الغلابي أن هشام بن عبدالملك حج في خلافة عبدالملك أو الوليد و هو حديث السن، فاراد أن يستلم الحجر فلم يتمكن من ذلك لتزاحم الناس عليه فجلس ينتظر خلوة فأقبل علي بن الحسين عليهماالسلام و عليه ازار و رداء و هو أحسن الناس وجها و أطيبهم ريحا بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز فجعل يطوف بالبيت فاذا بلغ الحجر تنحي الناس له حتي يستلمه هيبة له و الجلالا. فغاظ ذلك هشاما فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قدها به الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه - لئلا يرغب فيه أهل الشام.

فقال الفرزدق و كان هناك حاضرا: لكني أعرفه و ذكر الأبيات و هي اكثر مما رويناه و انما تركناها لأنها معروفة. قال: فغضب هشام و أمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة و المدينة و بلغ ذلك علي بن الحسين عليهماالسلام فبعث الي الفرزدق باثني



[ صفحه 141]



عشر ألف درهم و قال: اعذرنا يا أبا فراس فلو كان عندنا في هذا الوقت اكثر منها لوصلناك به فردها الفرزدق و قال: يابن رسول الله صلي الله عليه و آله ما قلت الذي قلت الا غضبا لله و رسوله و ما كنت لارزا عليه شيئا فردها اليه و اقسم عليه في قبولها و قال له: قد رأي الله مكانك و علم نيتك و شكرلك و نحن أهل بيت اذا انفذنا شيئا لم نرجع فيه فقبلها و جعل الفرزدق يهجو هشاما و هو في الحبس فما هجاه به قوله:



تحبسني بين المدينة و التي

اليها رقاب الناس يهوي منيبها



يقلب رأسا لم يكن رأس سيد

و عينا له حولاء باد عيوبها



10. الحافظ أبو نعيم حدثنا أحمد بن محمد بن سنان: قال ثنا محمد بن اسحاق الثقفي قال سمعت محمد بن زكريا، قال أخبرنا ابن عائشة عن أبيه. قال: حج هشام بن عبدالملك قبل أن يلي الخلافة فاجتهد أن يستلم الحجر فلم يمكنه، و جاء علي بن الحسين عليهماالسلام فوقف له الناس و تنحوا حتي استلمه. قال: و نصب لهشام منبر فقعد عليه فقال له أهل الشام: من هذا يا أميرالمؤمنين؟ فقال: لا أعرفه: فقال الفرزدق لكني أعرفه هذا علي بن الحسين عليهماالسلام:



هذا ابن خير عبادالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



يكاد يمسكه عرفان راحته

عند الحطيم اذا ما جاء يستلم



اذا رأته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم



ان عد أهل التقي كانوا أئمتهم

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم



هذا ابن فاطمة ابن كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا



و ليس قولك من هذا؟ بضائره

العرب تعرف ما انكرت و العجم





[ صفحه 142]



يغضي حياء و يغضي من مهابته

و لا يكلم الا حين يبتسم [10] .

11. روي سبط ابن الجوزي عن أبي نعيم: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان عن محمد بن اسحاق الثقفي عن محمد بن زكريا أنبأنا ابن عائشة عن أبيه قال حج هشام بن عبدالملك قبل ان يلي الخلافة فاجتهد ان يستلم الحجر فلم يمكنه من الزحام فجاء علي بن الحسين عليهماالسلام فوقف الناس له و تنحوا عن الحجر حتي استلمه و لم يبق عند الحجر سواه فقال هشام من هذا؟ فقالوا: لا نعرفه فقال الفرزدق الشاعر: لكني اعرفه ثم اندفع فقال:



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



هذا ابن خير عبادالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم



اذا رأته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم



ان عد اهل التقي كانوا ذوي عدد

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم



هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

بجده انبياء الله قد ختموا



و ليس قولك من هذا؟ بضائره

العرب تعرف ما انكرت و العجم



يغضي حياء و يغضي من مهابته

و لا يكلم الا حين يبتسم



ينمي الي ذروة العز التي قصرت

عن نيلها عرب الاسلام و الأمم



من جده دان فضل الأنبياء له

و فضل أمته دانت له الأمم



ينشق نور الهدي عن صبح غرته

كالشمس ينجاب عن اشراقها الظلم



مشتقة من رسول الله نيعته

طابت عناصره و الخيم و الشيم



الله شرفه قدما و فضله

جري بذاك له في لوحه القلم





[ صفحه 143]



كلتا يديه غياث عم نفعهما

بستوكفان و لا يغروهما العدم



سهل الخليقة لا يخشي بوادره

يزينه اثنتان الخلق و الكظم



حمال أثقال أقوام اذا فدحوا

رحب الفضاء أريب حين يعتزم



عم البرية بالأحسان فأنقشعت

عنها العماية و الاملاق و الظلم



من معشر حبهم دين و بعضهم

كفر و قربهم ملجا و معتصم



لا يستطيع جواد بعد غايتهم

و لا يدانيهم قوم و ان كرموا



هم الغيوث اذا ما أزمة أزمت

و الأسد أسد الشر او الرأي محتدم



لا ينقض العسر بسطا من أكفهم

سيان ذلك ان اثروا و ان عدموا



يستدفع السوء و البلوي بحبهم

و يسترق به الاحسان و النعم



مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل بر و مختوم به الكلم



يأبي لهم ان يحل الذم ساحتهم

خيم كريم و أيد بالندي هضم



من يعرف الله يعرف اولية ذا

الدين من بيت هذا ناله الأمم



هذا علي بن الحسين عليهماالسلام بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فغضب هشام و أمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة و المدينة فبعث اليه علي بألف دينار فردها و قال: انما قلت غضبا لله و رسوله فما آخذ عليه أجرا فقال علي عليه السلام نحن أهل بيت لا يعود الينا ما خرج منا فقبلها الفرزدق و هجي هشاما فقال:



أيحبسني بين المدينة و التي

اليها قلوب الناس يهوي منيبها



يقلب رأسأ لم يكن رأس سيد

و عينا له حولاء باد عيوبها



قال ابن الجوزي لم يذكر أبو نعيم في الحلية الا بعض هذه الأبيات الميمية و الباقي أخذته من ديوان الفرزدق [11] .



[ صفحه 144]



12. قال ابو اسحاق القيرواني: حج هشام بن عبدالملك او الوليد أخوه فطاف بالبيت و اراد استلام الحجر فلم يقدر فنصب له منبر فجلس عليه فبينا هو كذلك اذا أقبل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في ازار و رداء و كل من أحسن الناس وجها و أعطرهم رائحة و اكثرهم خشوعا بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز و طاف بالبيت و أتي ليستلم الحجر فتنحي له الناس هيبة و اجلالا فغاظ ذك هشاما فقال رجل من أهل الشام: من الذي اكرمه الناس هذا الاكرام و أعظموه هذا الاعظام؟ فقال هشام: لا أعرفه لئلا يعظم في صدور أهل الشام فقال الفرزدق و كان حاضرا:



هذا ابن خير عبادالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



هذا الذي ترعف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم [12] .



13. ابن المغازلي أخبرنا أبو محمد الحسن بن موسي الغندجاني قال: أخبرنا أبو أحمد عبيدالله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي حدثنا محمد بن يحيي الصولي، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال: حج هشام بن عبدالملك، في خلافة الوليد، فكان اذا اراد استلام الحجر زوحم عليه و حج علي بن الحسين عليهماالسلام فكان اذا دنا من الحجر يفرق عنه الناس اجلالا له فوجم لذلك هشام و قال: من هذا؟ فما أعرفه؟ و كان الفرزدق واقفا فأقبل علي هشام، فقال:



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



هذا ابن خير عبادالله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



اذا رأته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم





[ صفحه 145]



في كفه خيزران ريحه عبق

من كف أروع في عرنينه شمم



يغضي حياء و يغضي من مهابته

و لا يكلم الا حين يبتسم



فليس قولك من هذا بضائره

العرب يعرف من انكرت و العجم [13] .




پاورقي

[1] الارشاد: 242.

[2] الخرائج: 240.

[3] المناقب: 265:2.

[4] كشف الغمة: 79:2.

[5] الاختصاص:191.

[6] كذا في الأصل.

[7] الاختصاص: 194.

[8] روضة الواعظين: 171.

[9] امالي المرتضي: 76:1.

[10] حلية الاولياء: 139:3.

[11] تذكرة الخواص: 329.

[12] زهر الاداب: 103:1.

[13] مناقب ابن المغازلي: 392.