بازگشت

في المناجاة «المعروفه بالانجيليه الوسطي»


سبحانك يا الهي ما احلمك و اعظمك و اعزك و اكرمك و اعلاك و اقدمك و احكمك و اعلمك! وسع علمك تمرد المتكبرين، و استغرقت نعمتك شكر الشاكرين، و عظم فضلك عن احصاء المحصين، و جل طولك عن وصف الواصفين.

خلقتنا بقدرتك و لم نك شيئا، و صورتنا في الظلماء بكنه لطفك، و انهضتنا الي نسيم روحك، و غذوتنا بطيب رزقك، و مكنت لنا في مهاد ارضك، و دعوتنا الي طاعتك، فاستنجدنا باحسانك علي عصيانك، و لولا حلمك ما امهلتنا اذ كنت قد سدلتنا بسترك، و اكرمتنا بمعرفتك، و اظهرت علينا حجتك، و اسبغت علينا نعمتك، و هديتنا الي توحيدك، و سهلت لنا المسلك الي النجاه، و حذرتنا سبيل المهلكه، فكان جزاوك منا ان كافاناك علي الاحسان بالاساءه اجتراء منا علي ما اسخط، و مسارعه الي ما باعد من رضاك و اغتباطا بغرور آمالنا، و اعراضا علي زواجر آجالنا، فلم يردعنا ذلك.



[ صفحه 469]



حتي اتانا وعدك، لياخذ القوه منا، فدعوناك مستحطين لميسور رزقك، منتقصين لجوائزك، فنعمل باعمال الفجار كالمراصدين لمثوبتك بوسائل الابرار، نتمني عليك العظائم.

فانا لله و انا اليه راجعون من مصيبه عظمت رزيتها، و ساء ثوابها، و ظل عقابها، و طال عذابها، ان لم تتفضل بعفوك ربنا، فتبسط آمالنا، و في وعدك العفو عن زللنا.

رجونا اقالتك و قد جاهرناك بالكبائر، و استخفينا فيها من اصاغر خلقك، و لا نحن راقبناك خوفا منك و انت معنا، و لا استحيينا منك و انت ترانا، و لا رعينا حق حرمتك. اي رب فباي وجه عز وجهك نلقاك؟ او باي لسان نناجيك و قد نقضنا العهود بعد توكيدها و جعلناك علينا كفيلا؟!

ثم دعوناك عند البليه و نحن مقتحمون في الخطيئه، فاجبت دعوتنا و كشفت كربتنا، و رحمت فقرنا و فاقتنا، فياسواتاه و يا سوء صنيعاه، باي حاله عليك اجترانا؟ و اي تغرير بمهجنا غررنا؟ اي رب بانفسنا استخففنا عند معصيتك لا بعظمتك، و بجهلنا اغتررنا لا بحلمك، و حقنا اضعنا لا كبير حقك، و انفسنا ظلمنا، و رحمتك رجونا، فارحم تضرعنا و كبونا لوجهك وجوهنا المسوده من ذنوبنا.

فنسالك ان تصلي علي محمد و آل محمد و ان تصل خوفنا بامنك،



[ صفحه 470]



و وحشتنا بانسك، و وحدتنا بصحبتك، و فناءنا ببقائك، و ذلنا بعزك، وضعفنا بقوتك، فانه لا ضيعه علي من حفظت، و لا ضعف علي من قويت، و لا وهن علي من اعنت.

نسالك يا واسع البركات، و يا قاضي الحاجات، و يا منجح الطلبات، ان تصلي علي محمد و آل محمد، و ان ترزقنا خوفا و حزنا تشغلنا بهما عن لذات الدنيا و شهواتها، و ما يعترض لنا فيها عن العمل بطاعتك، انه لا ينبغي لمن حملته من نعمك ما حملتنا ان يغفل عن شكرك، و ان يتشاغل بشي ء غيرك، يا من هو عوض من كل شي ء و ليس منه عوض.

ربنا فداونا قبل التعلل، و استعملنا بطاعتك قبل انصرام الاجل، و ارحمنا قبل ان يحجب دعاونا فيما نسال، و امنن علينا بالنشاط، و اعذنا من الفشل و الكسل و العجز، و العلل و الضرر، و الضجر و الملل، و الرياء و السمعه، و الهوي و الشهوه، و الاشر و البطر، و المرح و الخيلاء و الجدال و المرآء، و السفه و العجب و الطيش، و سوء الخلق و الغدر، و كثره الكلام فيما لا تحب، و التشاغل بما لا يعود علينا نفعه، و طهرنا من اتباع الهوي و مخالطه السفهاء، و عصيان العلماء و الرغبه عن القراء، و مجالسه الدناه، و اجعلنا ممن يجالس اولياءك و لا تجعلنا من المقارنين لاعدائك، و احينا حياه الصالحين، و ارزقنا



[ صفحه 471]



قلوب الخائفين، و حذر اهل اليقين، و صبر الزاهدين، و خوف المتقين، و قناعه المنيبين و يقين الصابرين، و اعمال العابدين، و حرص المشتاقين، حتي توردنا جنتك غير معذبين.

اللهم اني اسالك العمل بفرائضك، و التمسك بسنتك، و الوقوف عند نهيك، و الطاعه لاهل طاعتك، و الانتهاء عن محارمك.

اللهم ارزقنا معروفا في غير اذي و لا منه، و عزا بك في غير ضلاله، و تثبيتا و يقينا و تذكرا و قناعه و تعففا و غني عن الحاجه الي المخلوقين، و لا تجعل وجوهنا مبذوله لا حد من العالمين، فانه من حمل فضل غيره من الادميين خضع له، فلم ينهه عن باطل و لم يبغضه علي معصيه، بل اجعل ارزاقنا من عندك داره و اعمالنا مبروره، و اعذنا من الميل الي اهل الدنيا، و التصنع لهم بشي ء من الاشياء.

اللهم و ما اجريت علي السنتنا من نور البيان، و ايضاح البرهان، فاجعله نورا لنا في قبورنا و مبعثنا، و محيانا و مماتنا، و عزا لنا لا ذلا علينا و امنا لنا من محذور الدنيا و الاخره يا ارحم الراحمين.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين اسرعت ارواحهم في العلي، و خطت هممهم في عز الوري، فلم تزل قلوبهم الهه طائره، حتي اناخوا في رياض النعيم، و جنوا من ثمار النسيم، و شربوا بكاس العيش، و خاضوا لجه السرور، و غاصوا في بحر الحياه



[ صفحه 472]



و استظلوا في ظل الكرامه، آمين رب العالمين.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا ممن جاسوا خلال ديار الظالمين و استوحشوا من موانسه الجاهلين، و سموا الي العلو بنور الاخلاص، و ركبوا في سفينه النجاه، و اقلعوا بريح اليقين، و ارسوا بشط بحار الرضا يا ارحم الراحمين.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين غلقوا باب الشهوه من قلوبهم، و استنقذوا من الغفله انفسهم، و استعذبوا مراره العيش، و استلانوا البسط، و ظفروا بحبل النجاه، و عروه السلامه و المقام في دار الكرامه.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين تمسكوا بعروه العلم، و ادبوا انفسهم بالفهم، و قراوا صحيفه السيئات، و نشروا ديوان الخطيئات، و تجرعوا مراره الكمد حتي سلموا من الافات، و وجدوا الراحه في المنقلب.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين غرسوا اشجار الخطايا نصب روامق القلوب، و سقوها من ماء التوبه حتي اثمرت لهم ثمر الندامه، فاطلعتهم علي ستور خفيات العلي، و آمنتهم من المخاوف و الاحزان و الغموم و الاشجان و نظروا في مرآه



[ صفحه 473]



الفكر، فابصروا جسيم الفطنه، و لبسوا ثوب الخدمه.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين شربوا بكاس الصفاء فاورثتهم الصبر علي طول البلاء، فقرت اعينهم بما وجدوا من العين حتي تولهت قلوبهم في الملكوت و جالت بين سرائر حجب الجبروت، و مالت ارواحهم الي ظل برد المشتاقين، في رياض الراحه، و معدن العز، و عرصات المخلدين.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين رتعوا في زهره ربيع الفهم حتي تسامي بهم السمو الي اعلي عليين، فرسموا ذكر هيبتك في قلوبهم، حتي ناجتك السنه القلوب الخفيه، بطول استغفار الوحده في محاريب قدس رهبانيه الخاشعين، و حتي لا ذت ابصار القلوب نحو السماء، و عبرت اعين النواحين بين مصاف الكروبيين و مجالسه الروحانيين، لهم زفرات احرقت القلوب عند ارسال الفكر في مراتع الاحسان بين يديك، و انضجت نار الخشيه منابت الشهوات من قلوبهم، و سكنت بين خوافي طابق العضلات من صدورهم، فانبه الذكر رقاد قلوبهم.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين اشتغلوا



[ صفحه 474]



بالذكر عن الشهوات، و خالفوا دواعي العزه بواضحات المعرفه، و اطفاوا نار الشهوات بنضح ماء التوبه، و غسلوا اوعيه الجهل بصفو ماء الحياه، حتي جالت في مجالس الذكر رطوبه السنه الذاكرين.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا ممن سهلت له طريق الطاعه بالتوفيق في منازل الابرار، فحيوا و قربوا و اكرموا و زينوا بخدمتك.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين ارسلت عليهم ستور عصمه الاولياء، و خصت قلوبهم بطهاره الصفاء، و زينتها بالفهم و الحياء في منزل الاصفياء، و سيرت هممهم في ملكوت سماواتك حجبا حجبا، حتي ينتهي اليك واردها، و متع ابصارنا بالجولان في جلالك، لتسهرنا عما نامت عنه قلوب الغافلين، و اجعل قلوبنا معقوده بسلاسل النور، و علقها من اركان عرشك باطناب الذكر، و اشغلها بالنظر اليك عن شر مواقف المختانين و اطلقها من الاسر لتجول في خدمتك مع الجوالين، و اجعلنا بخدمتك للعباد و الابدال في اقطارها طلابا، و للخاصه من اصفيائك اصحابا، و للمريدين المتعلقين ببابك احبابا.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين عرفوا



[ صفحه 475]



انفسهم، و ايقنوا بمستقرهم، فكانت اعمارهم في طاعتك تفني، و قد نحلت اجسادهم بالحزن و ان لم تبل، و هدت الي ذكرك و ان لم تبلغ الي مستراح الهدي.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلنا من الذين فتقت لهم رتق عظيم غواشي جفون حدق عيون القلوب حتي نظروا الي تدابير حكمتك، و شواهد حجج بيناتك، فعرفوك بمحصول فطن القلوب، و انت في غوامض سترات حجب الغيوب فسبحانك اي عين يرمي بها نصب نورك، ام ترقي الي نور ضياء قدسك؟! او اي فهم يفهم ما دون ذلك الا الابصار التي كشفت عنها حجب العميه؟! فرقت ارواحهم علي اجنحه الملائكه، فسماهم اهل الملكوت زوارا، و اسماهم اهل الجبروت عمارا، فترددوا في مصاف المسبحين، و تعلقوا بحجاب القدره، و ناجوا ربهم عند كل شهوه، فخرقت قلوبهم حجب النور، حتي نظروا بعين القلوب الي عز الجلال في عظم الملكوت، فرجعت القلوب الي الصدور علي النيات بمعرفه توحيدك، فلا اله الا انت وحدك لا شريك لك، تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

الهي في هذه الدنيا هموم و احزان و غموم و بلاء، و في الاخره



[ صفحه 476]



حساب و عقاب. فاين الراحه و الفرج؟

الهي خلقتني بغير امري، و تميتني بغير اذني، و وكلت بي عدوا لي له علي سلطان يسلك بي البلايا مغرورا، و قلت لي: «استمسك» فكيف استمسك ان لم تمسكني؟!

اللهم صل علي محمد و آل محمد و ثبتني بالقول الثابت في الدنيا و الاخره، و ثبتني بالعروه الوثقي التي لا انفصام لها يا ارحم الراحمين. يا من قال «ادعوني» «فاني قريب اجيب دعوه الداع اذا دعان» و قد دعوتك يا الهي كما امرتني، فاستجب لي كما وعدتني انك لا تخلف الميعاد.

اللهم صل علي محمد و آل محمد و اغفرلي و لوالدي و ما ولدا، و من ولدت و ما توالدوا، و لاهلي و ولدي و اقاربي و اخواني فيك و جيراني من المومنين و المومنات، الاحياء منهم و الاموات «و لا خواننا الذين سبقونا بالايمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رووف رحيم»