بازگشت

في المناجاة «المعروفه بالانجيليه الطويله»


بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم بذكرك استفتح مقالي، و بشكرك استنجح سوالي، و عليك اتوكل في كل احوالي، و اياك آمل فلا تخيب آمالي.

اللهم بذكرك استعيذ و اعتصم و بركنك الوذ و اتحزم، و بقوتك استجير و استنصر، و بنورك اهتدي و استبصر، و اياك استعين و اعبد، و اليك اقصد و اعمد، و بك اخاصم و اجادل، و منك اطلب ما اجاول، فاعني يا خير المعينين، وقني المكاره كلها يا رجاء المومنين.

الحمد لله المذكور بكل لسان، المشكور علي كل احسان، المعبود في كل مكان، مدبر الامور، و مقدر الدهور، و العالم بما تجنه البحور، و تكنه الصدور، و يخفيه الظلام، و يبديه النور الذي حار في علمه العلماء، و سلم لحكمه الحكماء، و تواضع لعزته العظماء، و فاق بسعه فضله الكرماء، و ساد بعظيم حلمه الحلماء، و الحمد لله الذي لا يخفر من انتصر بذمته، و لا يقهر من استتر بعظمته



[ صفحه 436]



و لا يكدي من اذاع شكر نعمته، و لا يهلك من تغمده برحمته ذي المنن التي لا يحصيها العادون، و النعم التي لا يجازيها المجتهدون و الصنائع التي لا يستطيع دفعها الجاحدون، و الدلائل التي يستبصر بنورها الموجودون، احمده جاهرا بحمده، شاكرا لرفده، حمد موفق لرشده، واثق بوعده له الشكر الدائم، و الامر اللازم.

اللهم اياك اسال، و بك اتوسل، و عليك اتوكل، و بفضلك اغتنم، و بحبلك اعتصم، و في رحمتك ارغب، و من نقمتك ارهب، و بعونك استعين، و لعظمتك استكين.

اللهم انت الولي المرشد، و الغني المرفد، و العون المويد، الراحم الغفور، و العاصم المجير، و القاصم المبير و الخالق الحكيم و الرازق الكريم، و السابق القديم.

علمت فخبرت، و حلمت فسترت، و رحمت فغفرت، و عظمت فقهرت، و ملكت فاستاثرت و ادركت فاقتدرت، و حكمت فعدلت، و انعمت فافضلت، و ابدعت فاحسنت، و صنعت فاتقنت، وجدت فاغنيت، و ايدت فكفيت، و خلقت فسويت، و وفقت فهديت.



[ صفحه 437]



بطنت الغيوب فخبرت مكنون اسرارها، و حلت بين القلوب و بين تصرفها علي اختيارها، فايقنت البرايا انك مدبرها و خالقها، و اذعنت انك مقدرها و رازقها، لا اله الا انت تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

اللهم اني اشهدك و انت اقرب الشاهدين، و اشهد من حضرني من ملائكتك المقربين، و عبادك الصالحين، من الجنه و الناس اجمعين.

اني اشهد بسريره زكيه، و بصيره من الشك بريه، شهاده اعتقدها باخلاص و ايقان، و اعدها طمعا في الخلاص و الامان، اسرها تصديقا بربوبيتك، و اظهرها تحقيقا لوحدانيتك لا اصد عن سبيلها، و لا الحد في تاويلها، انك انت الله ربي لا اشرك بك احدا، و لا اجد من دونك ملتحدا لا اله الا الله وحده لا شريك له، الواحد الذي لا يدخل في عدد، و الفرد الذي لا يقاس باحد، علا عن المشاكله و المناسبه و خلا من الاولاد و الصاحبه، سبحانه من خالق ما اصنعه، و رازق ما اوسعه، و قريب ما ارفعه، و مجيب ما اسمعه، و عزيز ما امنعه «له المثل الاعلي في السماوات و الارض و هو العزيز الحكيم».



[ صفحه 438]



و اشهد ان محمدا نبيه المرسل، و وليه المفضل، و شهيده المعدل المويد بالنور المضي، و المسدد بالامر المرضي، بعثه بالاوامر الشافيه، و الزواجر الناهيه، و الدلائل الهاديه، التي اوضح برهانها، و شرح بيانها في كتاب مهيمن علي كل كتاب، جامع لكل رشد و صواب، فيه نبا القرون و تفصيل الشوون، و فرض الصلاه و الصيام، و الفرق بين الحلال و الحرام، فدعي الي خير سبيل، و شفي من هيام الغليل، حتي علا الحق و ظهر، و زهق الباطل و انحسر صلي الله عليه و آله صلاه دائمه ممهده، لا تنقضي لها مده، و لا تنحصر لها عده.

اللهم صل علي محمد و آل محمد ما جرت النجوم في الابراج و تلاطمت البحور بالامواج، و ما ادلهم ليل داج و اشرق نهار ذو ابتلاج و صل عليه و آله ما تعاقبت الايام، و تناوبت الاعوام، و ما خطرت الاوهام، و تدبرت الافهام، و ما بقي الانام.

اللهم صل علي محمد خاتم الانبياء، و آله البرره الاتقياء، و علي عترته النجباء الخيره الاصفياء، صلاه مقرونه بالتمام و النماء، و باقيه بلا فناء و لا انقضاء.

اللهم رب العالمين، و احكم الحاكمين، و ارحم الراحمين



[ صفحه 439]



اسالك من الشهاده اقسطها و من العباده انشطها، و من الزياده ابسطها، و من الكرامه اغبطها، و من السلامه احوطها، و من الاعمال اوسطها و من الامال اوفقها، و من الاقوال اصدقها، و من المحال اشرفها، و من المنازل الطفها، و من الحياطه اكنفها و من الرعايه اعطفها، و من العصمه اكفاها، و من الراحه اشفاها، و من النعمه اوفاها، و من الهمم اعلاها، و من القسم اسناها و من الارزاق اغزرها، و من الاخلاق اطهرها، و من المذاهب اقصدها و من العواقب احمدها، و من الامور ارشدها، و من التدابير اوكدها و من الجدود اسعدها، و من الشوون اعودها و من الفوائد ارجحها، و من العوائد انجحها، و من الزيادات اتمها، و من البركات اعمها، و من الصالحات اعظمها.

اللهم اني اسالك قلبا خاشعا زكيا، و لسانا صادقا عليا، و رزقا واسعا هنيا، و عيشا رغدا مريئا.

و اعوذبك من ضنك المعاش، و من شر كل ساع و واش، و غلبه الاضداد و الاوباش و كل قبيح باطن او فاش.

و اعوذبك من دعاء محجوب، و رجاء مكذوب، و حياء مسلوب



[ صفحه 440]



و اخاء معبوب و احتجاج مغلوب، و راي غير مصيب.

اللهم انت المستعان و المستعاذ، و عليك المعول و بك الملاذ، فانلني لطائف مننك فانك لطيف، و لا تبتلني بمحنك فاني ضعيف، و تولني بعطف تحننك يا رووف، يا من آوي المنقطعين اليه، و اغني المتوكلين عليه، جد بغناك علي فاقتي، و لا تحملني فوق طاقتي.

اللهم اجعلني من الذين جدوا في قصدك فلم ينكوا و سلكوا الطريق اليك فلم يعدلوا، و اعتمدوا عليك في الوصول حتي و صلوا، فرويت قلوبهم من محبتك، و انست نفوسهم بمعرفتك، فلم يقطعهم عنك قاطع، و لا منعهم عن بلوغ ما املوه لديك مانع، فهم فيما اشتهت انفسهم خالدون «لا يحزنهم الفزع الاكبر و تتلقاهم الملائكه هذا يومكم الذي كنتم توعدون».

اللهم لك قلبي و لساني، و بك نجاتي و اماني، و انت العالم بسري و اعلاني، فامت قلبي عن البغضاء، و اصمت لساني عن الفحشاء، و اخلص سريرتي عن علائق الاهواء، و اكفني بامانك من عوائق الضراء.

و اجعل سري معقودا علي مراقبتك، و اعلاني موافقا لطاعتك،



[ صفحه 441]



وهب لي جسما روحانيا، و قلبا سماويا، و همه متصله بك، و يقينا صادقا في حبك، و الهمني من محامدك امدحها، وهب لي من فوائدك اسمحها، انك ولي الحمد و المستولي علي المجد.

يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين، و لا يزيد جبروته ايمان الموحدين، اليك استشفع بقديم كرمك، ان لا تسلبني ما منحتني من جسيم نعمك، و اصرفني بحسن نظرك لي عن ورطه المهالك، و عرفني بجميل اختيارك لي منجيات المسالك.

يا من قربت رحمته من المحسنين، و اوجب عفوه للاوابين، بلغنا برحمتك غنائم البر و الاحسان، و جللنا بنعمتك ملابس العفو و الغفران، و اصحب رغباتنا بحياء يقطعها عن الشهوات، و احش قلوبنا نورا يمنعها من الشبهات، و اودع نفوسنا خوف المشفقين من سوء الحساب، و رجاء الواثقين بتوفير الثواب، فلا نغتر بالامهال و لا نقصر في صالح الاعمال، و لا نفتر عن التسبيح بحمدك في الغدو و الاصال.

يا من آنس العارفين بطول مناجاته، و البس الخائفين ثوب موالاته.

متي فرح من قصدت سواك همته؟! و متي استراح من ارادت غيرك عزيمته؟! و من ذا الذي قصدك بصدق الاراده فلم تشفعه في



[ صفحه 442]



مراده؟! ام من ذا الذي اعتمد عليك في امره فلم تجد باسعاده؟! ام من ذا الذي استرشدك فلم تمنن بارشاده؟!

اللهم عبدك الضعيف الفقير، و مسكينك اللهيف المستجير، عالم ان في قبضتك ازمه التدبير، و مصادر المقادير عن ارادتك و انك قد اقمت بقدسك حياه لكل شي ء، و جعلته نجاه لكل حي، فارزقه من حلاوه مصافاتك ما يصير به الي مرضاتك، و هب له من خشوع التذلل و خضوع التبتل في رهبه الاخبات و سلامه المحيا و الممات، ما تحضره به كفايه المتوكلين، و تميره به رعايه المكفولين، و تعيره به ولايه المتصلين المقبولين.

يا من هو ابر بي من الوالد الشفيق، و اقرب الي من الصاحب اللزيق.

انت موضع انسي في الخلوه اذا اوحشني المكان، و لفظتني الاوطان، و فارقتني الالاف و الجيران، و انفردت في محل ضنك قصير السمك ضيق الضريح مطبق الصفيح، مهول منظره، ثقيل مدره، مستقله بالوحشه عرصته، مغشاه بالظلمه ساحته، علي غير مهاد و لا وساد، و لا تقدمه زاد، و لا اعتداد لمعاد،



[ صفحه 443]



فتداركني برحمتك التي وسعت الاشياء اكنافها و جمعت الاحياء اطرافها، و عمت البرايا الطافها، وعد علي بعفوك يا كريم، و لا تواخذني بجهلي يا رحيم.

اللهم ارحم من اكتنفته سيئاته، و احاطت به خطيئاته، و حفت به جناياته، بعفوك ارحم من ليس له من عمله شافع، و لا يمنعه من عذابك مانع، ارحم الغافل عما اضله، و الذاهل عن الامر الذي خلق له، ارحم من نقض العهد و غدر، و علي معصيتك انطوي و اصر، و جاهرك بجهله و ما استتر، ارحم من القي عن راسه قناع الحياء، و حسر عن ذراعيه جلباب الاتقياء، و اجترا علي سخطك بارتكاب الفحشاء، فيا من لم يزل عفوا غفارا ارحم من لم يزل مسقطا عثارا.

اللهم اغفرلي ما مضي مني، و اختم لي بما ترضي به عني، و اعقد عزائمي علي توبه بك متصله و لديك متقبله، تقيلني بها عثراتي، و تستر بها عوراتي، و ترحم بها عبراتي، و تجيرني بها اجاره من معاطب انتقامك، و تنيلني بها المسره بمواهب انعامك، يوم تبرز الاخبار، و تعظم الاخطار، و تبلي الاسرار، و تهتك الاستار، و تشخص القلوب و الابصار «يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنه و لهم سوء



[ صفحه 444]



الدار» انك معدن الالاء و الكرم، و صارف اللاواء و النقم، لا اله الا انت عليك اعتمد و بك استعين، و انت حسبي و كفي بك وكيلا.

يا مالك خزائن الاقوات و فاطر اصناف البريات، و خالق سبع طرائق مسلوكات من فوق سبع ارضين مذللات، العالي في وقار العز و المنعه، و الدائم في كبرياء الهيبه و الرفعه، و الجواد بنيله علي خلقه من سعه، ليس له حد و لا امد، و لا يدركه تحصيل و لا عدد، و لا يحيط بوصفه احد.

الحمد لله خالق امشاج النسم و مولج الانوار في الظلم، و مخرج الموجود من العدم، و السابق الازليه بالقدم، و الجواد علي الخلق بسوابغ النعم، و العواد عليهم بالفضل و الكرم، الذي لا يعجزه كثره الانفاق، و لا يمسك خشيه الاملاق، و لا ينقصه ادرار الارزاق، و لا يدرك باناسي الاحداق و لا يوصف بمضامه و لا افتراق.

احمده علي جزيل احسانه، و اعوذ به من حلول خذلانه، و استهديه بنور برهانه، و اومن به حق ايمانه.

و اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، الذي عم الخلائق جدواه و تم حكمه فيمن اضل منهم و هداه، و احاط علما بمن



[ صفحه 445]



اطاعه و عصاه، و استولي علي الملك بعز ابد فحواه، فسبحت له السماوات و اكنافها، و الارض و اطرافها، و الجبال و اعرافها و الشجر و اغصانها، و البحار و حيتانها، و النجوم في مطالعها، و الامطار في مواقعها، و وحوش الارض و سباعها، و مدد الانهار و امواجها، و عذب المياه و اجاجها، و هبوب الرياح و عجاجها و كل ما وقع عليه وصف و تسميه، او يدركه حد يحويه مما يتصور في الفكر، او يتمثل بجسم او قدر، او ينسب الي عرض او جوهر من صغير حقير، او خطير كبير، مقرا له بالعبوديه خاشعا، معترفا له بالوحدانيه طائعا، مستجيبا لدعوته خاضعا، متضرعا لمشيته متواضعا، له الملك الذي لا نفاد لديموميته و لا انقضاء لعدته.

و اشهد ان محمدا عبده الكريم، و رسوله الطاهر المعصوم، بعثه و الناس في غمره الضلاله ساهون، و في غره الجهاله لا هون، لا يقولون صدقا و لا يستعملون حقا، قد اكتنفتهم القسوه، و حقت عليهم الشقوه، الا من احب الله انقاذه، و رحمه و اعانه، فقام محمد صلوات الله عليه و آله فيهم مجدا في انذاره، مرشدا لانواره، بعزم ثاقب و حكم واجب، حتي تالق شهاب الايمان، و تفرق حزب الشيطان



[ صفحه 446]



و اعز الله جنده، و عبد وحده.

ثم اختاره الله فرفعه الي روح جنته، و فسيح كرامته، فقبضه تقيا زكيا راضيا مرضيا طاهرا نقيا «و تمت كلمه ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته و هو السميع العليم» صلي الله عليه و علي آله و اقربيه، و ذوي رحمه و مواليه، صلاه جليله جزيله، موصوله مقبوله، لا انقطاع لمزيدها، و لا اتضاع لمشيدها، و لا امتناع لصعودها، تنتهي الي مقر ارواحهم، و مقام فلاحهم، فيضاعف الله لهم تحياتها، و يشرف لديهم صلواتها، فتتلقاهم مقرونه بالروح و السرور، محفوفه بالنضاره و النور، دائمه بلا فناء و لا فتور.

اللهم اجعل اكمل صلواتك و اشرفها، و اجمل تحياتك و الطفها، و اشمل بركاتك و اعطفها، و اجل هباتك و ارافها علي محمد خاتم النبيين و اكرم المرسلين المبعوث في الاميين، و علي اهل بيته الاصفياء الطاهرين، و عترته النجباء المختارين، و شيعته الاوفياء الموازرين من انصاره و المهاجرين، و ادخلنا في شفاعته يوم الدين مع من دخل في زمرته من الموحدين، يا اكرم الاكرمين و يا ارحم الراحمين.

اللهم انت الملك الذي لا يملك و الواحد الذي لا شريك لك، يا سامع السر و النجوي، و يا دافع الضر و البلوي، و يا كاشف



[ صفحه 447]



العسر و البوسي، و قابل العذر و العتبي و مسبل الستر علي الوري جللني من رافتك بامر واق، و اشملني من رعايتك بركن باق، و اوصلني بعنايتك الي غايه السباق، و اجعلني برحمتك من اهل الرعايه للميثاق، و اعمر قلبي بخشيه ذوي الاشفاق، يا من لم يزل فعله بي حسنا جميلا، و لم يكن بستره علي بخيلا، و لا بعقوبته علي عجولا، اتمم علي ما ظاهرت من تفضلك، و لا تواخذني بما سترت علي عند نظرك.

سيدي كم من نعمه ظللت لا نيق بهجتها لا بسا، و كم اسديت عندي من يد قد طفقت بهدايتها منافسا، و كم قلدتني من منه ضعفت قواي عن حملها، و ذهلت فطنتي عن ذكر فضلها، و عجز شكري عن جزائها، وضقت ذرعا باحصائها، قابلتك فيها بالعصيان، و نسيت شكر ما اوليتني فيها من الاحسان، فمن اسوء حالا مني ان لم تتداركني بالغفران، و توزعني شكر ما اصطنعت عندي من فوائد الامتنان؟! فلسمت مستطيعا لقضاء حقوقك ان لم تويدني بصحه توفيقك.

سيدي لو لا نورك عميت عن الدليل، و لولا تبصيرك ضللت عن السبيل، و لولا تعريفك لم ارشد للقبول، و لو لا توفيقك لم اهتد الي



[ صفحه 448]



معرفه التاويل.

فيامن اكرمني بتوحيده، و عصمني عن الضلاله بتسديده، و الزمني اقامه حدوده، لا تسلبني ما وهبت لي من تحقيق معرفتك، و احيني بيقين اسلم به من الالحاد في صفتك، يا خير من رجاه الراجون، و اراف من لجا اليه اللاجون، و اكرم من قصده المحتاجون، ارحمني اذا انقطع معلوم عمري، و درس ذكري، و انمحي اثري، و بوئت في الضريح مرتهنا بعملي، مسئوولا عما اسلفته من فارط زللي، منسيا كمن نسي من الاموات ممن كان قبلي.

رب سهل لي توبه اليك، و اعني عليها، و احملني علي محجه الاخبات لك، و ارشدني اليها، فان الحول و القوه بمعونتك، و الثبات و الانتقال بقدرتك.

يا من هو ارحم لي من الوالد الشفيق، و ابربي من الولد الرفيق، و اقرب الي من الجار اللصيق، قرب الخير من متناولي، و اجعل الخيره العامه فيما قضيت لي، و اختم لي بالبر و التقوي عملي، و اجرني من كل عائق يقطعني عنك، و كل قول و فعل يباعدني منك، و ارحمني رحمه تشفي بها قلبي من كل شبهه معترضه، و بدعه ممرضه.



[ صفحه 449]



سيدي خاب رجاء من رجا سواك، و ظفرت يدا من بحاجته ناجاك، و ضل من يدعو العباد لكشف ضره الا اياك، انت المومل في الشده و الرخاء، و المفزع في كل كربه و ضراء، و المستجار به من كل فادحه و لاواء، لا يقنط من رحمتك الا من تولي و كفر، و لا يياس من روحك الا من عصي و اصر، انت وليي في الدنيا و الاخره، توفني مسلما و الحقني بالصالحين.

يا من لا يحرم زواره عطاياه، و لا يسلم من استجاره و استكفاه، املي واقف علي جدواك، و وجه طلبتي منصرف عمن سواك، و انت الملي بتيسير الطلبات، و الوفي بتكثير الرغبات، فانجح لي المطلوب من فضلك برحمتك، و اسمح لي بالمرغوب فيه من بذلك بنعمتك.

سيدي ضعف جسمي، و دق عظمي، و كبر سني، و نال الدهر مني، و نفدت مدتي، و ذهبت شهوتي، و بقيت تبعتي، فجد بحلمك علي جهلي، و بعفوك علي قبيح فعلي، و لا تواخذني بما كسبت من الذنوب العظام في سالف الايام.

سيدي انا المعترف باساءتي، المقر بخطائي، الماسور باجرامي المرتهن بآثامي، المتهور باساءتي، المتحير عن قصد طريقي انقطعت مقالتي، و ضل عمري، و بطلت حجتي في عظيم وزري،



[ صفحه 450]



فامنن علي بكريم غفرانك، و اسمح لي بعظيم احسانك، فانك ذو مغفره للطالبين، شديد العقاب للمجرمين.

سيدي ان كان صغر في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك املي. سيدي كيف انقلب من عندك بالخيبه محروما وظني بك انك تقلبني بالنجاه مرحوما؟! سيدي لم اسلط علي حسن ظني بك قنوط الايسين، فلا تبطل لي صدق رجائي لك في الاملين. سيدي عظم جرمي اذ بارزتك باكتسابه، و كبر ذنبي اذ جاهرتك بارتكابه، الا ان عظيم عفوك يسع المعترفين، و جسيم غفرانك يعم التوابين.

سيدي ان دعاني الي النار مخشي عقابك، فقد دعاني الي الجنه مرجو ثوابك. سيدي ان اوحشتني الخطايا من محاسن لطفك، فقد آنسني اليقين بمكارم عطفك، و ان انامتني الغفله عن الاستعداد للقائك، فقد ايقظتني المعرفه بقديم آلائك، و ان عزب لبي عن تقديم ما يصلحني، فلم يعزب ايقاني بنظرك الي فيما ينفعني، و ان انقرضت بغير ما احببت من السعي ايامي، فبالايمان امضيت السالفات من اعوامي.

سيدي جئت ملهوفا قد لبست عدم فاقتي، و اقامني مقام الاذلاء



[ صفحه 451]



بين يديك ضر حاجتي. سيدي كرمت بكرمك فاكرمني اذ كنت من سوالك، وجدت بمعروفك فاخلطني باهل نوالك.

اللهم ارحم مسكينا لا يجيره الا عطاوك، و فقيرا لا يغنيه الا جدواك.

سيدي اصبحت علي باب من ابواب منحك سائلا، و عن التعرض لسواك عادلا و ليس من جميل امتنانك رد سائل ملهوف، و مضطر لانتظار فضلك المالوف. سيدي ان حرمتني رويه محمد صلي الله عليه و آله في دار السلام، و اعدمتني طوف الوصائف و الخدام، و صرفت وجه تاميلي بالخيبه في دار المقام، فغير ذلك منتني نفسي منك، يا ذا الطول و الانعام.

سيدي و عزتك لو قرنتني في الاصفاد، و منعتني سيبك من بين العباد، ما قطعت رجائي عنك، و لا صرفت وجه انتظاري للعفو منك. سيدي لو لم تهدني الي الاسلام لضللت، و لو لم تثبتني اذا لزللت و لو لم تشعر قلبي الايمان بك ما آمنت و لا صدقت، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، و لو لم تعرفني حقيقه معرفتك ما عرفت، و لو لم تدلن علي كريم ثوابك ما رغبت، و لو لم تبين لي اليم عقابك ما رهبت، فاسالك سيدي توفيقي لما يوجب ثوابك، و تخليصي مما يكسب عقابك.



[ صفحه 452]



سيدي ان اقعدني التخلف عن السبق مع الابرار، فقد اقامتني الثقه بك علي مدارج الاخيار. سيدي كل مكروب اليك يلتجي، و كل محزون اياك يرتجي، سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، و سمع المولون عن القصد بجودك فرجعوا، و سمع المجرمون بسعه رحمتك فطمعوا، حتي ازد حمت عصائب العصاه من عبادك ببابك و عجت اليك الالسن باصناف الدعاء في بلادك، فكل امل ساق صاحبه اليك محتاجا، و كل قلب تركه و جيب الخوف اليك مهتاجا.

سيدي و انت المسوول الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، و لم يردد راجيه فيزيله عن الحق الي المعاطب. سيدي ان اخطات طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها، فقد اصبت طريق الفرج بما فيه سلامتها. سيدي ان كانت نفسي استعبدتني متمرده علي بما يرجيها فقد استعبدتها الان علي ما ينجيها. سيدي ان اجحف بي زاد الطريق في المسير اليك، فقد اوصلته بذخائر ما اعددته من فضل تعويلي عليك.

سيدي اذا ذكرت رحمتك ضحكت لها عيون مسائلي، و اذا ذكرت



[ صفحه 453]



عقوبتك بكت لها جفون و سائلي. سيدي ادعوك دعاء من لم يدع غيرك في دعائه، و ارجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه. سيدي و كيف ارد عارض تطلعي الي نوالك، و انما انا في هذا الخلق احد عيالك. سيدي كيف اسكت بالافحام لسان ضراعتي، و قد اقلقني ما ابهم علي من تقدير عاقبتي؟!

سيدي قد علمت حاجه جسمي الي ما قد تكفلت لي من الرزق ايام حياتي، و عرفت قله استغنائي عنه بعد وفاتي، فيامن سمح لي به متفضلا في العاجل، لا تمنعنيه يوم حاجتي اليه في الاجل، فمن شواهد نعماء الكريم اتمام نعمائه، و من محاسن آلاء الجواد اكمال آلائه.

سيدي لولا ما جهلت من امري لم استقلك عثراتي و لولا ما ذكرت من شده التفريط لم اسكب عبراتي. سيدي فامح مثبتات العثرات بمسبلات العبرات، وهب كثير السيئات بقليل الحسنات.

سيدي ان كنت لا ترحم الا المجدين في طاعتك، فالي من يفزع المقصرون؟! و ان كنت لا تقبل الا من المجتهدين، فالي من يلجا الخاطئون؟! و ان كنت لا تكرم الا اهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون؟! و ان كان لا يفوز يوم الحشر الا المتقون، فبمن يستغيث المذنبون؟!



[ صفحه 454]



سيدي ان كان لا يجوز علي الصراط الا من اجازته براءه عمله، فاني بالجواز لمن لم يتب اليك قبل دنو اجله؟! و ان لم تجد الا علي من عمر بالزهد مكنون سريرته، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين سعي نقيته؟!

سيدي ان حجبت عن اهل توحيدك نظر تغمدك بخطيئاتهم اوقعهم غضبك بين المشركين بكرباتهم. سيدي ان لم تنشلنا يد احسانك يوم الورود اختلطنا في الخزي يوم الحشر بذوي الجحود، فاوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك، و اصف ما كدرته الجرائم بصفح صلاتك. سيدي ليس لي عندك عهد اتخذته، و لا كبير عمل اخلصته، الا اني واثق بكريم افعالك، راج لجسيم افضالك، عودتني من جميل تطولك عاده انت اولي باتمامها، و وهبت لي من خلوص معرفتك حقيقه انت المشكور علي الهامها.

سيدي ما جفت هذه العيون لفرط بكائها، و لا جادت هذه الجفون بفيض مائها، و لا اسعدها نحيب الباكيات الثاكلات لفقد عزائها الا لما اسلفته من عمدها و خطائها، و انت القادر سيدي علي كشف غمائها.

سيدي امرت بالمعروف و انت اولي به من المامورين،



[ صفحه 455]



و حضضت علي اعطاء السائلين و انت خير المسوولين، و ندبت الي عتق الرقاب و انت خير المعتقين، و حثثت علي الصفح عن المذنبين و انت اكرم الصافحين.

سيدي ان تلونا من كتابك سعه رحمتك، اشفقنا من مخالفتك، و فرحنا ببذل رحمتك، و اذا تلونا ذكر عقوبتك جددنا في طاعتك، و فرقنا من اليم نقمتك، فلا رحمتك تومننا و لا سخطك يويسنا.

سيدي كيف يتمنع من فيها من طوارق الرزايا، و قد رشق في كل دار منها سهم من سهام المنايا؟! سيدي ان كان ذنبي منك قد اخافني، فان حسن ظني بك قد اجارني، و ان كان خوفك قد اربقني فان حسن نظرك لي قد اطلقني. سيدي ان كان قد دنا مني اجلي و لم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب اوجه وسائل عللي.

سيدي من اولي بالرحمه منك ان رحمت؟ و من اعدل في الحكم منك ان عذبت؟ سيدي لم تزل برا بي ايام حياتي، فلا تقطع لطيف برك بي بعد وفاتي. سيدي كيف آيس من حسن نظرك بي بعد مماتي، و انت لم تولني الا جميلا في حياتي؟! سيدي عفوك اعظم من كل جرم، و نعمتك ممحاه لكل اثم.



[ صفحه 456]



سيدي ان كانت ذنوبي قد اخافتني، فان محبتي لك قد آمنتني، فتول من امري ما انت اهله، وعد بفضلك علي من قد غمره جهله، يا من السر عنده علانيه، و لا تخفي عليه من الغوامض خافيه، فاغفرلي ما خفي علي الناس من امري، و خفف برحمتك من ثقل الاوزار ظهري.

سيدي سترت علي ذنوبي في الدنيا و لم تظهرها، فلا تفضحني بها في القيامه و استرها، فمن احق بالستر منك يا ستار، و من اولي منك بالعفو عن المذنبين يا غفار؟! الهي جودك بسط املي، و سترك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب اجلي.

سيدي ليس اعتذاري اليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره، و لا تضرعي تضرع من يستنكف عن مسالتك لكشف ضره، فاقبل عذري يا خير من اعتذر اليه المسيئون، و اكرم من استغفره الخاطئون.

سيدي لا تردني في حاجه قد افنيت عمري في طلبها منك، و لا اجد غيرك معدلا بها عنك. سيدي لو اردت اهانتي لم تهدني، و لو اردت فضيحتي لم تسترني، فادم امتاعي بما له هديتني، و لا تهتك عني ما به سترتني.

سيدي لولا ما اقترفت من الذنوب ما خفت عقابك، و لو لا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك، و انت اكرم الاكرمين بتحقيق آمال الاملين، و ارحم من استرحم في التجاوز عن المذنبين.



[ صفحه 457]



سيدي القتني الحسنات بين جودك و احسانك، و القتني السيئات بين عفوك و غفرانك، و قد رجوت ان لا يضيع بين ذين و ذين مسيي مرتهن بجريرته، و محسن مخلص في بصيرته.

سيدي اذا شهد لي الايمان بتوحيدك، و نطق لساني بتمجيدك، و دلني القرآن علي فواضل جودك، فكيف لا يبتهج رجائي بتحقيق موعودك، و لا تفرح امنيتي بحسن مزيدك؟! سيدي ان غفرت فبفضلك، و ان عذبت فبعدلك، فيامن لا يرجي الا فضله، و لا يخشي الا عدله، امنن علي بفضلك، و لا تستقص علي في عدلك.

سيدي ادعوك دعاء ملح لا يمل مولاه، و اتضرع اليك تضرع من اقر علي نفسه بالحجه في دعواه، و خضع لك خضوع من يوملك لاخرته و دنياه، فلا تقطع عصمه رجائي، و اسمع تضرعي، و اقبل دعائي، و ثبت حجتي علي ما اثبت من دعواي.

سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لا تيته، فانا المقر بما احصيته و جنيته، و خالفت امرك فيه فتعديته، فهب لي ذنبي بالاعتراف، و لا تردني في طلبتي عند الانصراف. سيدي قد اصبت من الذنوب ما قد عرفت، و اسرفت علي نفسي بما قد علمت، فاجعلني عبدا: اما طائعا فاكرمته، و اما عاصيا فرحمته.



[ صفحه 458]



سيدي كاني بنفسي قد اضجعت في قعر حفرتها، و انصرف عنها المشيعون من جيرتها، و بكي عليها الغريب لطول غربتها، و جاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها، و ناداها من شفير القبر ذو و مودتها، و رحمها المعادي لها في الحياه عند صرعتها، و لم يخف علي الناظرين اليها فرط فاقتها، و لا علي من قد رآها توسدت الثري عجز حيلتها فقلت: ملائكتي فريد ناي عنه الاقربون، و بعيد جفاه الاهلون و وحيد فارقه المال و البنون، نزل بي قريبا، و سكن اللحد غريبا، و كان لي في دار الدنيا داعيا، و لنظري له في هذا اليوم راجيا، فتحسن عند ذلك ضيافتي، و تكون اشفق علي من اهلي و قرابتي.

الهي و سيدي لو اطبقت ذنوبي ما بين ثري الارض الي اعنان السماء، و خرقت النجوم الي حد الانتهاء، ما ردني الياس عن توقع غفرانك، و لا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك. سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي الهمتنيه، و وحدتك بالتوحيد الذي اكرمتنيه و دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه، فلا تحرمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه، فمن النعمه لك علي ان هديتني بحسن دعائك، و من اتمامها ان توجب لي محمود جزائك.

سيدي انتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، و لست اياس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون، الهي و سيدي انهملت بالسكب



[ صفحه 459]



عبراتي، حين ذكرت خطاياي و عثراتي، و ما لها لا تنهمل و تجري و تفيض ماءها و تذري و لست ادري الي ما يكون مصيري! و علي ما يتهجم عند البلاغ مسيري! يا انس كل غريب مفرد آنس في القبر وحشتي، و يا ثاني كل وحيد ارحم في الثري طول وحدتي.

سيدي كيف نظرك لي بين سكان الثري؟ و كيف صنيعك بي في دار الوحشه و البلي؟ فقد كنت بي لطيفا ايام حياه الدنيا، يا افضل المنعمين في آلائه، و انعم المفضلين في نعمائه، كثرت اياديك فعجزت عن احصائها، وضقت ذرعا في شكري لك بجزائها، فلك الحمد علي ما اوليت من التفضل، و لك الشكر علي ما ابليت من التطول.

يا خير من دعاه الداعون، و افضل من رجاه الراجون، بذمه الاسلام اتوسل اليك، و بحرمه القرآن اعتمد عليك، و بمحمد و اهل بيته استشفع و اتقرب و اقدمهم امام حاجتي اليك في الرغب و الرهب.

اللهم فصل علي محمد و اهل بيته الطاهرين، و اجعلني بحبهم يوم العرض عليك نبيها و من الانجاس و الارجاس نزيها، و بالتوسل بهم اليك مقربا وجيها.

يا كريم الصفح و التجاوز، و معدن العوارف و الجوائز، كن عن ذنوبي صافحا متجاوزا، و هب لي من مراقبتك ما يكون بيني و بين معصيتك حاجزا.



[ صفحه 460]



سيدي ان من تقرب منك لمكين من موالاتك، و ان من تحبب اليك لقمين بمرضاتك، و ان من تعرف بك لغير مجهول، و ان من استجاربك لغير مخذول.

سيدي اتراك تحرق بالنار وجها طالما خر ساجدا بين يديك؟! ام تراك تغل الي الاعناق اكفا طالما تضرعت في دعائها اليك؟! ام تراك تقيد بانكال الجحيم اقداما ظالما خرجت من منازلها طمعا فيما لديك، منا منك عليها لا منا منها عليك؟!

سيدي كم من نعمه لك علي قل لك عندها شكري! و كم من بليه ابتليتني بها عجز عنها صبري! فيامن قل شكري عند نعمه فلم يحرمني، و عجز صبري عند بليته فلم يخذلني، جميل فضلك علي ابطرني، و جليل حلمك عني غرني.

سيدي قويت بعافيتك علي معصيتك، و انفقت نعمتك في سبيل مخالفتك، و افنيت عمري في غير طاعتك، فلم يمنعك جراتي علي ما عنه نهيتني، و لا انتها كي ما منه حذرتني ان سترتني بحلمك الساتر، و حجبتني عن عين كل ناظر، و عدت بكريم اياديك حين عدت بارتكاب معاصيك فانت العواد بالاحسان، و انا العواد بالعصيان.

سيدي اتيتك معترفا لك بسوء فعلي، خاضعا لك باستكانه ذلي،



[ صفحه 461 ]



راجيا منك جميل ما عرفتنيه، من الفضل الذي عودتنيه، فلا تصرف رجائي من فضلك خائبا، و لا تجعل ظني بتطولك كاذبا، سيدي ان املي فيك يتجاوز آمال الاملين، و سئوالي اياك لا يشبه سئوال السائلين، لان السائل اذا منع امتنع عن السئوال، و انا فلا غناء بي عنك في كل حال.

سيدي غرني بك حلمك عني اذ حلمت، و عفوك عن ذنبي اذ رحمت، و قد علمت انك قادر ان تقول للارض خذيه فتاخذني، و للسماء امطريه حجاره فتمطرني، و لو امرت بعضي ان ياخذ بعضا لما امهلني، فامنن علي بعفوك عن ذنبي، و تب علي توبه نصوحا تطهر بها قلبي.

سيدي انت نوري في كل ظلمه، و ذخري لكل ملمه و عمادي عند كل شده، و انيسي في كل خلوه و وحده، فاعذني من سوء مواقف الخائبين، و استنقذني من ذل مقام الكاذبين.

سيدي انت دليل من انقطع دليله، و امل من امتنع تاميله، فان كانت ذنوبي حالت بين دعائي و اجابتك، فلم يحل كرمك بيني و بين مغفرتك، و انك لا تضل من هديت، و لا تذل من و اليت و لا يفتقر من اغنيت، و لا يسعد من اشقيت، و عزتك لقد احببتك محبه استقرت في قلبي حلاوتها، و انست نفسي ببشارتها، و محال في عدل اقضيتك، ان تسد اسباب رحمتك عن معتقدي محبتك.



[ صفحه 462]



سيدي لولا توفيقك ضل الحائرون، و لولا تسديدك لم ينج المستبصرون انت سهلت لهم السبيل حتي وصلوا، و انت ايدتهم بالتقوي حتي عملوا، فالنعمه عليهم منك جزيله، و المنه منك لديهم موصوله.

سيدي اسالك مساله مسكين ضارع، مستكين خاضع، ان تجعلني من الموقنين خبرا و فهما، و المحيطين معرفه و علما، انك لم تنزل كتبك الا بالحق، و لم ترسل رسلك الا بالصدق، و لم تترك عبادك هملا و لا سدي، و لم تدعهم بغير بيان و لا هدي، و لم تدعهم الا الي الطاعه، و لم ترض منهم بالجهاله و الاضاعه، و بل خلقتهم ليعبدوك، و رزقتهم ليحمدوك، و دللتهم علي وحدانيتك ليوحدوك، و لم تكلفهم من الامر ما لا يطيقون، و لم تخاطبهم بما يجهلون، بل هم بمنهجك عالمون، و بحجتك مخصوصون، امرك فيهم نافذ و قهرك بنواصيهم آخذ، تجتبي من تشاء فتدنيه، و تهدي من اناب اليك من معاصيك فتنجيه، تفضلا منك بجسيم نعمتك، علي من ادخلته في سعه رحمتك، يا اكرم الاكرمين و اراف الراحمين.

سيدي خلقتني فاكملت تقديري و صورتني فاحسنت تصويري، فصرت بعد العدم موجودا و بعد المغيب شهيدا



[ صفحه 463]



و جعلتني بتحنن رافتك تاما سويا، و حفظتني في المهد طفلا صبيا، و رزقتني من الغذاء سائغا هنيئا ثم وهبت لي رحمه الاباء و الامهات، و عطفت علي قلوب الحواضن و المربيات، كافيا لي شرور الانس و الجان، مسلما لي من الزياده و النقصان، حتي افصحت ناطقا بالكلام، ثم انبتني زائدا في كل عام، و قد اسبغت علي ملابس الانعام.

ثم رزقتني من الطاف المعاش، و اصناف الرياش، و كنفتني بالرعايه في جميع مذاهبي، و بلغتني ما احاول من سائر مطالبي، اتماما لنعمتك لدي، و ايجابا لحجتك علي، و ذلك اكثر من ان يحصيه القائلون، او يثني بشكره العاملون، فخالفت ما يقربني منك، و اقترفت ما يباعدني عنك، فظاهرت علي جميل سترك، و ادنيتني بحسن نظرك و برك، و لم يباعدني عن احسانك تعرضي لعصيانك، بل تابعت علي في نعمك، وعدت بفضلك و كرمك، فان دعوتك اجبتني، و ان سالتك اعطيتني، و ان شكرتك زدتني، و ان امسكت عن مسالتك ابتداتني، فلك الحمد علي بوادي اياديك و تواليها، حمدا يضاهي آلاءك و يكافيها.

سيدي سترت علي في الدنيا ذنوبا ضاق علي منها المخرج، و انا



[ صفحه 464]



الي سترها علي في القيامه احوج، فيامن جللني بستره عن لواحظ المتوسمين لا تزل سترك عني علي رووس العالمين.

سيدي اعطيتني فاسنيت حظي، و حفظتني فاحسنت حفظي، و غذيتني فانعمت غذائي، و حبوتني فاكرمت مثواي، و توليتني بعوائد البر و الاكرام، و خصصتني بنوافل الفضل و الانعام، فلك الحمد علي جزيل جودك و نوافل مزيدك، حمدا جامعا لشكرك الواجب، مانعا من عذابك الواصب مكافئا لما بذلته من اقسام المواهب.

سيدي عودتني اسعافي بكل ما اسالك و اجابتي الي تسهيل كل ما احاوله، و انا اعتمدك في كل ما يعرض لي من الحاجات، و انزل بك كل ما يخطر ببالي من الطلبات، واثقا بقديم طولك، و مدلا بكريم تفضلك، و اطلب الخير من حيث تعودته، و التمس النجح من معدنه الذي تعرفته، و اعلم انك لا تكل اللاجين اليك الي غيرك، و لا تخلي الراجين لحسن تطولك من نوافل برك.

سيدي تتابع منك البر و العطاء، فلزمني الشكر و الثناء، فما من شي ء انشره و اطويه من شكرك، و لا قول اعيده و ابديه في ذكرك، الا



[ صفحه 465]



كنت له اهلا و محلا، و كان في جنب معروفك مستصغرا مستقلا.

سيدي استزيدك من فوائد النعم، غير مستبطي منك فيه سني الكرم، و استعيذبك من بوادر النقم، غير مخيل في عدلك خواطر التهم. سيدي عظم قدر من اسعدته باصطفائك، و عدم النصر من ابعدته من فنائك.

سيدي ما اعظم روح قلوب المتوكلين عليك، و انجح سعي الاملين لما لديك!

سيدي انت انقذت اولياءك من حيره الشكوك، و اوصلت الي نفوسهم حبره الملوك، و زينتهم بحليه الوقار و الهيبه و اسبلت عليهم ستور العصمه و التوبه، و صيرت هممهم في ملكوت السماء، و حبوتهم بخصائص الفوائد و الحباء، و عقدت عزائمهم بحبل محبتك، و آثرت خواطرهم بتحصيل معرفتك، فهم في خدمتك متصرفون، و عند نهيك و امرك واقفون، و بمناجاتك آنسون، و لك بصدق الاراده مجالسون، و ذلك برافه تحننك عليهم، و ما اسديت من جميل منك اليهم.

سيدي بك و صلوا الي مرضاتك، و بكرمك استشعروا ملابس موالاتك، سيدي فاجعلني ممن ناسبهم من اهل طاعتك، و لا تدخلني



[ صفحه 466]



فيمن جانبهم من اهل معصيتك، و اجعل ما اعتقدته من ذكرك، خالصا من شبه الفتن، سالما من تمويه الاسرار و العلن، مشوبا بخشيتك في كل اوان، مقربا من طاعتك في الاظهار و الابطان، داخلا فيما يويده الدين و يعصمه، خارجا مما تبنيه الدنيا و تهدمه، منزها عن قصد احد سواك، وجيها عندك يوم اقوم لك و القاك، محصنا من لواحق الرياء، مبرا من بوائق الاهواء، عارجا اليك مع صالح الاعمال، بالغدو و الاصال، متصلا لا تنقطع بوادره، و لا يدرك آخره، مثبتا عندك في الكتب المرفوعه في عليين، مخزونا في الديوان المكنون الذي يشهده المقربون، و لا يمسه الا المطهرون.

اللهم انت ولي الاصفياء و الاخيار، و لك الخلق و اليك الاختيار، و قد البستني في الدنيا ثوب عافيتك، و اودعت قلبي صواب معرفتك، فلا تخلني في الاخره عن عواطف رافتك، و اجعلني ممن شمله عفوك، و لم تنله سطوتك.

يا من يعلم علل الحركات و حوادث السكون، و لا يخفي عليه عوارض الخطرات في محال الظنون، اجعلنا من الذين اوضحت لهم الدليل عليك، و فسحت لهم السبيل اليك، فاستشعروا مدارع الحكمه، و استطرقوا سبل التوبه، حتي اناخوا في رياض الرحمه،



[ صفحه 467]



و سلموا من الاعتراض بالعصمه، انك ولي من اعتصم بنصرك، و مجازي من اذعن بوجوب شكرك، لا تبخل بفضلك، و لا تسال عن فعلك، جل ثناوك، و فضل عطاوك، و تظاهرت نعماوك، و تقدست اسماوك، فبتسييرك يجري سداد الامور، و بتقديرك يمضي انقياد التدبير، تجير و لا يجار منك، و لا لراغب مندوحه عنك.

سبحانك لا اله الا انت، عليك توكلي، و اليك يفد املي، و بك ثقتي، و عليك معولي، و لا حول لي عن معصيتك الا بتسديدك، و لا قوه لي علي طاعتك الا بتاييدك، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين يا ارحم الراحمين، و خير الغافرين.

و صلي الله علي محمد خاتم النبيين، و علي اهل بيته الطاهرين، و اصحابه المنتجبين، و سلم تسليما كثيرا، و حسبنا الله وحده، و نعم المعين.

يا خير مدعو و يا خير مسئوول و يا اوسع من اعطي، و يا خير مرتجي ارزقني و اوسع علي من واسع رزقك، رزقا واسعا مباركا طيبا حلالا لا تعذبني عليه، و سبب لي ذلك من فضلك انك علي كل شي ء قدير يا ارحم الراحمين.



[ صفحه 468]