بازگشت

في المناجاة لله عز و جل


بسم الله الرحمن الرحيم

لقد رجوت ممن البسني بين الاحياء ثوب عافيته، ان لا يعريني منه بين الاموات، و قد عرفت جود رافته.

الهي ان كنت غير مستاهل لما ارجو من رحمتك، فانت اهل ان تعود علي المذنبين بفضل سعتك.

الهي ان كان ذنبي قد اخافني، فان حسن ظني بك قد اجارني.

الهي كاني بنفسي قائمه بين يديك، و قد اظلها حسن توكلي عليك، فصنعت بي ما يشبهك و تغمدتني بعفوك.

الهي ما اشوقني الي لقائك، و اعظم رجائي لجزائك و انت الكريم الذي لا يخيب لديك امل الاملين، و لا يبطل عندك شوق الشائقين.

الهي ان كان قد دنا اجلي و لم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب وسائل عللي، فان عفوت فمن اولي منك بذلك؟!



[ صفحه 423]



و ان عذبت فمن اعدل منك في الحكم هنالك؟!

الهي ان جرت علي نفسي في النظر لها و بقي لها نظرك، فلها الويل ان لم تسلم به!

الهي انك لم تزل برا بي ايام حياتي، فلا تقطع برك عني بعد مماتي، لقد رجوت ممن تولاني في حياتي باحسانه، ان يشفعه عند موتي بغفرانه.

الهي كيف اياس من حسن نظرك بعد مماتي و انت لم تولني من نفسك الا الجميل في حياتي؟!

الهي ان ذنوبي قد اخافتني، و محبتي لك قد اجارتني، فتول من امري ما انت اهله، وعد بفضلك علي عبد قد غمره جهله.

الهي ان كنت غير مستوجب لمعروفك، فكن انت اهلا للتفضل علي، فالكريم ليس يقع معروفه عند مستوجبيه، يا من لا تخفي عليه خافيه اغفر لي ما قد خفي علي الناس من عملي.

الهي سترت علي ذنوبا انا الي سترها يوم القيامه احوج، و قد احسنت بي في الدنيا اذ لم تظهرها لعصابه من المسلمين، فلا تفضحني بها ذلك اليوم علي رووس العالمين.

الهي جودك بسط املي، و شكرك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب اجلي.



[ صفحه 424]



الهي ليس اعتذاري اليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره فاقبل يا الهي عذري، يا خير من اعتذر اليه المسيئون.

الهي انك لو اردت اهانتي لم تهدني، و لو اردت فضيحتي لم تعافني، فمتعني بما له هديتني، و ادم لي ما به سترتني.

الهي ما اظنك تردني في حاجه افنيت عمري في طلبها منك!

الهي ما وصفت من بلاء ابليته، و احسان اوليته، فكل ذلك بنا قد فعلته، و عفوك تمام احسانك ان انت اتممته.

الهي لولا ما قرفت من الذنوب ما خفت عقابك، و لولا ما اعرف من كرمك ما رجوت ثوابك، و انت اولي الاكرمين بتحقيق امل الاملين، و ارحم من استرحم في تجاوزك عن المذنبين.

الهي نفسي تمنيني بانك تغفرلي، فاكرم بها امنيه بشرت بعفوك، فصدق بكرمك مبشرات تمنيها، وهب لي بجودك مدمرات تجنيها.

يا انيس كل غريب، آنس في القبر غربتي، و يا ثاني كل وحيد، ارحم في القبر وحدتي.

الهي كيف تقر لي نفسي بانك تعذبني؟! و قد رجوت ان تكون في لطفك تتولي حسن عملي بقبول احسانك، و سيي عملي برافه غفرانك؟!



[ صفحه 425]



الهي القتني الحسنات بين جودك و كرمك، و القتني السيئات بين عفوك و مغفرتك، و قد رجوت ان لا يضيع بين ذين و ذين مسي او محسن.

الهي اذا شهد لي الايمان بتوحيدك و انطلق لساني بتمجيدك و دلني القرآن علي فواضل جودك، فكيف لا يبتهج رجائي بحسن موعدك؟!

الهي تتابع احسانك الي يدلني علي حسن نظرك، فكيف يشقي امرو حسن له منك النظر؟!

الهي ان نظرت الي بالهلكه عيون سخطتك، فما نام عن استنقاذي منها عيون رافتك.

الهي ان عرضني ذنبي لعقابك، فقد ادناني رجائي من ثوابك.

الهي ان غفرت فبفضلك، و ان عذبت فبعدلك، فيا من لا يرجي الا فضله، و لا يخشي الا عدله، امنن علينا بفضلك، و لا تستقص علينا بعدلك.

الهي خلقت لي جسما و جعلت لي فيه آلات اطيعك بها، و اعصيك بها، و ارضيك بها، و جعلت لي من نفسي داعيه الي الشهوات، و اسكنتني دارا قد ملئت من الافات، ثم قلت: انزجر عبدي. فبك اعتصم فاعصمني، و بك احترز من الذنب فاحفظني،



[ صفحه 426]



استوفقك لما يدنيني منك، و اعوذبك مما يصرفني عنك.

الهي ادعوك دعاء ملح لا يمل دعاء مولاه، و اتضرع ضراعه من اقر علي نفسه بالحجه في دعواه.

الهي لو عرفت اعتذارا من الذنب في التنصل ابلغ من الاعتراف به اتيته، و لو عرفت مجتليا لحاجتي منك الطف من الاستخذاء لك فعلته، فهب لي ذنبي بالاعتراف، و لا تسود وجهي في طلبتي عند الانصراف.

الهي كاني بنفسي قد اضطجعت في حفرتها، و انصرف عنها المشيعون من جيرتها، و بكي كل غريب عليها لغربتها، و جاد بالدموع عليها المشفقون من عشيرتها، و ناداها من شفير القبر ذوو مودتها، و رحمها المعادي لها في الحياه عند صرعتها، و لم يخف علي الناظرين فاقتها، و لا علي من رآها قد توسدت في الثري عجز حيلتها.

فقلت: ملائكتي فريد قد ناي عنه الاقربون، و وحيد قد جفاه الاهلون، نزل بي قريبا، و اصبح في اللحد غريبا، و قد كان لي في دار الدنيا داعيا، و لنظري له في هذا البيت الجديد راجيا. فتحسن هنالك ضيافتي، و تكون ارحم بي من اهلي و قرابتي، يا عالم السر و النجوي، و يا كاشف الضر و البلوي، كيف نظرك لي بين سكان



[ صفحه 427]



الثري؟ و كيف صنيعك بي في دار الوحشه و البلي؟

رب قد كنت لطيفا بي في ايام حياه الدنيا، يا افضل المنعمين في الائه، و انعم المفضلين في نعمائه، كثرت اياديك فعجزت عن احصائها، و ضقت ذرعا في شكري لك بجزائها، فلك الحمد علي ما ابليت، و الشكر علي ما اوليت، يا خير من دعاه داع، و افضل من رجاه راج، بذمه الاسلام اتوسل اليك، و بحرمه القرآن اعتمد عليك، فاعرف لها ذمتي التي رجوت بها قضاء حاجتي.

الهي لو طبقت ذنوبي الارض و السماء، و خرقت النجوم فبلغت اسافل الثري، ما ردني الياس عن توقع غفرانك، و لا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك، احب الي لنفسي و اعودها علي عاقبه في رمسي ما يرشدها بهدايتك اليه، و يدلها بحسن نظرك، فاستعملها بذلك مني اذ كنت ارحم بها من نفسي يا رحمن.

الهي قد علمت ما استوجب بعملي منك، و لكن رجائي يابي ان يصرفني عنك، فهب لي ما ظننت، و حقق ظني فيما رجوت.

الهي دعوتك بالدعاء الذي علمتني، فلا تحرمني جزاءك الذي عرفتني، فمن النعمه ان هديتني لدعائك، و من تمامها ان توجب لي به محمود جزائك.



[ صفحه 428]



الهي و عزتك و جلالك لقد احببتك محبه استقرت حلاوتها في قلبي، و ما تنعقد ضمائر محبيك علي انك تبغض محبيك.

الهي ليس تشبه مسالتي مسائل السائلين، لان السائل اذا منع امتنع عن السئوال، و انا لا غني بي عما سالتك علي كل حال.

الهي لا تغضب علي فلست اقوم لغضبك، اللنار خلقتني فاطيل بكائي؟ ام للشقاء خلقتني؟ فليتك لم تخلقني.

الهي اللنار ربتني امي؟ فليتها لم تربني، ام للشقاء ولدتني؟ فليتها لم تلدني، ليت امي كانت عاقرا بي و لم تعالج حملي، انتشرت عبراتي حين ذكرت خطيئاتي، و ما لي لا ابكي و لا ادري الي ما يكون اليه مصيري؟! و ما الذي يهجم عليه عند البلوغ مسيري؟! و اري نفسي تخاتلني و ايامي تخادعني، و قد خفقت عند راسي اجنحه الموت و رمقتني من قريب اعين الفوت فما عذري و قد حشا مسامعي رافع الصوت؟!

ايها المناجي ربه بانواع الكلام، و الطالب مسكنا في دار السلام، و المسوف بالتوبه عاما بعد عام، ما اراك منصفا لنفسك من بين الانام، لو دافعت يومك يا غافلا بالصيام، و اقتصرت علي القليل من لعق الطعام، لكنت احري بان تنال شرف المقام.



[ صفحه 429]



ايتها النفس اقتربي من الصالحين، و اقتبسي من سمت هدي الخاشعين، و اختلطي ليلك و نهارك مع المتقين، لعلك ان تسكني في رياض الخلد مع المتقين، و تشبهي بنفوس قد اقرح السهر رقه جفونها، و همعت زوافر الدموع مستدرات عيونها، و دامت في الخلوات ضجه حنينها، فانها نفوس باعت زينه الدنيا، و آثرت فضل الاخره علي الاولي، اولئك وفد الكرامه يوم يخسر فيه المبطلون، و يحشر الي ربهم بالحباء و السرور المتقون.