بازگشت

في الاعتراف و طلب مزيد العافيه


رب انك قد حسنت خلقي، و عظمت عافيتي، و وسعت علي في رزقك، و لم تزل تنقلني من نعمه الي كرامه، و من كرامه الي رضي تجدد لي ذلك في ليلي و نهاري، لا اعرف غير ما انا فيه من عافيتك يا مولاي، حتي ظننت ان ذلك واجب عليك لي، و انه لا ينبغي لي ان اكون في غير مرتبتي، لاني لم اذق طعم البلاء فاجد طعم الرضا، و لم يذللني الفقر فاعرف لذه الغني، و لم يلهني الخوف فاعرف فضل الامن.

يا الهي، فاصبحت و امسيت في غفله مما فيه غيري ممن هو دوني نكرت آلاءك و لم اشكر نعماءك، و لم اشك في ان الذي انا فيه دائم غير زائل عني، و لا احدث نفسي بانتقال عافيه، و لا حلول فقر و لا خوف و لا حزن في عاجل دنياي و في آجل آخرتي.

فحال ذلك بيني و بين التضرع اليك في دوام ذلك لي مع ما امرتني به



[ صفحه 80]



من شكرك، و وعدتني عليه من المزيد من لدنك، فسهوت و لهوت و غفلت و اشرت و بطرت و تهاونت، حتي جاء التغير مكان العافيه بحلول البلاء، و نزل الضر منزل الصحه بانواع الاذي و اقبل الفقر بازاله الغني، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت اليه فسالتك مساله من لا يستوجب ان تسمع له دعوه لعظيم ما كنت فيه من الغفله، و طلبت طلبه من لا يستحق نجاح الطلبه للذي كنت فيه من اللهو و الغره و تضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمه للذي كنت فيه من الزهو و الاستطاله، فركبت الي ما اليه صيرتني، و ان كان الضر قد مسني، و الفقر قد اذلني، و البلاء قد جاءني.

فان يك ذلك يا الهي من سخطك علي، فاعوذ بحلمك من سخطك يا مولاي، و ان كنت اردت ان تبلوني فقد عرفت ضعفي و قله حيلتي، اذ قلت: «ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا و اذا مسه الخير منوعا».

و قلت: «فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه و نعمه فيقول ربي اكرمن و اما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن».

و قلت: «ان الانسان ليطغي ان رآه استغني».

و قلت «و اذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما



[ صفحه 81]



فلما كشفنا عنه ضره مر كان لم يدعنا الي ضر مسه».

و قلت: «اذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمه منه نسي ما كان يدعو اليه من قبل».

و قلت: «و يدع الانسان بالشر دعاءه بالخير و كان الانسان عجولا».

و قلت:«اذا اذقنا الانسان منا رحمه فرح بها».

صدقت و بررت يا مولاي، فهذه صفاتي التي اعرفها من نفسي، قد مضت بقدرتك في، غير ان وعدتني منك وعدا حسنا ان ادعوك فتستجيب لي.

فانا ادعوك كما امرتني، فاستجب لي كما وعدتني، و اردد علي نعمتك، و انقلني مما انا فيه الي ما هو اكبر منه، حتي ابلغ منه رضاك، و انال به ما عندك فيما اعددته لاوليائك الصالحين، انك سميع الدعاء، قريب مجيب، و صلي الله علي محمد و آله الطيبين الاخيار.