في يوم عرفه
و هو مما انفردنا به رواه ابن طاوس في الاقبال قال و هو دعاء مشتمل علي معاني الربوبية و ادب العبودية مع الجلالة الالهية
اللهم ان ملائكتك مشفقون من خشيتك، سامعون مطيعون لك و هم بامرك يعملون، لا يفترون الليل و النهار يسبحون، و انا احق بالخوف الدائم لا سائتي علي نفسي، و تفريطها الي اقتراب اجلي، فكم لي يا رب من ذنب انا فيه مغرور متحير؟
اللهم اني قد اكثرت علي نفسي من الذنوب و الاسائة، و اكثرت علي من المعافاة، سترت علي و لم تفضحني بما احسنت لي النظر
[ صفحه 368]
و اقلتني العثرة و اخاف ان اكون فيها مستدرجا، فقد ينبغي لي ان استحي من كثرة معاصي، ثم لم تهتك لي سترا، و لم تبدلي عورة، و لم تقطع عني الرزق، و لم تسلط علي جبارا، و لم تكشف عني غطاء مجازاة لذنوبي، تركتني كاني لا ذنب لي، كففت عن خطيئتي، و زكيتني بما ليس في، انا المقر علي نفسي بما جنت علي يداي، و مشت اليه رجلاي و باشر جسدي و نظرت اليه عيناي، و سمعته اذناي، و عملته جوارحي، و نطق به لساني، و عقد عليه قلبي، فانا المستوجب يا الهي زوال نعمتك، و مفاجاة نقمتك، و تحليل عقوبتك لما اجترات عليه من معاصيك، و ضيعت من حقوقك، انا صاحب الذنوب الكثيرة الكبيرة التي لا يحصي عددها، و صاحب الجرم العظيم، انا الذي احللت العقوبة بنفسي و اوبقتها بالمعاصي جهدي و طاقتي، و عرضتها للمهالك بكل
[ صفحه 369]
قوتي.
اللهم انا الذي لم اشكر نعمك عند معاصيي اياك، و لم ادعها فيك عند حلول البلية، و لم اقف عند الهوي، و لم اراقبك.
يا الهي انا الذي لم اعقل عند الذنوب نهيك، و لم اراقب عند اللذات زجرك و لم اقبل عند الشهوه نصيحتك، ركبت الجهل بعد الحلم، و غدوت الي الظلم بعد العلم.
اللهم فكما حلمت عني فيما اجترات عليه من معاصيك، و عرفت تضييعي حقك، وضعفي عن شكر نعمتك، و ركوبي معصيتك.
اللهم اني لست ذا عذر فاعتذر، و لا ذا حيلة فانتصر.
اللهم قد اسات و ظلمت و بئس ما صنعت، عملت سوءا و لم تضرك ذنوبي، فاستغفرك يا سيدي و مولاي و سبحانك «لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين».
اللهم انك تجد من تعذبه غيري، و لا اجد من يرحمني سواك، فلو كان لي مهرب لهربت، و لو كان لي مصعد في السماء
[ صفحه 370]
او مسلك في الارض لسلكت، و لكنه لا مهرب لي و لا ملجا و لا منجي و لا ماوي منك الا اليك.
اللهم ان تعذبني فاهل ذلك انا، و ان ترحمني فاهل ذلك انت بمنك و فضلك و وحدانيتك و جلالك و كبريائك و عظمتك و سلطانك، فقديما ما مننت علي اوليائك، و مستحقي عقوبتك بالعفو و المغفرة سيدي عافية من ارجو اذا لم ارج عافيتك؟! و عفو من ارجو اذا لم ارج عفوك؟! و رحمة من ارجو اذا لم ارج رحمتك؟! و مغفرة من ارجو اذا لم ارج مغفرتك؟! و رزق من ارجو اذا لم ارج رزقك؟! و فضل من ارجو اذا لم ارج فضلك؟!
سيدي اكثرت علي من النعم، و اقللت لك من الشكر، فكم لك عندي من نعمة لا يحصيها احد غيرك! ما احسن بلاءك عندي، و احسن فعالك، ناديتك مستغيثا مستصرخا فاغثتني، و سالتك عائلا
[ صفحه 371]
فاغنيتني و نايت فكنت قريبا مجيبا، و استعنت بك مضطرا فاعنتني و وسعت علي، و هتفت اليك في مرضي فكشفته عني، و انتصرت بك في رفع البلاء فوجدتك يا مولاي نعم المولي و نعم النصير. و كيف لا اشكرك يا الهي؟!
اطلقت لساني بذكرك رحمة لي منك، و اضات لي بصري بلطفك حجة منك علي، و سمعت اذناي بقدرتك نظرا منك، و دللت عقلي علي توبيخ نفسي، اليك اشكو ذنوبي، فانه لا مجري لبثها الا اليك، ففرج عني ما ضاق به صدري، و خلصني من كل ما اخاف علي نفسي من امر ديني و دنياي و اهلي و مالي، فقد استصعب علي شاني، و شتت علي امري، و قد اشرفت علي هلكتي نفسي، و اذا لم تداركتني (لم تتداركني ظ) منك برحمه تنقذني بها فمن لي بعدك يا مولاي؟! انت الكريم العواد بالمغفرة، و انا اللئيم العواد بالمعاصي، فاحلم
[ صفحه 372]
يا حليم عن جهلي، و اقلني يا مقيل عثرتي، و تقبل يا رحيم توبتي، سيدي و مولاي و لا بد من لقائك علي كل حال، و كيف يستغني العبد عن ربه؟! و كيف يستغني المذنب عمن يملك عقوبته و مغفرته؟!
سيدي لم ازدد اليك الا فقرا، و لم تزدد عني الا غني، و لم تزدد ذنوبي الا كثره، و لم يزدد عفوك الا سعة، سيدي ارحم تضرعي اليك و انتصابي بين يديك، و طلبي ما لديك توبه فيما بيني و بينك سيدي متعوذا بك، متضرعا اليك بائسا فقيرا تائبا غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستسخط بل مستسلم لامرك، راض بقضائك، لا آيس من روحك و لا آمن من مكرك، و لا قانط من رحمتك سيدي بل مشفق من عذابك، راج لرحمتك لعلمي بك يا سيدي و مولاي فانه لن يجيرني منك احد، و لا اجد من دونك ملتحدا.
اللهم اني اعوذ بك ان
[ صفحه 373]
تحسن في رامقة العيون علانيتي، و تقبح فيما اخلو لك سريرتي، محافظا علي رئاء الناس من نفسي، و مضيعا ما انت مطلع عليه مني، فابدي لك باحسن امري، و اخلو لك بشر فعلي تقربا الي المخلوقين بحسناتي، و فرارا منهم اليك بسيئاتي، حتي كان الثواب ليس منك، و كان العقاب ليس اليك، قسوة من مخافتك من قلبي، و زللا عن قدرتك من جهلي، فيحل بي غضبك، و ينالني مقتك فاعذني من ذلك كله، و قني بوقايتك التي وقيت بها عبادك الصالحين.
اللهم تقبل مني ما كان صالحا، و اصلح مني ما كان فاسدا، و لا تسلط علي من لا يرحمني، و لا باغيا و لا حاسدا.
اللهم اذهب عني كل هم، و فرج عني كل غم، و ثبتني في كل مقام، و اهدني في كل سبيل من سبل الحق، و حط عني كل خطيئة و انقذني من كل هلكة و بلية،
[ صفحه 374]
و عافني ابدا ما ابقيتني، و اغفرلي اذا توفيتني و لقني روحا و ريحانا و جنة نعيم ابد الابدين يا ارحم الراحمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.