بازگشت

في جوامع مطالب الدنيا و الاخره


كما وجدناه اولا في الصحيفة الثالثة قال علي ما رواه بعض علمائنا في كتاب الدعاء المشار اليه ايضا انتهي و كان قد تقدم في كلامه ذكر مصباح ابن باقي و مصباح الكفعمي و هامش كتاب منهاج الفلاح. ثم وجدناه في البحار نقلا عن الكتاب العتيق المراد به كما في الصحيفة الثالثة مجمع الدعوات للتلعكبري و يغلب علي الظن انه هو المراد بكتاب الدعاء الذي في عبارة صاحب الصحيفة الثالثة و ان لم يكن احد الثلاثة المذكورة المتقدمة في كلامه فكأن الكلام كان متصلا بما ذكر فيه ذلك الكتاب ثم انفصل بغير اصلاح لاختلال ترتيب تلك الصحيفة كما نبهنا عليه غير مرة و كونها اشبه بمسودة غير تامة و الدعاء هو هذا

اللهم اني اسئلك امورا تفضلت بها علي كثير من خلقك، من صغير او كبير من غير مسئلة منهم لك، فان



[ صفحه 42]



تجد بها علي فمنة من مننك، و الا تفعل فلست ممن يشارك في حكمه، و لا يوامر في خلقه، فان تك راضيا فاحق من اعطيته ما سالك من رضيت عنه مع هوان ما قصدت فيه اليك عليك، و ان تك ساخطا فاحق من عفا انت، و اكرم من غفر و عاد بفضله علي عبده، فاصلح منه فاسدا، و قوم منه اودا و ان اخذتني بقبيح عملي فواحد من جرمي يحل عذابك بي.

و من انا في خلقك يا مولاي و سيدي؟! فوعزتك ما تزين ملكك حسناتي، و لا تقبحه سيئاتي، و لا ينقص خزائنك غناي، و لا يزيد فيها فقري، و ما صلاحي و فسادي الا اليك، فان صيرتني صالحا كنت صالحا، و ان جعلتني فاسدا لم يقدر علي صلاحي سواك، فما كان من عمل سيي ء اتيته، فعلي علم منك (مني ظ) بانك تراني، و انك غير غافل عني، مصدق



[ صفحه 43]



منك بالوعيد لي، و لمن كان في مثل حالي، واثق بعد ذلك منك بالصفح الكريم، و العفو القديم، و الرحمة الواسعة، فجراني علي معصيتك ما اذقتني من رحمتك، و وثوبي علي محارمك ما رايت من عفوك.

و لو خفت تعجيل نقمتك لاخذت حذري منك كما اخذته من غيرك، ممن هو دونك، ممن خفت سطوته فاجتنبت ناحيته، و ما توفيقي الا بك، فلا تكلني الي نفسي برحمتك فاعجز عنها، و لا الي سواك فيخذلني، فقد سئلتك من فضلك ما لا استحقه بعمل صالح قدمته، و لا آيس منه لذنب عظيم ركبته بل لقديم الرجاء فيك، و عظيم الطمع منك الذي اوجبته علي نفسك من الرحمة.

فالامر لك وحدك لا شريك لك، و الخلق عيالك، و كل شي ء خاضع لك، ملكك كبير، و عدلك قديم، و عطاوك جزيل، و عرشك كريم، و ثناوك رفيع،



[ صفحه 44]



و ذكرك احسن، و رجاؤك امنع و احكم و حكمك نافذ، و علمك جم و انت اول آخر ظاهر باطن بكل شي ء عليم، عبادك جميعا اليك فقراء، و انا افقرهم اليك لذنب تغفره، و لفقر تجبره و لعائلة تغنيها، و لعورة تسترها، و لخلة تسدها، و لسيئة تتجاوز عنها، و لفساد تصلحه، و لعمل صالح تتقبله و لكلام طيب ترفعه، و لبدن تعافيه.

اللهم انك شوقتني اليك، و رغبتني فيما لديك، و تعطفتني عليك و ارسلت الي خير خلقك يتلو علي افضل كتبك، فامنت برسولك و لم اقتد بهداه، و صدقت بكتابك و لم اعمل به، و ابغضت لقائك لضعف نفسي، و عصيت امرك لخبيث عملي، و رغبت عن سنتك لفساد ديني، و لم اسبق الي رويتك لقساوة قلبي.

اللهم انك خلقت جنة لمن اطاعك، و اعددت فيها من النعيم المقيم ما لا يخطر



[ صفحه 45]



علي القلوب، و وصفتها باحسن الصفة في كتابك، و شوقت اليها عبادك، و امرت بالمسابقة اليها، و اخبرت عن سكانها و ما فيها من حور عين كانهن بيض مكنون، و ولدان كاللؤلؤ المنثور، و فاكهة و نخل و رمان، و جنات من اعناب، و انهار من طيب الشراب و سندس و استبرق و سلسبيل و رحيق مختوم و اسورة من فضة، و شراب طهور، و ملك كبير، و قلت من بعد ذلك تباركت و تعاليت «فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون».

فنظرت في عملي فرايته ضعيفا يا مولاي، و حاسبت نفسي فلم اجدني اقوم بشكر ما انعمت علي، و عددت سيئاتي فاصبتها تسترق حسناتي، فكيف اطمع ان انال جنتك بعملي، و انا مرتهن بخطيئتي؟!

لا، كيف يا مولاي ان لم تداركني منك برحمة تمن بها علي



[ صفحه 46]



في منن قد سبقت منك لا احصيها تختم لي بها كرامتك؟ فطوبي لمن رضيت عنه، و ويل لمن سخطت عليه، فارض عني، و لا تسخط علي يا مولاي.

اللهم و خلقت نارا لمن عصاك، و اعددت لاهلها من انواع العذاب فيها، و وصفته بما وصفته من الحميم و الغساق و المهل و الضريع و الصديد و الغسلين و الزقوم و السلاسل و الاغلال، و مقامع الحديد، و العذاب الغليظ، و العذاب الشديد، و العذاب المهين، و العذاب المقيم، و عذاب الحريق، و عذاب السموم، و ظل من يحموم و سرابيل القطران، و سرادقات النار و النحاس، و الزقوم، و الحطمة، و الهاوية، و لظي، و النار الحامية، و النار الموقدة، التي تطلع علي الافئدة، و النار الموصدة ذات العمد الممددة، و السعير، و الحميم، و النار التي لا تطفا، و النار التي تكاد تميز من الغيظ،



[ صفحه 47]



و النار التي وقودها الناس و الحجارة، و النار التي يقال لها: هل امتلات؟ و تقول هل من مزيد! و الدرك الاسفل من النار.

فقد خفت يا مولاي اذ كنت لك عاصيا ان اكون لها مستوجبا لكبير ذنبي، و عظيم جرمي، و قديم اسائتي، و افكر في غناك عن عذابي، و فقري الي رحمتك يا مولاي مع هوان ما طمعت فيه منك عليك، و عسره عندي، و يسره عليك، و عظيم قدره عندي، و كبير خطره لدي، و موقعه مني مع جودك بجسيم الامور، و صفحك عن الذنب الكبير.

لا يتعاظمك- يا سيدي- ذنب ان تغفره، و لا خطيئة ان تحطها عني، و عمن هو اعظم جرما مني، لصغر خطري في ملكك مع تضرعي، و ثقتي بك، و توكلي عليك، و رجائي اياك، و طمعي فيك، فيحول ذلك بيني و بين خوفي من دخول النار.



[ صفحه 48]



و من انا يا سيدي فتقصد قصدي بغضب يدوم منك علي تريد به عذابي؟! ما انا في خلقك الا بمنزلة الذرة في ملكك العظيم! فهب لي نفسي بجودك و كرمك، فانك تجد مني خلفا و لا اجد منك و بك غني عني و لا غني بي [1] حتي تلحقني بهم، فتصيرني معهم انك انت العزيز الحكيم.

رب حسنت خلقي، و عظمت عافيتي، و وسعت علي في رزقي، و لم تزل تنقلني من نعمة الي كرامة، و من كرامة الي فضل تجدد لي ذلك في ليلتي و نهاري، لا اعرف غير ما انا فيه، حتي ظننت ان ذلك واجب عليك لي، و انه لا ينبغي لي ان اكون في غير مرتبتي، لاني لم ادر ما عظيم البلاء فاجد لذة الرخاء، و لم يذلني الفقر فاعرف فضل الغني و لم يهني الخوف



[ صفحه 49]



فاعرف فضل الامن، فاصبحت و امسيت في غفلة مما فيه غيري، ممن هو دوني، و كفرت و لم اشكر بلائك، و لم اشك ان الذي انا فيه دائم غير زائل عني، لا احدث نفسي بانتقال عافية و تحويل فقر، و لا خوف و لا حزن في عاجل دنياي و آجل آخرتي، فيحول ذلك بيني و بين التضرع اليك في دوام ذلك لي، مع ما امرتني به من شكرك، و وعدتني عليه من المزيد من لدنك.

فسهوت و لهوت و غفلت و امنت و اشرت و بطرت و تهاونت حتي جاء التغيير مكان العافية بحلول البلاء، و نزل الضر بمنزلة الصحة و بانواع السقم و الاذي، و اقبل الفقر بازاء الغني، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت اليه، فسئلتك مسئلة من لا يستوجب ان تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، و طلبت طلبة من لا يستحق



[ صفحه 50]



نجاح الطلبة للذي كنت فهي من اللهو و الفترة و تضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمة لما كنت فيه من الزهو و الاستطالة فرضيت بما اليه صيرتني و ان كان الضر قد مسني، و الفقر قد اظلني (اذلني خ ل) و البلاء قد حل بي.

فان يك ذلك من سخط منك فاعوذ بحلمك من سخطك، و ان كنت اردت ان تبلوني، فقد عرفت ضعفي و قلة حيلتي، اذ قلت تباركت و تعاليت: «ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا و اذا مسه الخير منوعا».

و قلت عزيت [2] من قائل: «فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه و نعمه فيقول ربي اكرمني و اما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانني».

و قلت جليت [3] من قائل: «ان



[ صفحه 51]



الانسان ليطغي ان راه استغني».

و قلت سبحانك: «اذا مسكم الضر فاليه تجارون».

و قلت عزيت و جليت: «و اذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا اليه من قبل».

و قلت: «و اذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه اوقاعدا اوقائما فلما كشفنا عنه ضره مر كان لم يدعنا الي ضر مسه».

«و يدعو الانسان بالشر دعائه بالخير و كان الانسان عجولا».

صدقت يا سيدي و مولاي، هذه صفاتي التي اعرفها من نفسي قد مضي علمك في يا مولاي، و وعدتني منك وعدا حسنا ان ادعوك كما امرتني فتستجيب لي، فانا ادعوك كما امرتني، فاستجب لي كما وعدتني، و زدني من نعمتك و عافيتك، و كلائتك و سترك، و انقلني مما انا فيه الي ما هو افضل منه حتي تبلغ بي فيما فيه رضاك، و انال به ما عندك فيما اعددته لاوليائك



[ صفحه 52]



و اهل طاعتك مع «النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين، و حسن اولئك رفيقا» فارزقنا في دارك دار المقامة في جوار محمد الحبيب زين القيامة، تمام الكرامة، و دوام النعمة، و مبلغ السرور، انك علي كل شي ء قدير، و صلي الله علي محمد النبي، و علي آله و سلم تسليما كثيرا، و الحمد لله رب العالمين.


پاورقي

[1] الظاهر وقوع سقط في عبارة الدعاء هنا (منه).

[2] كذا في الصحيفة الثانية و البحار و كان القياس ان يقال عززت و لعله من باب تقضي البازي اي تقضض و له نظائر كثيرة (منه).

[3] يجري فيه جميع ما مر في عزيت حرفا بحرف (منه).