بازگشت

في جوامع مطالب الدنيا و الاخرة ايضا


علي ما رواه بعض علمائنا في كتاب الدعاء المشار اليه ايضا

اللهم اني اسئلك امورا تفضلت بها علي كثير من خلقك، من صغير او كبير من غير مسلة منهم لك، فان تجد بها علي فمنة من مننك، و الا تفعل فلست ممن يشارك في حكمه، و لا يوامر في خلقه، فان تك راضيا فاحق من اعطيته ما سئلك من رضيت عنه مع هوان ما قصدت فيه اليك عليك، و ان تك ساخطا فاحق من عفا انت، و اكرم من غفر و عاد بفضله علي عبده، فاصلح منه فاسدا، و قوم منه اودا و ان اخذتني بقبيح عملي فواحد من جرمي يحل عذابك بي.

و من انا



[ صفحه 221]



في خلقك يا مولاي و سيدي؟! فوعزتك ما تزين ملكك حسناتي، و لا تقبحه سيئاتي، و لا ينقص خزائنك غناي، و لا يزيد فيها فقري، و ما صلاحي و فسادي الا اليك، فان صيرتني صالحا كنت صالحا، و ان جعلتني فاسدا لم يقدر علي صلاحي سواك، فما كان من عمل سيي ء اتيته، فضلي علم منك بانك تراني، و انك غير غافل عني، مصدق منك بالوعيد لي، و لمن كان في مثل حالي، واثق بعد ذلك منك بالصفح الكريم، و العفو القديم، و الرحمة الواسعة، فجزاك علي معصيتك ما اذقتني من رحمتك، و رثوبي علي محارمك ما رايت من عفوك.

و لو خفت تجيل نقمتك لاخذت حذري منك كما اخذته من غيرك، ممن دونك، ممن خفت سطوته



[ صفحه 222]



فاجتنبت ناحيته، و ما توفيقي الا بك، فلا تكلني الي نفسي برحمتك فاعجز عنها، و لا الي سواك فيخذلني، فقد سالتك من فضلك ما لا استحقه بعمل صالح قدمته، و لا منه لذنب عظيم ركبته بل لقديم الرجاء فيك، و عظيم الطمع منك الذي اوجبته علي نفسك من الرحمة.

فالامر لك وحدك لا شريك لك، و الخلق عيالك، و كل شي ء خاضع لك، ملكك كبير، و عدلك قديم، و عطاوك جزيل، و عرشك كريم، و ثناؤك رفيع، و ذكرك احسن، و جارك امنع و احكم و حكمك نافذ، و علمك جم و انت اول آخر ظاهر باطن بكل شي ء عليم، عبادك جميعا اليك فقراء، و انا افقرهم اليك لذنب تغفره، و لفقر تجبره و لعائلة تغنيها، و لعورة تسترها، و



[ صفحه 223]



لخلة تسدها، و لسيئة تتجاوز عنها، و لفساد تصلحه، و لعمل صالح تتقبله و لكلام طيب ترفعه، و لبدن تعافيه.

اللهم انك شوقتني اليك، و رغبتني فيما لديك، و تعطفتني عليك و ارسلت الي خير خلقك يتلو علي بكتبك، فامنت برسولك و لم اقتد بهديه، و صدقت بكتابك و لم اعمل به، و ابغضت لقائك لضعف نفسي، و عصيت امرك لخبيث عملي، و رغبت عن سنتك لفساد ديني، و لم اسبق الي رؤيتك لقساوة قلبي.

اللهم انك خلقت جنة لمن اطاعك، و اعددت فيها من النعيم المقيم ما لا يخطر علي القلوب، و وصفتها باحسن الصفة في كتابك، و شوقت اليها عبادك، و امرت بالمسابقة اليها، و اخبرت عن سكانها و ما فيها من حور عين كانهن



[ صفحه 224]



بيض مكنون، و ولدان كاللؤلؤ المنثور، و فاكهة و نخل و رمان، و جنات من اعناب، و انهار من طيب الشراب و سندس و استبرق و سلسبيل و رحيق مختوم و اسورة من فضة، و شراب طهور، و ملك كبير، و قلت من بعد ذلك تباركت و تعاليت «فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون».

فنظرت في عملي فرايته ضعيفا يا مولاي، و حاسبت نفسي فلم اجدني اقوم بشكر ما انعمت علي، و عددت سيئاتي فاصبتها تسترق حسناتي، فكيف اطمع ان انال جنتك بعملي، و انا مرتهن بخطيئتي؟!

لا، كيف يا مولاي ان لم تداركني منك برحمة تمن بها علي في منن قد سبقت منك لا احصيها تختم لي بها كرامتك؟ فطوبي لمن رضيت



[ صفحه 225]



عنه، و ويل لمن سخطت عليه، فارض عني، و لا تسخط علي يا مولاي.

اللهم و خلقت نارا لمن عصاك، و اعددت لاهلها من انواع العذاب فيها، و وصفته من الحميم و الغساق و المهل و الضريع و السديد و الغسلين و الزقوم و السلاسل و الاغلال، و مقامع الحديد، و العذاب الغليظ، و العذاب الشديد، و العذاب المهين، و العذاب المقيم، و عذاب الحريق، و عذاب السموم، و ظل من يحموم و سرابيل القطران، و سرادقات النار و النحاس، و الزقوم، و الحطمة، و الهاوية، و لظي، و النار الحامية، و النار الموقدة، التي تطلع علي الافئدة، و النار الموصدة ذات العمد الممدودة، و السعير، و الحميم، و النار التي لا تطفأ، و النار التي



[ صفحه 226]



تكاد تميز من الغيظ، و النار التي وقودها الناس و الحجارة، و النار التي يقال: هل امتلأت؟ و تقول هل من مزيد! و الدرك الاسفل من النار.

فقد خفت يا مولاي اذ كنت لك عاصيا ان اكون لها مستوجبا لكبير ذنبي، و عظيم جرمي، و قديم اساءتي، و افكر في غناك عن عذابي، و فقري الي رحمتك يا مولاي مع هوان ما طمعت فيه منك عليك، و عسره عندي، و يسره عليك، و عظيم قدره عندي، و كبير خطره لدي، و موقعه مني مع جودك بجسيم الامور، و صفحك عن الذنب الكبير.

لا يتعاظمك- يا سيدي- ذنب ان تغفره، و لا خطيئة ان تحطها عني، و عمن هو اعظم جرما مني، لصغر خطري في ملكك مع تضرعي، و ثقتي بك، و توكلي عليك، و



[ صفحه 227]



رجائي اياك، و طمعي فيك، فيحول ذلك بيني و بين خوفي من دخول النار.

و من انا يا سيدي فتقصد قصدي بغضب يدوم منك علي تريد به عذابي؟! ما انا في خلقك الا بمنزلة الذرة في ملكك العظيم! فهب لي نفسي بجودك و كرمك، فانك تجد مني خلقا و لا اجد منك و بك غني عني و لا غنا بي حتي تلحقني بهم، فتصيرني معهم انك انت العزيز الحكيم.

رب انك حسنت خلقي، و عظمت عافيتي، و وسعت علي في رزقي، و لم تزل تنقلني من نعمة الي كرامة، و من كرامة الي فضل تجدد لي ذلك في ليلي و نهاري، لا اعرف غير ما انا فيه، حتي ظننت ان ذلك واجب عليك، و انه لا ينبغي لي ان اكون في غير مرتبتي، لاني لم ادر ما عظيم البلاء فاجد لذة الرخاء،



[ صفحه 228]



و لم يذلني الفقر فاعرف فضل الغنا و لم يهني الخوف فاعرف فضل الامن، فاصبحت و امسيت في غفلة مما فيه غيري، ممن هو دوني، فكفرت و لم اشكر بلاءك، و لم اشك ان الذي انا فيه دائم غير زائل عني، لا احدث نفسي بانتقال عافية و تحويل فقر، و لا خوف و لا حزن في عاجل دنياي و آجل آخرتي، فيحول ذلك بيني و بين التضرع اليك في دوام ذلك لي، مع ما امرتني به من شكرك، و وعدتني عليه من المزيد من لدنك.

فسهوت و لهوت و غفلت و امنت و اشرت و بطرت و تهاونت حتي جاء تغيير مكان العافية بحلول البلاء، و نزل الضر بمنزلة الصحة و بانواع السقم و الاذي، و اقبل الفقر بازاء الغني، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت اليه، فسئلتك مسئلة من لا يستوجب



[ صفحه 229]



ان تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، و طلبت طلبة من لا يستحق نجاح الطلبة للذي كنت فيه من اللهو و الفترة و تضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمة لما كنت فيه من الرهق و الاستطالة فرضيت بما اليه صيرتني و ان كان الضر قد مسني، و الفقر قد اظلني و البلاء قد حل بي.

فان يك ذلك من سخط منك فاعوذ بحلمك من سخطك، و ان كنت اردت ان تبلوني، فقد عرفت ضعفي و قلة حيلتي، اذ قلت تباركت و تعاليت: «ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا و اذا مسه الخير منوعا».

و قلت عزيت من قائل: «فاما الانسان اذا ما ابتليه ربه فاكرمه و نعمه فيقول ربي اكرمن و اما اذا ما ابتليه فقدر عليه رزقه



[ صفحه 230]



ربي اهانن».

و قلت جليت من قائل: «ان الانسان ليطغي ان راه استغني».

و قلت سبحانك: «و اذا مسكم الضر فاليه تجارون».

و قلت عزيت و جليت: «و اذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمه منه نسي ما كان يدعوا اليه من قبل».

و قلت: «و اذا مس الانسان ضر دعانا لجنبه اوقاعدا اوقائما فلما كشفنا عنه ضره مر كان لم يدعنا الي ضر مسه».

و يدعو الانسان بالشر دعائه بالخير و كان الانسان عجولا.

صدقت يا سيدي و مولاي، هذه صفاتي التي اعرفها من نفسي قد مضي علمك في يا مولاي، و وعدتني منك وعدا حسنا ان ادعوك كما امرتني فتستجيب لي، فها انا ادعوك فاستجب لي كما وعدتني، و زدني من نعمتك و عافيتك، و كلائتك و سترك، و انقلني



[ صفحه 231]



مما انا فيه الي ما هو افضل منه حتي تبلغ بي فيما فيه رضاك، و انال به ما عندك فيما اعددته لاوليائك و اهل طاعتك مع «النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين، و حسن اولئك رفيقا» فارزقنا في دارك دار المقامة في جوار محمد الحبيب زين القيامة، تمام الكرامة، و دوام النعمة، و مبلغ السرور، انك علي كل شي ء قدير، و صلي الله علي محمد النبي، و علي آله و سلم تسليما كثيرا، و الحمد لله رب العالمين.