بازگشت

نوي


- قوله عليه السلام (و انته بنيتي الي احسن النيات) اي اجعلها منتهيه الي احسن النيات اي بالغه اليه. و قال بعضهم في معني هذه الجمله اي اجعل خاتمه نيتي احسن النيات. او اجعلها مترقيه الي نيه هي احسن النيات، و كذا العمل في قوله عليه السلام (و بعملي الي احسن الاعمال) و النيه بالتشديد: اسم من نويت الشي ء انويه اي قصدته و التخفيف فيها لغه.

و الظاهر ان المراد بالنيه في الدعاء هو مطلق القصد الي ايقاع فعل معين لعله غائيه.

و لما كانت النيه بهذا المعني تنقسم باعتبار غايتها الي قبيح و حسن و احسن ، سئل عليه السلام ان يبلغ بنيته احسن النيات: فالقبيح ما كان غايته امرا دنيويا و حظا عاجلا و ليس له في الاخره من نصيب كنيه اهل الرياء و النفاق و نحوهم، و الحسن: ما كان غايته امرا اخرويا من رغبه في ثواب او رهبه من عقاب، و الاحسن: ما كان غايته وجه الله تعالي لا غير و يعبر عنه بالنيه الصادقه.

و الذي ينبغي ان يبحث عنه هنا:

ذهب جم غفير من علماء الاسلام الي بطلان العباده اذا قصد بفعلها تحصيل الثواب او النجاه من العقاب قائلين ان ذلك ينافي الاخلاص الذي هو اراده وجه الله تعالي لا غير و ان من قصد ذلك فانما قصد جلب نفع او دفع ضرر لا وجه الله سبحانه كما ان من اثني علي احد طمعا في نعمته او خوفا من نقمته لم يعد مخلصا في ثنائه عليه.

و ممن بالغ في ذلك السيد الجليل علي بن طاووس قدس سره بل يستفاد من كلام الشهيد الاول في قواعده انه مذهب اكثر اصحابنا رضوان الله عليهم.

و نقل الفخر الرازي في التفسير الكبير: اتفاق المتكلمين علي ان من عبدالله لاجل الخوف من العقاب او الطمع في الثواب لم تصح عبادته و جزم في اوائل تفسير الفاتحه بانه لو قال: اصلي الثواب الله او الهرب من عقابه فسدت صلوته.

و ذهب آخرون الي ان القصد المذكور غير مفسد للعباده و منعوا خروجها به عن درجه الاخلاص و منافاته له، قائلين ان اراده ثواب الله و النجاه من عقابه ليست امرا مخالفا لاراده وجه الله سبحانه كيف؟ و قد قال تعالي في مقام المدح لاصفيائه (كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا) (الانبياء: 90). اي للرغبه في الثواب و الرهبه من العقاب. و قال سبحانه (و ادعوه خوفا و طمعا). (الاعراف: 56).

و اعترض قولهم بان دعوي عدم المخالفه كلام ظاهري للفرق الظاهر بين طاعه المحبوب لمحض محبته و بين طاعته لغرض آخر.

و اما الاعتضاد بالايتين ففيه ان كثيرا من المفسرين ذكروا ان المعني: راغبين في الاجابه، راهبين من الرد و الخيبه.

قال شيخنا البهائي رحمه الله: و الاولي ان يستدل علي ذلك بما رواه ثقه الاسلام في الكافي بطريق حسن عن هارون بن خارجه عن الامام ابي عبدالله عليه السلام انه قال: العباد ثلثه: قوم عبدوا الله عز و جل خوفا فتلك عباده العبيد، و قوم عبدوا الله تبارك و تعالي طلبا للثواب فتلك عباده الاجراء، و قوم عبدوا الله عز و جل حبا له فتلك عباده الاحرار و هي افضل العباده. يعطي ان العباده علي الوجهين السابقين لا تخلو من فضل ايضا فتكون صحيحه و هو المطلوب.