غضب
- الغضب: قيل تغيير يحصل عند غليان دم القلب لشهوه الانتقام، و قيل هو هيجان النفس لاراده الانتقام.
و قال النراقي رضوان الله عليه في جامع السعادات: الناس في هذه القوه علي افراط و تفريط و اعتدال:
فالافراط- ان تغلب هذه الصفه حتي يخرج عن طاعه العقل و الشرع و سياستهما، و لا يبقي له فكره و بصيره.
و التفريط- ان يفقد هذه القوه او تضعف بحيث لا يغضب عما ينبغي الغضب عليه شرعا و عقلا.
و الاعتدال- ان يصدر غضبه فيما ينبغي و لا يصدر فيما لا ينبغي، بحيث يخرج عن سياسه الشرع و العقل. بل يكون تابعا لهما في الغضب و عدمه، فيكون غضبه و انتقامه بامرهما.
و لا ريب في ان الاعتدال ليس مذموما و لا معدودا من الغضب، بل هو من الشجاعه. و التفريط مذموم معدود من الجبن و المهانه، و ربما كان اخبث من الغضب، اذ الفاقد لهذه القوه لا حميه له و هو ناقص جدا.
و من آثاره عدم الغيره علي الحرم و صغر النفس و الجور و تحمل الذل من الاخساء و المداهنه في الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و الفحشاء و لذا قيل: من استغضب فلم يغضب فهو حمار. (هذه الكلمه منسوبه للشافعي، علي ما في احياء العلوم ج 3 ص 145 و ص 156).
و قد وصف الله خيار الصحابه بالحميه و الشده فقال (اشداء علي الكفار) (الفتح: 29). و خاطب نبيه صلي الله عليه و آله و سلم بقوله (و اغلظ عليهم ) (التوبه: 73). و الشده و الغلظه من آثار قوه الغضب، ففقد هذه القوه بالكليه او ضعفها مذموم.
و قد ظهر ان الغضب المعدود من الرذائل هو حد الافراط الذي يخرجه عن مقتضي العقل و الدين، و حد التفريط و ان كان رذيله الا انه ليس غضبا بل هو ضد له معدود من الجبن، و حد الاعتدال فضيله و ضد له و معدود من الشجاعه فانحصر الغضب بالاول.
و ليعلم ان الغضب من المهلكات العظيمه، و ربما ادي الي الشقاوه الابديه من القتل و القطع، و لذا قيل: انه جنون دفعي.
قال اميرالمومنين عليه السلام: الحده ضرب من الجنون لان صاحبها يندم فان لم يندم فجنونه مستحكم.
و ربما ادي الي اختناق الحراره و يورث الموت فجاه و قال بعض الحكماء: السفينه التي وقعت في اللجج الغامره و اضطربت بالرياح العاصفه و غشيتها الامواج الهائله ارجي الي الخلاص من الغضبان الملتهب.
و قد ورد به الذم الشديد في الاخبار- فليطلب من مظانها-.