و از دعاهاى آن حضرت (ع) است در روز عيد اضحى و روز جمعه
شرح:
دعاوه فى يوم الاضحى و يوم الجمعه
ايحاءات يومى الاضحى و الجمعه:
للاضحى فى التشريع الاسلامى حركه روحيه ايحائيه فى الحج، ففى صبيحه هذا اليوم يقف الحجاج من المسلمين ليصلوا صلاه العيد جماعه يلتقون فيها بالعلاقه الروحانيه التى تربطهم بالله، و تشدهم اليه، و توحى اليهم بان اجتماعهم بين يديه يمثل مسووليتهم الجماعيه امامه فى ما يتصل بقضاياهم العامه على صعيد الدين و الدنيا، و بان العيد الذى يقفون للصلاه تحت عنوانه الكبير يمثل المناسبه العامه التى يشعرون فيها بالفرح و السرور و الاخوه التى تتعانق فيها اجسادهم بالمحبه، و تتصافح فيه ايديهم بالاخوه، و تتحرك فيه حياتهم بالخير.
و لينفروا فيه فى رحله الحج فى المسيره الاخيره من المشعر الحرام الى البلد الحرام (منى) من اجل ان يتحركوا فى الارض الحرام فى اليوم الحرام من الشهر الحرام، فى ايحاء بالالتزامات الروحيه و العمليه فى انفسهم و اموالهم و اعراضهم و كل علاقاتهم العامه، ليكون عنوان الحرام هو العنوان الذى يحكم الواقع كله فى كل مفردات حياتهم الفرديه و الجماعيه، فاذا كانت حرمه البلد و اليوم و الشهر تفرض عليهم التزامات و قيودا معينه محدوده، فان حرمه الانسان المومن تفرض عليهم التزامات كثيره واسعه على مستوى الاوضاع الاجتماعيه و السياسيه و الاقتصاديه
و الامنيه، الامر الذى يجعلهم يتمثلون الوحده الاسلاميه الفكريه و الحركيه فى كل اوضاعهم المجتمعيه على صعيد الامه.
و ليبادروا- فى اليوم نفسه- الى الموقف الرمز فى رجم الشيطان الاكبر الذى ترمز اليه «جمره العقبه»، للايحاء الداخلى بالاستعداد الكبير لمواجهه الشيطان الحى فى الواقع الذى يوسوس فى صدور الناس، و يعدهم و يمنيهم و ما يعدهم الشيطان الا غرورا، و يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير.
ثم ينطلق الجميع ليقربوا قربانهم الى الله فى الاضاحى التى يذبحونها و ينحرونها من اجل الانفتاح على معنى الاضحيه فى الكبش الذى قدمه الله لابراهيم (ع) فداء لولده اسماعيل فى اجواء الموقف العظيم فى الاسلام لله، فى قيام ابراهيم بالتجربه الصعبه فى ذبح ولده و تقديم اسماعيل نفسه استجابه للامر الالهى، فقد ابقى الله هذه القصه- الامثوله فى مدى الزمن تقليدا شرعيا فى الحج بما يقدمه الناس من الاضاحى التى لا ينال الله لحومها و لا دماءها و لكن يناله التقوى منهم، و استحبابا شرعيا للناس ان يقوموا بتقديم الاضاحى فى بلدانهم فى المعمور ليطعموا البائس الفقير كوجه من وجوه التكافل الاجتماعى فى صيغته العباديه، و هكذا يتمثل الاضحى يوما تتجمع فيه البركات الالهيه، و تنفتح فيه المعانى الروحيه العباديه و الخيرات الانسانيه. و تبقى الايحاءات المتنوعه فيه تملا العقل و القلب و الشعور و الحياه كلها بالتقوى فى الالتزام بالخط التوحيدى فى طاعه الله و الاستقامه على درب الله فى كل ما يحبه و يرضاه مما يتعلق بالمسووليه عن الذات و الانسان و الحياه.
اما يوم الجمعه فهو اليوم الذى اراد الله للناس ان يسعوا فيه الى ذكر الله و يتركوا البيع فى حاله النداء الى صلاه الجمعه، ليحصلوا على الخير الروحى و الاجتماعى و الثقافى الذى اعده لهم فى هذا اليوم، كما اراد لهم فيه ان يتنوعوا فى الاخذ باسباب الخير و الاحسان فى علاقاتهم الانسانيه الايمانيه، و ان ينفتحوا على العمق الانسانى الذى يتحول الى ممارسه عمليه فى العلاقات كلها.
موضوعات الدعاء:
و هذا الدعاء الذى كان الامام زين العابدين (ع) يدعو به فى يوم الاضحى و يوم الجمعه، يسمو بنا ليحلق فى آلافاق الروحيه فى ابتهالات الانسان المومن بين يدى ربه و تطلعاته فى كل طموحاته و احلامه، و فى مشاكله و آلامه، و لينفتح الانسان- و هو فى غمره هذه الابتهالات- على حسنات الله فى جلاله و جماله و كماله، و ليقدم اليه طلباته فى كل حاجاته الماديه و المعنويه فى الدنيا و الاخره، فيدخله فى صالح دعاء من دعاه من كل المومنين الداعين فى هذا اليوم، ليحصل على بركات ذلك كله من كل خير و عافيه و بركه و هدى او عمل بطاعته او خير يمن به عليهم مما يجلب لهم خيرا او يعطيهم درجه، و يحصل على المغفره لكل ذنوبه التى يحصلون عليها فى غفران ذنوبهم، و ليعبر لله انه هو ولى حاجته المامول لقضائها، و ان وثوقه برحمته و مغفرته اكثر من وثوقه بعمله، لانه قد يفقد الاخلاص او التركيز فيه، و ليطلب منه قضاء حاجاته كلها لانه القادر على ذلك كله، فهو الغنى عن كل شىء بينما يعيش الانسان الفقر المطلق اليه من كل شىء، و هو الله الذى لا خير الا منه و الا امل الا به و لا يصرف السوء عن العباد الا هو، و هو المرجو لامر الاخره و الدنيا لا رجاء الا به، و هكذا يقف الانسان المومن- فى اجواء الدعاء- ليعلن لله سبحانه انه قام بالتهيئه و التعبئه و الاعداد و الاستعداد للوفاده اليه طلبا لنيله و جائزته، بينما يقوم البعض بذلك للوفاده الى المخلوقين رجاء رفدهم و جائزتهم.
و يامل ان لا يخيب الله رجاءه ليمنحه كل حاجاته و كل عفوه و مغفرته، من غير استحقاق منه لذلك من خلال اعماله الصالحه او من خلال شفاعه احد، ما عدا شفاعه محمد و اهل بيته. انه الرجاء لعفوه الذى عفا به عن الخاطئين و غفرانه الذى منحه للمذنبين، بالرغم من اسرافهم على انفسهم بالخطيئه، و امتدادهم فى عكوفهم على عظيم الجرم، فيمنحه الله العفو كما عفا عنهم، و الرحمه كما رحمهم، و العطف بفضله كما عطف عليهم.
و يبقى للدعاء ان يجتذب حلم الله ليرد غضبه، و عفوه ليبتعد به عن سخطه،
و رحمته التى تجيره من عقابه، و التضرع اليه الذى ينجيه منه، فيحصل على الفرج القريب بقدره الله التى يحيى بها اموات العباد، و ينشر بها ميت البلاد، و يبقيه فى خط النجاه، و يبعده عن واقع الهلاك، و يذيقه طعم العافيه مادام حيا، و يحميه من عدوه فلا يشمت به من خلال البلاء النازل به، و لا يقتله بقوته عليه. ثم ينطلق ليتعرف الحقيقه الايمانيه التى تربط العز و الذل بالله، فهو الذى يعز من يشاء و يذل من يشاء، و يجعل الضعه و الرفعه بيده، فهو الذى يضع الناس فلا يملك احد ان يرفعهم، و يرفع الناس فلا يملك احد ان يضعهم، و هو الذى يهينهم فلا يستطيع احد ان يمنحهم الكرامه، و يكرمهم فلا يستطيع مخلوق ان ينزل بهم الاهانه، و هو الذى يملك عذابهم فلا سلطه لاحد على الرحمه بهم و انقاذهم من عذاب الله، و هو الذى بيده هلاكهم فلا مجال لاحد ان يتدخل فى ذلك.
و هو الذى لا يستعجل فى عقابه لان الذى يعجل هو الذى يخاف الفوت، و لا يظلم فى حكمه احدا لان الذى يظلم هو الضعيف الذى يلجا الى الظلم لحمايه نفسه من المظلوم خوفا منه، و هذه هى صفات المخلوق لا صفات الخالق.
و يتصاعد الدعاء للطلب الى الله ان لا يجعله هدفا لسهام البلاء، و لا نصبا لنقمته، و ان ينفس له الحياه بالراحه، و ان يمهله فى عمره و لا يتابعه بالبلاء فى تتابعه و تعاقبه، لانه الضعيف فى قوته، القاصر فى حيلته.
و ان يعيذه من غضبه، و يجيره من سخطه، و يومنه من عذابه، و يهديه و ينصره و يرحمه و يكفيه و يرزقه و يعينه و يغفر له ذنوبه السالفه و يعصمه من كل خطا او ذنب او انحراف، فى عهد منه ان لا يعود لاى شىء مما يكره الله صدوره منه، و لن يتم ذلك الا بمشيئته و توفيقه.
و يختم الدعاء بالتوسل الى الله ليستجيب له كل ما ساله و طلبه و رغب فيه اليه، و يريده و يقدره و يقضيه و يمضيه، و يجعل له الخيره فى قضائه، و يبارك له فى ذلك كله، و يتفضل عليه و يمنحه السعاده بعطائه و يزيده من سعه ما عنده، و اصلا خير الدنيا بخير الاخره و نعيمها من موقع رحمته التى وسعت كل شىء.
هذه هى اجواء الدعاء المنفتحه على الله فى اهتمامات الانسان فى قضاياه و فى احلامه و آلامه و تطلعاته و اوضاعه فى حاله من التوسل و الابتهال و الثقه و الرجاء الذى يزرع الامل فى العقل و الروح و الشعور، و يدفع الانسان الى التجدد فى حركه انسانيه من خلال هذا الامداد الالهى الذى يتعهده فى مدى الزمان و المكان.
و هكذا يمتلىء اليوم بالفيوضات الروحيه الالهيه التى يتحسس الانسان بها كل معانى الحق و الخير و الايمان فى آفاق العبوديه الخالصه امام الربوبيه الرحيمه.
اللهم هذا يوم مبارك ميمون، و المسلمون فيه مجتمعون فى اقطار ارضك، يشهد السائل منهم و الطالب و الراغب و الراهب، و انت الناظر فى حوائجهم.
اللهم هذا يوم مبارك ميمون:
يا رب، ان الزمن فى امتداده خط واحد لا فرق فيه بين ساعه و ساعه و يوم و يوم و شهر و آخر، و لكنك جعلت فيه خصوصيه فى بعض ايامه، فباركت يوما دون يوم من خلال ارادتك و حكمتك بما اودعته فيه من اعمال الخير، و خصصته بعناصر الحركه و وسائل الغفران و الوان اليمن و البركه، و قد اردت للمسلمين ان يجتمعوا فى صلاتهم على الارض كلها ليلتقوا معك فى وحده الاخلاص، و انطلاقه الاسلام، و روحانيه العباده، و استقامه الحق، ليجدوا وحدتهم فى الايمان بوحدانيتك و انطلاقهم فى انطلاقه رسالتك، ليزدادوا بذلك ايمانا و وحده و روحانيه و حركيه فى خط رضاك، و ليقفوا- جميعا- بين يديك فى شهود الحاجه اليك، سواء منهم الطالب و السائل و الراغب و الراهب فى حاله الانتظار لقضاء حوائجهم من خلال انك الناظر فيها وحدك- لا شريك لك.
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست براي اين فراز در برنامه آيه مرتبطي موجود نيست