و از دعاهاى آن حضرت (ع) است در دفع كيد دشمنان و آزار آنان
شرح:
دعاوه فى دفاع كيد الاعداء و باسهم
ايحاءات القوه فى الدعاء:
قد يعيش الانسان حياته امام القوى الغاشمه المضاده التى تتحرك فى ذهنيه الكبرياء الذاتيه، فتعمل على ممارسه الظلم للناس و الاضطهاد للمستضعفين منهم بمختلف انواع المكر و وسائل الكيد، مما لا يطيقون دفعه عن انفسهم، او يضعفون عن مواجهته بفعل نقاط الضعف الكامنه فى نفوسهم امام نقاط القوه الموجوده لدى الاخرين من هولاء المستكبرين، بحيث يعيشون الاهتزاز النفسى و العملى الذى يوحى اليهم باراده السقوط من خلال الايحاءات السلبيه التى تنفذ الى افكارهم و مشاعرهم، فيخيل اليهم انهم لا يملكون ايه قوه امامهم مما يدخلون فيه ساحه الصراع بقوه، فيسقطون تحت تاثير ذلك كله، كاى ضعيف يواجه مواقع القوه فى القوى بنقاط ضعفه.
و فى ضوء ذلك، تحركت التربيه الايحائيه لتستنفر ايمان الانسان بالله، الذى يومن بان له القوه جميعا، و ان له العزه جميعا، و ان المهيمن على الامر كله، الذى يوتى الملك من يشاء، و ينزع الملك ممن يشاء، و يعز من يشاء، و يذل من يشاء، بيده الخير و هو على كل شىء قدير، و ان الناس- مهما كانت قوتهم- لا يملكون لانفسهم و لا لغيرهم ضرا و لا نفعا الا باذن الله، و ان الله ينصر الذين ينصرون كلمته و رسله و ينصرون انفسهم بالصمود و الثبات و يوحى اليهم بانه معهم فى مواقف الصراع.
و هنا ياتى دور الدعاء ليرتفع بروح الانسان الى الله ليبتعد بذلك عن كل نوازع الضعف فى وهده السقوط، فيعيش مع ربه الذى يمده بالاحساس بالقوه، و يبتعد به عن تهاويل التهديد الاستكبارى فى عمليه ايحاء نفسى تتلا حق احاسيسه و افكاره لتصرخ «ان الله معنا».
انه لا يمثل بديلا عن التهيئه و التعبئه و الاعداد و الاستعداد، لان الله لا يريد للانسان ان يستسلم للغيب بعيدا عن عناصر القوه الذاتيه التى لا بد له من ان يطورها و ينميها و يحركها فى اتجاه حمايه نفسه و كل الناس الذين يحيطون به او يدخلون فى نطاق مسووليته.
ان الدعاء- فى المنهج التربوى الاسلامى- يعمل على ربط الانسان بالموقع الالهى للقوه المطلقه، ليتماسك و يتوازن و يفرغ ذاته من كل التهاويل التى تضغط على تفكيره و ارادته، و يلتفت الى عناصر قوته و الى عناصر ضعف الاخرين، ليحاربهم فى نقاط ضعفهم بنقاط قوته، فى ايمان بان الله لن يخذله و انه يمده بالقوه التى يحتاجها عندما تضعف قوته، و ينصره اذا احتاج الى النصر، فيكون عنصر قوه اضافيه و وسيله توازن و ثبات.
و بهذا تتاصل الحقيقه الايمانيه التى لا تطلق للانسان فكره التوكل على الله، و استدفاع الضر به و الرجوع اليه فى حالات الخوف، لتبعده عن مواقع قوته الذاتيه ليهملها و يسقطها و يتركها للضياع فى ساحه الفراغ، بل انها تطلقها لتحمى الانسان من هو اجس الخوف من المستقبل، و من القوى الطاغيه التى تزيد على قوته، و من المفاجات غير المحسوبه، لتتكامل لديه مساله القوه، مما يملكه فى ذاته و مما يستلهمه من الامداد الغيبى من ربه، ليكون الانفتاح على الغيب الالهى مصدرا للثقه بالمستقبل من خلال الثقه بالله.
المفاهيم الاساسيه لمضمون الدعاء:
فى الفصل الاول من هذا الدعاء، يقف الانسان الخاطىء امام ربه ليقدم اعترافه فى موقف توبه و ندامه، فقد هداه الله الى الطريق المستقيم، و لكنه ابتعد عن مسووليه الهدى الى اللهو العابث الذى يتحرك فى اجواء العبث و اللامبالاه، و وعظه الله بكلماته فى كتاب الوحى و بقصص الماضى المعبره فى كتاب التاريخ ليرق قلبه، فاستبدل بذلك القسوه المتحجره التى تحول قلبه الى حجر صلد لا يحمل ايه طراوه
او نداوه، و افاض الله عليه بالجميل من الطاقه، و بالطيب من نعمه، و بالخير من كرمه، فلم يقابل ذلك بالشكر بل قابله بالمعصيه التى تجسد الكفران لذلك كله.. و هكذا كان الموقف سلبيا فى كل موقفه من ربه.
و لكن المساله تبدلت عند تبدل الجهل بالمعرفه، و الغفله باليقظه، من خلال نعمه المعرفه لكل الواقع السيىء الذى صدر عنه، من خلال ما عرفه الله، فاستغفره، فقبل منه ليبدا الدرب فى خط الطاعه من جديد، و لكنه عاد الى المعصيه فلم يفضحه الله بل ستر عليه.
و هكذا اقتحم و ديان الهلكه، و سار فى مضائق الدروب الموديه الى التلف، و ذلك من خلال التعرض لسطوه الله و عقوبته، و لكنه فزع الى ايمانه بالتوحيد و جعله الوسيله الى مغفرته و الطريق الى رضوانه، فاذا كان قد عصى ربه فى اكثر من مساله، فان القاعده التى تحكم كل عقله و روحه هى الوحدانيه لله، فلا شريك له، و لا اله سواه.
و هكذا بدا رحله الفرار اليه، فلا مفر للمسىء الا اليه، و فزع الى رضوانه فانه لا مفزع للضائع فى التيه المضيع للفرص الكثيره التى تجلب له الحظ الا هو.
و فى الفصل الثانى، ينطلق الى الحديث عن العدو الذى امتشق سيف العداوه ليقتله به، و حرك كل وسائل العدوان الحاده و السامه، و تحرك فى سهر دائم للاضرار به، و تدبير خفى لوقوع المكروه به، فوقف عند نقاط ضعفه الذاتى الذى لا يملك معه احتمال المصائب، و عجزه عن الانتصار فى خط المواجهه لهذا العدو المحارب، انطلاقا من وحدته امام العدو الكبير الذى يحاربه و يترصده لينزل به اكثر من بلاء فى نفسه و فى اهله و فى ماله، مما لا عهد له به و لا فكره له عنه، فالتجا الى ربه مبتهلا اليه، طالبا نصره، فاعطاه فرصه النصر بقدرته، و شد عضده بقوته، و كسر عدوه، و فرق جمعه، و اسقط موقعه، و رفعه- هو- الى الدرجه العليا، بينما رد كيد عدوه الى نحره، فلم يحصل على شفاء غيظه و تنفيس حقده، فانكفا راجعا الى
موقعه يعض اصابعه ندما على ما اسلفه من خطايا و عدوان. و اذا كان هذا شان العدو فى نهايه عدوانه بالهزيمه و الانكفاء، فهناك الباغى الذى اعتدى عليه بكل وسائل الكيد لديه و عناصر البغى عنده، فقد صب كل اشراكه لا صطياده، و اقام كل عيونه التى ترصد حركته، و لازمه ملازمه السبع لطريدته، فى نفاق البشاشه الظاهره التى تخفى وراءها الغيظ الداخلى الذى يتمثل فى النظره الحانقه، و كاد ان يصل الى مبتغاه، و لكن الله الذى اطلع على سوء سريرته و خبث طويته، اوقعه فى البئر التى حفرها، فقلبه على راسه، و ابطل كل كيده، و قهره بكل قوه بعد ان كان متعاليا يخطط لينتظر وقوعه فى حباله، لكن رحمه الله انقذته من ذلك كله.
و هناك الحاسد الذى يعيش العقده الخفيه التى تاكل قلبه، لان الله انعم على عبده المومن بنعمته، فتمنى ان تزول عنه لتنتقل اليه، فتحول ذلك الى حاله من الغيظ الحاقد فى مشاعره، و من اللسان الحاد بكلماته، و اطلق التهمه المعيبه بدون حساب، و استهدف كرامته بكل سهامه، و نسب اليه الصفات المعيبه التى لا اساس لها، و خطط فى كيده و مكره لا سقاط موقعه و اهدار سمعته، فكانت استغاثته بربه للخلاص من بغيه فى ثقه عميقه ايمانيه باجابته له، لانه الرب الذى يمنح عباده الامن و الراحه و الطمانينه ممن يتفيا ظلاله و يلجا الى حصنه الحصين، فكان له ما اراد من تحصينه من عدوانه بقدرته التى شملت كل شىء.
و تلك هى نعم الله المتمثله فى الغيوم الكثيفه من البلاء التى يجلوها عن عبده الراجع اليه، و فى النعم التى يغدقها عليه، و فى الرحمه التى تجرى فى حياته كالجداول التى تمنح الارض بركتها و خيراتها، و فى العافيه التى تتحرك فى جسده و فى حياته نشاطا و حيويه و حركه بالخير كله، و فى الاحداث المقبله بالشر التى محاها عن وجوده، و فى الكربات الغاضيه التى تغشى العقل و الحس و البصر التى ازالها، و فى حسن ظن عبده المومن و رجائه له مما حققه له فى حياته، و فى الفقر الذى سده فحوله الى غنى، و فى انعاشه من حاله السقوط التى حلت به، و فى شده المسكنه التى تحولت الى حاله رخاء، و هكذا كانت النعم تتتابع عليه بافضاله و كرمه بالرغم من تتابع المعاصى منه، و اشتداد الاساءه منه و امتداده فى ذلك، بحيث لم
تمنعه النعم الوافره من السير فى خط الانحراف. و يبقى الله فى عطائه لعباده من موقع الحكمه التى تتحرك فى آفاق التدبير لا من موقع الجزاء، فهو يعطى المسىء، و يرحم المذنب، فهو العالم بما يفعله، و لا يعلم احد من ذلك شيئا الا من حيث ما يعطيه من علم، فلا يملك احد ان يناقشه فى فعله.
انه الذى يعطى و يعطى ابتداء منه تاره، و بعد المساله اخرى، فلا يرد احدا ساله حاجته، و لا يمنع مخلوقا عطاءه، فهو المحسن المنان و المتطول بانعامه، بالرغم من اقتحام عبده حرماته و تعديه حدوده و غفلته عن باسه فى تنفيذ و عيده.
و فى الفصل الثالث، ينطلق الحمد من عمق الاحساس بالعبوديه و الايمان بالقدره التى لا تغلب و الاناه التى لا تعجل، و تنفتح الذات بكل احساسها بالذنب على الاعتراف بفيضان النعم التى يقابلها الانسان بالتقصير و الشهاده على نفسه بالتضييع لواجباته و مسوولياته.
و ينطلق التوسل بمحمد نبى الرحمه الذى منحه الله الشفاعه للمذنبين، و على رائد الحق الذى قربه الله اليه و ادناه، فاعطاه الكرامه عنده ليستعيذ بذلك من شر كل ذى شر، لانه القادر على كل شىء، و المالك لكل شىء، و ليحصل- فى تضرعه اليه- على الرحمه الدائمه و التوفيق المستمر الذى يعرج به الى مواقع رضاه و يحصل به على الامن من عقابه لانه ارحم الراحمين.
و هكذا نجد فى هذا الدعاء جوله فى واقع الناس الذين يحركون العداوه و البغى و الحسد فى العدوان على المستضعفين، مما قد لا يملكون القوه فى مواجهتهم، فيلجاون الى الله فى اعتراف و ابتهال و استرحام و استعطاف له من اجل الحصول على الامن من ذلك كله، الامر الذى يحس الانسان فيه بالثقه و الاستقرار فى حياته.
الهى هديتنى فلهوت، و وعظت فقسوت، و ابليت الجميل فعصيت، ثم عرفت ما اصدرت اذ عرفتنيه، فاستغفرت فاقلت، فعدت فسترت، فلك الهى الحمد،
تقحمت اوديه الهلاك، و حللت شعاب تلف تعرضت فيها لسطواتك، و بحلولها عقوباتك، و وسيلتى اليك التوحيد، و ذريعتى انى لم اشرك بك شيئا، و لم اتخذ معك الها، و قد فررت اليك بنفسى، و اليك مفر المسىء و مفزع المضيع لحظ نفسه الملتجىء.
اللهم اليك المفر و اليك المفزع:
يا رب، لقد دللتنى على الحق الذى يمنحنى القوه فى حركه الحياه، و ارشدتنى الى آفاق النور التى تطرد عن عقلى كل غواشى الظلم، و هديتنى الى مواقع الخير التى احصل بها على الامن و الطمانينه فى رحله المسيره التى توصلنى اليك، لاكون قويا فى ارادتى فى حركه مسوولياتى، جديا فى مواجهه قضايا الحياه و الانسان، واعيا لما اعيشه من واقع، و لما ينتظرنى من مستقبل، و لكننى تركت ذلك للهو الذى يجعلنى فى حاله من العبث اللاهى الذى لا يسكن الى خير و لا يتحرك نحو مسووليه، و لا ينفتح على وعى، بل هى الغفله التى تستغرقنى فى كل امورى فتبعدنى عن طريق النجاه.
و قد اطلقت المواعظ فى آيات وحيك، و فى العبر التى قدمتها لى من حركه الحياه، ليرق قلبى، و يخشع احساسى، و تلين مشاعرى، فارجع اليك فى خضوع العبد لسيده، و لكنى ازددت قسوه فى كيانى كله، تماما كما هى الحجاره فى صلابتها التى لا تلين او اشد قسوه، لانى لم افتح عقلى و قلبى و روحى للمعانى الوعظيه التى تنساب فى الروح حبا لك و خشيه منك.
و قد انعمت على بالجميل الكثير من عطائك لتبلونى ااشكر ام اكفر، فتمتحن بذلك عمق ايمانى و ثباته و قوته، و لكنى قابلت ذلك بالكفران بما مارسته من حالات العصيان، و امتد بى العصيان فى غفلاتى، فتفضلت على بتعريفى كل ما اصدرته الى من فضلك، و وعيت- من خلال ذلك- سوء فعلى تجاهك، فجئتك مستغفرا تائبا مستقيلا، فاقلتنى عثرتى، و عفوت عنى، ثم عدت- من جديد- الى المعصيه، بفعل النفس الاماره بالسوء و بوسوسه الشيطان الذى يشدنى الى المعصيه، فسترت على ذلك كله بسترك.
فاى حمد من معانى حمدك احمدك بها، فلك الحمد كله.
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست آيات مرتبط:
وعظ الهى:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (در حقيقت، خدا به دادگرى و نيكوكارى و بخشش به خويشاوندان فرمان مىدهد و از كار زشت و ناپسند و ستم بازمىدارد. به شما اندرز مىدهد، باشد كه پند گيريد.) قرآن كريم، سوره مباركه النحل (16)، آيه 90.
عطاى نعمت نيكو از جانب خدا به بندگان:
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (و شما آنان را نكشتيد، بلكه خدا آنان را كُشت. و چون [ريگ به سوى آنان] افكندى، تو نيفكندى، بلكه خدا افكند. [آرى، خدا چنين كرد تا كافران را مغلوب كند] و بدين وسيله مؤمنان را به آزمايشى نيكو، بيازمايد. قطعاً خدا شنواى داناست.) قرآن كريم، سوره مباركه الانفال (8)، آيه 17.