ترجمه: تو با آنها بردبارى نمودى كه به فرمان آيند و مهلت دادى چون قدرت تو هيچگاه به انتها نرسد پس هر كس سزاوار سعادت بود سرانجام كار او را به سعادت آوردى و هر كس در خور شقاوت بود او را واگذاشتى تا به شقاوت رسيد.
شرح:
انما تانيت ليفيئوا الى امرك:
كما تريد للانسان الذى اختار الشقاء فى دروب المعصيه، و استسلم لاوضاع الانحراف و الضلال، ان تمنحه الفرصه للتفكير المتوازن المستقيم من خلال مهله هنا و صدمه هناك، ليعيد النظر فى كل قناعاته، و ليفتح الابواب على الافاق الرحبه فى آفاقك الله.. ليتراجع عن خط الشقاوه و يبداء السير فى خط السعاده.. فلا تجمد له الموقع، بل تجرب له اكثر من موقع للخير و للحق و للهدايه.. حتى اذا امتد بعد ذلك فى غيه و طغيانه و تمرده، اسلمته لمصيره دون ان تتدخل- بطريقه غير عاديه- فى اللطف به و هدايته الى درب السعاده، لانه اختار الشقاء لنفسه فرفض كل ما قدمته له من ذلك كله.
و هذا ما نستوحيه من ان الله يختم لمن كان من اهل السعاده بها، و يخذل من كان من اهل الشقاوه لها.. فليس المقصود بها ان يخلق الانسان سعيدا على اساس العناصر الذاتيه للسعاده فى شخصيته، و ليس المقصود بها ان يخلق الانسان شقيا على اساس العناصر الذاتيه للشقاوه فى ذاته، لان ذلك يعنى ان الامهال و الاناه و امثال ذلك لا يقدم و لا يوخر شيئا فى الموضوع، لان العناصر الذاتيه لا بد ان تفرض نفسها على الانسان حتى لو اراد الانطلاق بعيدا عن مسارها الطبيعى، لان الذاتيات لا تتخلف عن نتائجها، بل المراد- و الله العالم- ان من كان من اهل السعاده او الشقاوه فى حركه الواقع الموضوعى للانسان فى اختياره لفكره و تحريكه لارادته و تخطيطه لمسيرته و انفتاحه على الجانب الخير او الشرير فى الحياه، فان الله يمنحه الفرصه للتراجع عن خط الانحراف اذا اراد السعاده، و الانفتاح على خط الاستقامه اذا اراد الشقاوه.
و على ضوء هذا المفهوم يمكن تفسير الاحاديث الوارده فى مساله السعاده و الشقاوه، كما جاء فى الكافى بسند صحيح عن ابىعبدالله جعفر الصادق (ع) قال: «ان الله خلق السعاده و الشقاوه قبل ان يخلق خلقه فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه ابدا و ان عمل شرا ابغض عمله و لم يبغضه، و ان كان شقيا لم يحبه ابدا و ان عمل صالحا احب عمله و ابغضه لما يصير اليه، فاذا احب الله شيئا لم يبغضه ابدا و اذا ابغض شيئا لم يحبه ابدا».
فان خلق السعاده و الشقاوه قبل خلق الانسان لا معنى له الا من خلال علم الله بالاشياء و تقديره لها، لانهما لا يقومان بطبيعتهما فى الوجود، بل لا بد من قيامهما بالانسان الحى المنفتح على حياته فى الخط الذى يختاره لنفسه من الخير و الشر، فلا تنفصل المساله عن الاختيار فى الجانب الفكرى و العملى لما يلتزمه فى فكره و عمله ليكون الطابع العام لحياته فى خط سيره الطبيعى، بحيث لو حدث الخير من الشرير لكان حاله طارئه منفصله عن الخط العام، و لو حدث الشر من الخير لكان حاله طارئه لا عمق لها فى الذات.. و هذا هو الظاهر من محبه الله للشخص او بغضه له على اساس التزامه بخط السعاده و الشقاوه، بحيث يكون هو الامتداد العام لحياته او محبته لعمل الخير من الشرير او بغضه لعمل الشر من الخير من دون ان يوثر ذلك فى تقويم الذات المنفتحه على الخير او الشر، لان المساله هى مساله الطابع العام للشخص من حيث التزاماته الاساسيه التى تخضع لها كل مفردات حياته، فذلك هو الذى يجعله موضعا لمحبه الله اذا اختار خط السعاده او موضعا لبغضه اذا اختار خط الشقاوه، و هذا هو الذى يودى الى اهماله للشقى و تركه لنفسه فى سوء اختياره، مما يودى الى معنى خذلانه لها من خلال التعامل السلبى معه، فان الله اذا رفع رعايته عن عبده، استسلم العبد لشيطانه، و عاش فى قبضه هواه..
اما السعيد، فانه يمنحه لطفه و محبته و رعايته تشجيعا له على حسن اختياره، بحيث يودى ذلك الى تقويه العنصر النفسى للسعاده ليختم له بها فى نهايه امره فى الحياه، و لعل هذا هو المراد بقول الامام الصادق (ع) فى ما رواه الكافى بسنده عنه قال: «يسلك بالسعيد فى طريق الاشقياء حتى يقول الناس ما اشبهه بهم بل هو منهم، ثم تتداركه السعاده و قد يسلك بالشقى طريق السعداء حتى يقول الناس ما اشبهه بهم بل هو منهم، ثم يتداركه الشقاء، ان من كتبه الله سعيدا و ان لم يبق فى الدنيا الا فواق ناقه ختم له بالسعاده».
احاديث مرتبط:
مهلت دادن خدا به ستمگران، به جهت دوام ملك و پادشاهى خدا.
قال اميرالمومنين عليهالسلام: و لئن امهل الله الظالم، فلن يفوت اخذه و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه، و بموضع الشجا من مساغ ريقه.
نهجالبلاغه، ص 141، خطبه 97
اهل سعادت و شقاوت.
رواه ثقهالاسلام فى الكافى بسند صحيح عن ابىعبدالله عليهالسلام قال: ان الله خلق السعاده و الشقاوه قبل ان يخلق خلقه، فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه ابدا، و ان عمل شرا ابغض عمله و لم يبغضه، و ان كان شقيا لم يحبه و ان عمل صالحا احب عمله و ابغضه لما يصير اليه، فاذا احب الله شيئا لم يبغضه ابدا، و اذا ابغض شيئا لم يحبه ابدا.
الكافى، ج 1، ص 152، ح 1
رواه ثقهالاسلام فى الكافى بسنده عن ابىعبدالله عليهالسلام قال: انه يسلك بالسعيد فى طريق الاشقياء حتى يقول الناس: ما اشبهه بهم بل هو منهم ثم تتداركه السعاده، و قد يسلك بالشقى طريق السعداء حتى يقول الناس: ما اشبهه بهم بل هو منهم ثم تتداركه الشقاوه ان من كتبه الله سعيدا و ان لم يبق من الدنيا الافواق ناقه ختم له بالسعاده.