للقرآن- فى العقيده الاسلاميه- معنى النور الذى يضىء للناس الحقيقه فيهديهم الى سبل السلام الروحى و الفكرى و العملى، و يشق لهم الدرب الى الهدف العظيم فى سعاده الدنيا و الاخره.
و هو فى الوقت نفسه، الكتاب الالهى الذى يجمع الكتب كلها فى مضمونه المتحرك فى خط الرسالات منذ بدايه انطلاقها فى وحى الله، ليجمع للناس فيه خلاصه صحف ابراهيم و موسى و عيسى و داود مما انزله الله على الناس من خلالهم، فينفتح المسلم فيه على رحابه الاسلام فى اطلالته الرساليه على ما تقدمه من الرسالات، مصدقا لما بين يديه من التوراه و الانجيل، ليكون العنوان الاسلامى فى انفتاحه الفكرى فى الخطوط العامه كما فى قوله تعالى: (آمن الرسول بما انزل اليه من ربه و المومنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله لا نفرق بين احد من رسله) (البقره: 285)، و فى ضوء ذلك فانه يتحدث مع الاخر فى موقف اعتراف به فى الخط العام ليدعوه الى الكلمه السواء انطلاقا من الايمان بالكتاب كله كما جاء فى قوله تعالى:
(قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمه سواء بيننا و بينكم الا نعبد الا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون) (آل عمران: 64).
و هو- فى الوقت نفسه- يدعو الى الحوار مع الاخر ليحاور العقل البشرى، فى حركه التوحيد و الشرك و الايمان و الكفر و الانحراف و الاستقامه على اساس من الموضوعيه الفكريه التى تبتعد عن خصوصيه الذات فى واقع الحوار على هدى الايه الكريمه: (و انا او اياكم لعلى هدى او فى ضلال مبين) (سبا: 24).
و يدعو الى الدعوه الى سبيل الله بالحكمه و الموعظه و الجدال بالتى هى احسن، و يواجه المشاكل الطارئه فى الحياه العامه و الخاصه بقول الكلمه التى هى احسن، و بالعمل على تحويل الاعداء الى اصدقاء، و بالتاكيد- فى ذلك كله- على الحجه و البرهان، بعيدا عن الانفعاليه و الغو غائيه.
و ينادى بالعدل و الاحسان، و يركز الخط الرسالى فى كل الرسالات و الرسل و الكتب المنزله على اساس العدل الشامل لكل الناس حتى لو كانوا اعداء، و على كل الناس حتى لو كانوا من اقرب الاقرباء.
و يوكد على وحده الانسانيه من دون الغاء خصوصيه التنوع فى امتداداتها فى واقع الانسان، فقد اعلن ان الله خلق الناس كلهم من ذكر و انثى و جعلهم شعوبا و قبائل فى الخصوصيات العرقيه و اللونيه و القوميه و الجغرافيه، ليتعارفوا فيما بينهم على اساس تبادل الافكار و الخبرات و الطاقات التى بها يتعارفون و يتعاونون و يحققون للحياه قوتها و سلامتها و تطورها، و للانسان نموه و ابداعه و حركيته فى الدرجات العلى، و راى ان القيمه كل القيمه فى العلم، فالاكثر علما هو الاكثر قيمه، و ان كل الكرامه عند الله فى التقوى، فالاتقى هو الاقرب عند الله، بما تمثله التقوى من الاستقامه فى الخط العملى لانها هى التى تمثل التجسيد الحى للانضباط فى طاعه الله و السير على منهاجه، و الانسجام مع مواقع اراداته و رضاه.
ثبوت النص القرآنى:
و هو الكتاب الالهى الذى لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، فقد حفظه الله من النقص و الزياده و التحريف و ذلك هو قوله تعالى: (انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون) (الحجر: 9)، و مهما اختلفت الروايات فى بعض الايحاءات و الكلمات بوجود نقصان هنا او تحريف هناك، فانها لم تستطع ان تفرض شيئا منها على القرآن فى الواقع التاريخى الممتد فى حياه المسلمين بكل تنوعاتها و اختلافاتها و تعقيداتها، حتى ان الذين ينقلون هذه الروايات فى كتبهم او يعتمدون الراى بصحه دعوى التحريف فى آرائهم، لم يضيفوا فى القرآن الذى يملكونه و يقراون فيه ايه كلمه زائده، و لم يغيروا ايه كلمه فيه عن وضعها القرآنى، مما يوحى بان الذهنيه الاسلاميه لم تستسلم لهذه الفكره، فقد كانت حارسه القرآن من اى تغيير او تبديل، و لهذا راينا ان العالم الاسلامى من ادناه الى اقصاه لا يملك ايه نسخه من القرآن مختلفه عن نسخه اخرى مهما اختلفت مذاهبهم و تنوعت آراوهم.
و قد عبر عن ذلك امين الاسلام الطبرسى فى تفسيره (مجمع البيان) قال: «اما الزياده فيه- اى القرآن- فمجمع على بطلانه، و اما النقصان منه فقد روى بعض اصحابنا و قوم من حشويه العامه ان فى القرآن تغييرا او نقصانا، و الصحيح من مذهب اصحابنا خلافه، و هو الذى نصره المرتضى قدس الله روحه، و ذكر ان القرآن كان على عهد رسولالله (ص) مجموعا مولفا على ما هو عليه الان، و استدل على ذلك بان القرآن كان يدرس و يحفظ جميعه فى ذلك الزمان، حتى عين على جماعه من الصحابه فى حفظهم له، و انه كان يعرض على النبى (ص) و يتلى عليه، و ان جماعه من الصحابه مثل عبدالله بن مسعود و ابى بن كعب و غيرهما ختموا القرآن على النبى (ص) عده ختمات، و كل ذلك يدل بادنى تامل على انه كان مجموعا مرتبا، غير مبتور و لا مبثوث، و ذكر ان من خالف فى ذلك من الاماميه و الحشويه لا يعتد بخلافهم، فان الخلاف فى ذلك مضاف الى قوم من اصحاب الحديث، نقلوا اخبارا ضعيفه ظنوا صحتها، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته».
و قد جاء فى كتاب الاعتقادات للصدوق ما نصه: «اعتقادنا ان القرآن الذى انزله الله تعالى على نبيه محمد (ص) ما بين الدفتين، و هو ما فى ايدى الناس ليس باكثر من ذلك، و مبلغ سوره عند الناس مائه و اربع عشره سوره، و عندنا ان الضحى و الم نشرح سوره واحده، و لا يلاف و الم تر كيف سوره واحده، و من نسب الينا بانا نقول انه اكثر من ذلك فهو كاذب».
و جاء فى كتاب التبيان للشيخ الطوسى قال:
«اسقاط بعض القرآن و تحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر معنى، كما يظهر لمن تامل فى كتب الاحاديث من اولها الى آخرها، و دلت الاخبار على وجود مصحف غير هذا المشهور بين الناس، و هو موجود عند اهله، و الظاهر انا مامورون بقراءه هذا القرآن و لا يجوز لنا الزياده على ما فيه بما ورد فى بعض الروايات انه اسقط منه».
و لكننا نلا حظ على هذا الكلام ان الروايات التى ذكرها الشيخ الطوسى هى روايات ضعيفه فى السند و ضعيفه فى الدلاله على القول المذكور، و ان الحديث عن وجود مصحف آخر عند اهله لا يثبت امام النقد لان مساله القرآن من المسائل التى لا تحتمل التقيه لا سيما من اميرالمومنين على (ع)، فليس من الطبيعى ان لا يعمل بكل ما عنده من طاقه لاخراج ما عنده من القرآن الى الناس، و الدفاع عن ايه شبهه مضاده لا سيما فى ايام خلافته، و ان الامر بقراءه ما فى هذا القرآن و عدم جواز الزياده عليه، ليس امرا ناشئا من عنوان ثانوى يوجب ذلك بل هو ناشىء من ان القرآن هو هذا الموجود بين الدفتين، و لذلك جعله الائمه من اهل البيت (ع) مقياسا للحكم بصحه الحديث و عدم صحته، مما يوحى بانه لا نقصان فيه و لا زياده، لان ذلك لو كان ثابتا لما جاز ان يكون مقياسا بالنحو المذكور، لامكان ان يكون الحديث المرفوض- مثلا- موافقا لما خفى من القرآن، و قد بحث استاذنا المحقق آيه الله السيد الخوئى (قدس سره) مساله التحريف فى القرآن فى مناقشه علميه شامله فى محاكمه الاحاديث الوارده فى هذا الموضوع فى كتابه «البيان فى تفسير القرآن»، فليراجع.
و هو الكتاب الذى يهدى للتى هى اقوم و يبشر المومنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا، و ان الذين لا يومنون بالاخره اعتدنا لهم عذابا اليما، ليحدد للناس الخط الذى يتحركون فيه فى الحياه من خلال نهاياته الايجابيه و السلبيه.
و هو النور الذى يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام و يخرجهم من الظلمات الى النور باذنه و يهديهم الى صراط مستقيم.
و هو الكتاب الذى جعله الله قرآنا عربيا ليفتح للعقل ابوابه فى ام الكتاب لدى الله لعلى حكيم.
و هو الكتاب الذى يمثل الخطوط الفكريه للاسلام فى عقيدته و شريعته و منهجه و حركته فى نطاق الدعوه الى الله، و العمل فى سبيله، و الجهاد من اجل ان تكون كلمه الله هى العليا و كلمه الشيطان هى السفلى، و لذلك كان هو الميزان فى تصحيح الحديث الذى يرويه الرواه عن النبى محمد (ص) و عن الائمه الهداه من اهل البيت الذين يروون حديثه، فما خالف كتاب الله فهو زخرف و ما وافقه فهو الحق.
اصول و فضل تلاوه القرآن:
و قد تحدث الدعاء عن القرآن بمناسبه اختتام قراءته التى اراد الله للانسان ان يداوم عليها فى التزام و وعى و تدبر و تامل، و فى ترتيل جميل يوحى بالكثير من الجمال النفسى فى طريقه قراءته و تنظيم مخارج كلماته، و لم يرد للقارىء ان يستعجل به لتكون القضيه عنده فى القراءه ان يبلغ نهايته فى وقت قليل، بل اراد له ان يتلبث فيه، و يتانى به، فقد ورد فى الكافى بسنده عن محمد بن عبدالله قال: «قلت لابىعبدالله جعفر الصادق (عليهالسلام): اقراء القرآن فى ليله، قال: لا يعجبنى ان تقراه فى اقل من شهر».
و بسنده عن على بن ابىحمزه قال: «دخلت على ابىعبدالله (عليهالسلام) فقال له ابوبصير: جعلت فداك اقراء القرآن فى شهر رمضان فى ليله؟ فقال: لا.
قال: ففى ليلتين؟ قال: لا، قال: ففى ثلاث؟ قال: لا، و اشار بيده، ثم قال: يا ابا محمد، ان لرمضان حقا و حرمه لا يشبهه شىء من الشهور، و كان اصحاب محمد (ص) يقراء احدهم القرآن فى شهر او اقل، ان القرآن لا يقراء هذرمه، و لكن يرتل ترتيلا، فاذا مررت بايه فيها ذكر الجنه فقف عندها وسل الله عز و جل الجنه، و اذا مررت بايه فيها ذكر النار فقف عندها و تعوذ بالله من النار».
و جاء فى الكافى بسنده عن على بن الحسين (ع)، قال: و قد روى هذا الحديث عن ابىعبدالله (ع)، قال: «من استمع حرفا من كتاب الله عز و جل من غير قراءه، كتب الله له حسنه و محا عنه سيئه و رفع له درجه، و من قراء نظرا من غير صوت، كتب الله له بكل حرف حسنه، و محا عنه سيئه، و رفع له درجه، و من تعلم منه حرفا ظاهرا كتب الله له عشر حسنات و محا عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات. قال: لا اقول بكل آيه، و لكن بكل حرف باء او تاء او شبههما. قال: و من قراء حرفا ظاهرا و هو جالس فى صلاته، كتب الله له به خمسين حسنه، و محا عنه خمسين سيئه، و رفع له خمسين درجه، و من قراء حرفا و هو قائم فى صلاته كتب الله له بكل حرف مائه حسنه و محا عنه مائه سيئه، و رفع له مائه درجه، و من ختمه كانت له دعوه مستجابه موخره او معجله. قال: قلت: جعلت فداك ختمه كله؟ قال: ختمه كله».
و قد جاء الحديث فى فضل قراءه القرآن فى المصحف على القراءه عن ظهر القلب، لان النظر فيه عباده مطلوبه.
فقد روى ثقه الاسلام «الكلينى» فى الكافى، بسنده عن اسحاق بن عمار عن ابىعبدالله (ع) قال: «قلت له: جعلت فداك انى احفظ القرآن عن ظهر قلبى، فاقراه على ظهر قلبى افضل، او انظر فى المصحف؟ قال: فقال لى: بل اقراه و انظر فى المصحف، فهو افضل، اما علمت ان النظر فى المصحف عباده». و ربما كان الاساس فى ذلك ربط الناس بالقرآن بشكل حسى بالالتزام بالكتاب ليبقى هو
الارتباط به فى الواقع من حيث اقتنائه فى المنزل و الامساك به، بالاضافه الى الارتباط به فى الحفظ و الوجدان.
و قد جاء فى بعض الاحاديث ما يوحى برجحان و استحباب تحسين الصوت بالقراءه.
فقد روى ثقه الاسلام الكلينى- فى الكافى- بسنده عن ابىعبدالله (عليهالسلام) قال: قال النبى (ص): «لكل شىء حليه، و حليه القرآن الصوت الحسن»، و عنه (ع) قال: قال رسولالله (ص): «اقراوا القرآن بالحان العرب و اصواتها، و اياكم و لحون اهل الفسق و اهل الكبائر، فانه سيجىء من بعدى اقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانيه، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبه و قلوب من يعجبه شانهم».
و عنه (ع) قال: «كان على بن الحسين (صلوات الله عليه) احسن الناس صوتا بالقرآن، و كان السقاوون يمرون فيقفون ببابه يسمعون قراءته». و جاء عن ابىجعفر محمد الباقر انه قال لابىبصير: «رجع بالقرآن صوتك فان الله عز و جل يحب الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا».
و لعل الوجه فى ذلك ان للترجيع و للترديد و الترتيل بالصوت الحسن دورا فاعلا فى تعميق الاحساس الوجدانى بالكلمه، و وعى مضمونها الفكرى و الروحى، لانه يجسد الكلمه تجسيدا حيا فى معناها، فتنفتح عليها احاسيس الانسان و مشاعره، فتدخل الى عقله بطريقه حبيبه حميمه مما يزيد فى انفتاح العقل عليها، و لكن لابد من التدقيق فى الاسلوب الترجيعى و الطريقه الترتيليه و الموسيقى الصوتيه، لتكون منسجمه مع الاسلوب القرآنى، فلا تبتعد عن الجو الروحى و الايحاء الربانى، لان بعض الاساليب قد تقترب بالتجويد من العبث الموسيقى الذى يجعل الكلمه مجرد
صوت لا يوحى بالمعنى و لا ينفتح على الروح، لان القرآن ليس صوتا فى الاذن و لكنه حركه فى الروح و القلب و العقل، الامر الذى يجعل الغناء القرآنى لونا جديدا ينفتح على الايحاء الروحى و يبتعد عن الحس الغريزى. و ربما كان الحديث النبوى الشريف فى حديثه عن هولاء الذين يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانيه يشير الى الذين لا يعيشون القرآن بقلوبهم و لكن يطربون له باسماعهم.
المفاهيم الاساسيه فى الدعاء:
اما حديث الامام عن القرآن فى هذا الدعاء، فهو انه الكتاب الذى ينفتح بالنور المنطلق من وحى الله ليضىء للانسان عقله و قلبه و روحه و حياته، فى منزلته الكبرى عند الله الذى جعله مهيمنا على الكتب التى انزلها على رسله كالتوراه و الانجيل و صحف ابراهيم و زبور داود، بما احتواه من معانيها، و ما تميز به عنها من مطالب جديده و تشريعات شامله، كما فضله- فى هذا الجو- على الاحاديث التى قصها على الناس مما فيه الموعظه و الوصيه و النصيحه و التشريع من خلال بعض الميزات الموضوعيه و البلاغيه، و لله فى كتبه شوون مما يفضل به كتابا على كتاب، و رساله على رساله حسب حكمته، و كلها و حيه و كلامه، و جعله فرقانا يفرق به بين حلاله و حرامه، فلا يختلط احدهما بالاخر من خلال فقدان الوضوح و ضبابيه التصور لدى الناس الذين قد يجهلون تفاصيل ذلك من خلال الشبهات، و هو القرآن الذى يعرب به عن شرائع احكامه و يفصل لعباده كل ما يتعلق بهم من مهمات و مسئووليات و اوضاع، و هو الوحى الذى انزله الله على عباده تنزيلا.
و هو النور الذى يمتد فى حركه الانسان فى الحياه ليهتدى به السائرون فى مواجهه قضاياهم و اداره شوونها، فينقذهم من ظلمات الضلاله الفكريه و الروحيه و العمليه و الجهاله الثقافيه اذا اتبعوا كلماته و انفتحوا على معانيه، و هو الدواء الناجع الذى يشفى به المتاملين المنصتين لاياته فى وعى روحى ينطلق بالقناعه و التصديق، فى الاستماع اليه ليطرد كل امراض الانسان الروحيه.
و هو الميزان العدل الذى لا يجور على الناس فى ما يقضى بينهم، و فى ما يختلفون فيه من قضايا الحياه المتصله بمصالحهم و مشاكلهم، فيعطى كل ذى حق حقه من خلال الخطوط البينه الواضحه التى تزن الامور بميزان دقيق على اساس الحق الذى تنطق به آياته، و هو نور الهدى الذى يبقى فى حاله اشراق مستمره بما يقدمه من البرهان الذى يوكد للناس حجته و حقيقته، و هو العلم الواضح الذى يودى الى النجاه فلا يضل من قصد السير فى اتجاهه، و انفتح على سنته، و لا يهلك من استمسك به و اعتصم بعروته.
ثم ينطلق الدعاء الى الله الذى سهل للمومن من تلاوته، و اعان اللسان على الحركه فى قراءته، ان يوفق لرعايته بالتدبر فيه، و ان يحقق الاذعان بالواضح البين من آياته، و الاقرار بالمتشابه و المحكم من بيناته. و ينفتح الدعاء على دور القرآن فى ثقافه النبى محمد (ص) الذى الهمه الله علم اسراره العجيبه كاملا غير منقوص، و ابقى لامته الارث العظيم الذى يتمثل فى تفسيره، و جعل لها الفضل على الجاهلين به، و القوه التى ترتفع بها فوق العاجزين على حمله.
و ينطلق الوعى القرآنى فى وجدان المومنين ليومنوا بانه وحى الله الذى لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و انه ليس من البشر فلا مجال للشك فيه او للانحراف عن خطه المستقيم، و ليتحركوا فى خط هداه، و ليعتصموا بحبله، و ياووا الى معقله، و يشعروا بالسكينه فى ظله، و يهتدوا بضوئه، و يقتدوا به، و ليكون- وحده- الهادى الذى يهدى الى الحق فلا يلجاون الى غيره.
و هو الوسيله للحصول على كرامه الله، و السلامه فى المصير، و السبب فى النجاه فى القيامه و الوصول الى النعيم فى دار الخلود، و هو الذى يخطط للانسان الحركه فى استقامه السلوك و عمق الاخلاق، ليحصل الانسان على صفات الابرار، و يتخفف من الخطايا، و ينطلق فى مسيره القائمين لله فى الليل و النهار، فيتطهر بذلك من الدنس، و يتبع آثار الذين عاشوا القرآن نورا يضىء عقولهم، و ينفتح على
المسووليه فى خط العمل بعيدا عن الاستغراق التجريدى فى الامال الغراره.
و هو الذى يونس وحشه المومنين فى ظلمات الليل، و يحرسهم من نزغات الشيطان، و يحبس الاقدام عن الانطلاق فى دروب المعاصى، و يخرس الالسنه عن الخوض فى الاباطيل من دون ان يعطل نطقها، و يزجر الاعضاء عن التجرو على المعاصى، و يبعد الفكر عن الغفله فى مواقع العبره و العظه، و يفتح القلوب على فهم عجائبه و الوقوف امام زواجره القاسيه التى لا تتحملها الجبال الرواسى.
و للقرآن- مع ذلك كله- دور التاكيد على الوعى الروحى الذى يصلح للانسان ظاهر حياته، و يحجب الخواطر القلقه عن التاثير فى ضميره، و يغسل به قذاره قلبه و روابط الاثام، و يجمع الامور المتناثره، و يروى ظما روحه فى موقف القيامه، و يكسوه حلل الامان يوم النشور من كل هول و فزع، و يهيىء الاجواء فى سد الخله من الفقر، و يسوق اليه رغد العيش و خصب السعه فى الرزق، و يحميه من الطبائع السيئه و الاخلاق الرذيله، و يعصمه من الكفر و النفاق من خلال الفكر الذى يركز العقيده و يقوى القيم الروحيه فى الاخلاص لله، فيكون سبيلا الى الرضوان، و يبعده عن التعدى لحدود الله، و ذلك بالوقوف عند احكامه فى ما احل من حلاله و حرم من حرامه ليشهد له.
فاذا وقف الانسان عند نهايه حياته، فان القرآن بايحاءاته يخفف كرب السياق فى الموت، و ضغط الواقع الجديد على الذات فى المعاناه التى تواجهها فى الخروج من عالم الحياه الى عالم الموت، و ينطلق الدعاء فى ابتهالات العقل و الروح ليبارك الله للانسان هذه الرحله الجديده الى العالم الجديد فى الاقامه فى اعماق الارض، و ليجعل القبور منازل الرحمه، و لتفسح الرحمه ما ضاق به من اللحود، و ليستر على المذنبين فلا يفضحهم يوم القيامه بذنوبهم.
ثم اذا وقف الناس فى موقف العرض على الله، كان القرآن هو الذى يرحم الله به عباده من ذل المقامه، و يثبت زلل الاقدام، و ينور به ظلمات القبور، و ينجى به كل كرب القيامه و اهوال الطامه الكبرى، و يبيض به الوجوه يوم تسود وجوه الكافرين و المتمردين، و يفتح قلوب المومنين به على الود للمومنين الداعين و لا يجعل الحياه تعبا و نصبا.
و يختم الدعاء بالدعاء للنبى ليرفع الله درجته، و يعظم قدره، و يصلى عليه بافضل صلواته بما يبلغه كل رحمه الله و لطفه و رضوانه.
اللهم انك اعنتنى على ختم كتابك الذى انزلته نورا، و جعلته مهيمنا على كل كتاب انزلته، و فضلته على كل حديث قصصته، و فرقانا فرقت به من بين حلالك و حرامك، و قرآنا اعربت به عن شرائع احكامك، و كتابا فصلته لعبادك تفصيلا، و وحيا انزلته على نبيك محمد صلواتك عليه و آله تنزيلا، و جعلته نورا نهتدى من ظلم الضلاله و الجهاله باتباعه، و شفاء لمن انصت بفهم التصديق الى استماعه، و ميزان قسط لا يحيف عن الحق لسانه، و نور هدى لا يطفا عن الشاهدين برهانه، و علم نجاه لا يضل من ام قصد سنته، و لا تنال ايدى الهلكات من تعلق بعروه عصمته.
القرآن نور و شفاء و هدى و نجاه لمن قراه و دعاه:
يا رب، ان هذا القرآن الذى وفقتنى لتلاوته سوره سوره و آيه آيه، و ساعدتنى على وعى معانيه و فهم حقائقه حتى بلغت آخره، هو كتابك الذى انزلته ليكون نورا فى العقل و القلب فى اشراقه الحقيقه فيه و اضاءه الخير فى كلماته، و جعلته فى قمه العلو فى الدرجه ازاء الكتب التى انزلتها على رسلك، فكان المصدق لها و المهيمن عليها، و ذلك هو قولك- سبحانك-: (و انزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه) (المائده: 48)، و فضلت حديثه على كل حديث مما قصصته على عبادك،
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست آيات مرتبط:
تلاوت قرآن به مقدار توانايى:
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَ اللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً وَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (در حقيقت، پروردگارت مىداند كه تو و گروهى از كسانى كه با تواند، نزديك به دو سوّم از شب يا نصف آن يا يك سوّم آن را [به نماز] برمىخيزند، و خداست كه شب و روز را اندازهگيرى مىكند. [او] مىداند كه [شما] هرگز حساب آن را نداريد، پس بر شما ببخشود، [اينك] هر چه از قرآن ميسّر مىشود بخوانيد. [خدا] مىداند كه به زودى در ميانتان بيمارانى خواهند بود، و [عدّهاى] ديگر در زمين سفر مىكنند [و] در پى روزى خدا هستند، و [گروهى] ديگر در راه خدا پيكار مىنمايند. پس هر چه از [قرآن] ميسّر شد تلاوت كنيد و نماز را برپا داريد و زكات را بپردازيد و وام نيكو به خدا دهيد؛ و هر كار خوبى براى خويش از پيش فرستيد آن را نزد خدا بهتر و با پاداشى بيشتر باز خواهيد يافت. و از خدا طلب آمرزش كنيد كه خدا آمرزندهى مهربان است.) قرآن كريم، سوره مباركه المزّمل (73)، آيه 20.
قرآن مُنزَل، نورِ مُبين است:
يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (اى مردم، در حقيقت براى شما از جانب پروردگارتان برهانى آمده است، و ما به سوى شما نورى تابناك فروفرستادهايم.) قرآن كريم، سوره مباركه النساء (4)، آيه 174.
قرآن همچون نور:
يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ (اى اهل كتاب، پيامبر ما به سوى شما آمده است كه بسيارى از چيزهايى از كتاب [آسمانى خود] را كه پوشيده مىداشتيد براى شما بيان مىكند، و از بسيارى [خطاهاى شما] درمىگذرد. قطعاً براى شما از جانب خدا روشنايى و كتابى روشنگر آمده است.) قرآن كريم، سوره مباركه المائدة (5)، آيه 15.
قرآن، مُهَيمِن بر كتابهاى آسمانىِ پيشين:
وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (و ما اين كتاب [= قرآن] را به حقّ به سوى تو فروفرستاديم، در حالى كه تصديقكنندهى كتابهاى پيشين و حاكم بر آنهاست. پس ميان آنان بر وفق آنچه خدا نازل كرده حكم كن، و از هواهايشان [با دور شدن] از حقّى كه به سوى تو آمده، پيروى مكن. براى هر يك از شما [امّتها] شريعت و راه روشنى قرار دادهايم. و اگر خدا مىخواست شما را يك امّت قرار مىداد، ولى [خواست] تا شما را در آنچه به شما داده است بيازمايد. پس در كارهاى نيك بر يكديگر سبقت گيريد. بازگشت [همهى] شما به سوى خداست؛ آنگاه دربارهى آنچه در آن اختلاف مىكرديد آگاهتان خواهد كرد.) قرآن كريم، سوره مباركه المائدة (5)، آيه 48.
قرآن، احسنالحديث:
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (خدا زيباترين سخن را [به صورت] كتابى متشابه، متضمّن وعده و وعيد، نازل كرده است. آنان كه از پروردگارشان مىهراسند، پوست بدنشان از آن به لرزه مىافتد، سپس پوستشان و دلشان به ياد خدا نرم مىگردد. اين است هدايت خدا، هر كه را بخواهد، به آن راه نمايد، و هر كه را خدا گمراه كند او را راهبرى نيست.) قرآن كريم، سوره مباركه الزمر (39)، آيه 23.
قرآن، احسنالقصص:
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (ما نيكوترين سرگذشت را به موجب اين قرآن كه به تو وحى كرديم، بر تو حكايت مىكنيم، و تو قطعاً پيش از آن از بىخبران بودى.) قرآن كريم، سوره مباركه يوسف (12)، آيه 3.