للعلاقه بالله منهج اسلامى يتحرك فى خط التربيه الايمانيه التى تربط الانسان بالله فى حركته العباديه فى موارد الطاعه، و يتلخص هذا المنهج بكلمتى «الرغبه» و «الرهبه»، و قد يعبر عنهما ب«الرجاء» و «الخوف» باعتبار عدل الله فى خط الرهبه و الخوف، و رحمه الله و احسانه فى خط الرغبه و الرجاء، و لا بد من توازنهما فى وجدان الانسان المسلم كما جاء فى بعض الاحاديث الماثوره عن ابىعبدالله (ع): «خف الله عز و جل خيفه لو جئته ببر الثقلين لعذبك، و ارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك»، ثم قال ابوعبدالله (ع): «كان ابى يقول انه ليس من عبد مومن الا وفى قلبه نوران: نور خيفه و نور رجاء».
و ربما كانت قيمه هذا المنهج الايمانى التربوى انه يوكد للانسان قيمه الطاعه فى دائره اوامر الله و نواهيه كقيمه ايجابيه متصله بمصيره فى رضوان الله و ثوابه فى مقابل معنى المعصيه كقيمه سلبيه مرتبطه بالنجاه من غضب الله و عذابه، بحيث يقبل على الطاعه فى احساس شعورى بالمسووليه كايه حاله من حالات الالتزام بالقضايا التى تمثل مصلحته و حيويه حاجاته الخاصه فى وعى دقيق لخصائصها و معطياتها و نتائجها، و يبتعد عن المعصيه فى معرفه حسيه للاخطار المتمثله فى الاخذ بها كما لو كانت تواجهه مواجهه مباشره.
و لعل من الطبيعى ان تتحرك التربيه- فى خط المنهج الايمانى- نحو تعميق الوعى الفكرى بعظمه الله فى مواقع عظمته و بنعمته فى فيوضات نعمه، مما يجعل من غضبه على الانسان كارثه تصادر كل مصيره فى اتجاه الهلاك الابدى، و هذا ما عبر عنه دعاء كميل: «لانه لا يكون الا من غضبك و انتقامك و سخطك و هذا ما لا تقوم به
السماوات و الارض، يا سيدى فكيف بى و انا عبدك الضعيف الحقير المسكين المستكين»، كما يجعل من رضاه نعمه كبيره تفتح للانسان ابواب السعاده الدنيويه و الاخرويه.
و قد كان الدعاء فى الاسلام احدى الوسائل التى توحى للانسان بالخوف من الله و الرجاء له من خلال الاسلوب الروحى الذى يستعرض فيه الانسان كل مفردات العظمه و فيوضات النعمه فى وجدانه بين يدى الله، لتتعمق فى ذاته، و ليشهد الله على وعيه النفسى الذى يتحول الى وعى عملى فى الاحساس بربوبيته فى نطاق العظمه و النعمه و التحرك فى اتجاه ذلك فى كل اقواله و افعاله.
و للدعاء اثر كبير فى تحويل الحاله العقليه الايمانيه الى حاله حسيه عمليه.
مفاهيم الدعاء:
و هذا الدعاء وسيله ايحائيه من وسائل تربيه الرهبه الشعوريه فى النفس الانسانيه فى عمليه اعتراف انسانى بالذنب و رجاء روحى للعفو.
فقد بدا باستعاده فضل الله عليه، فى خلقه سويا كاملا فى صفاته الجسديه و العقليه، و فى تربيته له صغيرا فى وقت لم يملك فيه اى حول و قوه لاداره شوون نفسه، و فى رزقه فى مستوى الكفايه لكل حاجاته العامه و الخاصه بحيث اغنته عن الحاجه الذليله الى الناس.
ثم يستعيد الامل الكبير برحمه الله و يستبعد القنوط منها بفضل الايه الكريمه: (قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمه الله ان الله يغفر الذنوب جميعا) (الزمر: 53).
ثم يتذكر كل ما اسلفه من ذنوبه و معاصيه التى يعلمها الله بكل تفاصيلها و يشعر بالخجل منها، و يتصور انها سوف تسقطه عند ربه، مما يدفعه الى الهرب
منه- لو كان يستطيع الهرب من ربه- لاحساسه بخطورتها عليه، و لكنه يتماسك امام الثقه بعفو الله.
و يرفع صوته الى ربه فى ايمانه بان الله يطلبه و يمسك به مهما امعن فى الهرب او فى الفرار، الامر الذى يجعله واقفا امامه موقف الذليل الخاضع الراغم لانفه، فى احساس بان الله لو عذبه لكان مستحقا لذلك، و لكان عدلا من الله، لانه اقام عليه الحجه بما انذره و بشره، و انه لو عفا عنه لكان ذلك امتدادا لرحمه الله فى عفوه عن المذنبين من عباده و فى الباسهم ثوب العافيه فى الدين و الدنيا.
و يتصاعد الابتهال من عمق الروح فى سئوال خاشع بالاسماء المخزونه عند الله، و بالبهاء الذى لا يدرك سره الا الله، ان يرحم النفس التى لا تملك امام البلاء الا ان تجزع، و هذه العظام الباليه التى تمثل هذا الجسد الواهن الذى يسقط الفزع فى كل اوضاعه، فهى لا تستطيع تحمل حراره الشمس، فكيف تتماسك امام حراره نار جهنم، و لا تتمالك ذاتها امام صوت الرعد القاصف فكيف تتمالك وجودها امام صوت غضبك.
و ينطلق الدعاء فى طلب الرحمه لهذا الانسان الذى يمثل الحقاره فى وجوده، و التفاهه فى ذاته، فلا قيمه له فى اى شان من شوونه لديك، و لا يزيد عذابه فى ملكك بمقدار الذره، و لو كان ذلك واردا فى الحساب لقبل ان يصبر عليه بقوتك ليزيد فى ملكك، و لكن ذلك ليس واردا حتى على مستوى الاحتمال، لان سلطانك فى عظمته التى لا يقترب منها النقص، و ملكك الذى لا يدب اليه الزوال، لا يمكن ان تزيد فيه طاعه عبادك او تنقص منه معصيتهم، و لذلك فانه يطلب منك الرحمه له و التجاوز عنه، و قبول التوبه منه، لينطلق- بلطفك- فى مسيره التائبين المرحومين.
اللهم انك خلقتنى سويا و ربيتنى صغيرا و رزقتنى مكفيا.
اللهم انى وجدت فى ما انزلت من كتابك و بشرت به عبادك ان قلت: (يا
عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمه الله ان الله يغفر الذنوب جميعا)، و قد تقدم منى ما قد علمت و ما انت اعلم به منى، فيا سواتا مما احصاه على كتابك، فلولا المواقف التى اومل من عفوك الذى شمل كل شىء لا لقيت بيدى و لو ان احدا استطاع الهرب من ربه لكنت- انا- احق بالهرب، و انت لا تخفى عليك خافيه فى الارض و لا فى السماء الا اتيت بها و كفى بك جازيا و كفى بك حسيبا.
اللهم انك طالبى ان انا هربت، و مدركى ان انا فررت، فها انا ذا بين يديك خاضع، ذليل راغم، ان تعذبنى فانى لذلك اهل و هو يا رب منك عدل، و ان تعف عنى فقديما شملنى عفوك و البستنى عافيتك.
الهى.. كفى بك جازيا و حسيبا:
يا رب، هذا انا الانسان الذى اعيش فى رحاب الامتداد فى دراسه انعامك على و فضلك الى فى كل وجودى، فقد خلقتنى تام الخلقه سوى الذات لا تشويه فى خلقى و لا نقصان، مما يتيح لى ان املك حريه الحركه بكل ما احتاج اليه من وسائل الاعضاء فى حاجاتى الطبيعيه.
و ربيتنى منذ كنت طفلا حتى تدرجت فى حياتى الى هذا المستوى من العمر فى عمليه تنميه متلاحقه ينمو فيها الجسد، و يتربى فيها العقل، و تكبر فيها الفرص، و تزداد فيها الطاقات.
و رزقتنى فى حاجاتى كلها الرزق الواسع الذى يمثل فى كميته و نوعيته الكفايه فى امورى كلها بالدرجه التى ملكت فيها عزتى و كرامتى فى علاقتى بالمخلوقين امثالى.
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست آيات مرتبط:
خداوند آفريننده انسان:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (و به يقين، انسان را از عصارهاى از گِل آفريديم. سپس او را [به صورت] نطفهاى در جايگاهى استوار قرار داديم. آنگاه نطفه را به صورت علقه درآورديم. پس آن علقه را [به صورت] مضغه گردانيديم، و آنگاه مضغه را استخوانهايى ساختيم، بعد استخوانها را با گوشتى پوشانيديم، آنگاه [جنين را در] آفرينشى ديگر پديد آورديم. آفرين باد بر خدا كه بهترين آفرينندگان است.) قرآن كريم، سوره مباركه المؤمنون (23)، آيات 12 الى 14.