از دعاهاى آن حضرت است در حاجت خواستن از خداى تعالى
شرح:
دعاوه فى طلب الحوائج الى الله تعالى
الحاجه الى الله تعالى:
فى المنهج التربوى الاسلامى، فى خطه الفكرى و الروحى، تاكيد على ان يعيش الانسان توحيد الله فى كل شىء، فلا يبقى التوحيد مجرد عقيده فى الفلسفه الالهيه الخاضعه للحسابات التحليليه الدقيقه، و البراهين العقليه العميقه، بل يتحول الى فكر يرى الله وراء كل شىء فى الوجود و امامه، و الى شعور يتحسس من خلاله نعم الله التى تتصل بحياته، فيكون لله حضور يومى مستمر فى كل تفاصيل حياته اليوميه، بحيث يرى انه يتدخل فى كل شىء و يدبر كل شىء، و هذا ما توحى به الكلمه الماثوره «لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظيم» كما يجد الله فى طعامه و شرابه و مرضه و شفائه (و الذى هو يطعمنى و يسقين و اذا مرضت فهو يشفين)(الشعراء: 80 -79).
انه الايحاء الداخلى بالهيمنه الالهيه المطلقه على كل الامور، فلا بد للانسان من ان يتوكل عليه و يستعين به و يلجا اليه فى كل شوونه، لانه- وحده- القادر على رعايته
و حمايته و قضاء حاجاته، من خلال قدرته على كل شىء فى الوجود، و هو مالك السماوات و الارض و ما بينهن و ما فيهن فلا يملك احد معه شىء، لان الناس يملكون ما ملكهم، و يعطون ما اعطاهم، فانه المالك لهم و لما يملكون، و هو المعطى من خلالهم، باعتبارهم الادوات التى يحركها كيف يشاء، و يلهمها ما يشاء، و يوجهها الى حيث يشاء، و هو مقلب القلوب و الابصار.
و هكذا يفرض هذا المنهج على الانسان، ان لا يتجه بقلبه الى المخلوقين فى حاجاته التى تلح عليه، و لا يتوجه اليهم بالسئوال باعتبارهم القادرين على توفير حاجاته و اجابه مسائله، بل لا بد له من التوجه لله بكل اموره، و الاعتماد عليه فى حل مشاكله، و اليقين بانه- وحده- المهيمن على الامر كله، و الغنى عن كل شىء، بينما يتساوى الناس جميعم بانهم الفقراء اليه فى كل وجودهم، فهم الواقفون على بابه من حيث طبيعه وجودهم، حتى لو لم يطرقوا بابه، و هم السائلون له حتى لو لم ينطقوا بالسئوال، لان لسان حاجاتهم الموجوده لديه هو الناطق الحى بذلك.
و ليس الفرق بين مخلوق و مخلوق، الا ان هذا حصل على عطاء الله قبل ذاك، او ان الله اراد لاحدهم ان يكون الوسيله التى يريد الله ان يرزق الاخرين من خلال ما اعطاه، تبعا للنظام الكونى الذى يربط بعض الموجودات ببعض، و يضع رزق بعضها لدى البعض الاخر، من دون ان يكون هناك غنى فى الذات، او قدره فى الوجود.
و هذا الذى يوحى به هذا الدعاء الذى يثير- فى بدايته- الاساس الفكرى الايمانى لانطلاق الحاجات كلها و رجوعها الى الله، و لرفض تحركها فى اتجاه السئوال للمخلوقين، لتبقى المساله مساله اداه يسخرها الله لا يصال رزقه كما هى الاداه التى يحركها الله لايجاد عباده فى عمليه بقاء النسل من خلال ما اودعه فى قانونه الطبيعى من الوسائل لذلك.
و هكذا نلاحظ ان الانفتاح على الله وحده فى طلب الحوائج، لا يعنى العزله عن السنه الكونيه او الاجتماعيه فى ارتباط الحاجات الانسانيه بالعلاقات الطبيعيه للناس، بما يملكه هذا من مال او قوه او علم او غير ذلك مما لايملكه الاخر، بل يعنى
الاخلاص لله فى الرجوع اليه فى ذلك كله من خلال الفكره التى تجعل الرزق من الله، بالوسائل الخاصه التى وزعها على الكون فى تدبيره للكون كله.
و هناك نقطه مهمه تتصل بالاحساس بالعزه كصفه حيويه من صفات الانسان، و بالحريه كعنصر من عناصر الحركه فى شخصيته، فان الحاجه تستعبده من خلال مضمونها الواقعى الشعورى الذى يفرض نفسه على الذات، فيجعلها خاضعه بشكل طبيعى لمن يملك تلبيه الحاجه، تبعا لضغطها على الواقع.
فاذا كان الانسان مشدودا الى المخلوقين فى حاجاته، بحيث يشعر بان حياته مربوطه بما لديهم من مال او جاه او قوه، فانه لا بد ان يكون خاضعا لهم بما يشبه العبوديه المسحوقه فى ارادتها، باعتبار ان حياته العاديه لا تستقيم بدونهم، فيفقد بذلك توازن تفكيره و حريه حركته و عزه نفسه.
اما اذا كان منفتحا على الله فى حاجاته، بحيث يسلم ان الله هو الذى يعطى و يمنع، و هو الذى يبتلى و يعافى، و يقوى و يضعف، و ان المخلوقين لا يملكون المنع اذا اراد الله العطاء، و لا يستطيعون العطاء اذا اراد المنع، و لا يملكون القدره على الضر و النفع الا باذنه، فان المساله تختلف، لان حاجته الى الله جزء من معنى وجوده و نتيجه طبيعيه من نتائج عبوديته له، فلن يفقده ذلك الشعور بعزته، و لا الاحساس بحريته، لان العزه و الحريه ليستا امام الخالق، فهو العبد الذليل بين يديه، بل هما صفتان متحركتان فى الانسان امام المخلوق، الذى تتاكد معه ذاتيه هاتين الصفتين فيه، لان علاقته بحاجته هى جزء من تدبير الله لا من تدبيره، فهو مسوق- بوجوده و نظام الكون حوله- الى ان يعطى الاخرين مما اعطاه الله و ياخذ منهم ما اعطاه الله لهم.
و هكذا يوكد التوحيد الحركى فى مفردات الحياه فى حاجاتها معنى الحريه و العزه فى الانسان المومن، فلا تكون المساله مجرد حاله فكريه روحيه فى الفلسفه و العرفان، بل تكون حاله حركيه عمليه فى الذات و فى الواقع.
اما دور الدعاء فهو تاكيد الحاله الشعوريه فى عمليه الايحاء المتنوع للذات بكل
تفاصيل هذا المفهوم الايمانى، بحيث تتساقط المفردات الروحيه الفكريه فيه على الفكر و الشعور كما تتساقط قطرات المطر على الارض الميته، قطره قطره، فتنبعث فيها الحياه عندما تختزن الرى كله فى الاعماق ليتحول الى جنات تجرى من تحتها الانهار.
اللهم يا منتهى مطلب الحاجات، و يا من عنده نيل الطلبات، و يا من لا يبيع نعمه بالاثمان، و يا من لايكدر عطاياه بالامتنان، و يا من يستغنى به و لا يستغنى عنه، و يا من يرغب اليه و لا يرغب عنه، و يا من لا تفنى خزائنه المسائل، و يا من لا تبدل حكمته الوسائل، و يا من لا تنقطع عنه حوائج المحتاجين، و يا من لا يعنيه دعاء الداعين.
تمدحت بالغناء عن خلقك و انت اهل الغنى عنهم، و نسبتهم الى الفقر و هم اهل الفقر اليك، فمن حاول سد خلته من عندك، و رام صرف الفقر عن نفسه بك، فقد طلب حاجته فى مظانها، و اتى طلبته من وجهها، و من توجه بحاجته الى احد من خلقك، او جعله سبب نجحها دونك، فقد تعرض للحرمان و استحق من عندك فوت الاحسان.
يا منتهى مطلب الحاجات:
يا رب، قد تتعثر الحاجات فى الطريق، فى تجاربنا التى نتحرك بها من اجل تحقيق ما نريده، او فى تجارب الاخرين الذين نستعين بهم للحصول على ما نرغب، فنقف عاجزين امام العقبات التى تعترضنا، و الصعوبات التى تضغط علينا، و يقف الاخرون الذين كنا نظن انهم اكثر منا خبره، و اشد قوه، و اوسع افقا، فنجدهم فى موقف العاجز الذى لا يملك حولا و لا قوه، لان العناصر الضاغطه اكثر من الطاقه، و ابعد من القدره.
و نبقى حائرين، و قد نتحول الى يائسين، لان العجز هو الفرصه التى يستغلها الشعور اليائس لتسقط الحياه امامها بكل ما لديها من تطلعات و احلام.
و لكن الحاجات لا تياس، فلسنا و لا الاخرون، الفرصه الوحيده فى تحقيقها، فهى تتطلع الى خالقها لتتوسل اليه و تطلب منه ان يمنحها الوجود، كما منح الوجود لكل الحياه، و هكذا ترتفع و ترتفع حتى تصل اليك، لان اليك المنتهى، حيث القدره كل القدره التى تتصاغر امامها العقبات، و تتساقط عندها الصعوبات، و يصبح كل شىء ممكنا، و يتحول الممكن الى حقيقه.
احاديث مرتبط:
خداوند، منتهاى حاجات نااميدان.
عن اميرالمومنين عليهالسلام: هو الذى يتاله اليه عند الحوائج و الشدائد كل مخلوق، عند انقطاع الرجاء من جميع من هو دونه، و تقطع الاسباب من كل من سواه.
التوحيد، ص 231، ح 5
خداوند، منتهاى درخواست حاجتها.
عن اميرالمومنين عليهالسلام: ان كل مترئس فى هذه الدنيا و متعظم فيها، و ان عظم غناه و طغيانه و كثرت حوائج من دونه اليه، فانهم سيحتاجون حوائج لايقدر عليها هذا المتعاظم، و كذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها، فينقطع الى الله عند ضرورته و فاقته.
تفسير الامام، ص 27
آيات مرتبط:
دعا به حالت تضرع و در پنهان:
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (پروردگار خود را به زارى و نهانى بخوانيد كه او از حدّگذرندگان را دوست نمىدارد. و در زمين پس از اصلاح آن فساد مكنيد، و با بيم و اميد او را بخوانيد كه رحمت خدا به نيكوكاران نزديك است.) قرآن كريم، سوره مباركه الاعراف (7)، آيات 55 و 56.
درخواست از بنده، اجابت از خدا:
وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (و پروردگارتان فرمود: «مرا بخوانيد تا شما را اجابت كنم. در حقيقت، كسانى كه از پرستش من كبر مىورزند به زودى خوار در دوزخ درمىآيند.») قرآن كريم، سوره مباركه غافر (40)، آيه 60.
خداوند، منتهاى هر چيز:
وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (و اينكه پايان [كار] به سوى پروردگار توست.) قرآن كريم، سوره مباركه النجم (53)، آيه 42.