و از دعاهاى آن حضرت (ع) است هنگام سختى و مشقت و دشوارى كارها
شرح:
دعاوه عند الشده و الجهد و تعسر الامور
كيف يواجه الانسان المومن اثقال الحياه عندما تطبق عليه فتشتد به المشاكل، و تجهده المتاعب، و تتعسر عليه شوونه بحيث يحس بالحصار الضاغط و هو يحيط به من كل جانب، فيمنعه من الكثير من الوان الراحه و اللذه و الاستمتاع، و يبعده عن حركه مسوولياته الدنيويه و الاخرويه؟
هل يسقط امام الضغط، او يقف حائرا امام تهاويل الياس، او يبقى فى متاهات الالام القاسيه ليواجه الضياع فى ميدان الحياه؟
ان الايمان بالله فى التصور الشامل لوجوده و المهيمن على الامر كله، فى تدبيره لعباده على اساس الرحمه و الحكمه و اللطف و الخير و العطاء، بما يصلح امورهم، و يرفع مستواهم، و ينهج بهم السبيل الاقوم الذى يقودهم الى مواقع القرب منه فى ساحات رضوانه.
ان هذا الايمان الذى يوحى للانسان بالشعور بالقوه من خلال هذه الرعايه الدائمه، يدفع به الى ان يرجع الى الله، و يفزع اليه فى الشدائد، و يسكن اليه فى الاهوال، و ينفتح عليه فى حاجاته، و يتخفف بين يديه من اثقال الحياه و ضغوط المشاكل، بحيث يشعر بالامن و الطمانينه و انفتاح الروح على الافق الواسع الذى يطل على رحاب الله.
و بذلك يمكن له ان يتابع حياته بشكل طبيعى فى عزيمه و ثبات، من دون عقده داخليه تهز كيانه و تتعب وجدانه.
موضوعات الدعاء:
و قد يكون العنوان الذى وضع فى واجهه الدعاء متصلا بالجانب الذاتى للمشكله، بينما نجد ان سياق الدعاء يتصل بعلاقه المشكله بالمسووليه الروحيه و العمليه التى قد تهتز فى استقامتها و انضباطها امام حالات الشده و الجهد و تعسر الامور، باعتبار انها تمثل نقاط الضعف البشرى الذى يبتعد بالانسان عن التركيز
فى واجباته و مسوولياته.
و هذا ما نلاحظه فى الفصل الاول من الدعاء، فقد انطلق فى التعبير عن التكاليف التى حمله الله مسوولياتها، مما تملك القدره الالهيه عليه ما لا يملكه الانسان من نفسه، لانه لا يملك القدره الا من خلال الله، الامر الذى يجعله متطلعا الى العون الالهى بان يصوغ نفسه صياغه ايمانيه بحيث تكون صوره لرضاه.
و فى ضوء ذلك، يقف الانسان من موقع ضعفه امام ربه، فهو لا يطيق المشقه التى تفرضها عليه مشاكل الحياه، و لا يصبر على البلاء الذى يحل به فى نفسه و ماله و عرضه و اهله و ولده، و لا يقوى على تحمل مستلزمات الفقر فى نتائجه الصعبه عليه.
و هكذا يواجه الاحساس بالمشكله ليضعها بين يدى الله، ليطلب منه ان يتفرد بحاجته و يتولى كفايته، بعيدا عن الناس الذين سوف يرهقون عزته و كرامته من خلال توليهم لامره، الامر الذى قد ينعكس سلبا على استقلاله فى ارادته، و حريته فى قراراته من خلال ضغوطهم عليه، و هذا مما لا يتفق مع خط الاستقامه فى خط سيره فى طريق الله.
و لذلك فانه يتوسل اليه ان يغنيه و ينعشه بعظمته، و يبسط يده بسعته، و يكفيه بما عنده، فلا يجعل له حاجه الى احد غيره ليهب له الوسائل الكفيله بتحقيق التوازن الروحى و العملى فى شخصيته، لان المساله فى الدعاء ليست فى الطلبات التى تبتعد عن الحركه الانسانيه فى مسووليه الواقع، بل هى فى توفير الاجواء الملائمه التى تتناسب مع قدراته و ظروفه، لينطلق الانسان الى مواقع المسووليه بقوه و عزيمه ثابته.
و فى الفصل الثانى: يلتفت الانسان المومن الى سلوكه العملى فى روحيته الاخلاقيه و فى التزاماته الدينيه فى موقفه الايمانى فى خط التقوى امام الله،
ليستعين به ليبعث فى داخله المشاعر الطاهره المنفتحه على الناس الذين تتنوع فرصهم فى الحياه فى دروب النجاح العملى و المالى و الاجتماعى و السياسى، فلا يحسد احدا منهم على شىء من ذلك، و لا يتمنى- فى اجواء الحسد- زوال نعمه عن اى انسان، بل يتمنى لنفسه ان يرزقه الله مثل ارزاقهم، او افضل من ذلك، مع ابقاء نعمته عليهم، لان خزائنه تتسع لكل مخلوقاته، و لان كرمه لا يضيق على احد من خلقه.
و هذه هى الروحيه الانسانيه التى تعيش المعنى الانسانى فى حركه الحياه فى المجتمع، فلا تنغلق على ذاتها لتنغلق عن الاخرين من خلالها، و لا تتعقد من نجاحاتهم و انتصاراتهم، لان ذلك لن يسىء اليه، بل قد يكون حركه فى اكثر من نجاح له و للاخرين مما يقدمه هولاء الى الحياه كلها و الى الواقع كله، كما انه قد يلهب طموحه نحو السعى الى التحرك فى اتجاه الوصول الى القمه التى و صلوا اليها من خلال ما يوحى به ذلك من واقعيه الوصول الى هذه الدرجات العلى.
ثم يستمر المومن فى دعائه ليتوجه الى الله ان يحبس طاقاته عن الاندفاع فى الذنوب، و يفتح قلبه على الورع عن المحارم، و يبعده عن الجراه على المعاصى، ليكون الانسان الضعيف الذليل امام الله الذى يبتعد به خوفه منه عن السير فى اتجاه سخطه، و القوى العزيز امام الشيطان ليتحداه فى كل خطواته و مشاريعه الضاله المهلكه، و ليكون موضع رعايه الله و حمايته من كل خطر و خوف و سقوط.
و فى الفصل الثالث، يقف الانسان المومن امام حقوق الله و حقوق الناس عليه، سواء فى ذلك تجربته الماضيه التى اسرف فيها على نفسه، فلم يلتزم بما يترتب عليه فى ذلك كله من التزامات عمليه امام الله و امام الناس، بل انطلق بعيدا فى عمليه هروب من المسووليه العامه و الخاصه، ليتخفف من ثقل ذلك عليه فى نفسه و ماله و موقعه، او فى التجربه الحاضره او المستقبله التى يواجه فيها مسووليته فى ذلك كله، و يخشى ان يسقط فى هذه التجربه كما سقط فى ما قبلها، فينال بذلك غضب
الله عندما يقف بين يديه- فى يوم الحساب- و هو مثقل الظهر بالحقوق المتصله بطاعته لله او بالتزاماته عند خلقه، مما لم يستطع ان يقضيه فى حياته او يوديه من ماله او جهده، فيقف موقف الخائف من النتائج الصعبه المترتبه على ذلك، من سخط الله و عذابه، فيبتهل الى ربه ليودى عنه ذلك كله، فيلقاه و هو فى موقع القوه الروحيه التى لا تشعر باى ثقل من مواقع المسووليه فى الموقع الجديد فى الاخره، فلا يخاف على حسناته ان يقتص منها الاخرون لقاء حقوقهم اللازمه فى الدنيا، و لا يخاف من مضاعفه سيئاته بما يضاف اليها من سيئاتهم كنتيجه لذلك اذا لم يبق له من حسناته شىء يقابل تلك الحقوق.
و فى الفصل الرابع، تطلعات الى بناء الشخصيه الاسلاميه على قاعده من الجديه المسووليه، و التقوى الخالصه، و الرغبه الروحيه فى الانفتاح على الطاعه، بحيث تكون حركه فى الشعور، و اندفاعا فى الاحساس، لينطلق الانسان فى الخط العملى فى امتثال اوامر الله و نواهيه، فى موقع الشوق الى الحسنات فى نطاق الطاعه، و الخوف من السيئات فى نطاق المعصيه، من خلال النبضات القلبيه التى تحرك الكيان فى هذا الاتجاه، و من خلال الوعى الواقعى للطبيعه الفانيه للحياه، فلا تكون الدنيا هى مصدر السعاده فى احساس الانسان باللذه، بل تكون خطا فى طريق المسووليه على اساس الزهد النفسى الذى يملك الانسان فيه نفسه، فلا يسقط امام رغباته و شهواته لتسقط قضاياه الكبيره منه كنتيجه لذلك.
كل ذلك فى افق واسع من الايمان و الفكر و الوعى الدقيق لكل ما يحيط به، بحيث يفيض النور من رحابه، فينطلق مع الناس فى قضاياهم و مشاكلهم و علاقاتهم فى وضوح الرويا، و يتحرك فى متاهات الظلمات فى الخطوط النورانيه التى تسير به نحو مواقع الهدى فى مراحل الطريق، و يقف مع كل الشبهات و المشاكل الفكريه، ليجد فى هذا الضياء الروحى و الفكرى الحل العملى لذلك كله.
و فى الفصل الخامس: انفتاح على الاخره من خلال وعد الله للمتقين بالجنه و وعيده للعاصين بالنار، لتعيش القضيه فى عمق الاحساس فى الخوف من النار و الشوق الى الجنه تماما كما يخاف الانسان من خطر داهم فى حياته، او يشتاق الى لذه حبيبه فى احلامه، و بذلك يستشعر الانسان فى دعائه لذه فى طلباته الاخرويه من خلال ما تحقق له من متع و شهوات و حاجات، و كابه فى ما يستجير به من مخاوف و تهاويل، ليكون الدعاء حاله فى عمق الاحساس، لا حركه فى امتداد الكلمات.
ثم تتحرك الابتهالات فى صرخه العبوديه، فان الله يعلم كل حوائج الانسان الذاتيه فى حياته الداخليه و الخارجيه، فلا يحتاج الى من يعرفه بها، و هو الكريم الذى يمنح عباده عطاياه من خلال معرفته بحاجاتهم و فقرهم اليه.
و فى الفصل السادس: وقوف مع الحق فى جميع الحالات المتعاقبه على الانسان فى آثارها السلبيه و الايجابيه، بحيث لا يتغير موقفه من الحق فى العقيده و الشريعه و الحياه تبعا لتغير الحالات التى تتحرك فى واقعه الخاص او العام، ليعيش الانسان الرضى بقضاء الله و قدره، و الطمانينه النفسيه امام مسوولياته فى خط عبوديته لله سبحانه فى حال اليسر و العسر، و الصحه و المرض، و الخوف و الامن، و الرضى و السخط، و النفع و الضرر، لان ذلك هو- وحده- الذى يوكد معنى الثبات فى الموقف، و الصلابه فى الموقع، و الانفتاح الواعى على الالتزام بالخط المستقيم.
و فى الفصل السابع: تفصيل لما اجمله الدعاء فى بدايته من سلامه الصدر من الحسد و الحديث عن الاحساس بالغبطه كخط ايجابى فى نظره الانسان الى الانسان الاخر فى نعمه الله عليه فى مقابل الاحساس بالحسد كخط سلبى فى النظره العدوانيه اليه.
و فى نهايه المطاف تطلع روحى و فكرى و عملى الى خط الاستقامه فى حركه العدل فى الشعور و الموقف و الحركه، فلا انحراف فى لحظات الرضى، و لا عدوان فى حالات الغضب، بل هو الخط الواضح فى طاعه الله فى مفرداتها الصغيره و الكبيره بعيدا عن طبيعه الحاله النفسيه الراضيه و الغاضبه.
و لا تفرقه بين الاولياء و الاعداء فى ميزان الحق، فلا مجال لظلم العدو او لمحاباه الصديق، ليثق العدو بان ايمان المومن يمنعه من ظلمه، و يعرف الصديق بان الايمان يحجزه عن محاباته بما ليس له بحق.
و يبقى للانسان المومن ان يعبد الله بالدعاء فى حاله الشده و الرخاء، بحيث يكون ابتهاله و خشوعه و رجوعه اليه فى حاله العافيه، باللهفه و القوه و الاخلاص نفسهم فى حاله البلاء.
اللهم انك كلفتنى من نفسى ما انت املك به منى، و قدرتك عليه و على اغلب من قدرتى، فاعطنى من نفسى ما يرضيك عنى، و خذ لنفسك رضاها من نفسى فى عافيه.
اللهم اعطنى من نفسى ما يرضيك عنى:
يا رب، لقد اردتنى ان اكون الانسان المومن بتوحيدك، المقر بربوبيتك، الخاضع لالوهيتك، المعترف بعبوديته لك فى كل وجوده، القوى فى ارادته الايمانيه فى الوقوف عند حدودك فى ما حرمته عليه، و التحرك فى مواقع رضاك فى ما الزمته به، الضعيف فى احساسه بالضعف فى ذاته من خلال عناصر الضعف التى اودعتها فى شخصيته و فى شعوره الواعى بانك- وحدك- الذى يمنحه القوه من خلال عناصر القوه الداخليه فى داخل ذاته، و الخارجيه مما يحيط به من الاوضاع و الظروف و الوسائل التى تتوقف عليها حركته فى حياته و فى مسووليته، و فرضت على ان اجعل نفسى صوره للنفس المطمئنه الراضيه بقضائك المرضيه بطاعتها لك، اللوامه التى تدخل فى عمليه النقد الذاتى فى اكتشافها لعيوبها و خطاياها فى محاوله لاصلاح ذلك كله فى مقابل النفس الاماره بالسوء، الغافله عن النتائج الصعبه فى الدار الاخره.
و قد كلفتنى ان احقق ذاتى فى وجودى من اجل ان اقودها الى التقوى، لتجدها فى مواقع امرك، و لتفقدها فى مواقع نهيك، لتكون قدراتى التى اعطيتنى اياها مستغرقه فى نطاق رضاك.
و لكنى مهما حاولت- يا رب- اخضاع نفسى لما كلفتنى به، فانك تعلم انى لا املك لها نفعا و لا ضرا من خلال ذاتياتها، فانت الذى تملكنى و تملك كل طاقاتى، و لك مواقع الحركه السلبيه و الايجابيه فى وجودها الحركى الفاعل.
فانت القادر على فوق قدرتى، و المالك لى و لكل حياتى فوق ملكى، و هانذا- بين يديك- ابتهل اليك لتمنحنى طاقه الخير و وعى الحق، و اراده الحركه، و استقامه الطريق، و الرغبه فى ثوابك، و الزهد فى عقابك، فانت الذى تجعل نفسى خاضعه لرضاك، و اننى استعين بك على نفسى لتنفذ اليها فى حركتها بقوتك، كما اطلقت وجودها بارادتك، لتاخذ لنفسك رضاها من نفسى فى عافيه من البلاء، لتبقى لى سلامه العقل و الجسد فى حركه الحياه فى داخلى و من حولى.
اننى- يا رب- اريد ان اكون عبدك المومن المطيع السعيد برضاك، و لا شىء الا رضاك.
احاديث مرتبط:
درخواست خير از خداوند در تندرستى.
روى عن الصادق عليهالسلام، انه قال لاسحاق بن عمار حين امره باستخاره: لتكن استخارتك فى عافيه، فانه ربما خير للرجل فى قطع يده و موت ولده و ذهاب عقله.
الكافى، ج 3، ص 372، ح 7
آيات مرتبط:
مكلّف بر تهذيب نفس:
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (كه هر كس آن را پاك گردانيد، قطعاً رستگار شد،) قرآن كريم، سوره مباركه الشمس (91)، آيه 9.